أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 9 أكتوبر 2021

الجامع لعلوم الإمام أحمد (كتاب الحج) تأليف: خالد الرباط - سيد عزت عيد (بمشاركة الباحثين بدار الفلاح)

الجامع لعلوم الإمام أحمد (كتاب الحج)

تأليف: خالد الرباط - سيد عزت عيد

(بمشاركة الباحثين بدار الفلاح)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا الجزء النفيس، من جامع علوم الإمام أحمد، يتعلق بالركن الخامس من أركان الإسلام، وهو الحج، على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ويقع في الجزئين السابع والثامن من الجامع الكبير، ما بين (7/ 501- 8/ 327)، وقد اشتمل على (519) مسألة من المسائل المتعلقة بالحج والعمرة، موزعةً على ثلاثين فصلاً تقريباً، وخمسة أبواب، واثني عشر مبحثاً (=المُعبَّر عنها: بأبواب كذا) وقد قسمتُ حديثي عن هذا الجزء إلى ثلاث مباحث:

المبحث الأول: ذكر بعض الرموز الإيمانية التي تُشير إليها أركان وشعائر الحج.

المبحث الثاني: الراجح في بعض مسائل الحج على مذهب الإمام أحمد.

ثم المبحث الثالث: وهو ذكر المسائل المذكورة في هذا الجزء سرداً.

المبحث الأول: بعض الرموز الإيمانية المتضمنة في أركان وشعائر الحج:

لا شك أن شعيرة الحجِّ بصورها المتنوعة تمثل خلاصة أساسيات الدين، والمتدبر لرموز كل خطوة من خطوات الحجِّ يجد الانسجام التَّام بين قوانين الحج وقوانين الحياة الإنسانية، فالحج ثريٌّ بالرموز والدلالات الراقية والمنسجمة مع الدين والفطرة، نذكر منها:

1. الطواف يرمز إلى ضرورة الانسجام مع قوانين الخلق والفطرة:

فالمسلم إذا أراد الطواف، فإنه يجعل الكعبة عن يساره ويبدأ الطواف في حركة دائرية ومتواصلة، وبذلك يكون الإنسان قد أعلن في حركته هذه عن انسجامه الطوعي مع حركة الكون، من أصغر جزء فيه، أي الذرة، إلى المجموعة والمجرّة، ولذا فإنه ليس من المستغرب أن يتكرر الطواف بالبيت أكثر من مرَّة "قدوم، وإفاضة، ووداع"، ليجدد الإنسان انسجامه مع حركة الكون.

2. السعي بين الصفا والمروة فهو يرمز إلى قطبي الخوف والرجاء ودورهما في البناء الحضاري الإنساني، ويظهر ذلك جليَّاً في قصة هاجر أم إسماعيل عليهما السلام، عندما كانت تسعى  إلى "الماء" رجاء الحياة، ثم تعود إلى الطفل الرضيع "إسماعيل"، خشية إصابته بمكروه.

3. الوقوف بعرفة، هو تحقيقٌ لسنَّة الله في خلقه، وهي: أن يتعارفوا، ويتواصلوا فيما بينهم؛ لأنَّ رحمهم واحدة، ومن ثمَّ: يعترفوا لله بالربوبيّة، وعلى أنفسهم بالفقر والالتجاء إليه عز وجل، فعرفة، هو موقف: تعارف، واعتراف، وتعرّف.

المبحث الثاني: الراجح في بعض مسائل الحج على مذهب الإمام أحمد.

1-يستحب تكرار العمرة في السنة مرتين فأكثر، على المشهور في المذهب.

2-إذا أحرم المسلم في أشهر الحج بالعمرة، متمتعاً إلى الحج، ثم بعد انتهائه من عمرته عاد إلى بلده، ثم عاد ليشهد الحج في السنة نفسها، فإنه ينقطع تمتعه.

3-من عاد إلى دويرة أهله قبل أن يطوف طواف الإفاضة، فإنه يلزمه العود إلى المسجد الحرام ليطوف حول البيت، ولو بعد سنين.

4-وأن المبيت المجزئ بالمزدلفة يحصل بلحظة، ولو بالمرور، شرط أن يكون الدفع بعد نصف الليل، وأن من ترك المبيت بها لعُذرٍ صحَّ حجه، مع وجوب الفدية.

5-من فاته الرمي يوم النحر، رمى في أي يومٍ من أيام التشريق، ويكون الرميُ أداءً، ولا شيء عليه.

6-أن المبيت بمنى واجب عند أحمد في رواية، وهي المذهب.

7-يجوز ترك البيات بمنى لكل من له عُذرٌ يُشابه الأعذار التي رخَّص النبيّ صلى الله عليه وسلم لأهلها، فيدخل في ذلك المريض الذي يشق عليه أو يتأخر برؤه.

8-أول وقت الرمي أيام التشريق بعد الزوال، ولا يجوز الرمي قبل الزوال، ومن رمى قبل الزوال لزمه الإعادة، ما لم تنقضِ أيام التشريق، وإلا فعليه دمٌ لجبر النقص.

9-ومذهب الحنابلة أن نقص الرمي حصاة أو حصاتين لا بأس به، ولا ينقص أكثر من ذلك، ومن ترك الجمرة الواحدة فعليه دمٌ؛ لأن الجمرة نسك كامل، وفي رواية: عليه صدقة...

10-عدم جواز استنابة المُحرِم للحلال في رمي الجمرات عنه.

11-يجوز تأخير رمي كل يومٍ إلى اليوم الثاني، وكذا تأخير الرمي كله إلى آخر أيام التشريق، ولا شيء عليه، ولكنه تاركٌ للأفضل.

12-لا يجوز لغير الحائض والنفساء ترك طواف الوداع؛ فإن تركه فعليه الفدية.

13-من داعب زوجته قبل التحلل الأصغر؛ فأنزل، فإن حجَّه على يفسد على الصحيح من مذهب الحنابلة.

المبحث الثالث: ذكر المسائل المذكورة في هذا الجزء سرداً.

باب ما جاء في الحج وعلى من يجب

- فضل الحج

- حكم تكرار الحج والعمرة

باب ما جاء في شروط وجوب الحج

- مَنْ حجَّ ثم ارتد ثم أَسلم

 - حج الأقلف

- حج الصبي

- ما يفعله الصبي بنفسه أو بغيره في حجه

- المجنون عليه حج

فصل: الاستطاعة في الحج

- ما جاء في تأويل الاستطاعة في الحج

- أقسام الاستطاعة وحدودها

الأول: المستطيع بنفسه وماله، وحدوده

أ- ملك ما يحصل به

- إن كان قادرًا على تحصيل السبيل من صنعة أو تجارة الحج، هل يلزمه الحج؟

- الرجل يكري نفسه للخدمة ليحج

 - من استطاع الحج ماشيًا، يمشي أم يركب؟

 ب- فاضلًا عما يحتاج إليه.

الثاني: المستطيع بغيره في الحج:

- هل تثبت الاستطاعة ببذل ابنه لطاعة أو المال، أو ببذل غيره المال؟

-وهل يستوي في ذلك ون المبذول له حيًّا -معضوب أو غير معضوب- أو ميتًا؟

- وحكم الاستئجار على القربات الشرعية، وأخذ الأجرة على ذلك؟

- من أراد الحج عن أبويه، بمن يبدأ؟

- الحج عن غير القادر ثم قدر.

 - الحج عمن لم يجب عليه الحج.

- إذا أدى حجة الإسلام، وأراد التطوع فهل له أن يستنيب عنه؟

- قضاء باقي النسك عَمَّن مات في الحج أو عجز عنه.

فصل: أحكام النائب عن الغير في الحج

- لا يحج عن غيره من لا يحج عن نفسه

- في حج المرأة عن الرجل، والرجل عن المرأة.

- نفقة النائب في الحج.

- وقت دفع النفقة إلى النائب.

- إذا فات النائب الحج أو تلفت النفقة أو ضاعت.

فصل: مخالفة النائب في الحج عن الغير، والعمل إذا أوصى الرجل بالحج ولم يسم شيئًا.

- ما يلزم النائب من الدم إذا فعل محظورًا

فصل: طرق تحصيل الاستطاعة في الحج

- الحج من الديوان.

 - الحج من مال حرام أو فيه شبهة.

فصل: ما جاء في شروط لزوم السعي للمرأة

- وجود الزوج أو المحرم أو الرفقة المأمونة

- هل يختلف الحكم بين الشابة والعجوزة؟

- إذا أرادت المرأة الحج فمنعها زوجها

- إن كان الزوج غائبًا، ماذا تفعل؟

- السن التي تحتاج الجارية فيه لتُحرم

- أقسام المحرم للنساء في الحج

- امتناع المحرم عن الخروج مع المرأة.

- إذا أيست المرأة من محرم

- نفقة الزوج أو المحرم في الحج

- المرأة يموت زوجها أو محرمها في الحج

- الحج المرأة في عدتها؟

فصل: وقت وجوب الحج

- هل الحج على الفور أم على التراخي؟

- من وجب عليه الحج وهو موسر، وفرط حتى أعسر؟

- من فرط في الحج حتى مات؟

- من أوصى بحج ولم يبلغ ماله أن يحج عنه.

أبواب صفة الحج والعمرة

باب: الإحرام

- قصد الحج ونيته

- إذا كان عليه حجة الإسلام فأحرم ينوي تطوعًا أو الوفاء بنذر

- الحج لِلُّقيَّ

فصل: سنن الإحرام

- الاغتسال للرجل والمرأة

 - التنظيف

-التطيُّب

فصل: ذكر الأنساك

- وجوه الإحرام وأفضلها

- صفة التمتع

- المتعة من الميقات

- فسخ الحج: حكمه وكيفيته

- إن قدم مفردًا ومعه الهدي، له أن يحل ويتمتع؟

- إضافة الحج إلى العمرة

- من قرَنَ الحجَّ والعمرةَ يتمتعُ إذا شاءَ؟

- حكم فسخ نية القران إلى العمرة

- يجب على المتمتع والقارن دم لنسكه ؟

- عمرة القارن تجزئ عن عمرة الإسلام؟

فصل: ذكر المواقيت

أ- المواقيت الزمانية

- الأشهر الحرم

 - أشهر الحج

- الإحرام قبل أشهر الحج

- يحرم بالعمرة متى شاء؟

 - ثواب العمرة في رمضان

- زمان الإحرام للمكي والمتمتع إذا أراد الحج.

ب- المواقيت المكانية

- حكم الإحرام قبل الميقات

- الإحرام من ميقات الغير لمن مرَّ به

- من مرَّ على ميقاتين من أيهما يحرم

- في دخول مكة بغير إحرام

 - من دخل مكة من غير أهل الوجوب، ثم صار من أهل الوجوب وأراد الحج؟

- في من جاوز الميقات.

- المجاوز للميقات ولا يريد الحج ثم أراد الحج.

- المرأة إذا بلغت الميقات ثم حاضت أو نفست.

- مكان الإحرام للمكي والمتمتع إذا أراد الحج.

فصل: التلبية وأحكامها

- الوقت الذي يستحب فيه الإحرام، وأول أوقات التلبية وصيغتها.

- تسمية ما أحرم به في تلبيته.

- إن حج عن غيره أو اعتمر، يُسمي: لبيك عن فلان؟.

 - الاشتراط عند الإحرام.

- رفع الصوت بالتلبية.

 - التلبية لمن لا يحسن التلبية بالعربية.

- إذا عجز عن التلبية، يُلبى عنه؟.

- إذا أحرم بحجتين أو عمرتين.

 - إذا نسي المحرم ما أحرم به.

- مواطن استحباب التلبية.

- التلبية في الأمصار.

- متى يترك التلبية في الحج وفي العمرة.

 - التلبية للحلال.

- ما يجزئ من التلبية دبر الصلوات.

باب: دخول مكة

- البدء بمكة قبل المدينة في الحج.

- دخول مكة ليلًا.

- من أين يدخل مكة؟.

- ما يقول إذا دخل الحرم، وما يقول إذا دخل مكة.

- جواز دخول المسجد الحرام من أي باب.

- ما يندب فعله عند رؤية البيت.

فصل: ما جاء في خصائص الحرمين

- فضل المسجد الحرام على غيره من المساجد.

- فضل مكة.

- المقام بالمدينة أفضل أم بمكة.

- في الخروج من المدينة طائعًا غير مكره.

- في دخول اليهود والنصارى الحرم.

- قلع شجر الحرم وحشيشه.

 - حكم إخراج تراب الحرم وحصاه وأغصانه وماء زمزم منه.

- مضاعفة الثواب للمحسن في مكة، ومضاعفة العقاب لمن أساء.

- لا تحل لقطه الحرم إلا لمنشد.

- ما جاء في آداب زيارة المدينة.

أبواب: الطواف

- في طواف القدوم، وهل الطواف أفضل أم الصلاة؟

 - حكم من أخر طواف القدوم إلى الإفاضة.

فصل: ما جاء في شروط ستة الطواف

- النية عند الطواف.

- الطهارة من الحدث والنجس.

- الحائض تشرب دواء يقطع عنها الدم، تطوف بالبيت.

- المستحاضة تطوف بالبيت.

- الطواف سبعًا.

- إذا زاد على سبع في الطواف.

 - الشك في الطواف.

- القران في الطواف.

- الترتيب في الطواف.

- الموالاة في الطواف.

 - أن يطوف بالبيت جميعه.

- أن يطوف في المسجد الحرام.

فصل: صفة الطواف

- حكم الاضطباع لمن دخل المسجد الحرام

- صفة الاضطباع.

- وقت الاضطباع.

- حكم الرمل في الطواف.

- السعي والرمل على النساء في الوادي أو البيت.

- حكم الرمل لأهل مكة.

 - كيفية الرمل في الطواف.

- من نذر أن يطوف على أربع؟

- استلام الأركان وتقبيل الحجر الأسود والسجود عليه.

- مس المقام.

- من نذر أن يُلقي شيئا في مقام إبراهيم.

- الذكر والدعاء أثناء الطواف.

فصل: ركعتي الطواف وأحكامهما

- حكم ركعتي الطواف

- تجزئ المكتوبة من ركعتي الطواف؟

- حيض المرأة بعد الطواف وقبل ركعتيه.

- إذا قرن بين الطواف، كم يُصلي؟

- إذا شك في الطواف بعدما ركع الركعتين؟

فصل: ما يباح وما يكره فى الطواف

- التزاحم في الطواف

- طواف المنتقبة

- التعوذ بالبيت من دبر الكعبة.

- الطواف في أي وقت.

- الطواف راكبًا.

- الشرب أثناء الطواف.

- الكلام أثناء الطواف.

- القراءة في الطواف.

أبواب: السعي بين الصفا والمروة

- حكمه.

فصل: ما جاء في شروط وسنن السعي

- أن يتقدمه طواف

- الترتيب في السعي بين الصفا والمروة

 - الموالاة في السعي.

- الطهارة من الحدث والخبث.

 - الموالاة بين الطواف والسعي

- السعي ماشيًا وحكم الوجوب من غير علة

- الدعاء عند الصفا والمروة، وفي السعي بينهما

- متى يحلق أو يقصر المعتمر والمتمتع

- إذا لم يقصر حتى كان يوم التروية؟

باب: ما جاء في أعمال يوم التروية

- الطواف لتوديع البيت إذا حل، وهل عليه شيء إذا لم يأت البيت؟

- استحباب النزول بمسجد الخيف عند النزول بمنى.

- وقت الغدو إلى عرفة بعد المبيت بمنى.

- ما يقول عندما يتوجه من منى إلى عرفة.

أبواب: الوقوف بعرفة

- حكمه.

- زمان الوقوف بعرفة.

- إذا أخطأ الحجيج ووقفوا في غير يوم عرفة.

- من لم يجب عليه الحج لعذر ثم زال عذره بعرفة.

 - ما يترتب على فوات الوقوف بعرفة.

- مكان الوقوف بعرفة

- أحوال الواقف بعرفة

- الإكثار من الدعاء والرغبة إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلى غروب الشمس

- شهود غير الحاج للمسجد يوم عرفة

 - الخطبة في الحج.

- الجمع والقصر للصلاة في الحج.

 - الأذان والإقامة عند الجمع بين الصلاتين

- الجمع بين الصلاتين لمن فاتته الصلاة مع الإمام.

- الأذان والإقامة لمن فاتته الصلاة مع الإمام.

 - وقت الإفاضة من عرفات.

فصل: أحكام متعلقة بالباب

- هل يشترط الطهارة للوقوف بعرفة؟

- لا جمعة في عرفة ومنى.

- المتمتع يقدم يوم عرفة يحل إلى النساء.

باب: المبيت بمزدلفة

- الدفع إلى مزدلفة، وهيئة الدفع

- الجمع بين المغرب والعشاء إذا وصل إلى مزدلفة

- الصلاة قبل أن يأتي جمعًا

- الدعاء عند المشعر الحرام

- المبيت بمزدلفة، وجواز الدفع للضعفة ليلًا

- زمان الدفع من المزدلفة.

- من وافاها بعد جواز الإفاضة منها.

- الإسراع إذا بلغ وادي محسر.

أبواب: ما جاء في أعمال يوم النحر

فصل: رمي جمرة العقبة

- حكمه

فصل: نحر الهدي

- نحر الهدي إن كان معه

فصل: الحلق أو التقصير (التحلل الأصغر)

- الحلق أو التقصير

- من حج فحلق خارجًا من الحرام

- القدر الذي تقصره المرأة من شعرها

 - تأخير الحلق أو التقصير عن أيام التشريق

- ما يحل للمحرم إذا رمى جمرة العقبة

- فيما يحصل به التحلل الأول

 - تقديم الأنساك على بعضها

فصل: طواف الإفاضة

- طواف الإفاضة، هل هو طواف الزيارة؟

- حكم طواف الإفاضة

- لا ركن إلا الوقوف بعرفة وطواف الزيارة

- هل يجوز تأخير الإفاضة إلى آخر النفر؟.

- الطواف والسعي للمتمتع بعد طواف الإفاضة للعمرة، وهل عليه سعي آخر للحج؟

أبواب: أعمال أيام التشريق

فصل: المبيت بمنى ليالي أيام التشريق

- الرجوع إلى منى والمبيت بها

 - حكم من ترك المبيت

- وقت النفر من منى

 - تأويل قول عمر -رضي اللَّه عنه-: (من قدم ثقله فلا حج له)

- النفر من منى ثم العودة إليها لحاجة

- إتيان البيت للطواف أيام منى

فصل: رمي الجمرات

- حكمه.

 - حكم من ترك من رميه حصاة

- كفارة من نسي الرمي لمن أمر به

- حكم الاغتسال لرمي الجمار

- هل يغسل حصى الجمار؟

- من أين يؤخذ حصى الجمار؟

- وقت رمي الجمار

- في رمي الجمار قبل طلوع الشمس

 - وقت الرمي لمن فاته

- الرمي عن أصحاب الأعذار

- صفة رمي الجمار

- الرمي بحصى كحصى الخذف.

- الرمي بسبع حصيات.

- الرمي واحدة واحدة، والعمل إذا رمى الكل دفعة واحدة.

 - الرمي بحصاة رُمِي بها

 - حكم رمي الجمرة بفص الخاتم.

- يكبر مع كل حصاة ويرفع يده

- من أين يرمي الجمار؟

- المشي لرمي الجمار

- الترتيب عند رمي الجمار

- القيام عند الجمرتين

- حكم من ترك القيام عند الجمرتين

- رمي الرجل لليوم الثالث إذا تعجل

أبواب: طواف الوداع

- حكمه.

- الحائض تودع البيت؟

- الخروج من الحرم بظهره

- آخر عهده بالبيت

 - هل ينزل الأبطح بعد الوداع؟

- زيارة قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم.

أبواب ما يتوقى المحرم، وما أبيح له

- اجتناب الرفث والفسوق والجدال

- حكم قول الرجز في الحج

فصل: أحكام اللباس والزينة في الحج

- إذا أحرم وعليه مخيط أو لبس مخيطًا ناسيًا
- حكم تعدد الثياب للمحرم

- حكم لبس الثياب المصبوغة والمطيبة للمحرم

- لا يشم المحرم الطيب، وما تستطاب رائحته

- الطيب إذا جُعل في مأكل ومشرب

- حكم لبس القباء والدواج والتوشح بالرداء

 - حكم لبس الهميان والمنطقة للمحرم

- يتقلد المحرم بالسيف عند الضرورة؟

- قتال المحرم إذا اضطر للدفاع عن نفسه

- الزينة للمحرم

- الدهن للمحرم

- النظر في المرآة للمحرم

- المحرم يستظل

- تغطية المحرم رأسه

 - تغطية الوجه للمحرم والمحرمة

- ما يباح للمحرمة من اللباس والزينة

فصل: أحكام النظافة والتداوي للمحرم

- النظافة للمحرم.

- السواك للمحرم

- الحجامة للمحرم.

- المحرم إذا شُج أو انكسرت يده

فصل: ما يحرم على المحرم قتله من الصيد

- يحرم على المحرم قتل صيد البر، فأما صيد البحر والأهلي، وما حرم أكله فلا شيء فيه إلا ما كان متولدًا من مأكول وغيره

- ما حرم قتله فإنه يحرم قصد قتله بمباشرة أو تسبب

- ما حرم قتله، هل يحرم عليه تملكه؟

- ما قتله المحرم من الصيد، فهو بمنزلة الميتة يحرم أكله

- صيد الحرم إذا ذبح فيه فهو بمنزلة الميتة

- رجلٌ رَمَى صيدًا في الحلِّ فأصَابَه في الحرمِ

- إذا أرسل كلبه في الحل على شيء فصاده في الحرم

 - إذا رمى صيدًا على شجرة أصلها في الحل، أو في الحرم.

 - الصيد إذا ذبحه في الحل، ومات في الحرم، يأكله

- إذا رمى صيدًا في الحل فأصاب صيدًا في الحرم

- إذا طرَدَ في الحومِ شيئًا، فأصَابه شَيءٌ قبل أن يَقعَ، أو حِيَن يقعُ

- صيد الحرم إذا خرج منه، له صيده

 - محرمٌ اضطرَّ: يأكل الميتة، أو يصيد

- هل يحرم صيد المدينة، كما يحرم صيد مكة؟

- حدود حرم المدينة

فصل: الخطبة والزواج للمحرم، وما يحل له من زوجته وما لا يحل

- لا يتزوج المحرم ولا يزوج

- المحرم يراجع امرأته

- النظر بشهوة لامرأته

 - المباشرة للحاج

- الوطء في الفرج

- إذا وطئ امرأته وأفسد حجه أو عمرته

- نفقة المرأة في القضاء من يتحملها؟

- هل للزوج الذي وطئها أن يكون محرمها في الحج؟

- حكم التفرق في القضاء وصفته

- إذا أفسد حجه وقضاه، فأيهما يصح؟

- وقت نحر هدي الفساد

- ما يجب على المحرم إذا زنا؟

أبواب ما جاء في الفدية وأقسامها

باب: ما جاء على التخيير

- فدية الأذى واللبس والطيب

- جزاء الصيد

- هل يضمن المحرم بيض الصيد؟

- لو أفزع الصيد وأذعره، هل يضمن؟

- التخيير في جزاء الصيد

- كيفية التخيير في جزاء الصيد

 - الصيام عن الإطعام في جزاء الصيد

- ما يجزئ في جزاء الصيد والمتعة

- محرمون اشتروا في صيد، ما يجب عليهم؟

- جزاء من قلع أو قطع شجر الحرم وحشيشه

- جزاء صيد المدينة وقبع شجرها وحشيشها

أبواب: ما جاء في الفدية على الترتيب

فصل: هدي التمتع في شروط التمتع ووجوب الهدي

- أن يعتمر في أشهر الحج.

- العمرة في شهر الإحلال أم الإحرام.

 - إذا اعتمر مرارًا في أشهر الحج، كم يجزئه من الهدي؟

- ألَّا يسافر بعد العمرة.

- لا يجب عليه الهدي حتى يكون واجدًا له.

 - من وجب عليه الهدي فلم يجد.

- متى يجب على المتمتع الصوم؟.

- إذا فاته الصوم.

- كيفية الصيام لمن لم يجد الهدي، ومكانه.

- إذا شرع الصوم ثم أيسر.

 - إذا مات قبل أن يتم الصوم.

- ما يجزئ عن الفرد في الهدي، والأفضل فيه.

 - من نذر أن يهدي رجلًا.

- إذا عين الهدي ثم ضلَّ أو سرق أو وجد به عيبًا.

- إذا اختلط هديه بآخر؟

- ما يضمن من الهدي؟

- إذا نتجت البدنة فمات ولدها

- تقليد الهدي أو إشعاره

- موضع إشعار الهدي

- هل يجوز ركوب البدنة؟

- مكان بلغ الهدي

- وقت ذبح الهدي ومكانه

 - إذا وجب عليه الهدي ولم يهد حتى حج وقت الذبح

- صفة النحر وكيفيته

- إذا نتجت البدنة بأيهما يبدأ في الذبح؟

- هل يجوز أن يذبح أهل الكتاب نسك المسلم؟

فصل: هدي الإحصار

- متى يكون المحرم محصرًا؟

- هل على أهل مكة إحصارٌ؟

- ما يفعل المحرم بالعمرة أو الحج إذا حصر؟

- هل على المحصر حلق أو تقصير؟

- المحصر إذا حلَّ وفعل محظورًا قبل الحلق

- قضاء المحصر النسك الذي أحصر عنه؟

- موضع ووقت نحر هدي الإحصار، ووقت الصوم لمن لا يجد الهدي

فصل: أحكام متعلقة بمحظورات الإحرام والفدية

- ما يُفعل بهدايا البيت

- ما يؤكل من الكفارات والنذور وجزاء الصيد.

 - إذا سُرق الهدي قبل الإطعام منه.

- في محظورات الإحرام بين السهو والعمد.

- في محظورات الإحرام بين المكره والمختار.

- هل له تقديم الفدية قبل فعل المحظور؟

- تعدد الكفارات وتداخلها

أبواب: العمرة

- حجُّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعمراتُه

- حكم العمرة.

- هل لأهل مكة العمرة، ومن أين يحرموا؟

- من هم أهل مكة؟

- أي العمرة أتم؟




نشأة بدعة الاحتفال بالمولد النَّبويّ بقلم: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنونة الشَّافعي

نشأة بدعة الاحتفال بالمولد النَّبويّ
((ورقة بحث في التاريخ..))

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنونة الشَّافعي

غزَّة -فلسطين


١) المشهور أن أوَّل من أحدث بدعة الاحتفال بالمولد النَّبويّ بالقاهرة (العبيديون)، كما ذكر ذلك المقريزي وغيره، وذلك في القرن الرابع للهجرة، وكان العبيديون قد ابتدعوا ستَّة موالد:
"المولد النَّبوي، ومولد الإمام علي، ومولد السَّيِّدة فاطمة الزهراء، ومولد الحسن والحسين، ومولد الخليفة الحاضر".

وبقيت هذه الموالد على رسومها وفنونها، إلى أن أبطلها الأمير الأفضل ابن أمير الجيوش، ثُمَّ أُعيدت في خلافة الحاكم بأمر الله سنة ٥٢٤هـ، بعد أن كاد النَّاسُ ينسونها..!.

٢) وقيل: إن أول من أقام المولد هو الملك المظفر (طغرل) أبو سعيد كوكبري بن علي بن بكتكين بن محمد التركماني (ت ٦٣٠هـ)، صاحب إربل بالعراق، وذلك في القرن السابع الهجري، بمدينة "إربل"، وقيل غير ذلك.

على أن الجميع مُتفق أن إقامة الاحتفال بالمولد النبوي لم يكن معروفاً في صدر هذه الأمة، ولا عند سلفنا الصَّالح رضوان الله عليهم.

٣) ثُمَّ فشت هذه الموالد في شتَّى الأقطار، وكثُرَ قُصَّادها، وتفنَّنوا في تنميقها وإبرازها، وملئها بما تهوى الأنفس، حتَّى صارت كلمة "مولد"، رمزاً على الفوضى، والزياط والمساخر!.

٤) وقد وصف ابن العماد الحنبلي « في شذراته، ٥ / ١٣٨- ١٤٠» ما يصنعه سلطان إربل من التوسُّع في هذا الاحتفال، والمبالغة فيه؛ فقال: 

"وأما احتفاله بمولد النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، فإن الوصف يقصر عن الإحاطة به !. كان يعمله سَنَةً في الثامن من شهر ربيع الأول، وَسَنَةً في الثاني عشر؛ لأجل الاختلاف الذي فيه.

٥) فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل، والبقر، والغنم شيئاً كثيراً، يزيد على الوصف، و(زفّها بجميع ما عنده من الطّبول والمغاني والملاهي)، حتى يأتي بها إلى الميدان. ثم يشرعون في نحرها، وينصبون القدور، ويطبخون الألوان المختلفة.

٦) فإذا كان ليلة المولد عمل السَّمَاع بعد أن يصلي المغرب في القلعة !.

ثم ينزل وبين يديه من الشموع الموكبية (المشتعلة) التي تحمل كل واحدة على بغل، ومن ورائها رجل يسندها.وهي مربوطة على ظهر البغل، فإذا كان صبيحة يوم المولد أنزل الخُلَعَ والبقج (المال والثياب)، 

٧) ويخلع على كل واحد من الفقهاء، والوعاظ، والقرّاء، والشعراء، ويدفع لكل واحدٍ نفقة وهدية وما يوصله إلى وطنه، وَيَعْمَل عِدَّة خِلَع لِلصُّوْفِيَة!. 

٨) وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» بعد كلام طويل وثناء جميل: قال جماعة من أهل إربل:  كانت نفقته على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، وعلى الخانقاه مائتي ألف دينار.

٩) وقال الذهبيُّ «في السِّيَر، ٢٢/ ٣٣٧»: 

كان الخلق يقصدونه من العراق والجزيرة، وتُنصب قبابٌ خشب له، ولأمرائه، وتُزيَّنُ، وفيها (جَوق المغاني واللَّعب!) وَجوقٌ من أرباب الخيال، ومن أصحاب الملاهي،
وينزل كُلَّ يوم العصر، (فيقفُ على قُبَّة ويتفرَّج!).

١٠) ويقول ابن خلِّكان: وتبطل معايش الناس في تلك المدة!، وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم.

١١) وكان "مظفر الدين" ينزل كل يوم بعد صلاة العصر، (ويقف على قبة قبة إلى آخرها، ويسمع غناءهم، ويتفرج على خيالاتهم وما يفعلونه في القباب!)، ويبيت في الخانقاه ويعمل السماع، ويركب عقيب صلاة الصبح يتصيد.

ثم يرجع إلى القلعة قبل الظهر، هكذا يعمل كل يوم إلى ليلة المولد..

وَقَدْ جَمَعَ لَهُ أبو الخطَّاب بْن دِحْيَة (كِتَاب المَوْلِد)، سمَّاه (التنوير في مولد السِّراج المُنير)، لما رأى من اهتمام مظفر الدين به، فَأَعْطَاهُ لذلك أَلف دِيْنَار.

ويعتبر ابن دحية هذا أول من وضع مؤلفا في الموالد، وهو من أبناء القرن السابع الهجري، وتتابع العلماء من بعده على وضع المؤلفات في الموالد وقصصه، ومن ثم شرعوه في ثوب "الاستحسان".

وقد كان ابن دحية: عمر بن الحسن (ت ٦٣٣ ﮪ) كثير الوقيعة في العلماء والأئمة، فأعرض بعض معاصريه عن كلامه، وهذا يفسر سبب سكوت العلماء عن التصدي بحزم لابن دحية، مع ما كان يلقاه من دعم السلطان وتأييده؛ لأنه يسير على هواه..

١٢) ويقول المقريزي في «الخطط والآثار، ١/ ٤٩٠، وما بعدها»: 

"ذكر الأيام التي كان الخلفاء الفاطميون يتخذونها أعياداً ومواسم، تتسع بها أحوال الرعية، وتكثر نعمهم"، قال: 

"وكان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعيادٌ ومواسم، وهي (رأس السنة)، ومواسم (أول العام)، 

و(يوم عاشوراء)، و(مولد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم)، و(مولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه)، و(مولد الحسن والحسين)، و(مولد فاطمة الزهراء)، و(مولد الخليفة الحاضر)، و(ليلة أول رجب)، و(ليلة نصفه)، و(موسم ليلة رمضان)، و(غرة رمضان)، و(سماط رمضان)، و(ليلة الختم)، و(موسم عيد الفطر)، و(موسم عيد النحر)، و(عيد الغدير)، و(كسوة الشتاء)، و(كسوة الصيف)، و(موسم فتح الخليج)، و(يوم النوروز)، و(يوم الغطاس)، و(يوم الميلاد)، و(خميس العدس)، و(أيام الركوبات)".

١٣) وقال في خططه (١/ ٤٣٢): 

"وكان الأفضل بن أمير الجيوش قد أبطل أمر الموالد الأربعة: النبوي، والعلوي، والفاطمي، والإمام الحاضر، وما يهُتمُّ به، وقَدِمَ العهدُ بها، حتَّى نَسِيَ الناسُ ذكرها، فأخذ الأستاذون يُجدِّدون ذكرها للخليفة الآمر بأحكام الله، ويُردِّدون الحديث معها فيها، ويُحسِّنون له معارضة الوزير بسببها، وإعادتها، وإقامة الجواري والرسوم فيها، فأجاب إلى ذلك، وعمل ما ذكر..".

١٤) وهذا يدلُّ على أن العبيديين هم أول من أحدثوا هذه البدعة، ولم تُعرف إلا من جهتهم.

 والخلاصة: 

• أن التقرُّب إلى الله عز وجل، بإقامة هذه الموالد عبادةٌ لا أصل لها في الدين.. 

• وأن أول من أحدث بدعة الاحتفال بالمولد النبوي هم العبيديون، ثم أبطله الملك أفضل الدين، فأعاد إحياءه الملك المظفر بتزيين بعض من المنتفعين من الفقهاء والقضاة وأهل التجارة الذين يستفيدون من الخلع والهبات التي تعطى لهم في ذلك اليوم.

• وأن أول من ألف في المولد هو ابن دحية الذي كان سليط اللسان على الفقهاء، ارضاءا للملك المظفر، الذي خلع عليه الخلع، مع سكوت مطبق من الفقهاء الصالحين خشية من بطش السلطان، ووشاية الواشين، فلم ينقل خلاف ذلك إلا من جهة بعضهم.

• وأن من العصيان لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم في الموالد اتخاذ قبور الصالحين محوراً لهذه الحشود، ومثابةً لهذه الأحفال، حتَّى ولو كانت مبنيَّة على القربات المحضة!.

• وقد كره الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلَّم أن يتخذ النَّاسُ قبره عيداً، يحتفلون عنده!.. فكيف بقبور وموالد غيره ممن نعرف، وممن لا نعرف؟!.. أضف إلى ذلك أن الموالد من أخصب البيئات للمناكر الظاهرة والمستورة؛ ففي ساحاتها الواسعة، ينتشر الرَّقصُ بلا خجل، ويختلط الرجال بالنِّساء في المأكل والمشرب والصحو والمنام، وكثيراً ما تقع جرائم الزنا واللُّواط.. كما ويُدخَّنُ الحشيش، وتُسمع الأغاني، والموسيقى الخليعة.. وتختفي روح الجَدِّ وتقدير الأمور، التي مكانها قلة الاكتراث، والإقبال على الدُّنيا، وتضطرب فيه أوقات الصلوات، وتتشتت الجماعات!..




ما هي البدعة عند السَّادة الشَّافعيَّة ؟ بقلم الأستاذ محمد ناهض عبد السَّلام حنونة الشَّافعي

ما هي البدعة عند السَّادة الشَّافعيَّة ؟


بقلم الأستاذ

محمد ناهض عبد السَّلام حنونة الشَّافعي

غزَّة -فلسطين

إن ما يعنيه الفقهاء الشافعيَّة عموماً بالبدعة في كتبهم، هي البدعة اللغوية، والتي هي أعمُّ من البدعة الشرعية، واتفقوا على أن البدعة الشرعية مذمومةٌ كلها، وأما غير الشرعية فلهم فيها نظرٌ، ولذلك نرى السادة الشافعية رضوان الله عليهم يقسمونها -أعني البدعة اللغوية -إلى خمسة أقسام، ويجعلون إطلاقها في النصوص من العام المخصوص، وعليه تلتئم الأقوال في المذهب، ونعرف مُراد الإمام رحمه الله، ورضي عنه بالبدعة.. وتُفهم تخريجات أصحاب الوجوه في المذهب.

وقال الإمام بدر الدين الزركشي (ت 794 هـ) في كتابه "المنثور في القواعد" (1/ 217): البدعة قال ابن درستويه هي في اللغة: إحداثُ سُنَّةٍ لم تكن، وتكون في الخير والشر، فأما في الشرع فموضوعةٌ للحاديث المذموم. أ.هـ.

وروى البيهقي بإسناده في "مناقب الشافعي" (1/ 469)، عن الإمام الشافعيّ، قال: المحدثات ضربان:

أحدهما: ما خالف كتابًا أو سنة أو إجماعًا .. فهو بدعة ضلالة.

والثاني: ما أحدث من الخير .. فهو غير مذموم، وقد قال عمر في قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه، يعني: أنها محدثة لم تكن.

يعني بذلك البدعة اللغوية عموماً.


وقال الحافظ ابن حجر (ت 852 هـ) في "الفتح" (13/ 278): وأما البدع، فهو جمع بدعة، ويختصُّ في عُرف أهل الشرع بما يُذمُّ.

وقال الإمام الحافظ شمس الدين السَّخاوي (ت 902 هـ) في كتابه "فتح المُغيث" (1/ 326): البدعة هي ما أُحدث على غير مثالٍ مُتقدم، ولكنها خُصَّت شرعاً بالمذموم. وقال (1/ 327): وهي ما أُحدث على غير مثالٍ مُتقدم، فيشمل المحمود والمذموم، ولذا قسمها العز بن عبد السلام… إلى الأحكام الخمسة وهو واضح، ولكنها خُصت شرعاً بالمذموم، مما هو خلاف المعروف عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وقال شهاب الدين ابن حجر الهيثمي (ت 974 هـ) في "الفتاوى الحديثية": البدعة الشرعية ضلالة كما قال صلى الله عليه وسلم. قال: ومن العلماء من قسّماها إلى حسن وغير حسن، فإنما قسَّم البدعة اللغوية، ومن قال: "كل بدعةٍ ضلالة" فمعناه: البدعة الشرعية.

وقال أيضاً في "الفتاوي الحديثية" (ص 281): في الحديث الصحيح: (شر الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة)، ويدخل في المبتدعة كل من أحدث في الإسلام حدثاً لم يشهد الشرع بحُسنه، وقول عمر رضي الله عنه في التراويح: (نعمت البدعة هي) أراد البدعة اللغوية، وهو ما فُعل على غير مثال، كما قال تعالى: {قُل ما كنتُ بدعاً من الرُّسل} (الأحقاف: 9)، ليست بدعةً شرعاً، فإن البدعة الشرعية ضلالة كما قال صلى الله عليه وسلم. ومن العلماء من قسمها إلى حسن وغير حسن، فإنما قسّم البدعة اللغوية، ومن قال: (كل بدعةٍ ضلالة) فمعناه: البدعة الشرعية. ألا ترى الصحابة -رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان -أنكروا فريضة غير الصلوات الخمس كالعيدين -وإن لم يكن فيها نهيٌ؟ وكذا ما تركه صلى الله عليه وسلم مع قيام المقتضي؛ فيكون تركه سُنة، وفعله بدعةٌ مذمومة.


وقال شهاب الدين أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت 665 هـ) في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص 20): قد غلب على الحدث المكروه في الدين مهما أطلق هذا اللفظ، ومثله لفظ "المبتدع" لا يكاد يُستعمل إلا في الذم.

وقال في "النجم الوهاج" (10/ 323)، عن الشيخ عز الدين في (القواعد): البدعة (يعني اللغوية) منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة. قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة؛ فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة..  أو في قواعد التحريم فمحرمة..  أو المندوب فمندوبة..  أو المكروه فمكروهة..  أو المباح فمباحة.

فمن أمثلة الواجبة الاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله ورسوله، وذلك واجب؛ حفظًا للشريعة, وكذلك تدوين أصول الفقه وحفظ الغريب. وللبدع المحرمة أمثلة منها: مذاهب القدرية والجبرية والمرجئة والمجسمة, والرد على هؤلاء من البدع الواجبة. ومن أمثلة المندوبة: إحداث الربط والمدارس وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول كصلاة التراويح. ومن المكروهة: زخرفة المساجد وتزويق المصاحف. ومن المباحة: المصافحة عقب الصبح والعصر، والتوسع في المآكل والملابس.

وأما حديث: (من سنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنة)، فيقول الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" (4/ 120 -122): واعلم أن أداء الصلاة في أول الوقت عند الشافعيّ أفضل.. واحتجَّ الشافعيُّ بوجوه: أولها … والرابع عشر: قال عليه السلام: من سنَّ سسُنَّة حسنةً؛ فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. فمن كان أسبق في الطاعة، كان هو الذي سنَّ عمل الطاعة في ذلك الوقت، فوجب أن يكون ثوابه أكثر من ثواب المتأخر.

وقال الإمام النووي في "شرحه" لمسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: (من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها..) فيه الحثُّ على الابتداء بالخيرات، وسنِّ السنن الحسنات، وسبب هذا الكلام في الحديث أنه قال في أوله: (فجاء رجلٌ بصُرَّةٍ كادت كفُّه تعجزُ عنها، فتتابع الناس، وكان الفضل العظيم للبادي بهذا الخير، والفاتح لباب هذا الإحسان. انتهى.

وقال الحافظ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني في "الفتح" (7/ 137): خديجة رضي الله عنها مما اختصَّت به: سبقها نساء هذه الأمة إلى الإيمان؛ فسنَّت ذلك لكل من آمنت بعدها، فيكون لها مثل أجرهنَّ، لما ثبت أنَّ (من سنَّ سنةً حسنة)، وقد شراكها في ذلك أبو بكر الصديق بالنسبة إلى الرجال. انتهى.

فخديجة رضي الله عنها لم تخترع الإيمان، وإنما كانت أول من استجابت لدعوته صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان، فقال فيها الحافظ: فسنَّت ذلك لكل من آمنت بعدها؛ لما ثبت أنَّ (من سنَّ سنةً حسنة).

وقال شهاب الدين ابن حجر الهيثمي (ت 974 هـ) في "الفتاوي الفقهية الكبرى": سئل ما معنى حديث البيهقي: (من فطّر صائماً، كان له أجر مَن عمله)؟ فأجاب بقوله: يصحُّ أن يكون المعنى: كأن للمُفَطِّر أجر من عمل التفطير مُقتدياً به في ذلك، للخبر الصحيح: (من سنَّ سُنَّةً حسنةً، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) انتهى.

قال أبو بكر الدمياطي في "إعانة الطالبين" (1/ 313) قال الشافعي رضي الله عنه: ما أُحدث وخالف كتاباً أو سنةً أو إجماعاً أو أثراً؛ فهو البدعة الضلالة، وما أُحدِثَ من الخير ولم يُخالف شيئاً من ذلك فهو البدعة المحمودة.

قال: والحاصل أن البدع الحسنة متفقٌ على ندبها، وهي ما وافق شيئاً مما مرَّ، ولم يلزم من فعله محذورٌ شرعي.

قال: وأن البدع السيئة، وهي ما خالف شيئا من ذلك صريحا أو التزاماً، قد تنتهي إلى ما يوجب التحريم تارة والكراهة أخرى.. فمن الأول الانتماء إلى جماعة يزعمون التصوف ويخالفون ما كان عليه مشايخ الطريق من الزهد والورع وسائر الكمالات المشهورة عنهم، بل كثيرٌ من أولئك إباحية لا يحرمون حراماً، لتلبيس الشيطان عليهم أحوالهم الشنيعة القبيحة، فهم باسم الكفرة أو الفسق أحق منهم باسم التصوف أو الفقر.

 

وقال الإمامُ العُمرانيُّ في "البيان في المذهب" (3/ 38)، عند حديث: «من غسل ميتًا، فكتم عليه ... غفر الله له أربعين مرة»: وإن كان الميت مبتدعًا مظهرًا لبدعته، ورأى الغاسل منه ما يكرهه، فالذي يقتضي القياس: أن يتحدث به الغاسل في الناس، ليكون ذلك زجرًا للناس عن البدعة.


وقال القاضي حسين في "التعليقات" (2/ 1031):

فأما أهل البدع ينظر فيه؛ فإن كانت بدعة مستحسنة مثل أن قرأ طول النهار، وصلى آناء الليل والنهار، فإنه بدعة مستحسنة، فإن البدعة في اللغة هو الإحداث فإنه تجوز الصلاة خلفه وتستحب، فأما إذا صلى في الأوقات المنهية أو أذن في غير وقت الأذان، فإنه بدعة تكره الصلاة خلفه، وتجوز.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري في "الإفهام" (ص 265):

وكل بدعة ضلالة من العام المخصوص، والمراد غالب البدع، قال العلماء: البدعة خمسة أقسام: واجبة، ومنظوبة، ومحرمة، ومكروهة، ومباحة، 

فمن الواجب: نظم ادلة المتكلمين في الرد على المبتدعين، والاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله تعالى، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم.

ومن المندوبة: إحداث الربط والمدارس، وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول. ومنها: صلاة التراويح، ولهذا قال عمر: "نعمت البدعة".

ومن المحرمة: اعتقاد مذهب الجبرية، او القدرية، او المرجئة، او المجسمة، ونحوهم.

ومن المكروهة: زخرفة المساجد وتزويق المصاحف.

ومن المباحة: المصافحة عقب صلاة الصبح والعصر، والتوسع في اللذيذ من المآكل والمشارب، والملابس والمساكن، ولبس الطيالسة، وتوسيع الأكمام،وقد يختلف في بعض ذلك؛ فيجعله العلماء من البدع المكروهة، وبعضهم من غير البدع نبه على ذلك النووي في تهذيبه.


وقال الرافعيُّ في شرح الوجيز (1/ 126)، عند حديثه عن غسل الوجه أكثر من ثلاث: "فإنها بِدْعَةٌ، وترك السنة -من الزيادة على الغسلة -أهون من اقتحام البدعة".

وقال الرافعيُّ في شرح الوجيز(2/ 143) عند حديثه عن تفضيل الصلاة في المسجد البعيد كثير الجمع أو القريب قليل الجمع: وأن يكون إمام المسجد البعيد مبتدعاً كالمعتزلي وغيره، وإمام المسجد القريب بريئاً عن البدعة، فالصلاة في المسجد القريب أولى.

وقال تقي الدين علي بن عبد الكافي السُّبكي (ت 756 هـ) في "فتاويه" (2/ 108): فالبدعة عند الإطلاق لفظٌ موضوعٌ في الشرع للحاديث المذموم، لا يجوز إطلاقه على غير ذلك.

وقال ابن كثيرٍ في "تفسيره" (1/ 162): البدعة على قسمين: تارةً تكون بدعةً شرعية؛ كقوله: (كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة)، وتارةً تكون بدعةً لُغويَّة؛ كقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عن جمعه إياهم على صلاة التراويح، واستمرارهم: (نعمت البدعة هذه).

ويقول الحافظ ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم" (ص 266): فقوله (كل بدعةٍ ضلالة) من جوامع الكلم، لا يخرج عنه شيءٌ، وهو أصلٌ عظيمٌ من أصول الدين… وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع؛ فإنما ذلك من البدع اللغوية لا الشرعية. وقال أيضاً: البدعة المذمومة: ما ليس لها أصلٌ من الشريعة يُرجع إليه، وهي البدعة في إطلاق الشرع.

وقال الرُّوياني في "بحر المذهب" (2/ 263) في حكم الصلاة خلف المبتدع: "وأما المظهر للبدع في الدين بالطعن على السلف الصالح فإنه تكره الصلاة خلفه فإن صلى صحت صلاته لأن ذلك لا يخرجه عن الإسلام .

وقال صاحب الإفصاح: أراد الشافعي رحمه الله: إذا لم يخرج عن الإسلام ببدعته ولم يكفر السلف ولم ينقصهم ولم يعتقد حدوث كلام الله تعالى ولا نفي شيء من صفاته، وإنما خالف في الأرجاء والوعيد ونحو ذلك من البدع التي لا تخرجه من الملة فتكره الصلاة خلفه، ولكن تجوز فأما إذا اعتقد شيئاً مما ذكرنا لا تجوز الصلاة خلفه… ومن أصحابنا من قال: البدعة على ثلاثة أضرب ضرب لا يفسق به كالمخالف في الفروع من الفقهاء فلا تكره الصلاة خلف معتقده إلا أن يكون منهم من يذهب إلى ترك الأركان فتكره الصلاة خلفه لئلا يترك ركناً ويجوز لأن الظاهر منه أنه يأتي به… وضرب يفسق به كمن سب الصحابة من الروافض والخوارج، فتصح الصلاة خلفه ولكنه يكره، وضربٌ يكفر به كالقول بخلق القرآن والاعتقاد بأن علياً رضي الله عنه كان إلهاً أو كان نبياً كما قالت غلاة الرافضة فلا تجوز الصلاة خلفه.

ويقول الإمام البغويُّ في "التهذيب" (8/ 269) في حكم تكفير أهل البدع: ومذهب أكثر الفقهاء: أنهم لا يكفرون أحداً من أهل البدعة.

وقال في "عجالة المحتاج" (3/ 1314) عند حديثه عن الامتناع عن إجابة الدعوة، قال: ويدخلُ في قولِ المصنِّفِ: (وَلَا مُنكَرَ) ما إذا كان هناكَ داعيَةٌ إلى الْبِدْعَةِ ولا يقدرُ المدعوُّ على رَدِّةِ، وما إذا كان هناكَ من يضحكُ بِالْفُحْشِ وَالْكَذِبِ، وبهِ صَرَّحَ الغزاليُّ في الإِحْيَاءِ.

ويقول الغزاليُّ في "إلجام العوام عن علم الكلام": اتفقت الأمة قاطبةً على ذم البدعة وزجر المبتدع، وتعتيب من يُعرف بالبدعة؛ فهذا مفهومٌ على الضرورة بالشرع… وذم رسول الله صلى الله عليه وسلم البدعة، وعُلم بتواتر مجموع أخبارٍ تُفيد العلم القطعي جملتُها، فمن ذلك ما رُوي عنه صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي… وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار).

وسئل ابن الصلاح عن الفرق بين المبتدع والفاسق؛ فأجاب في فتاويه (1/ 219): "كل مبتدع فاسق وليس كل فاسق مبتدع، والمراد أن المبتدع الذي لا تخرجه بدعته عن الإسلام، وهذا لأن البدعة فساد في العقيدة في أصل من أصول الدين، والفسق قد يكون فساداً في العمل مع سلامة العقيدة".

وقال محمد بن عمر التناري في نهاية الزين (ص: 150) إذا رأى المُغسِّلُ أمارة خيرٍ أو شرٍّ على المبتدع: نعم إِذا رأى من المبتدع أَمارَة خير يكتمها لِئَلَّا يغري النَّاس على الْوُقُوع فِي مثل بدعته وضلاله بل لَا يبعد وجوب الكتمان عِنْد ظن الإغراء بهَا والوقوع فِيهَا. وَلَو كَانَ الْمَيِّت مبتدعا مظهر الْبِدْعَة ورؤي بِهِ أَمارَة سوء لَا يجب ستره بل يجوز التحدث بِهِ لينزجر النَّاس عَنْهَا... وَكَذَا لَو كَانَ مستترا ببدعته وَظهر عَلَيْهِ أَمارَة سوء فَيجوز التحدث بهَا عِنْد المطلعين عَلَيْهَا المائلين اليها لَعَلَّهُم ينزجرون.

وقال في "النجم الوهاج" (7/ 43) حول حكم غيبة أهل البدع،  قال المصنف وغيره: الغيبة تباح بستة أسباب: التظلم، والاستفتاء، والاستعانة على إزالة المنكر، ولتحذير الناس من الشر، وأن يكون متجاهراً بالفسق أو البدعة، وللتعريف- إذا لم يعرف إلا بذلك  مما تدعو الضرورة إليه وليس فيه قصد الاستخفاف والأذى.

وسنأتي إلى أشهر العلماء الذين قالوا بتقسيم البدع إلى أقسام، وهم العز بن عبد السلام، وتلميذه القرافي، والإمام النووي، لنوضح من كلامهم أنهم لم يقصدوا به تقسيم البدعة في العبادات إلى حسنة وقبيحة، وإنما قصدوا تقسيم البدعة بمعناها في لغة العرب، الذي يشمل كل جديد في أمور الدنيا العادية من مأكل ومشرب وملبس وغير ذلك.

قال الإمام عز الدين بن عبد السلام (ت 660 هـ) في كتابه "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (2/ 204): البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم. وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة.

وللبدع المباحة أمثلة؛ منها: المصافحة عقيب الصبح والعصر، ومنها التوسع في اللذيذ من المآكل والمشارب والملابس والمساكن، ولبس الطيالسة، وتوسيع الأكمام.

ويتضح من الأمثلة التي ذكرها العز بن عبد السلام في البدع المباحة أنها تتعلق بأمور الدنيا، وأنه لا يُقسم البدع في العبادات، وإنما يقسم البدعة من حيث معناها الواسع في لغة العرب، والذي يشمل الدين والدنيا.

وأما موقفه من بدع العبادات، فهو ما قاله في "الفتاوى" في مسألة المصافحة عُقيب صلاة الصبح والعصر مُستحبّةٌ أم لا؟ وهل يرفع الداعي يديه؟ فأجاب: "المصافحة عقب الصبح والعصر من البدع، إلا لقادمٍ يجتمع بمن يُصافحه قبل الصلاة، فإن المصافحة مشروعةٌ عند القدوم، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يأتي بعد الصلاة بالأذكار المشروعة ويستغفر ثلاثاً، والخير كله في اتباع الرسول.

قال: ولا يُستحب رفع اليدين في القنوت، كما لا يرفع في دعاء الفاتحة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولم يصح في ذلك حديث. ولا يُستحب رفع اليدين في الدعاء إلا في المواطن التي رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ولا يمسح وجهه عقيب الدعاء إلا جاهل، ولا تصح الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت، ولا ينبغي أن يُزاد على صلاة رسول الله في القنوت بشيء، ولا يُنقص. انتهى.

وهذا يُظهر لنا موقف العز بن عبد السلام من البدعة، من حيث أنه قسمها إلى خمسة أقسام، ثم هو يُعلنها صراحةً أن ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم في العبادات غير مشروع، ولا يُتقرب إلى الله به. فتلق المبتدعة بكلام العز بن عبد السلام رحمه الله لا يُفيدهم بشيء.

وقال الإمام القرافي (ت 684 هـ) في كتابه "الفروق" (4/ 203 -205): والحق التفصيل، وأنها خمسة أقسام (قسم) واجب وهو ما تتناوله قواعد الوجوب وأدلته من الشرع كتدوين القرآن... (القسم الثاني): محرم، وهو بدعة تناولتها قواعد التحريم وأدلته من الشريعة كالمكوس... و(القسم الثالث) من البدع مندوب إليه، وهو ما تناولته قواعد الندب وأدلته من الشريعة كصلاة التراويح... (القسم الرابع) بدع مكروهة، وهي ما تناولته أدلة الكراهة من الشريعة وقواعدها كتخصيص الأيام الفاضلة أو غيرها بنوع من العبادات، من هذا الباب الزيادة في المندوبات المحدودات كما ورد في التسبيح عقيب الصلوات ثلاثة وثلاثين فيفعل مائة... (القسم الخامس) البدع المباحة، وهي ما تناولته أدلة الإباحة وقواعدها من الشريعة كاتخاذ المناخل للدقيق؛ لأن تليين العيش وإصلاحه من المباحات.

 ومن خلال قراءة كلام الإمام القرافي نجد أنه يعتبر أيَّ زيادة في العبادات قلة أدب!! وعلى أهل البدع أن يُجيبوا عن هذا الأمر، وتشبثهم بتقسيم القُرافي وهو برئ من بدعهم، ونلاحظ أن البدع المباحة هي المتعلقة بأمور الدنيا لا الدين.

وقال النووي في شرح "صحيح مسلم": قوله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعةٍ ضلالة) هذا عامٌ مخصوص، والمراد غالب البدع. قال أهل اللغة: هي كل شيءٍ عُمل على غير مثالٍ سابق، قال العلماء: البدعة خمسة أقسامٍ: واجبةٌ، ومندوبة، ومحرمة، ومكروهة، ومباحة… ومن المباح: التبسط في ألوان الأطعمة، وغير ذلك. انتهى.

قال الإمام النوويُّ (ت 676 هـ) في "المجموع شرح المهذب" (4/ 519): وقوله صلى الله عليه وسلم (كل بدعة ضلالة): هذا من العام المخصوص؛ لأن البدعة كلُّ ما عمل على غير مثال سبق. قال العلماء وهي (أي البدعة اللغوية) خمسة أقسام واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة وقد ذكرت أمثلتها واضحة في تهذيب الأسماء واللغات ومن البدع الواجبة تعلم أدلة الكلام للرد على مبتدع أو ملحد تعرض وهو فرض كفاية…  ومن البدع المندوبات بناء المدارس والربط وتصنيف العلم ونحو ذلك..انتهى.

وبناءً عليه؛ فكلام الإمام النووي واضحٌ في أنه يقصد العموم من حيث المعنى اللغوي للفظ "بدعة" من حيث كل ما يصحُّ أن يُسمى بدعةً في لغة العرب، فلفظ "بدعة" يعمُّ كل جديدٍ مُبتدع في أمور الدنيا العادية والدين.

فالحديث حينئذٍ يكون خاصاً؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعةٍ ضلالة، لا يقصد به كل مبتدعٍ جديدٍ في أمور الدنيا والدين، وإنما يقصد الابتداع في الدين فقط، فيكون الحديث خاصّاً بالابتداع في الدين فقط.

فلا بُد أن نفهم قصد من قال بالعموم، وقصد من قال بالخصوص، فنجد أنه لا تعارض بينهما.

وأما موقف الإمام النووي رحمه الله من الابتداع في العبادات، فيقول في كتابه "خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام" (1/ 616): "فَصَلَاة الرغائب ثنتا عشرَة رَكْعَة فِي لَيْلَة أول جُمُعَة من رَجَب. وَصَلَاة النّصْف مئة رَكْعَة، لَيْلَة نصف شعْبَان. وهما بدعتان مذمومتان منكرتان، وأشدهما ذمّاً الرغائب لما فِيهَا من التَّغْيِير لصفات الصَّلَاة، ولتخصيص لَيْلَة الْجُمُعَة. والْحَدِيث الْمَرْوِيّ فِيهَا بَاطِل، شَدِيد الضعْف، أَو مَوْضُوع. وَلَا يغتر بكونهما فِي "قوت الْقُلُوب"، و"الْإِحْيَاء"، وَلَا بِمن اشْتبهَ عَلَيْهِ الصَّوَاب فيهمَا، فَذكر وَرَقَات فِي استحبابها، فَإِنَّهُم غالطون فِي ذَلِك، مخالفون لسَائِر الْأمة، وَقد قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (إيَّاكُمْ ومحدثات الْأُمُور، فَإِن كل بِدعَة ضَلَالَة)، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد)، وَهَاتَانِ محدثتان لَا أصل لَهما. انتهى.

فتعلق أهل البدع بتقسيمات الإمام النووي محض وهم، فالإمام النووي رحمه الله كان على الجادة.