عقد اللآل في عقد الود بين الأصحاب والآل
د. جميل حليم الحسيني
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: هذا الكتاب الموسوم (بعقد اللآل) أو (بالشهد المذاب من نزهة المحبة بين الآل والأصحاب) لمؤلفه الشيخ جميل الحسيني، هو كتاب جيد، لولا ما فيه من العقائد غير المرضية عندنا، والمؤلف كما هو معلوم أشعري جلد، ومتصوف متعصب، وقد جمع ذلك إلى حدَّة الطبع، وسرعة الهيجان، وفظّاظة الكلمات، واتهام المخالف، وتكفير من يخالفه بأدنى شُبهة، ولم يغريني في كتابه سوى العنوان الذي توسمت فيه الخير، وكونه محل عناية الباحثين وطلاب العلم، ومع هذا فهناك كتب كثيرة أجود منه، وأهدى طريقاً وأصوب مسلكاً.
وقد وضع المؤلف في مقدمة كتابه ما يظنُّ أنه عقيدة المسلمين جميعاً، وليس كذلك. ومن تجنيه على المسلمين، قوله: "إنه من لم يعتقدها لا يكون من المسلمين" وهذا من جنايته وقلة علمه، وبُعده عن الحق والإنصاف، وقد ختم كتابه بذلك أيضاً؛ وهذا ما يؤكد كلماتنا السابقة فيه.
ذكر الشيخ -هداه الله- في كتابه هذا فصولاً كثيرة في مناقب الآل وفضلهم، وكذلك في فضل الصحابة ومناقبهم من كتب الشيعة نفسها مما يحار الشيعة في رده ولا يستطيعون، وتطمئن له قلوب المؤمنين، فذكر روايات كثيرة في فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، أضف لذلك تطرقه لأهم الشبهات التي يثيرها الشيعة عن الصحابة، ولعل أبرزهما قضيتان: الأولى: هي الطعن في زواج عمر من أم كلثوم بنت فاطمة، والثانية: استغلال قضية فدك والزعم بأن أبا بكر اغتصب حق فاطمة عليها السلام من ميراث أبها.
ثم بيّن العلاقة المميزة التي كانت بين الآل والأصحاب، وبين أنهم كانوا متحابين كالجسد الواحد، والبنيان الواحد، وكلهم يُثني على صاحبه، ويودُّه ويصله ويُقربه، ويعرف حقه وقدره ومكانته، ومنزلته في الإسلام، وكذلك موقف آل البيت من الصحابة رضوان الله عليهم، التسميات التي جرت بين الفريقين والتي تؤكد هذه المحبة ويُصدقها؛ لأن المرء لا يسمي أبناءه بأسماء من يبغضهم أو يُعاديهم.
ثم المصاهرات التي جرت بين الصحابة والآل، والأنساب المتصلة بينهم، وتحدث عن هذه المصاهرات بشكل مستفيض، سواء في عصر الصحابة أو التابعين وأتباعهم، ثم ذكر بعض أقوال أهل البيت عليهم السلام في أبواب العقائد، وأكثرها نقلاً عن كتب الشيعة، وبعضها لا تصح عنهم، وكما قلنا: إنه لم يكتفي بما خطه من اعتقاده الذي يتخيل أنه اعتقاد أهل السنة والجماعة، بل ختم به أيضاً كما ذكرنا.
ولعل من الإنصاف أن ننقل كلمات زعم أنها من القلب، وليته يعمل بها، يقول وفقه الله (ص 8): ((في الوقت الذي تنتشر فيه الفتن، وتعم فيه البلايا والقلاقل والخراب والدمار وسفك الدماء وتهجير الناس من أوطانهم بما يُفرح العدو، ويجعله كثيراً ما يصطاد في الماء العكر؛ فلنكن مشاعل نور تضيء الدروب، ودعاة خيرٍ ندعو إلى ما يُحبه الله ويرضاه، ونعمل على رأب الصدع وتوحيد الكلمة، ووحدة الصف، وجمع الشمل على طاعة الله، ولنقف عند سيرة صحابة رسول الله العظماء، وأهل بيته الأجلاء، الذين نشروا الهدى، ولنتمسك بنهجهم والمحبة والمودة والأخوة والترابط الذي جمعهم، فكانوا يداً واحدة وكلمة واحدة وقلباً وصفاً واحداً)).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق