أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 26 نوفمبر 2022

الإرشاد إلى مهمات الإسناد ولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي (1114 -1176 هـ) بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الإرشاد إلى مهمات الإسناد

ولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي

(1114 -1176 هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا جزء حديثي نفيس، يذكر فيه الإمام ولي الله الدهلوي أسانيده إلى مصنفات الإسلام الكبرى الحديثية والعقدية، حيث يذكر اتصاله إلى سبعة من المشايخ الكرام، وهم أعلام المتأخرين في هذا العلم الشريف، ومن هؤلاء السبعة يتفرع الإسناد إلى علمين من أعلام المسلمين المتأخرين أيضاً والذين جمعوا بين الرواية والدراية، وهما زكريا الأنصاري، والإمام السيوطي، ثم بين أن أسانيد هذين العلمين ومن في طبقتهما ينتهي إلى ثلاثة من المسندين الكبار، وهم: ابن الشحنة، وابن البخاري، والشرف الدمياطي، ومن هؤلاء الثلاثة تتصل أسانيد العلماء قبلهم إلى كتب الأصول الحديثية، وكبار الحفاظ في المشرق والمغرب.

ومثل هذا الجزء له أهمية كبرى في حفظ الأسانيد ومعرفة الصحيح والسقيم، ومدار الإسناد فيه، ومعرفة الطرق التي يتصل بها الإسناد إلى كتب الأصول، ولا شك أن الكتابة في هذا الموضوع هام ومفيد، ولا نماري في أن أصحاب الحديث -جعلنا الله منهم بمنه -هم الطائفة المنصورة كما قال عبد الله بن المبارك، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والإمام البخاري، ولله درُّ الخطيب البغدادي حين يقول في كتابه (شرف أصحاب الحديث): وقد جعل الله تعالى أهل الحديث أركان الشريعة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة، فهم أمناء الله في خليقته، والواسطة بين النبيّ صلى الله عليه وسلم وأمته، والمجتهدون في حفظ ملته).

 والخير في هذه الأمة باقٍ ببقاء أصحاب الحديث -أدام الله عزهم، ففي الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: (مثل أمتي مثل المطر، لا يدري أوله خيرٌ أم آخره) رواه أحمد والترمذي. ولا يعارض هذا حديث (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، فإن الأخير يدل على أن الصحابة خير القرون، وخير الناس وأنهم مثل المطر لخامة الزرع في أول نبتها، فالمطر كله خير، ولكن يصحُّ النبات بالمطر في أول عهده وزراعته، وحاجة الزرع إلى المطر الأول ليس مثل حاجته إلى المطر في نهاية نموه.. ولا يزال الخير باقٍ في هذه الأمة لا ينقطع، حتى تقوم الساعة.

قال بعضهم منشداً:  

علم الرواية خير شي حزته فاكرع شراب روايةٍ فيه الشفا

يكفيك فضلاً كون اسمك مدرجاً مع اسم خير الخلق طه المصطفى

وقال محمد بن أسلم الطوسي: «قرب الإسناد قرب إلى الله عز وجل، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم»

قال الشافعي: «لولا حفظ العلم بالإسناد في الدفاتر لخطبت الزنادقة على المنابر» رواه الهروي في ذم الكلام.  

وقال عبد الله بن المبارك: «الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء» رواه مسلم في مقدمة الصحيح.  

ولا يعيب الإسناد في أول الزمان وآخره إلا أحد رجلين: إما من لا دراية له بأهميته أو منافق ملأ الغل والحقد فؤاده.  

ولهذا ما من قرن من القرون إلا ومنه من يحمل عن القرن الذين قبله العلم، ما بين السماع منهم، والقراءة عليهم، وأخذ الإذن العام عنهم بالرواية، أو بالتخصيص وهي الإجازة، أو غير ذلك من طرق التحمل.  

واحتمال العلم ونقله من جيل إلى جيل له فضيلة ثابتة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، كما روينا في «مسند الإمام أحمد قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة وعبد الرزاق، أخبرنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه قال: قال عبد الرزاق: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (نضر الله امرءاً سمع منا حدينا فحفظه حتى ييلغه، فرب مبلغ أحفظ من سامع).  

قال القاسم بن يوسف التجيبي في «برنامجه» بعد أن أسند هذا الحديث: «فجميع أهل الرواية والإسناد يرجون الدخول في هذه الدعوة المباركة السنية، جعلنا الله تعالى ممن دخل فيها بصدق وحسن نية، وبلغنا من ذلك الأمنية» آمين.  

وفي نقله استجابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، الذي رويناه في «صحيح البخاري» قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن تخلد، أخبرنا الأوزاعي، حدثنا حسان بن عطية، عن أبي كبشة، عن عبد الله بن عمرو: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».  

وترهيب النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب عليه بعد أمره بالبلاغ والنقل عنه فيه إشارة الأسانيد وتفحصها، فشرف أهل الرواية إلى علم العلل ونقد الأحاديث وتتبع الروايات يحصل لهم من وجهين في هذا الحديث: من حيث امتثالهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبلاغ الحديث، ومن حيث نفيهم للكذب عليه وأن ينسب إليه ما ل يقله.  

وذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم فضيلة أهل الحديث فيما روينا في كتاب «البدع» لاين وضاح: حدثنا محمد بن سعيد بن أي مريم، قال: حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثت، إسماعيل بن عياش، عن معان بن رفاعة السلامي، عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري -وهو تابعي - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين»، وروي من طرق عدة، وعن جمع من الصحابة مرفوعاً، وصححه الإمام أحمد في رواية مهنا عنه، وضعفه الأكثرون.  

ولهذا كان الفاصل بين أهل السنة وأهل البدع اتباع الأثر، وطلب الإسناد وتتبع الطرق، ومعرفة صحة الخبر؛ لأنهم أعدل الناس طريقة، كما نقله عن الشافعي وابن المبارك.  

وكما روى الهروي، عن إبراهيم الحربي: أنه قال: «إذا لم يكن عند الرجل فلان عن فلان فاغسل اليدين منها».

وقال الإمام مالك: «ما قلت الآثار في قوم إلا ظهرت فيهم الأهواء» رواه الهروي، وقال سفيان الثوري: «الإسناد سلاح المؤمن إذا لم يكن معه سلاح» رواه الهروي.  

أما الأسانيد فإن أهل البدع تنقطع ظهورهم وتحمر أنوفهم عندما يسمعونها، ولذا هم لا يحبون نقلها، ولا سماعها، ولا الاحتجاج بها:  

روى الهروي في ذم الكلام وأهله، والصابوني في السنة عن شيخه الحاكم أبي عبد الله قال: سمعت الشيخ أبا بكر أحمد بن إسحاق الفقيه- يناظر رجلاً؛ فقال الشيخ أبو بكر: «حدثنا فلان»، فقال له الرجل، دعنا من حدثنا! إلى متى حدثنا!  

فقال الشيخ له: «قم يا كافر، فلا يحل لك أن تدخل داري بعد هذا أبداً»، ثم التفت إلى أصحابه؛ فقال: أما قلت لأحد أخرج من بيتي غير هذا.  

قال شيخ الإسلام ابن تيمية تخنه في «منهاج السنة»: «والإسناد من خصائص هذه الأمة، وهو من خصائص الإسلام، ثم هو في الإسلام من خصائص أهل السنة، والرافضة أقل عناية به، إذ لا يصدقون إلا ما يوافق أهواءهم، وعلامة كذبهم أنه يخالف هواهم».  

ولا يضر الإنسان بل يستحب له حفظ الإسناد من لدنه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم في أي عصر من العصور، حتى وإن طال أمد الزمن بينهم، فها هو الإمام أحمد يحفظ الأحاديث بالأسانيد، وينقلها للناس، بل ويضمنها فتاويه، وكان بإمكانه أن يختصر على نفسه ويعلق تلك المأثورات، فهو عند الناس ثقة مأمون، وقد أثنى عبد الوهاب الوراق عل الإمام أحمد وقال: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، فقالوا له: وأي شيء بان لك من فضله وعلمه على سائر من رأيت؟!، قال: رجل سئل ألف مسألة فأجاب فيها بأن قال: حدثنا وأخبرنا وروينا».  

وفي ذلك يقول الإمام الصرصري في لاميته في فضائل الإمام أحمد:  

حوى ألف ألف من أحاديث أسندت وأسندها حفظا بقلب عُصَّلِ

أجاب على ستين ألف قضية بأخبرنا لا من صحائف نُقَّلِ

وها هو الحافظ الدارقطني (ت: ٣٨٥ه) رحمه الله، وكتب السنة قد دونت من قبله، ومع ذلك أسند وجمع وصنف، وساق الأحاديث بالأسانيد، قال العتيق: حضرتُ مجلس الدارقطني وجاءه أبو الحسن اليفاوي برجل غريب وسأله أن عملي علّة أحاديث، فأملى عليه من حفظه ما يزيد أحاديثه على العشرين، متون جميعها: «نعم الشيء الهدية أمام الحاجة»، فانصرف الرجل مم جاءه بعد، وقد أهدى إليه شيئاً، فقربه إليه فأملى عليه من حفظه سبعة عشر حديثاً متونها: «إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه».  

قال الذهبي في «التذكرة»: اقلت: هنا يخضع للدارقطني ولسعة حفظه الجامع لقوة الحافظة ولقوة الفهم والمعرفة».  

وكتابه «العلل» أملاه من حفظه، ومجرد قراءته عل أبناء عصرنا ثقيلة مكلفة، فكيف بفهمه واستيعابه، بل كيف بحفظه وسرده، ثم كيف بإنشائه واملائه؟! والله المستعان.  

ولننحدر مع الزمن إلى زمن أي إسماعيل الهروي (ت: ٤٨١ه) رحمه الله تعالى، الذي يقول عنه تلميذه ابن طاهر: سمعته يقول: «أحفظ اثني عشر ألف حديث أسردها سرداً».  

قال ابن طاهر: «وقط ما ذكر في مجلسه حديثا إلا بإسناده، وكان يشير إلى صحته وسقمه».  

ونأتي إلى زمن شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ت: (٧٢٨ ه) رحمه الله تعالى، فعندما سأله صاحب سبتة أن يكتب له إجازة بمروياته، كتب له في عشر ورقات جملةً من ذلك بأسانيدها من حفظه قال الذهبي: في «التذكرة»: بحيث يعجز أن يعمل بعضه أكبر محدث يكون!».  

وغير من ذكرت الكثير ممن يفخر بأسانيده، ويشرف بربط شخصه بسلسلة المصطفى منتهى حلقاتها، وفي كتاب التذكرة للحافظ الذهبي ما يؤكد حرص العلماء عل حفظ الحديث وحملها وأدائها بأسانيدها، فجدير بطالب الحديث قراءته والتأمل فيه، فلعله تتقد من سيرة أولئك القوم ويحظى من نار همتهم بجذوة؟! فلسوف تفيء له ما بين المشرق والمغرب في زماننا، ويصير بها حافظ زمانه، مما تذوب همم أهل عصرنا حتى تصل إلى همته، وما هي إلا جذوة من همة القوم، والله المستعان.  

وما أجل ما أنشده الإمام الشافعي: 

علمي معي حيثما يممت يتبعني إن كنت في البيت كان العلم فيه معي

قلبي وعاء له لا بطن صندوق إن كنت في السوق كان العلم في السوق

وأنشدوا:  

عليك بالحفظ دون الجمع من كتب النار تغرقها والفأر يخرقها

فإن للكتب آفات تفرقها والماء يغرقها واللص يسرقها

ونقل شيخ مشايخنا محمد عبد الحي الكتاني رحمه الله تعالى في كتابه الفريد (فهرس الفهارس والآيات) عن الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي في ترجمته وصية جليلة نافعة إذ قال: أوصاني عبد الوهاب المتقي بأنه ينبغي للمحدث أن يختار لنفسه من الأسانيد التي حصلت له من مشايخه سنداً واحداً يحفظه ليتصل به إلى سيد المرسلين، وتعود بركته على حامله في الدنيا والآخرة».  

قلت: وبإمكان طالب الحديث في زماننا أن يحفظ أسانيده إلى العديد من دواوين الاسلام مع حفظه لا فيها من قبل، وذلك إذا أعانه الله وحفظ الكتاب الذي أنا بصدد التقديم له وهو كتاب الإرشاد إلى مهمات علم الإسناد» للشيخ ولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي، فما رأت العين أسهل منه عبارة، ولا ألطف منه إشارة، في جمع أسانيد القرون المتأخرة في مهمات الأسانيد؛ حتى يتهيأ لمن حفظها أن يتصل به السند إلى أكثر من ثلاثين ديواناً من دواوين الإسلام، وغيرها من كتب الأسانيد فوجدها تدور على ثلاثة محاور متصلة الأسانيد:  

المحور الأول: سر أسانيد القرن الثاني عشر والحادي عشر فوجدها تعود إلى أهل العلم الأجلاء؛ وذلك لأنه سبر سبعة علماء من أبرز علماء الإسناد، وهم: الشيخ محمد بن العلاء البابلي، والشيخ عيسى المغربي الجعفري، والشيخ محمد بن سليمان الروداني المغربي، والشيخ إبراهيم بن حسن الكردي المدني، والشيخ حسن بن علي العجيمي المكي، والشيخ أحمد بن حمد المكي، والشيخ عبد الله بن سالم البصري ثم المكي، وكل من هؤلاء قد يجمع ثبتاً ذكر فيه أسانيده، وهي موجودة ما بين مطبوع ومخطوط، وعندي مصورات لغالب مخطوطاتها ولله الحمد.  

المحور الثاني: أرجع فيه أسانيد هؤلاء السبعة إلى اثنين ممن جمعها وحواها في القرن العاشر والتاسع، وهما الزين زكريا، والجلال السيوطي، وهما عمدة من بعدها في الأسانيد.  

والمحور الثالث: أرجع فيه أسانيد هذين الشيخين إلى ثلاثة علماء ممن دار عليهم غالب الإسناد، وحلوا لواء الرواية في القرنين الثامن والشايع، وهم: الشيخ المسند المعمر شهاب الدين أحمد بن أبي طالب الحجار المعروف بابن الشحنة- والشيخ العالم الفقيه مسند عصره فخر الدين -أبو الحسن علي بن أحمد المعروف بابن البخاري- والشيخ الحافظ -عبد المؤمن بن خلف الدمياطي- وهؤلاء الثلاثة أهل فخر الرواية والإسناد وعلوه في تلك القرون.  

ثم بعد ذلك تتجه الأسانيد من هؤلاء الثلاثة إلى العديد من كتب السنة، وقد ذكر المؤلف البعض منها بوسائط لا تزيد عن خمس درجات في الغالب، ومجموع رجال الأسانيد المذكورة في الكتاب كله لا تجاوز المائة والثمانين رجلاً، والرسالة كلها بكامل أسانيدها إلى ما يقارب الأربعين كتاباً تضمها كراسة واحدة في الأصل المخطوط كما ذكر ذلك الكتاني في ترجمة المؤلف، وسبع ورقات في الأصل المطبوع بالخط المتوسط، فلا يرهبك كبر حجمه هنا فالحواشي زادت من عدد صفحاته، مع البعد قدر الإمكان عن الإسهاب فيها.  

وهذا مما يسهل على طلاب العلم ضبطها وحفظها، وبهذا يجمع شتات الذهن، وتصان همة طالب العلم من الوهن، ويستطيع طالب الحديث والراغب في حفظ الأسانيد أن يسرد أسانيده إلى ما شاء من الكتب ومن ثم إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فحق بذلك أن يكون هذا الكتاب فريداً في بابه، نافعاً لأهل الحديث وطلابه في العصور المتأخرة.  

وطريقته طريقة فريدة لم أرها - حسب علمي -لأحد قبله، وإن كان قد تعقبه فيها بعض من تأخر عنه، أمثال شيخ مشايخنا العلامة الإمام محمد عبد الحق الهاشمي، فقد صنف «ثبته الكبير» على هذه الطريقة ولكن على أربعة محاور، وكتابنا هذا أسهل منه، ولكن كتاب الشيخ عبد الحق الهاشمي أكثر فائدة وأوسع من حيث ذكر الأوائل والعوالي ووصلها، وذكر بعض مهمات الأثبات التي عليها مدار غالب الأسانيد في القرون المتأخرة.  

يقول المحقق: وبعدما من الله تعالى على العبد الفقير باتصال الأسانيد إلى الهادي البشير، عليه الصلاة والسلام، عن العديد من مشايخي الأجلاء، وأساتذتي الفضلاء اتصل سندي بهذا الثبت، فسرق نظري، وسلب من العقل فكري، وأخذ تفكيري في نقلته خط شيخنا محدث الطائف وفقيهها ومفتيها الشيخ العلامة عبد الرحمن بن سعد العياف الدوسري، وبه أجازي مساء يوم الاثنين الموافق للرابع والعشرين من شهر شوال سنة عشرين وأربعمائة وألف للهجرة، وهو نقله عن خط شيخه العلامة سليمان بن عبد الرحمن الحمدان، فأخذت أعيد النظر فيه يوماً بعد يوم. ثم حبب إلىَّ العناية به والترجمة لرجاله.

ترجمة موجزة للمؤلف

هو: الشيخ العلامة محدث الديار الهندية ولي الله أحمد بن عبد الرحيم العمري الدهلوي المحدث، المولود سنة (١١١٤ ه)، خاتمة المسندين ومن عليه مدار الإسناد في الهند، قال في «اليانع الجني»: انشر أعلام الحديث وأخفق لواءه، وجدد معالمه، حتى سلم له الناس أعشار الفضل، وأنه رئيس المحدثين، ونعم الناصر لسن سيد المرسلين.  

وقال الأمير صديق حسن خان في «الحطة» في حق المترجم وذريته: أعاد سهم علم الحديث غضا طرياً، بعدما كان شيئا فرياً، تشهد بذلك كتبهم وفتاويهم، ونطقت به زبرهم ووصاياهم، ومن كان يرتاب في ذلك فليراجع إلى ما هنالك، فعل الهند وأهلها شكرهم ما دامت الهند وأهلها».  

وقال محمد عبد الحي اللكنوي في «حواشيه على الموطأ»: «وتصانيفه كلها تدل على أنه كان من أجلاء النبلاء، وكبار العلماء، موفقاً من الحق بالرشد والصواب، متجنباً من التعصب والاعتساف، ماهراً في العلوم الدينية، متبحراً في المباحث الحديثية».  

قال شيخ مشايخنا عبد الحي الكتاني-: «وهو ممن ظهر لي أنه يعد من حفاظ القرن الثان عشر؛ لأنه ممن رحل ورحل إليه، وروى وصنف واختار ورجح وغرس غرسا بالهند أطعم وأثمر وأكل منه خلق».

توفي المؤلف سنة (١١٧٦ ه)، وقيل: (١١٧٤ ه)، وله في «اليانع الجني» ترجمة مطولة، فلتراجع للفائدة.  

اتصال الإمام ولي الله الدهلوي بسبعة من المشايخ الكرام:

1-الشيخ محمد علاء الدين البابلي (ت 1077 هـ)، وله "منتخب الأسانيد".

2- الشيخ عيسى بن محمد المغربي (ت 1080 هـ)، وله "مقاليد الأسانيد".

3- الشيخ محمد بن سليمان الفاسي المغربي (ت 1094 هـ)، وله "صلة الخلف".

4-الشيخ حسن بن علي العجيمي (ت 1113 هـ).

5-الشيخ إبراهيم بن حسن الكردي المدني (ت 1101 هـ)، له "الأمم".

6-الشيخ أحمد بن محمد النخلي (ت 11130 هـ).

7-الشيخ عبد الله بن سالم البصري، ثم المكي (ت 1134 هـ).

وسند هؤلاء السبعة ينتهي إلى الإمامين:

1-شيخ الإسلام زكريا الأنصاري (ت 925 هـ).

2-الشيخ جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ).

ثم ذكر أسانيد أولئك السبعة إلى الشيخين زكريا والسيوطي، ويرجع إسناد الشيخين ومن في طبقتهما إلى ثلاثةٍ من المسندين الكبار، وهم:

1-ابن الشحنة: أحمد بن أبي طالب الحجار (ت 730 هـ).

2-ابن البخاري: علي بن أحمد بن عبد الهادي (ت 690 هـ).

3-الشرف الدمياطي: عبد المؤمن بن خلف الدمياطي (ت 705 هـ).

ثم ذكر أسانيد هؤلاء الثلاثة إلى أمهات الكتب، وهي:

صحيح البخاري -صحيح مسلم -جامع الترمذي -سنن النسائي -سنن ابن ماجه -مسند الدارمي -مسند الشافعي -مسند أحمد -مسند أبي يعلى -مسند الطيالسي -صحيح ابن حبان -سنن الدارقطني -مستدرك الحاكم -الحلية لأبي نُعيم -السنن الصغرى والكبرى للبيهقي -مصنفات الخطيب -مسند الفردوس للديلمي -مسند الشهاب القضاعي -مسند أبي حنيفة للحارثي وابن خسرو -معاجم الطبراني الثلاثة -عمل اليوم والليلة لابن السني -التوحيد لابن منده -ومشند الحارث بن أبي أسامة -الشريعة للآجري -شرح السنة والمصابيح ومعالم التنزيل للبغوي -تفسير الوسيط للواحدي -قوت القلوب لأبي طالب المكي -الغنية لعبد القادر الجيلاني -جامع الأصول لابن الأثير -العمدة واعتقاد الشافعي لعبد الغني المقدسي -مشارق الأنوار للصنعاني -الترغيب والترهيب للمنذري -المختارة للضياء المقدسي.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق