أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 5 نوفمبر 2022

مشاهد القيامة في القرآن للأديب الشهيد سيد قطب

مشاهد القيامة في القرآن

للأديب الأستاذ

سيد قطب

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ إن عقيدة الإيمان باليوم الآخر عميقة في الضمير البشري، حتى إنها لتعد يقظةً مفزعة للنفس، وإنقاذاً للحياة من اليأس والقنوط، فعمر الفرد على هذا الكوكب الأرضي قصير، وأيامه في هذا العالم الفاني معدودة، ورغبة الفرد في الحياة عارمة وكبيرة، وحاجاته على الأرض لا تنقضي، وآماله لا تنحصر، ولكنه يموت.

وقد تناول القرآن الكريم مشاهد القيامة في صورة فنية بحتة، حتى كانت سطور تلك المشاهد تمثل حقيقة الحال، وكان لذلك الأسلوب في العرض دوره في إثارة الوجدان والمشاعر، وتغذية الخيال بالصور التي ستقع، حتى يذهب الفحر كل مذهب تشخيصاً وتصويراً، ذلك أن كل مشهد من هذه المشاهد تتضمن صورةً وحركة.

ومع تعدد هذه المشاهد إلا أنها لم تنشئ نوعاً واحداً من التكرار بكلياته وجزئياته، فهي تمثل صوراً متنوعة، ذات أهوال متعددة، تتجاوز الإنسان ونفسه إلى الطبيعة كلها، فترتجف الأرض والجبال، وتشيب له الولدان، وتتكدر النجوم، وتكور الشمس.

وفي هذا الكتاب يستعرض الكاتب الأديب سيد قطب مائة وخمسين (١٥٠) مشهداً للقيامة، موزعةً على ثمانين (٨٠) سورة من سور القرآن الكريم، ورتبها على ترتيب النزول. ويقصد قطب بالتصوير الفني في القرآن هو جمال العرض، وتنسيق الأداء، وبراعة الإخراج.

ويعرض قطب في مقدمة كتابه تصورات المصريين القدماء لفكرة الموت والدار الآخرة والنعيم والعذاب، من خلال كتابات المصريين القدماء التي ترجمها العلماء، وهي تشير إلى جذور فكرة الإيمان بالحياة الآخرة، وفكرة النعيم والعذاب، وإن كانت تختلف في بعض مرتكزاتها ومحاورها بين الأديان والشعوب وحتى الأجيال، ومن بعدهم الكلدانيون (البابليون) التي تؤمن بانتقال الميت من الحياة المظلمة إلى أخرى مشرقة ليقع الحساب، وبرزت عقيدة الإيمان باليوم الآخرة عند الفرس في ديانة (زاردشت)، وعند الإغريق كذلك.

ثم تعرض قطب لعقائد اليهود والنصارى في اليوم الآخر، وبوجوده، بينما ظلت فكرة البعث غريبة عند مشركي العرب، تُقابل أشد الاستنكار، إلى أن بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن.

وفيما يلي: أهم سمات التصوير القرآني للقيامة واليوم الآخر:

١-أنها مشاهد حيّ، منتزعة من عالم الأحياء؛ فمرة يطول مشهد العرض والحساب حتى لتحسبه يدوم، ومرة يعرضه سريعاً خاطفاً لا تكاد تتملّاه العيون، ومرة يعرضها بصورة مادية يلمسها الحس، ومرة بصورة معنوية يدركها العقل، ومرة يجمع بين هذا وذاك.

٢-أنها مشاهد حاضرة اليوم، كأن العين تراها، والنفس تحسها، حيث تُلقى بألوان شتى، وطرق عرض كثيرة، وسمات شتى للموقف المعروض، فمرة يكون المشهد للحوار والخصام، ومرة للندم والحسرات، ومرة للاعتراف الطويل.

٣-أنها مشاهد متناسقة في صورها بين جزئيات المشهد وكلياته فتتشابه وتتداعى وتتقابل في جوٍّ واحدٍ لا نشوز فيه، ولا مفارقات، فيتسق فيه النعيم المادي بالتكريم المعنوي، ويصحب العذاب الحسي بالتبكيت النفسي، فيلتقي كلاهما في الحس والنفس، ويكون النعيم مضاعفاً كما يكون العذاب.

٤-أنها مشاهد تتجلى فيها جرس الألفاظ، ليدل كل جرس على صورة معناه، ولا شك أن النظم وجرس الألفاظ تكمل جو المشهد، وتتناسب مع أحاسيسه.

٥-أنها مشاهد تضمنت الجدل العنيف الذي يقوم به المشركين وآلهتهم، أو بين المتبوعين وأتباعهم، وفي المقابل يسود السمر اللطيف بين أهل الجنة فيما بينهم.

ونختم بما يلي: جاء في كتاب مناقب الشافعي للبيهقي (1/ 135): في قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} (النور: ٤٠). قال الإمام الشافعي: أَلَا يَــا مَــن طَـــالَ عُمُره، وَسَاءَ عمَلُه، وَيَــا مَن ابْيَضَّ شَعْرُه، وَاسْوَدَّ بالآثامِ قَلْــبُه، هلا اعْتَبرتَ بِمَا سَلَف، وَاستقبَلت الحَسَن المُؤتنِف، فَـــنَــــظَــرتَ لِـــــيومِك، وَقـــدَّمـــــتَ لِـــــغـــَدِك، وَقَــــصَّــــرْتَ أمَــــلَـــك، وَأصْــلَــحْــتَ عَـــمَــلَــك، وَصَوَّرتَ بينَ عَينيكَ اقْتِرابَ الأَجَــلَ، فإنك لو فعلت ذلك؛ لمَــا امْتَدَّتْ إِليْكَ يَـــدُ النَّدَامَـــة، وَلا ابْتدَرتْكَ الحَسَراتُ غداً فِي القِيامَة، وَلكنْ ضَـــرَبَ عَليْكَ الهَوىٰ رَواقَ الحِيرَة؛ فَـــتَـــركـــــكْ، وَإذا بَــدت لَكَ يَــــدُ مَوعِظَةٌ لَـــم تَكَد تَراهَا.

وفي قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} (الفرقان: ٢٣). يقول الإمام الشافعي في إحدى خُطبه: ألا يا عبيد الرفعة، وأعوان الظلمة، والذين باعوا أنفسهم بمحبوب من الدنيا الفانية، واشتروا عذاب الآخرة وزهدوا في الدار الباقية، أما رأيتم من كان قبلكم كيف استدرجوا بالإملاء، ورفهوا بتواتر النعماء، ثم أخذوا أخذ عزيز مقتدر؟!، أما رأيتم كيف فضح الله مستورهم، ودمدم عليهم بذنوبهم بواكر الهوان والصغار، فأصبحوا بعد سكنى القصور والنعمة والحبور بين الجنادل والصخور، فسكنوا القبور، وتركوا عرضا للدثور؟!، ومن وراء ذلك وقوف بين يدي الله عز وجل، ومساءلته عن الخطرة، وما هو أخف من الذرة؛ أي حصائد النقم، ومدارج المثلات، ونهبة الخوف والروعات؛ ألا تذكرون قول ربكم: {وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا}.

القلم (ن)

58

الهمزة

80

الشعراء

132

المزمل

59

المرسلات

82

النمل

134

المدثر

61

ق

87

القصص

138

المسد

65

الطارق

92

الإسراء

142

التكوير

67

القمر

94

يونس

144

الأعلى 

69

ص

97

هود

147

الفجر

70

الأعراف

99

الحجر

149

العاديات

72

يس

107

الأنعام

150

عبس

73

فاطر

116

الصافات

153

البروج

74

مريم

118

لقمان

160

القارعة

76

طه

121

سبأ

161

القيامة

77

الواقعة

124

غافر

164

***

الزمر

167

الكهف

187

المعارج

216

فصلت

171

النحل

189

النبأ

219

الشورى

175

إبراهيم

192

النازعات

222

الزخرف

177

الأنبياء

197

الانفطار

226

الدخان

180

المؤمنون

199

الانشقاق

227

الجاثية

181

السجدة

202

الروم

229

الأحقاف

183

الطور

203

العنكبوت

230

الذاريات

184

الملك

207

المطففين

231

الغاشية

185

الحاقة

209

البقرة

233

***

آل عمران

235

محمد

246

المجادلة

256

الأحزاب

238

الرعد

247

التحريم

259

النساء

239

الرحمن

249

التغابن

259

الزلزلة

242

الإنسان

252

المائدة

261

الحديد

243

النور

255

التوبة

264

كتب سيد قطب:

في ظلال القرآن

العدالة الاجتماعية في الإسلام

تفسير سورة الشورى

كتب وشخصيات

خصائص التصور الإسلامي ومقوماته

تفسير آيات الربا

دراسات إسلامية

النقد الأدبي أصوله ومناهجه

معركة الإسلام والرأسمالية

معركتنا مع اليهود

الإسلام ومشكلات الحضارة

في التاريخ فكرة ومنهاج

معالم في الطريق

التصوير الفني في القرآن

هذا الدين

المستقبل لهذا الدين

نحو مجتمع إسلامي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق