استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال
تأليف الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الشهير بالصنعاني
مكتبة دار القدس -صنعاء/ اليمن، ط1، 1992 م.
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة
تمهيد/ هذه رسالة وافيةٌ ومختصرة للإمام الصنعاني في بيان حكم إسبال الإزار، وقد بسط فيها الجواب، واستوفى الأقوال، وسماها "استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال"، جمع فيها جملةً طيبةً من الأحاديث التي تدل بظاهرها على تحريم إرخاء الثوب تحت الكعبين، وردَّ فيها على الذين يُبيحون ذلك لغير الخيلاء، وجمع بين الأدلة جمعاً طيباً، وتوصل إلى أن الإسبال محرم مطلقاً؛ سواء قُصد به الخيلاء أم لم يقصد، على أن في المسألة خلافاً معتبراً لا يُمكن إلغاؤه أو تجاهله، وهو في حق من أسبل ثوبه من غير خيلاء.
وبيَّن المؤلف -رحمه الله -ما ورد من الوعيد بالنار لمن أسبل الإزار، وكيف أنه صلى الله عليه وسلم أمر من صلَّى مُسبلاً بإعادة الوضوء والصلاة -مرتين، وقال له: (إن الله لا يقبل صلاة رجلٍ مُسبلٍ إزاره) /رواه أبو داود والبيهقي/، وصححه النوويُّ، وفي حديث أبي هريرة: (أنه -صلى الله عليه وسلم -نهى عن السدل في الصلاة) /رواه أبو داود والترمذي/.
وقد جاء النهي عن الإسبال في أحاديث كثيرة، منها: حديث ابن عمر، وقوله له: (يا عبد الله، ارفع إزارك) /رواه مسلم/، وقوله في حديث أبي هريرة: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) /رواه البخاري/.
واختلف أهل العلم في هذا الأمر: هل المقصود بهذا النهي هو الإسبال عموماً، أو الإسبال مع المخيلة ؟ مع اتفاقهم على أن الإسبال مع المخيلة حرامٌ، لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ لا ينظر إليهم.. وذكر منهم المُسبل إزاره خيلاء)، وأما إن كان الإسبال بدون كبر أو خيلاء، فذهب بعض أهل العلم إلى: التحريم، لعموم الأحاديث الناهية عن الإسبال، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الإسبال مع عدم الخُيلاء: مباح وتركه أولى، لأن عدم الإسبال هو اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكان إزاره -عليه الصلاة والسلام -فوق كعبيه.
ولكن قد يُقال إن نفس الإسبال مدعاةٌ إلى الكبر والخُيلاء، وإن لم يقصد المُسبل ذلك ابتداءً، وهذا يُقوي جانب الحرمة عند من قال بذلك. بالإضافة إلى اختلاف العقوبة في الحالتين: فيمن أسبل خيلاء، وفيمن لم يُسبل خيلاء، فموجبها في النوع الأول هو الكبر المقرون بالإسبال، وموجبها في النوع الثاني هو الإسبال فقط.
وكما قال ابن حجر في"الفتح": وحاصله أن الإسبال يستلزم جرَّ الثوب، وجرُّ الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء.
ولكن كيف تعامل الفقهاء مع أحاديث الإسبال؟.
أ- نظر جمهور الفقهاء إلى النصوص الواردة في تحريم الإسبال نظرة كلية، فرأوا أن الأحاديث الواردة في هذا الباب: منها ما هو مطلقٌ؛ كما في حديث أبي هريرة مرفوعاً: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) /رواه البخاري/، ومنها ما هو مُقيَّدٌ بالكبر والخُيلاء، كما في حديث أبي هريرة مرفوعاً: (إن الله لا ينظر إلى من جر إزاره بطراً) /رواه مسلم/؛ فحملوا المطلق على المُقيد، وخصُّوا التحريم بما يُقارنه الكبر.
بالإضافة إلى قولهم بمفهوم الصفة، وهي هنا "الخيلاء": ولا شكَّ أن الخيلاء علَّةٌ مؤثرة في الأحكام الشرعية، وتجعل الشيء من باب المُحرَّم لغيره.
ب- وأما المُحرمون مطلقاً؛ فلم يحملوا المطلق على المقيد، وإنما رأوا أن المطلق يبقى على إطلاقه، والمُقيّد يبقى على قيده، وذلك أن المُقيَّد إنما هو فردٌ من أفراد العام، وليس مُخصصاً له، ويؤيده ما أخرجه ابن حبان في "صحيحه"، عن أبي جري الهجيمي مرفوعاً: (وإياك والإسبال؛ فإنه من المخيلة) /صحيح/؛ فجعل نفس الإسبال من الكبر والمخيلة؛ فيكون لفظ الإسبال متناولاً للأمرين.
كما أنه لو جاز الإسبال لغير المخيلة: لما جاز أن يطلق صلى الله عليه وسلم النهي؛ فإن المقام مقام بيان، ولا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، وأي حاجة أشد من مقام النهي؛ فدلَّ على حرمة الاسبال سواءٌ كان مقروناً بالمخيلة أم لا.
وقالوا -أيضاً: إن الوصف المُقيّد (الخُيلاء) خرج مخرج الغالب؛ وما خرج مخرج الغالب لا مفهوم له عند جمهور الأصوليين؛ وعليه فلا يحل الإسبال ولو مع عدم الخيلاء.
ولكن الجمهور يُجيبون عن ذلك؛ فيقولون: نعم، إن التقييد بـ(الجر خُيلاء) خرج مخرج الغالب، ولكن لا يعني ذلك إلغاء اعتبار هذا الوصف في غيره من الصور، فالبطر والتبختر مذمومٌ شرعاً، ولو لمن شمر ثوبه، وعليه فالخيلاء وصفٌ معتبر، ويصلحُ علَّة للنهي في كلا الحالتين؛ فيكون ذكر في بعض النصوص تصريحاً، ويُفهم من النصوص الأخرى تقديراً، فالمقصود هو مراعاة الزينة وترك الإسراف جمعاً بين الأدلة.
وقال المُحرِّمون: ومما يدل على عدم النظر إلى علة (الخيلاء) أمره صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنه برفع ثوبه وتشميره، وهل يظن بأن ابن عمر يخبل ذلك للخيلاء؛ حتى يأمره بذلك، هذا مع شدة تأسيه به صلى الله عليه وسلم ؟ فهذه قرينةٌ حالية تدلُّ على عموم النهي.
بالإضافة إلى أن توعُّده بالنار، لا يكون إلا على فعل محرم؛ ويؤيده -أيضاً -أنه جمع الأمرين كلا الأمرين في حديث أبي سعيد مرفوعاً: (ما أسفل من الكعبين ففي النار، لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً)، فجعل لكل حديثٍ مورده، وهذا مبحثٌ أصولي.
وفي ذلك يقول الإمام الصنعاني رحمه الله: "وقد دلت الأحاديث على أن ما تحت الكعبين فى النار. ودل على أن من جر إزاره خيلاء لا ينظر الله إليه، وكلاهما دال على التحريم، وفيه أن عقوبة الخيلاء عقوبة خاصة وهى عدم نظر الله إليه، وهو مما يبطل القول بأنه لا يحرم إلا إذا كان للخيلاء".
إشكالٌ في هذا الباب يقوي كلام الجمهور
ولكن يُشكل على كلام الصنعاني: أنه جاء في بعض أحاديث الإسبال المقرون بالكبر: عقوبةٌ مماثلة لمن أسبل ولم يقرن ذلك بالخيلاء، كما في حديث أبي ذر مرفوعاً: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وذكر منهم: المسبل إزاره) /رواه مسلم/، وكما في حديث ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، وذكر منهم: والمسبل إزاره خيلاء) /رواه الطبراني، ونسبه الهيثمي في "المجمع" إلى البزار"؛ فلا يُقال حينئذٍ إن هناك فرقاً بين المُسبل أصالةً وبين المُسبل مع الخيلاء، لأنكم تُفرقون بين الأمرين، وعليه فيكون الحكم مختصاً بمن أسبل خُيلاء.
الأحاديث التي تؤكد قضية الخيلاء
وأنه يختصُّ بالقصد لا بالفعل
جاء في سنن أبي داود، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام) /صحيح أبي داود/، قال النووي: معناه قد برئ من الله وفارق دينه. وفي حديث ابن عمر مرفوعاً: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) /متفق عليه/، وأصرح منهما حديث ابن عمر مرفوعاً: (من جر إزاره -لا يريد بذلك الا المخيلة - فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة) /رواه مسلم/، والخيلاء والمخيلة فسرها ابن الأثير في "النهاية" بالعجب والكبر.
النهيُ عن الإسبال خاصٌّ بالرجال دون النساء
والنهي عن الإسبال حكمٌ خاصٌّ بالرجال دون النساء، وقد نقل القاضي عياض الإجماع على أن المنع في حق الرجال دون النساء؛ ويدلُّ لذلك ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)، فقالت أم سلمة رضى الله عنها: كيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: (يرخين شبراً)؛ فقالت أم سلمة رضى الله عنها: اذا تنكشف أقدامهن. قال: (فيرخين ذراعاً لا يزدن عليه)، وهذا في حالة خوف انكشاف شيءٍ من قدميها.
وأما الواجب ستره عليهنَّ هو ظهور أقدامهنَّ، كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن المرأة تصلى بدرع وخمار من غير إزار؟ قال: (لا بأس إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها).
هل الإسبال خاصٌّ بالقميص فقط
أم أنه يشمل العمامة والعباءة والإزار وغيرها ؟
والظاهر أن الإسبال ليس خاصاً بالقميص فقط؛ بل يدخل فيه العمامة والإزار أيضاً، بل يدخل في النهي عموم ما يُلبس؛ ويدلُّ لذلك ما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، عن ابن عمر: (الاسبال فى الإزار والقميص والعمامة، من جر شيئاً فيها خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة).
وهل النَّهيُ عن الإسبال خاصٌّ بالصلاة فقط ؟
والظاهر أن النهي يتناول الإسبال داخل الصلاة وخارجها، كما قال النوويُّ رحمه الله: "إنه فى الصلاة وفى غيرها سواء، فان كان للخيلاء فهو حرام. وإن كان لغير الخيلاء فهو مكروه"، وعلى تقدير الكراهة فصلاته صحيحةٌ عند من قال بها، وعلى تقدير الحرمة فالصلاة صحيحةٌ، ومبنى هذا الأمر على قاعدة: هل النهي يقتضي الفساد ؟ وهذه المسألة تُشبه الصلاة في الدار المغصوبة، فهي صحيحةٌ وإن كان آثماً.
الصلاة خلف الإمام المُسبل
ومع أن الإمام الصنعاني يرى حرمة الإسبال مطلثاً إلا أنه يرى صحة الصلاة خلف من يُسبل ثوبه وإزاره، وكذلك عدُّه لها من المسائل الخلافية، واستدلاله بحديث: (تصلون فما صح فلكم ولهم، وما فسد فعليهم دونكم). قال: وفي معناه أحاديث الصلاة خلف الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، والأمر بالصلاة معهم.
ولا شكَّ أن من صحَّت صلاته بغيره إماماً، صحَّت صلاته لنفسه منفرداً أو مأموماً، وهذا قياسٌ صحيح، ولم يأتِ في كلام الصنعاني ما يُشير إلى وجوب إعادة الصلاة على المأموم. بل إنه قال: "واعلم انه لم يصرح ببطلان صلاة المسبل خيلاء إلا ابن حزم ودليله نفى القبول فى الأحاديث عن صلاة المسبل".
وهذا -أيضاً -يُقوِّي مذهب الجمهور. ثم يُشير الصنعاني إلى أن الإمام إن كان جاهلاً بالتحريم فهو غير آثم، وإن كان يتأول الإسبال بما كان على وجه الخيلاء؛ فتصحُّ الصلاة خلفه أيضاً.
تفرُّد ابن حزم بإبطال صلاة المُسبل
وذهب ابن حزمٍ إلى بطلان صلاة من أسبل ثوبه من الرجال، وهو عالمٌ عامدٌ، سواءٌ فعل ذلك خُيلاء أم لا. أما لو فعل ذلك خوفاً أو نسياناً؛ فلا تبطل؛ يقول الصَّنعاني: "واعلم انه لم يصرح ببطلان صلاة المسبل خيلاء إلا ابن حزم ودليله نفى القبول فى الأحاديث عن صلاة المسبل".
واستدل ابن حزم بعموم الأحاديث المصرحة بعدم قبول صلاة المُسبل، وأن نفي القبول دليلٌ على عدم الصحة، مثل عدم قبول صلاة الآبق، وعدم قبول صلاة الحائض إلا بخمار، وعدم قبول صلاة المحدث حتى يتوضأ.
واستدلَّ أيضاً بحديث: (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام). وبما روي عن مجاهد: كان يقال من مس إزاره كعبه لم يقبل الله له صلاة. قال (يعني ابن حزم): فهذا مجاهد يحكى ذلك يحكى ذلك عمن قبله وليسوا إلا الصحابة. وعن ذر بن عبد الله المرهبى (من كبار التابعين)، قال: كان يقال: من جر ثوبه لم يقبل الله له صلاة.
ولكن الأصوليين يُفرقون في هذا الباب بين النهي العائد إلى ذات المنهي عنه، أو شرطه فهذا لا شكَّ أن يُبطل العبادة أو العمل، وبين النهي العائد إلى أمر خارج لا يتعلق بذات المنهي عنه ولا شرطه، فلا يكون باطلاً؛ وهذا الثاني هو محل البحث، فالإسبال أمرٌ خارجٌ عن حقيقة الصلاة وماهيتها، وعليه فلا تبطل صلاة المسبل وفقاً للجمهور والصنعاني خلافاً لابن حزم.
وأما قول ابن حزم: "لو فعل ذلك خوفاً أو نسياناً؛ فلا تبطل"؛ فاستدل له: بما أخرجه البخارى والنسائى من حديث أبى بكرة رضى الله عنه: (أنها لما كسفت الشمس خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعاً يجر إزاره)، وبما أخرجه مسلم وأبو داود والترمذى من حديث عمران بن حصين رضى الله عنه فى قصة سجود السهو: (وأنه صلى الله عليه وسلم خرج غضباناً يجر إزاره).
حديث أبي بكر في الإسبال
أخرج الشيخان وأبو داود والترمذى من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)، فقال أبو بكر: يا رسول الله إن إزارى يسترخى إلا أن أتعاهده؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنك لست ممن يفعله خيلاء).
فقال من يرى حرمة الإسبال مطلقاً: أن قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر (إنك لست ممن يفعله خيلاء) هو من باب نفي القيد والمُقيّد معاً؛ أي إنك لست ممن بتعمَّد الإسبال، ولا ممن يفعله مخيلة، وذلك أنه قال: (إن إزاري يسترخي) وهذا ليس بإسبال؛ فإنه لا بُدَّ أن يكون ذلك من فعل المُسبِل نفسه، وإنما ذلك كان يعرض له من أجل السير والحركة.
قال الصنعاني: ويؤيد ذلك الرواية التي ذكرها ابن عبد البر في "التمهيد"، ولفظها: (إنك لست ممن يرضى ذلك ولا يتعمده، ولا يُظن بك ذلك).
ويُجيب الجمهور على هذا القول: بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذكر علة التحريم وهي "الخيلاء"، ولا يُفهم منه أنه صلى الله عليه وسلم أباح لأبي بكر الإسبال، وإنما يُفهم منه أن الإسبال بغير خيلاء لا يحرم.
رد الصنعاني على دعوى الهيتمي
قال الصّنعاني: وأما ما نقل عن ابن حجر الهيتمي: أن الإسبال صار الآن شعار العلماء، وكأنه يريد علماء الحرمين لا غيرهم، قال: (فلا يحرم عليهم بل يباح لهم)، فهو كلام يكاد يضحك منه الحبر والورق!! وكأنه يريد إذا صار شعاراً لهم لم يبق فيه للخيلاء مجال.
ولكنه يقال (يعني جواباً عليه): وهل يجعل ما نهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم حلالاً إذا صار شعاراً معتاداً لطائفة، لا سيما أشرف الطوائف، وهم هداة الناس وقدوتهم وأعيانهم فيصير حلالا وينتفي عنه النهي؟
وهل قدوة العلماء والعباد وإمام المبدأ والمعاد، سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله معلماً للعباد كل ما يقربهم إلى ربهم ويبعدهم عن معصيته ؟!!
الإسبال في عصرنا
وأكثر الذين يُسبلون الإزار في عصرنا لا يفعلونه كبراً، وإنما يفعلونه من أجل الزينة، كما في الحديث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئل: إن الرجل يُحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسناً؛ فقال: (ليسَ ذلكَ مِنَ الكِبْرِ، إنَّ اللَّهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ)، ولكن الحق أن الإسبال في صورته وحقيقته هو ترك لسنة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفاعل ذلك مُتعرِّضٌ للوعيد.
ومن المصائب العظيمة في عصرنا أن تنقلب الصورة فتجد أن الرجال يُسبلون، والنساء يرفعون ثيابهن، بل وإذا رفع المرء ثيابه أنكر الناس عليه، وعدُّوا ذلك رجعيَّة وتخلفاً، وهذا هو الانتكاس في إنكار المعروف، والعياذ بالله.
وينبغي التنبيه إلى أن من به مرضٌ مُعيَّن ويحتاج إلى الإسبال لإخفاء ذلك العيب؛ فهذا لا بأس به؛ كما جاء عن ابن مسعود أنه كان يُرخي إزاره؛ فقيل له في ذلك؟ فقال: إني أحمش الساقين..فالأولى بالإنسان أن يرفع ثوبه وإن لم يكن يُدنيه خُيلاء، ومع ذلك فلا يُقال لمن أسبل إنه مُبتدع أو تُجعل عقيدةً يُوالى عليها ويُعادى عليها.