أرشيف المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 يناير 2025

المنظومة الملاذية في السيرة المعاذية لأبي بكر العدني بن علي المشهور بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

المنظومة الملاذية في السيرة المعاذية

لأبي بكر العدني بن علي المشهور

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

تمهيد: هذا النظم الرائق، والشعر المختصر الفائق، في بيان سيرة إمام العلماء، وأحد معالم الخير في الدنيا، الصحابي الجليل معاذ بن جبل، رضي الله عنه، أبو عبد الرحمن، الأنصاري الخزرجي، أعلم الأمة بالحلال والحرام. وأحد الستة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم، ولاّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم قضاء اليمن، وأرسل معه كتاباً إليهم يقول فيه: (إني بعثت لكم خير أهلي)، وكان من أحسن الناس وجهاً وأسمحهم كفاً.

 وقد بدأ كتابه المؤلف كتابه بثلاثة مطالع: أولها قرآني، وقد جاء في مدح المهاجرين والأنصار والثناء عليهم، وكان معاذ سيد الأنصار، والثاني: نبوي، نجد فيه منزلة مُعاذ من القلب وهو يتبوأ أعلاها وأسماها، والثالث: الأبوي، وقد بلغ من سمو فكره ونضج قريحته ما أهله ليكون مُعلماً للخير، ونجماً يهتدي به في ظلمات الفتن والمحن، حتى قال ابن مسعودٍ فيه: كُنّا نُشبّهه بإبراهيم عليه السلام.

وذكر من فضائله رضي الله عنه: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أركبه ناقته القصواء، وعلمه القضاء، وبعثه بذلك إلى اليمن، يدل لذلك ما جاء في الترمذي وغيره: عَنِ الحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَقْضِي؟، فَقَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللهِ؟، قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ.

وخصًّه بما يفتح للناس باب الجنّة، فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى العِبَادِ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: فَإِنَّ حَقَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، قَالَ: أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ إِذَا فَعَلَوْا ذَلِكَ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ.

ترجمة موجزة للصحابي الجليل معاذ بن جبل

هو: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن: صحابي جليل، كان أعلم الأمة بالحلال والحرام. ولد مُعاذ بن جبل سنة (20 ق هـ) بأرض العوالي، وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم. أسلم وهو فتى، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم بينه وبين جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.

وشهد العقبة مع الأنصار السبعين. وشهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد غزوة تبوك، قاضياً ومرشداً لأهل اليمن، وأرسل معه كتابا إليهم يقول فيه: (إني بعثت لكم خير أهلي) فبقي في اليمن إلى أن توفي النبي صلّى الله عليه وسلم وولي أبو بكر، فعاد إلى المدينة.

ثم كان مع أبي عبيدة بن الجراح في غزو الشام. ولما أصيب أبو عبيدة (في طاعون عمواس) استخلف معاذاً. وكان من أحسن الناس وجهاً ومن أسمحهم كفاً. له 157 حديثاً.

توفي رضي الله عنه عقيماً بناحية الأردن، في الثاني والعشرين 22من شهر جمادى الآخر عام 40 للهجرة. وعمره 33سنة، ودفن بالقصير المعيني (بالغور) ومن كلام عمر: (لولا معاذ لهلك عمر) ينوه بعلمه.

غريب القصيدة:

المواهب: جمع موهبة، وهي ما أودعه الله في الفِطَر من أسباب النبوغ والتهيؤ للتعلّم والعمل.

الغياهب: جمع غيهب، وهي: شدة الظلمات.

بالرغائب: جمع رغيبة، وهي ما تطمع فيه النفس، وترغب فيه، وتحرص عليه من الثواب والوعد بالخير.

القصواء: اسم ناقة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهي التي توقفت في الحديبية، وقال فيها: (ما خلأت -أي تعبت -القصواء، ولكن حبسها حابس الفيل)، وركبها في فتح مكة.

العاقب: أي لا أحد يعقبه في النبوة، لأنه لا نبي بعده.

المضارب: النواحي وتُطلق على الخيام المجتمعة للقبيلة والعشيرة.

الجدُّ بن قيس الخائب: سماه خائباً؛ لأنه كان مُنافقاًن وقد تزوجت منه أم مُعاذ بعد وفاة زوجها جبلاً.

غرٍ كاذب: الغر المخادع المحتال. والكاذب: هو المنافق في أخص صفاته.

خيرُ هاذبِ: أي خير مُهذِّب ومربي ومُعلم للدين.

الثناء الواجبِ: لعله إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: (يا مُعاذ والله إني لأُحبك)، وكان إذ ذاك يناهز الثماني عشر سنة.

الحج الصاخب: تختلط فيه الأصوات وترتفع، وكان أحد الذين شهدوا بيعة العقبة مع الأنصار السبعين.

مُفعم... للعواقب: ممتلئ. والعواقب: النتائج والآثار المحمودة.

الموارب: الذي يُخفي الحقيقة بعد العلم بها.

عزمة المُحارب: أي شدته وقوته وإرادته.

الراهب: هو العالم من اليهود أو النصارى.

عالم التجاذب: يعني التنازع والتصارع بين الكفر والإيمان.

القرآن ذا الغرائب: أي المعاني البديعة المشرقة على النفس.

علموا القرآن بالتعاقب: أي على مدى تعاقب العصور والأزمان.

فهم ثاقب: أي حاذق فطن مع حُسن التقدير للأمور.

الغزير الواصب: الدائم والملازم في الكثرة والوفرة.

وقد أتى من غزوة مشهودة: يعني إلى قضاء اليمن، فبعثه النبيُّ إليها بعد تبوك.

بخ.. بخٍ: اسم فعل للمدح والإعجاب والرِّضا، وتكرر للتأكيد والتعظيم.

بالحضور الواجب: من الأركان والشروط والواجبات.

العواقب: خواتيم الأمور ونهاياتها.

النّصر المكين: أي المتمكن العظيم الشأن، الدائب: المستمر المتواصل.

الشّاحب: الذابل، المتغير في هيئته.

الشوائب: الأدناس والأقذار، والمراد بها هنا المعنوية.

اللزيم: أي اللازم والثابت عليه.

التجاذب: التماسك ورباطة الجأش.

تجاوب: استجابة وتلبية للنداء.

السًّكون: لعلها اسم منطقة قريبة في اليمن.

سكاسك العصائب: أي: الكتائب التي تملأ الطريق.

غيثٍ واصبِ: أي: مطرٍ دائم.

بأُسِّه المناسب: أي بتأسيسه للمساجد.

المشاغب: ما يثير الفوضى والعبث.

مفعم الغرائب: أي مليئاً بالعجائب.

عاقباً بعاقب: أي جيلاً بعد جيل.

الفسيق الواقب: أي الفاسق الذي طغى بفسقه.

ذُرى المضارب: أي أقصى القرى وأبعدها.

الناحب: هو من علا صوته بالبكاء.

بالنجائب: أموال الزكاة، أو إبل القافلة.

غير ناكب: أي غير ناكص ولا متردد.

 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق