أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023

الحسرات فيمن رحل للسماع من محدث فوجده قد مات الدكتور محمد بن عزوز بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الحسرات فيمن رحل للسماع من محدث فوجده قد مات

الدكتور محمد بن عزوز

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد: إن مما امتازت به أمتنا الإسلامية تلك الرحلات الشاقة المضنية في طلب العلوم الشرعية وغيرها، وخاصةً ما قام به أئمة الحديث وصيارفته، حتى إن كان أحدهم ليرحل في الحديث الواحد المسافات الطويلة، يبتغون بذلك وجه الله سبحانه، ووصل السند برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهم في ذلك لا يلتفتون لمشقات الطريق ووعثاء السفر، ولا يأبهون بمتاع الدنيـا وطيب الإقامة ورغد العيش، ولسان قائلهم يقول: 

رحلت أطلب أصل العلم مجتهداً ..وزينة المرء في الدنيا الأحاديث 

 لا يطلب العلم إلا بـازل ذكر ..  وليس يُبعْضُهُ إلا المخانيث 

لا تُعْجَبَنَّ بمال، سوف تتركه  .. فإنمـا هـذه الـدنيـا مواريث 

وللرحلة عند أئمتنا أهداف سنية ومقاصد جليلة: 

فمن أهم أهدافها: تحصيل الحديث النبوي والتثبت من تلك الأحاديث دفعاً للخلل والخطأ، وطلب العلوّ في السند والبحث عن أحوال الرواة، ومذاكرة العلماء في نقد الأحاديث وعللها.

وللرحلات فوائد جمة تنعكس على الأمة، وعلى العـالم الـذي يضرب في الأرض مرتحلاً، ويتمثل ذلك في: التمكن من الجوانب العلمية بمعرفة آراء العلماء في الأصقاع فيها ونشر العلم، واتساع الثقافة العامة، وتنمية الفضائل والكمالات في النفس وكسب صداقات جديدة خالصة. 

ولا بد للرحلة من آداب يجب على طالب العلم مراعاتها : وتتلخص في تقديم السماع من علماء بلده، ثم يرحل إلى الآفاق، ويحسن اختيار أماكن الرحلة، بأن تكون عامرة بالعلماء الفضلاء، وأن يهتم بكثرة المادة العلمية المتلقاة والمسموع مما ليس عنده، ويعتني بـالمـذاكـرة مــع المحققين؛ ليكتسب آلة التعمق في العلم، بأن يطرح ما عنده من إشكالات على أهل التحقيق والتمحيص والنقد مع مراعاة آداب السفر من حفاظ على العبادات، وذكر الله تعالى وبذل المال والتحمل والصبر على متاعب السفر 

فلا بد لطالب العلم أن يواصل الغدو والترحال إلى الشيوخ والمسندين والأئمة بالبـواكـر والعشايا، لتحصيل الإسناد العالي والعلم المتنوع المتخصص، والحصول على الإجازات، مبتدئاً ببلده ثم بقية مدن مصر وبعدها يمم شطر البلاد الإسلامية، متخيّراً تلك التي تعج بالعلماء.

ولا تزال الرحلة قائمة أمام الطالبين، وعلى الطالب أن يكون باذلاً في سبيل ذلك ماله، مفنياً ،عمره متحملاً للمشاق والمتاعب والأهوال، مسهراً ليله، جافياً نومه؛ حتى يكون في حالة صدق فيها من وصفه فقال: 

فكم سهرت عيناه والناس نوم .. وكم كتبت يمناه من خبر يُروى

وقد جمع هذا الجزء بعض أئمة الحديث الذين رحلوا من أجل السماع على شيوخ كبار فصادف دخولهم إلى بلدانهم موتهم، فحضروا جنازتهم،ـ وفاتهم السماع عليهم، فكانت حسرات بالنسبة لهم، وقد اهتم الخطيب البغدادي بتدوين بعض أخبارهم دون أن يُفردهم في كتاب مستقل، وذلك في خاتمة كتابه: "الرحلة في طلب الحديث"، فقال: ذكر من رحل إلى شيخ يبتغي علو إسناده، فمات قبل ظفر الطالب منه ببلوغ مراده. 

وبلغ عددهم في كتاب الخطيب (١٤) محدّثاً، بينما بلغ عددهم في هذا التأليف (۳۹) محدثاً، وقد راعى في إيرادهم ترتيب وفياتهم بحسب السنين، متبعاً في ذلك النهج التاريخي، بدءاً من عصر الصحابة رضوان الله عليهم إلى خاتمة المحدثين الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى. 

ومنهجه في الكتاب: أن يذكر اسم المحدث صاحب الرحلة، واسم من يرحل إليه، وسنة وفاته، والمصدر الذي ذكر خبر الوفاة قبل أخذه عنه، ثم يذكر شيئاً من سيرة صاحب الرحلة، وفضله، وأدبه، وبعض الذين يروي عنه، والآخذين عنه، وثناء العلماء عليه، وربما ذكر بعض تعليقات للإمام الذهبي على بعض العبارات المنقولة عنه.

مقدمة 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: 

فإن مما امتازت به أمتنا الإسلامية، تلك الرحلات الشاقة المضنية في طلب العلوم الشرعية وخاصةً ما قام به أَئِمةُ الحديث وصَيَارِفَتُه، حتى إن كان أحدهم ليرحل في الحديث الواحد. 

من ذلك رحلة الصحابي الجليل جابر بن عبدالله رضي الله عنه إلى عبدالله بن أنيس، وقد ساق خبره الخطيب البغدادي في كتابه "الرحلة في طلب الحديث" من طرق كثيرة، وروى غيره من أخبار الصحابة رضوان الله عليهم الذين رحلوا في طلب الحديث. 

وللرحلة عند علماء الحديث أهداف سَنيَّة، ومقاصد جلية، فمن أهدافها: 

- طلب العلو في السند.

- والبحث عن أحوال الرواة.

- والتثبت من الحديث دفعاً للخلل والخطأ.

- ومذاكرة العلماء في نقد الأحاديث وعِللها.

وقد قيل للإمام أحمد بن حنبل: أيرحلُ الرجلُ في طلب العلم؟ فقال: بلى والله شديداً، لقد كان علقمة بن قيس النخعي، والأسود بن يزيد النخعي-وهما من أهل الكوفة بالعراق -يبلغهما الحديث عن عمر، فلا يقنعهما حتى يخرجا إليه -إلى المدينة المنورة، فيسمعانه منه.

وقال يحيى بن معين: أربعة لا تؤنس منهم رشداً، وذكر منهم: رجلاً يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث. 

وذكر الخطيب البغدادي في كتابه "شرف أصحاب الحديث" في باب فضيلة الرحالين في طلب الحديث، قال إبراهيم بن أدهم: إن الله تعالى يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث. 

يقول العلامة ابن خلدون: إن الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة: مزيد كمال في التعليم، والسبب في ذلك أن البشر يأخذون معارفهم وأخلاقهم، وما يتحلون به من المذاهب والفضائل، تارةً علماً وتعليماً ولقاءً، وتارةً: محاكاة وتلقيناً بالمباشرة، إلا أن حصول الملكات عن المباشرة والتلقين أشد استحكاماً، وأقوى رسوخاً، فعلى قدر كثرة الشيوخ يكون حصول الملكات ورسوخها وتفتحها. 

وقال الإمام الحافظ المحدّث ابن رشيد المغربي السبتي في مدح الرحلة: 

فَغَرْب وَلا تَحفِل بفُرْقَةِ مَوطِن .. تفز بالمنى في كلِّ ما شِئتَ من حَاج 

فلولا اغترابُ المِسْكِ مَا حَلَّ مَفْرقاً .. ولولا اغتراب الدرّ ما حَلَّ فِي النَّاج 

كما جعل العلماء -الرحلة -مَنَاط الثقة بالعالم، فقالوا كلمتهم المشهورة: "من لم يرحل فلا ثقة بعلمه". 

وقد لقي الرحالون في أسفارهم متاعب ومصاعب، وشدائد لا تُحصى، وللحافظ المحدّث القاضي الحسن بن عبدالرحمن الرامهرمزي في کتابه "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي كلمة جامعة في وصف حالهم مما فيه عِبَرٌ بالغة لطلاب العلم والعلماء في زماننا هذا! فقال: "فهم يرحلون من بلاد إلى بلاد خائِضين في العلم كل واد، شعث الرؤوس، خُلقَانَ الثياب، خُمصَ البطون، ذُبُلَ الشَّفَاه، شُعْبَ الألوان، نُحْلَ الأبدان قد جعلوا لهم هماً واحداً ورَضُوا بالعلم دليلاً ورائداً، لا يقطعهم عنه جوع ولا ظَماء، ولا يُمِلُّهم منه صيفٌ ولا شتاء. 

مَائِزين الأثر: صحيحه من سقيمه وقويه من ضعيفه، بألباب حازمة، وآراء ثاقبة، وقلوب للحق واعية، فأمِنتَ تَموية المُمَوِّهين، واختراع الملحدين، وافتراء الكاذبين. فلو رأيتهم في ليلهم، وقد انتصبُوا النسخ ما سَمِعوا، وتصحيح ما جَمعُوا، هاجرين الفَرْسُ الوَطِيّ، والمضْجَعَ الشَّهِي، غَشِيَهُم النَّعَاسُ فأنامَهم، وتساقطت أكفهم أقلامهم، فانتبهوا مذعورين قد أوجَعَ الكَدُّ أصلابهم، وتَيَّه السَّهَرُ أَلْبَابَهُم، فتمطَّوا ليُريحوا الأبدان وتحوّلوا -عن مرقة مرقدهم -ليَفْقِدُوا النوم من مكان إلى مكان، ودَلَكُوا بأيديهم عيونهم، ثم عادوا إلى الكتابة حرصاً عليها ومَيْلاً بأهوائهم إليها لَعَلِمتَ أنهم حُرَّاسُ الإسلام وخُزَّانُ المَلِك العلام.

فإذا قضوا من بعض ما راموا أوطارَهم انصرفوا قاصدين ديارهم، فلزموا المساجدَ وعَمَّروا المشاهِدَ لابسين ثوبَ الخضوع، مُسالمين ومُسَلَّمين، يمشون على الأرض هَوْناً، لا يُؤذُون جاراً، ولا يُقارِفُون عاراً، حتى إذا زاغ زائغ، أو مَرَقَ في الدين مَارِق، خرجوا خُروج الأُسْدِ من الآجام، يُناضلون عن معالم الإسلام" اهـ. 

وكثيراً ما كان أحدهم يصطحب ابنه معه، ليحضره مجالس العلماء، ويسمعه منهم من ذلك ما ذكره الحافظ الذهبي في ترجمة الإمام أبي الوقت السِّجْزي: قال يوسف بن أحمد الشيرازي تلميذه في كتابه: «أربعين البلدان»: لما رحلت إلى شيخنا رحْلَةِ الدنيا، ومُسند العصر أبي الوقت، قدر الله لي الوصول إليه في آخر بلاد كزمان، فسلمت عليه، وقبلته وجلستُ بين يديه، فقال لي: ما أقدمك هذه البلاد؟ 

قلت: كان قصدي إليك، ومُعَوَّلي بعد الله عليك، وقد كتبتُ مَا وَقَعَ إِليَّ من حديثك بقلمي، وسعيتُ إليك بقدسي، لأدرك بركة أنفاسك، وأحظى بعلق إسنادِك. 

فقال: وفقك الله وإيانا لمرضاته، وجعل سَعْيَنا له، وقضدَنا إليه، لو كنت عرفتني حق معرفتي، لما سَلَّمتَ عليَّ، ولا جَلَستَ بين يديَّ، ثم بكى بكاء طويلاً، وأبكى من حضره. ثم قال: اللهم استرنا بسترك الجميل، واجعل تحت الستر ما ترضى به عَنَّا

يا ولدي تعلَمُ أني رحلتُ أيضاً لسماع «الصحيح» ماشياً مع والدي، من هَرَاة إلى الداوودي ببُوشَنْج ولي من العُمُر دون عشر سنين، فكان والدي يضَعُ على يَدَيَّ حَجَرين، ويقول: احملهما، فكنتُ من خوفه أحفظهما بيدي، وأمشي وهو يتأملني، فإذا رآني قد عييتُ أمرني أن أُلقي حجراً واحداً، فألقي، ويَخِفُ عني، فأمشي إلى أن يتبين له تعبي، فيقول لي: هل عييت؟ فأخافُه وأقول: لا، فيقول: لِمَ تُقصِّر في المشي؟ فأُسرع بين يديه ساعة، ثم أعجِزُ، فيأخذ الحجر الآخر فيُلقيه، فأمشي أعطب، فحينئذ كان يأخذني ويحمِلُني.

وكنا نلتقي جماعة الفلاحين وغيرهم، فيقولون: يا شيخ عيسى، ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك إلى بُوشَنْج، فيقول والدي: معاذ الله أن تَرْكَبَ في طلب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل نمشي، وإذا عجز أركبته على رأسي إجلالاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجاءَ ثوابه، فكان ثَمرة ذلك من حُسن نيته أني انتفعت بسماع هذا الكتاب وغيره، ولم يبق من أقراني أحَدٌ سِوَاي، حتى صارت الوفود ترحَلُ إليَّ من الأمصار". 

ثم أشار إلى صاحبنا عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي أن يُقَدِّمَ لي حلواء، فقلت يا سيدي قراءتي لجزء أبي الجهم أحب إلي من أكل الحلواء، فتبسم، وقال: "إذا دخل الطعام، خرج الكلام"، وقدَّم لنا صحناً فيه حلواء الفانيذ فأكلنا، وأخرجت الجزء، وسألته إحضار الأصل فأحضره، فقرأت الجزء، وسُررتُ به ويسر الله سماع الصحيح وغيره مراراً، ولم أزل في صحبته وخدمته إلى أن توفي ببغداد في ليلة الثلاثاء سادس ذي القعدة سنة ٥٥٣هـ. 

سبب تأليف الكتاب وعملي فيه:

 لقد كانت نواة هذا التأليف قصة طريفة قرأتها في كتاب: «التوابين» للإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، وهي قصة مشوقة: تحكي توبة الإمام عبد الله بن مسلمة القعنبي المتوفى سنة ٢٢١هـ، فقد كان في شبابه مُسرفاً على نفسه، معرضاً عن ربه، يشرب النبيذ، ويصحب الأحداث، فدعاهم يوماً وقد قعد على الباب ينتظرهم، فمرَّ شعبة على حماره والناس خلفه يهرعون، فقال: من هذا؟ قيل: شعبة قال: وأيش شعبة؟ قالوا: مُحدّث فقام إليه وعليه إزار أحمر، فقال له: حدثني، فقال له: ما أنت من أصحاب الحديث فأحدثك، فأشهر سكينه وقال: تحدثني أو أجرحك؟ فحدّثه شعبة بحديث أبي مسعود البدري، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

 فرمی سكينه ورجع إلى منزله، فقام إلى جميع ما كان عنده من الشراب، فهراقه، وقال لأمه: "الساعة أصحابي يجيئون فأدخليهم وقدمي الطعام إليهم، فإذا أكلوا فخبريهم بما صنعت بالشراب حتى ينصرفوا". 

ثم رحل إلى البصرة للسماع من شعبة، فلما دخلها وجده قد مات. فرحل إلى المدينة المنورة ولزم الإمام مالك، وصار من أثبت رواة الموطأ. 

وهكذا ما إن طرقت سمعه هذه الكلمات النبوية، حتى سرت منها شعلة إلى قلبه فأضاء مصباحه المنطفئ، وأوقد ناره الخامدة، وتحرر في تلك الساعة من رعونات نفسه وتساقطت منه الأغشية التي غلفته بالأهواء والشهوات.

وبعد أن كان شاباً تائهاً شارداً عن صراط الله وهديه، أصبح ربانياً عابداً عالماً زاهداً مُقبلاً على الله بكل كيانه، حتى قيل فيه: "كان إذا رؤي ذكر الله"، وعندما قدم إلى المدينة من سفر، قال مالك لأصحابه: "قوموا بنا إلى خير أهل الأرض". 

كم تركت قراءة هذه القصة من أثر عميق في نفسي! فرفعت من همتي، وشحذت من عزيمتي، وعلمت أن الحياة لها قواطعها، وللتأخير آفات، فقد يعرض لطالب العلم عارض أو مانع يمنعه من التحصيل والطلب، فعليه أن يبتعد عن الأمل والتمهل في تقييد العلم والفوائد، خوف المباغتة من قواطع الحياة، وأن لا يصبو إلى الراحة والكسل، ويزهد في الفضائل والمقام الجَلَل.

وتيسر لي بعون الله سبحانه أن أجمع أثناء مطالعاتي ومراجعاتي في كتب التراجم والسير أخبار هؤلاء الرحالة من أئمة الحديث الذين رحلوا للسماع على شيوخ كبار فصادف دخولهم إلى بلدانهم موتهم فحضروا جنازتهم وفاتهم السماع عليهم، فكانت حسرات بالنسبة لهم، عبروا عنها إما بحزنهم وبكائهم أو استرجاعهم، ومنهم من كان يخرق ثوبه، أو يلطم رأسه، أو يصرخ ويصيح، أو يضرب يداً على أخرى، أو يضع التراب على رأسه. 

وقد صاحبتهم هذه الحسرات -إلى القبور! -كما قيل: 

ولم يتفق حتى مضى لسبيله .. وكم حسرات في بطون المقابر! 

ولم أقف على من جمع فيهم تأليفاً كما جرت عادة أصحاب التراجم من تأليف كتب في صنف من العلماء وغيرهم يجمعهم وصف خلقي، أو علمي، أو مكاني أو غير ذلك. 

وقد اهتم حافظ المشرق الخطيب البغدادي بتدوين بعض أخبارهم دون أن يُفردهم في كتاب مستقل، وذلك في خاتمة كتابه: "الرحلة في طلب الحديث"، فقال: ذكر من رحل إلى شيخ يبتغي علو إسناده، فمات قبل ظفر الطالب منه ببلوغ مراده. 

وبلغ عددهم (١٤) محدّثاً، وبلغ عددهم في هذا التأليف المتواضع (۳۹) محدثاً. 

وأوردت تراجمهم على ترتيب السنين والوفيات، وهو النهج التاريخي الأفضل، بدءاً من عصر الصحابة رضوان الله عليهم إلى خاتمة المحدثين الحافظ ابن حجر. 

وضبطت بالشكل أسماء بعض الأعلام والبلدان والأماكن، ليستمر ذهن القارىء في قراءة الخبر دون تلكؤ في فهمه، أو خطأ في لفظه. 

وأردت هذا التأليف أن يطلع جيلنا المعاصر على ما كان عليه سلف هذه الأمة حرصهم على سماع السنة النبوية المطهرة، وقوة المسارعة والاستباق إلى الاستفادة.

قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى -في المقدمة الحافلة لكتابه: «المجموع» في "باب: آداب المتعلم": «ومن آدابه: أن تكون همته عالية، فلا يرضى باليسير مع إمكان الكثير، وأن لا يُسوّف في اشتغاله، ولا يؤخر تحصيل فائدة -وإن قلت -إذا تمكن منها، وإن أمِنَ حصولها بعد ساعة لأن للتأخير آفات... »  

وقال الإمام ابن جماعة في كتابه "تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم"، وهو يتحدّث عن آداب المتعلم في نفسه: «الثالث: أن يُبادر شبابه وأوقات عمره إلى التحصيل، ولا يغتر بخدع التسويف والتأميل فإن كل ساعة تمضي من عُمُره لا بدل لها ولا عوض عنها، ويقطعَ ما يقدر عليه من العلائق الشاغلة، والعوائق المانعة عن تمام الطلب وبذل الاجتهاد، وقوة الجد في التحصيل، فإنها كقواطع الطريق». 

كما أردت من جمع هذه الصفحات أن يدرك شبابنا اليوم، غلاء السنة النبوية الشريفة عند الآباء والأجداد وشدة تعلقهم بها، وليعلموا الفرق بين الدراسة التي أثمرتها هذه الرحلات وبين دراسة طلاب جامعاتنا اليوم.

يقول الشيخ عبدالفتاح أبو غدة - رحمه الله تعالى - في كتابه النافع البديع: "صفحات من صبر العلماء" على شدائد العلم، والتحصيل موازناً بين الطلاب الراحلين لتحصيل العلم قديماً وبين طلاب جامعاتنا: فوزان -رعاك الله -بين الدراسة التي أثمرتها هذه الرحلات التي عركت الطلاب الراحلين عركاً طويلاً، وبين دراسة طلاب جامعاتنا اليوم! يدرسون فيها أربع سنوات، وأغلبهم يدرسون دراسة صحفية فردية لا حضور ولا سماع، ولا مناقشة ولا اقتناع، ولا تطاعم في الأخلاق ولا تأسي، ولا تصحيح لأخطائهم ولا تصويب ولا تشذيب لمسالكهم ويتسقطون المباحث المظنونة السؤال من مقرراتهم المختصرة، ثم يسعون إلى تلخيص تلك المقررات، ثم يسعون إلى إسقاط البحوث غير الهامة من المقروءات بتلطفهم، وتملقهم لبعض الأساتذة، فيجدون لدى بعضهم ما يسرهم، وإن كان يضرهم، وبذلك يفرحون.

وليعلموا أيضاً أن علماء السلف رضي كانوا يبتغون برحلاتهم وجه الله سبحانه ووصل السند برسول الله صلى الله عليه وسلم. 

وختاماً ... أتوجه بالشكر الجزيل لأسرة دار ابن حزم في بيروت ممثلة بشخص مديرها السيد الفاضل والناشر الحصيف: أحمد قصيباتي. 

وأرجو ممن انتفع بهذا الكتاب أن تنالني منه دعوة صالحة. 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. 

وكتبه محمد بن عزوز 

مدينة سلا المحروسة ۱ جمادى الثانية ١٤٢٦هـ

سرد أسماء وأخبار هؤلاء المحدثين

١ - الصنابحي رحل إلى النبي ﷺ فلما وصل الجُحفة، لَقِيه الخبر بوفاته

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا عبدالله بن أحمد بن علي السوذرجاني، أنبأ أبو بكر بن المقري ثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر، ثنا أبو جعفر عمرو بن علي ثنا عبدالله بن ،نمير ثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبدالله عن عبدالرحمن بن عُسيلة الصنابحي، قال: «وفدت إلى رسول الله فقبض وأنا بالجُحفة». 

وفي رواية قال: «ما فاتني النبي صلى الله عليه وسلم إلا بخمس ليال قبض وأنا بالجُحفة».

٢ - زيد بن وهب الجهني (ت٩٦هـ) رحل إلى رسول الله ﷺ فقُبض وهو في الطريق

قال الخطيب البغدادي: ثنا عمرو بن علي قال: سمعت ابن داود، يقول: أنبا يحيى بن مسلم أخو الضحاك عن زيد بن وهب قال: «رحلت إلى رسول الله ﷺ فقبض وأنا في الطريق».

٣ - الأوزاعي (ت١٥٧هـ) رحل إلى الحسن البصري فوجده قد مات

روی محمد بن كثير: عن الأوزاعي، قال: خرجت أريد الحسن ومحمداً، فوجدتُ الحسن قد مات ووجدت ابن سيرين مريضاً.

٤ - حماد بن سلمة (ت١٦٧هـ) قدم مكة في رمضان وعطاء بن أبي رباح حي، فدخل عليه بعد الإفطار فوجده قد مات.

ذكر الخطيب البغدادي: بسنده إلى حماد بن سلمة، قال: قدمت مكة وعطاء بن أبي رباح حي، قال: فقلت: إذا أنا أفطرت دخلت عليه، قال: فمات في رمضان، وكان ابن أبي ليلى يدخل عليه»، فقال لي عمارة بن میمون: «الزم قیس بن سعد فإنه أفقه عطاء» 

٥ - عبدالله بن وهب (ت۱۹۷هـ) قدم إلى منزل هشام بن عروة فقالوا له: قد نام فقال: أحج وأرجع، فلما رجع وجده قد مات

وعن ابن وهب قال: رأيـت عـبـيـد الله بن عمر قد عمي، وقطع الحديث، ورأيتُ هشام بن عروة جالساً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: آخذ عن ابن سمعان، ثم أصير إلى هشام، فلما فرغت قمت إلى منزل هشام، فقالوا: قد نام فقلت: أحجُ، وأرجع، فرجعت، فوجدته قد مات.

٦- علي بن عاصم (ت٢٠١هـ) رحل مع هشيم إلى الكوفة لِلُقي منصور بن المعتمر، فدخل هشيم الكوفة غداةً، ودخل علي الحمام، ثم أصبح فأتى باب منصور فإذا جنازته، وقعد يبكي.

كان علي بن عاصم، يقول: خرجت من واسط أنا وهشيم إلى الكوفة للقيء منصور، فلما خرجت فراسخ لقيني أبو معاوية، فقلت: أين تريد؟ قال: أسعى في دين عليَّ، فقلت: ارجع معي، فإن عندي أربعة آلاف، أعطيك منها ألفين فرجعته، فأعطيته ألفين. ثم خرجت، فدخل هشيم الكوفة غداةَ، ودخلتها العَشِيَّ، فذهب -يعني مات.

سمع من منصور أربعين حديثاً، ودخلت أنا الحمام، ثم أصبحت، فأتيتُ باب منصور، فإذا جنازته فقعدت أبكي فقال شيخ هناك: يا فتى ما يبكيك؟ هذا الشيخ، الشيخ، فمات. 

قلت: قدمت لأسمع من قال: فأدلك على من شهد عُرس أُمّ ذا؟ قلت: نعم، قلت: اكتب: حدثنا عكرمة عن ابن عباس، فجعلت أكتب شهراً. أنت؟ فقلت: من قال: أنا حصين بن عبدالرحمن ما كان بيني وبين أن ألقى ابن عباس إلا تسعة دراهم، وكان عكرمة يسمع منه، ثم يجيء فيحدثني.

۷ ـ علي بن الحسين بن واقد (ت٢١١هـ) .. قدم الكوفة للسماع من إسرائيل فاستقبله الناس، فقالوا: مات إسرائيل!»

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا ابن الفضل أنبا دعلج، أنبنا أحمد بن علي الأبار، ثنا محمد بن علي بن حمزة قال سمعت علي بن الحسين بن واقد يقول: حججت سنة ستين ومئة، فقدمت الكوفة فأردت إسرائيل، فاستقبلني الناس فقالوا: مات إسرائيل 

٨ - عبدالله بن داود الخريبي (ت٢١٣هـ) لما دخل البصرة للقي ابن عون تلقاه نعيه في قناطر سَرْدَارًا فحزن بسبب فوات السماع منه

قال الخطيب البغدادي: «أنبا القاضي أبو الفرج محمد بن أحمد بن الحسن الشافعي، أنبا أحمد بن يوسف بن خلاد العطار، ثنا محمد بن يونس القرشي، قال: سمعت ابن داود وهو عبد الله بن داود الخريبي يقول: «كان سبب دخولي البصرة لأن ألقى ابن عون فلما صرت إلى قناطر بني دارا تلقاني نعي ابن عون، فدخلني ما الله به عليم». أي من الأسف والحزن بسبب فوات السماع منه، وضياع الرحلة.

٩ - مكي بن إبراهيم (ت٢١٤هـ) رحل إلى مصر للسماع من موسى بن عُلَيّ فوجده قد مات بثلاثة أيام

قال الخطيب البغدادي أنبأ ابن الفضل أنا دعلج بن أحمد، أنا أحمد بن علي الأبار، ثنا عبدالرحيم بن حازم أبو محمد البلخي، قال: سمعت مكي وهو ابن إبراهيم يقول: «لم أطلب بعد سنة خمسين ومئة إلا خرجت إلى الليث وابن لهيعة وموسى بن علي فدخلتها ـ يعني مصر وقد كان موسى بن علي مات قبلي بثلاثة أيام».

١٠ ـ محمد بن عيسى بن عبدالواحد بن نجيح القرطبي (ت٢١٨هـ) رحل إلى الإمام مالك فوجده قد مات

وقال عياض في "ترتيب المدارك": ومن أهزاله أن صديقاً له ردّ القاضي شهادته، فجاء إليه مستغيثاً به، راغباً إليه في أن يسير معه إلى القاضي فيعدله فركب، وكان ركوبه حماراً فلما كان في بعض الطريق قال له: يا هذا كم من ركعة في صلاة الاستسقاء؟ قال : لا أدري.قال له: ففي صلاة الخسوف؟ قال: لا أدري. فمضى معه هنيئة، ثم قال: يا هذا كم في البوق من ثقبة؟ فقال له: يا هذا! لا الخير تدري ولا الشر تدري، وتلوم القاضي أن يرد شهادتك؟ فرجع وتركه. وقد رحل للسماع من الإمام مالك فوجده قد مات.

۱۱ الحُمَيْدِي (ت٢١٩هـ) رحل من أجل حديث واحد رواه أبو العباس ابن جريج فلما وصل وجده قد مات

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أنبا أحمد بن محمد بن عبدالله القطان ثنا عبد الكريم بن الهيثم، ثنا أحمد القاسم بن أبي بزة ثنا أبو العباس الوليد بن عبدالعزيز بن عبد الملك بن قال: حدثتني أمي عن جدي عبد الملك، أبي رباح، عن أبي الدرداء، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ورآني أمشي بين يدي أبي بكر وعمر، فقال: «يا أبا الدرداء، أتمشي بين يدي من هو خير منك؟ فقلت: ومن هو يا رسول الله؟ فقال: «أبو بكر وعمر ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين خير من أبي بكر. قال: فحدثت الحميدي فقال لي: اذهب بنا إليه حتى أسمعه منه، فقلت له: «منزله بالثقبة والثقبة على رأس ثلاثة أميال من مكة، فلما كان دفنا رجلاً من قريش باكراً، ثم قال لي الحميدي: ذات يوم هل لك بنا في الرجل؟ قلت : نعم، فخرجنا نريده، فلما كنا بقصر داود بن عيسى لقينا ابن عم له، فقال : يا أبا بكر أين تريد؟ قال: أردنا أبا العباس، فقال: الله أبا العباس، مات أمس. يرحم فقال الحميدي: هذه حَسْرة ثم قال: أنا أسمعه منك. فدخلنا على سعيد بن منصور وهو يحدّث فلما افترق الناس دنا منه، فقال لي: حدّث أبا عثمان حديث الخريجي، فحدثته.

١٢- القغنَبِي (ت٢٢١هـ) رحل إلى البصرة للسماع من شعبة بن الحجاج، فلما دخلها وجده قد مات

وذكر الحافظ الذهبي رواية أخرى، فقال: «وقد رويت حكاية في سماع القعنبي لذلك الحديث من شعبة لا شعبة لا تصح، وأنه هجم عليه بيته فوجده يبول في بلوعة، فقال: حدثني فلامه وعنفه، وقال: تهجم على داري، ثم تقول: حدثني، وأنا على هذه الحالة ؟ قال: إني أخشى الفوت، فروى له الحديث في قلة الحياء، وحلف أن لا يحدثه بسواه. 

۱۳ -خالد بن نزار (ت٢٢٢هـ) رحل سنة (١٥٠هـ) بِكُتُبِ ابن جُريج ليوافيه فوجده قد مات

عن خالد بن نزار قال: خرجت سنة خمسين ومائة بكتب ابن جريج لأوافيه، فوجدته قد مات فقرأت كتبه على داود بن عبد الرحمن العطار، وسعيد بن سالم القداح.

١٤ - أبو عبيد القاسم بن سلام (ت٢٢٤هـ) دخل البصرة ليسمع من حماد بن زيد فوجده قد مات

وقال الخطيب البغدادي: أنبا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل السقا الحربي، ثنا محمد بن عبدالله بن إبراهيم الشافعي، ثنا محمد بن عمرو الباهلي بمصر قال : سمعت أبا عبدالله بن أبي مقاتل البلخي بمصر يقول : قال أبو عبيد القاسم بن سلام: دخلت البصرة لأسمع من حماد بن زيد، فقدمت فإذا هو قد مات، فشكوت ذلك إلى عبدالرحمن بن مهدي؟! فقال : مهما سبقت به فلا تُسبقَنَّ بتقوى الله عزَّ وجلّ.

١٥ - أصبغ بن الفرج بن سعيد المصري (ت٢٢٥هـ) خرج إلى مكة سنة (۱۷۹هـ) للسماع من مالك، فدخل المدينة، فلم يَلْقَ إلا باكياً، أو مُسترجعاً، أو ضارباً يَداً على أخرى... فقال لبعضهم: ما شأن الناس ؟ فقال له أحدهم: مات اليوم عالم المشرق والمغرب مالك بن أنس

قال أصبغ: خرجت إلى مكة سنة تسع وسبعين للسماع من مالك، فدخلت المدينة، فلم أَلْقَ إلا باكياً أو مسترجعاً أو ضارباً يداً على أخرى، أو معددة ، فقلت لبعضهم: ما شأن الناس؟ حتى قال لي فلم يكلمني أحد وجعلت كلما لقيت فوجاً أسأله، رجل جالس متقنع يبكي وقد رأى حالي أراك غريباً، قلت: نعم، الساعة دخلت قال لي: مات اليوم عالم المشرق والمغرب. 

قلت: يرحمك الله ! ومن هو ؟ قال لي: أراك جاهلاً أقول لك عالم المشرق والمغرب، فتقول: من هو؟ قال: فأسكتني. فلما نظر إلي وقد وجمت قال لي مات مالك بن أنس. قال: فصحت مات مالك ومضيت مع الناس إلى منزله، فإذا به قد مات ذلك اليوم، فحضرت جنازته.

١٦ - الإمام أحمد بن حنبل (ت٢٤١هـ) رحل إلى الفضيل بن عياض فوجده قد مات، ورحل إلى محمد بن يوسف الفِرْيَابي فلما قَرُبَ من قَيْسَارِيَة نُعِي إليه.

قال صالح بن أحمد: سمعت أبي يقول: مات هشيم فخرجت إلى الكوفة سنة ثلاث وثمانين وأول رحلاتي إلى البصرة سنة ست، وخرجت إلى سفيان سنة سبع فقدمنا وقد مات الفضيل بن عياض. وحججت خمس حجج منها ثلاث راجلاً أنفقت في إحداها ثلاثين درهماً، وقدم ابن المبارك في سنة تسع وسبعين وفيها أول سماعي من هشيم، فذهبت إلى مجلس ابن المبارك، فقالوا قد خرج إلى طرسوس، وكتبت عن هشيم أكثر من ثلاثة آلاف ولو كان عندي خمسون درهماً لخرجت إلى جرير إلى الري.

۱۷ - المُسَيَّبِ بنُ وَاضِح السلمي (ت٢٤٦هـ) خرج من تَلُمَنَّس، يريد مصر للقاء ابن لهيعة، فأخبر بموته

قال ابن عدي وسمعت الحُسين بن عبدالله القطان يقول : سمعت المسيب بن واضح يقول: خرجت من تَلْمَنَّس، أريد مصر بقاء ابن لهيعة، فأخبرت بموته.

۱۸ - محمد بن رزين (ت ٢٥٥هـ) كان يقول: «ما نزلت بي حسرة ما نزلت بي محمد بن يوسف الفِرْيَابي، وكنت رحلت إليه فوجدته يُقبر.

كان ابن رزين يقول : ما نزلت بي حسرة ما نزلت بي في محمد بن  يوسف الفريابي، وكنت رحلت إليه فوجدته يقبر .

١٩- محمد بن يحيى الذهلي (ت٢٥٨هـ) ارتحل ثلاث رحلات، وأنفق على العلم ١٥٠ ألفاً، ولما دخل البصرة استقبلته جنازة يحيى القطان على بابها

قال محمد بن النضر الجارودي: بلغني أن محمد بن يحيى يكتب في مجلس يحيى بن يحيى، فنظر علي بن سلمة اللَّبَقِي إلى حسن خطه وتقييده فقال يا بني ألا أنصحك؟ إن أبا زكريا يُحدثك عن سفيان بن عيينة وهو حي، وعن وكيع وهو حي بالكوفة، وعن يحيى بن سعيد وجماعة أحياء بالبصرة وعن عبدالرحمن بن مهدي وهو حي بأصبهان فاخرج في طلب العلم، ولا تضيع أيامك، فعمل فيه قوله.

فخرج إلى أصبهان فسمع من عبدالرحمن بن مهدي والحسين بن حفص، ثم دخل البصرة وقد مات يحيى فكتب عن أبي داود وأقرانه، وأكثر بها المقام، حتى مات سفيان بن عيينة. 

علق الذهبي على هذا الخبر فقال: "قلت: ما كان يُمكنه لقيه فإن سفيان مات في وسط السنة ولا كان يمكنه المسيرُ إلى مكة إلا مع الوفد، وأما وكيع فمات قبل أن يتحرك الذهلي من بلده قال: فخرج إلى اليمن، وأكثر عن عبدالرزاق وأقرانه، ثم رجع وحج وذهب إلى مصر ثم الشام، وبارك الله له في علمه حتى صار إمام عصره".

٢٠ - البخراني (ت٢٥٨هـ) خرج إلى الكوفة مع أبيه للسماع من أبي إسحاق الهمذاني فتلقتهما جنازته

قال الخطيب البغدادي: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر النرسي، أنبا محمد بن عبد الله الشافعي، ثنا هيثم بن مجاهد، ثنا عباس بن يزيد، قال: خرجت إلى الكوفة مع أبي وأنا أريد أبا إسحاق الهمذاني فتلقتني جنازته.

۲۱ -۲۲ -۲۳ -ابن مزين (ت٢٦٠هـ) وأبو وهب (ت ٢٦١هـ) وابن مطروح (ت٢٧١هـ) رحلوا مترافقين من الأندلس إلى مكة المكرمة للسماع من أبي عبد الرحمن المقرىء فوجدوه قد مات

جاء في ترجمتهم: وقد رحل هؤلاء الثلاثة مترافقين من الأندلس إلى مكة للسماع من أبي عبدالرحمن المقرىء فوجدوه قد مات.

٢٤ - العجلي (ت٢٦١هـ) رحل إلى أبي داود الطيالسي فأصابه مات قبل قدومه البصرة بيوم

قال أحمد العجلي: رحلت إلى أبي داود الطيالسي، فمات قبل قدومي البصرة بيوم.

٢٥ - أبو داود السجستاني (ت٢٧٥هـ) دخل البصرة وهم يقولون: أمس مات عثمان بن الهيثم.

كان أبو داود، يقول: دخلت البصرة -وهم يقولون: أمس مات عثمان بن الهيثم المؤذن، فسمعت من أبي عمر الضرير مجلساً واحداً.

٢٦ - يحيى بن عمر الكندي الأندلسي (ت٢٨٩هـ) رحل إلى ابن بكير لسماع «الموطأ»، فلما وصل سأل: قُراتَ عنه، فقال: هذا مُنصرفي من جنازته، فاسترجع. وقال: فاتني الشيخ.

وكان فرات يطعن في سماع يحيى الموطأ من ابن بكير. ويحلف على ذلك، ويقول: إنه كان ملازماً لابن بكير حتى مات، وإني لمنصرف من جنازته، إذ نزل يحيى بن عمر في مركب فسلم علي، وسألني عن ابن بكير، فقلت هذا منصرفي من جنازته فاسترجع وقال: فاتني الشيخ.

۲۷ - الأبار (ت٢٩٠هـ) استأذن أمه في الرحلة إلى قتيبة، فلم تاذن له، ثم ماتت، فخرج إلى خراسان، ثم وصل إلى بلخ وقد مات قتيبة.

قال فيه أبو حاتم الرازي حضرته ببغداد وقد جاءه أحمد، فسأله عن أحاديث، فحدثه بها، وجاء أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير بالكوفة إليه ليلة، وحضرتُ معهما، فلم يزالا ينتحبان عليه وانتحب معهما إلى الصبح.

۲۸ -۲۹ -ابن أيمن (ت۳۳۰هـ)، وقاسم بن أصبغ (ت٣٤٠هـ). رحلا من قرطبة للسماع على أبي داود السجستاني فوجداه قد مات.

٣١ - أبو بكر الإسماعيلي (ت٣٧١هـ)، كان يقول: «لما ورد نعي محمد بن أيوب الرازي بكيت وصرخت ومزقت القميص، ووضعت التراب على رأسي...»

وصنف قاسم في الحديث مصنفات حسنة منها مصنفه المخرج على كتاب أبي داود واختصاره المسمى بـ(المجتبى) على نحو كتاب ابن الجارود المنتقى. وكان قد فاته السماع منه ووجده قد مات، فألف مصنفاً على أبواب كتابه خرّجها عن شيوخه.

٣١ - الحسن بن نصر السوسي (ت٣٤١هـ) قال عندما بلغته وفاة محمد بن عبد الحكم الذي عزم على الرحلة إليه: «ما اغتممت لشيء مثل غمي لذلك»

قال ابنه: قال لي أبي ليلة من الليالي - في مرضه الذي توفي فيه: يا بني ! اربط لي حبلاً في السقف لعلي أقدر أصلي قائماً، ففعلت، وحملناه حتى وقف وغلب ولم يستطع القيام فبكى، وقال: واحزناه حيل بيني وبين طاعة ربي !

قال حمزة السهمي: وسمعت أبا بكر الإسماعيلي يقول : لما ورد نعي محمد بن أيوب الرَّازي بكيتُ ،وصرختُ ومزقت القميص، ووضعت التراب على رأسي، فاجتمع علي أهلي وقالوا ما أصابك؟ قلت: نُعِي إليَّ محمد بن أيوب، منعتُموني الارتحال إليه، فسلوني وأذنوا لي في الخروج إلى نَسَا إلى الحسن بن سفيان ولم يكن ها هنا شعرة، وأشار إلى وجهه.

۳۲ - ابن مندة (ت ٣٩٥هـ) ارتحل إلى البصرة للسماع على مسندها علي بن إسحاق المادرائي فبلغه موته قبل وصوله إليها، فحزن ورجع.

وقد ارتحل إليه ابن مندة فبلغه في الطريق موته، فتألم ورد، ولم يدخل البصرة.

٣٣ -أبو الطيب الطبري (ت٤٥٠هـ) رحل إلى جرجان للسماع من أبي بكر الإسماعيلي، فقدمها يوم الخميس فدخل الحمام، ومن الغد لقي ولده أبا سعد، فقال له: الشيخ قد شرب دواء لمرض، وقال له: تجيء غداً لِتَسْمَعَ منه، فلما كان بكرة السبت، غدا إليه، فإذا الناس يقولون: مات الإسماعيلي

قال أبو الطيب الطبري: سرتُ إلى جرجان للقاء أبي بكر الإسماعيلي، فقدمتها يوم الخميس فدخلت الحمام ومن الغد لقيتُ ولده أبا سعد، فقال لي: الشيخ قد شرب دواءً لمرض، وقال لي: تجيء لتسمع منه فلما كان بكرة السبت غدوت، فإذا الناس يقولون: مات الإسماعيلي. 

٣٤ -عبدالرحمن بن أحمد الباغباني دخل إلى نيسابور وهو يعدو إلى بيت أحمد بن خلف فلقيه اليونارتي فعاتبه وقال: تعال أطعمك أولاً ... وأخرج له مسموعاته من ابن خلف، وقال: مات ودفنته، فقال عبدالرحمن: فكادت مرارتي تنشق!!

وقال أيضاً: قال السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ، فقال: رحل اليونارتي إلى ابن خلف الشيرازي وكان آخر من رحل إليه، ثم رحل بعده عبدالرحمن بن أبيه، فقال: دخلت نيسابور وأنا أعدو إلى أحمد خلف، فلقيت اليونارتي فعاتبني، وقال: تعال أطعمك أولاً، فقدم طعاماً، وأكلنا وأخرج لي مسموعاته من ابن خلف، وقال: مات أحمد الباغباني مع بیت بن ودفنته.

٣٥ -أبو سعد البغدادي (ت٥٤٠هـ) ارتحل إلى بغداد، فصادف أبا نصر الزينبي قد مات فخرق ثوبه، ولطم.

اسماعيل بن محمد الحافظ: رحل أبو سعد إلى أبي نصر الزينبي، فدخل بغداد وقد مات فجعل أبو سعد يلطم على رأسه، ويبكي، ويقول: من أين أجد علي بن الجعد عن شعبة.

٣٦ - ابن عبدالملك المراكشي (ت٧٠٣هـ) رحل إلى آسفي للسماع من أبي عبد الله التلمسيني فلما قدم أرجأ لقاءه به، فمات الشيخ من الغد.

وردت آسفي في أول قدمة قدمت عليها يوم الاثنين لأربع بقين من جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وستمائة فعرفت مرضه وقصدني ابنه  منزلي منجعفر مسلماً عنه علي وذاكراً تشوقه إلي، فتواعدت معه لعيادته من الغد، فجاء إلى الغد وافياً بوعده، ومعتذراً عن لقائه بعذر قبلته وأدرج فيه رجاء تماثل حاله وإرجاء لقائه إلى يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى المذكورة؛ ودفن من الغد إثر صلاة الظهر بالمقبرة التي بقبلي جامع آسفي الأعظم، وحضرت جنازته وكانت مشهودة، وكنت قائد شيخنا أبي علي الماقري الضرير فيها، ولم يتخلف عنها أحد وأتبعه الناس ثناء جميلاً، وكان أبو علي يطيل الثناء عليه ويشيد بذكره.

۳۷ - ابن سيد الناس (ت٧٣٤هـ) رحل إلى دمشق فاتفق وصوله عند موت الفخر ابن البخاري فتألم لذلك.

قال ابن حجر: ورحل إلى دمشق فاتفق وصوله عند موت الفخر ابن البخاري، فتألم لذلك وأكثر عن الصوري، وابن عساكر، وابن المجاور.

وفي آخر عمره: خرّج له الحافظ ابن الظاهري مشيخة بمصر، وأرسلها مع البريد ففودي لها بدمشق وفوَّه بذكرها المحدّثون والفقهاء، وسارعوا إلى سماعها، وجمع لها صبيان كثير، وانتدب لقراءتها الشيخ شرف الدين الفزاري، فقرأها في ثلاثة مجالس اجتمع لها في المجلس الأخير: ألف نفس أو أكثر، ولم يعهد في هذه الأزمان مثل ذلك.

٣٨ - الذهبي (ت٧٤٨هـ) رحل إلى مصر للسماع من أم محمد المارانية فلما وصل وجدها قد ماتت من عشرة أيام

ولقد حرص الحافظ الذهبي على الرحلة إلى البلاد العامرة بالعلماء، من ذلك رحلته إلى مصر، وكان ذلك في سنة ٦٩٥هـ للسماع على الشيخة العالمة أم محمد المارانية، لكنه وجدها قد ماتت قبل وصوله من عشرة أيام.

۳۹ -ابن حجر (ت ٨٥٢هـ) رحل إلى بيت المقدس للسماع على الحافظ العلائي فوجده قد مات، ورحل إلى دمشق للسماع على ملكة ابنة الشرف عبد الله بن العز الصالحية، فماتت قبل دخوله بأربعة أشهر.

وقد رحل إلى بيت المقدس للسماع على الحافظ العلائي فوجده قد مات، كما رحل إلى دمشق للسماع على ملكة ابنة الشرف عبدالله بن العز المقدسية الصالحية فماتت قبل دخوله بأربعة أشهر 

وقال الحافظ عن الشيخة ملكة بنت الشرف -بعد أم ذكرها في معجمه: أجازت لي، وماتت قبل دخولي دمشق بأربعة أشهر في جمادى الأولى سنة اثنتين وقد جازت الثمانين.




الاثنين، 25 سبتمبر 2023

السلام آداب وأحكام سعيد بن هليّل العُمَر بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

السلام آداب وأحكام

سعيد بن هليّل العُمَر

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد: هذا الكتاب ذكر فيه مؤلفه جملة من الأحاديث النبوية المتعلقة بالسلام، وجعل لكل حديث ترجمة تناسب المقام، فذكر أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وفضل السلام، وفضل السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين استحباب بدء المسلمين بالسلام، والأمر بإفشائه بين الأحياء، وإلقائه على الأموات، مع بيان بعض آدابه.

وقد ذكرنا في هذه العجالة أربعة عشر مسألة زيادة على ما ذكره المؤلف في أحكام السلام، وهي كما يلي:

بعض أحكام آداب السلام والتسليم

في سؤال وجواب

١) ماكيفية السلام ؟ 

يستحب للمبتدء بالسلام أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بصيغة الجمع، وإن كان المُسَلَّم عليه واحداً، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فياتي بواو العطف في قوله: "وعليكم".

٢) ما حكم السلام ؟ 

سنة مؤكدة، لقوله تعالى: {فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحبةً من عند الله مباركة طيبة}، ولما خلق الله آدم أمره أن يسلم على الملائكة وجعلها تحية له ولذريته.

٣) ما الحكمة من مشروعية السليم؟

• أدخال السرور على المستمع، وتطييب نفسه، وإعطائه الأمان والسلامة.

• رجاء الخير والبركة وأنها من ذكر الله تعالى.

• إنشاء أجواء المحبة والأمن بين المسلمين.

٤) ما فضل السلام، وثواب المُسلم على الناس ؟

• امتثال أمر الله تعالى، فقد جاء في الحديث: (لما خلق لله آدم أمره أن يُسلم على الملائكة، فقال: السلام عليكم، فأجابوه: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله، فقال الله: فإنها تحيتك وتحية ذريتك).

• امتثال أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم، ففي حديث البراء: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع وذكر منها: إفشاء السلام.

• أنه من الأعمال الصالحة، ففي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: أيُّ الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام.

• أنها سبب لدخول الجنة، وفي الحديث: (أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام).

• أنه يكون لك بكل تسليم عشر حسنات، كما جاء في الحديث عن عمران بن حصين: جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم قال: عشرة.. وجاء آخر؛ فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال: عشرون.. وجاء ثالث، فراد: وبركاته، فقال: ثلاثون.

٥) ما هي صفة التسليم؟ 

يجوز التسليم بقولك: السلام عليكم لوحدها، وبإضافة: ورحمة الله، تشبهاً بالملائكة، وبإضافة وبركاته، كما جاء في حديث عمران بن حصين، ولكل صيغة أجر خاص: فالأول عشر حسنات، والثاني عشرون حسنة، والثالث: ثلاثون حسنة.

٦) إذا جاء الرجل إلى المجلس كيف يسلم؟ 

يسلم ثلاثاً عن يمينه، وعن يساره، ومن أمامه، وذلك خجبراً لخواطرهم، وهذا إذا كان كان الجمع كثير، أما إذا كان قليلاً فيكفي تسليم واحد  والسنة أولى بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، (أن النبيّ صلى الله عليه وسلم: أتى قوماً فسلم عليهم ثلاثاً).

٧) إذا كان القوم أو أهل البيت نيام فكيف يسلم عليهم ؟ 

يسلم عليهم ولا يرفع صوته ليوقظهم، بحيث سمع من كل كان مستيقظاً، ولا يوقظ من كان نائماً، لحديث المقداد: (أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يأتينا من اللي؛ فيُسلم تسليماً لا يوقظ نائماً، ويسمع اليقظان).

٨) ما حكم قول البعض: عليك السلام بدلاً من السلام عليك ؟ 

مكروهة، لحديث أبو جريّ الهُجيمي، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال له: (لا تقل عليك السلام؛ فإنها تحية الموتى)، وفيه جواز قول: عليه السلام للصحابة وغيرهم على سبيل الدعاء، لا التخصيص، فإن السلام والأمان لا يختص بأحدٍ من الناس دون غيرهم.

٩) كيف يسلم الناس بعضهم على بعض ؟ 

في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: "يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير" وهذا من باب التواضع للناس، فالراكب يكون في حالة أعظم من الماشي، وكذلك الماشي بالنسبة للقاعدة، أما القليل فمن باب الأدب مع الكثير، ولأن حق الكثير أعظم من حق القليل.

١٠) إذا استوى إنسانان في الحالة كراكبان أو ماشيان، أو جماعات قليلتان أو كثيرتان فمن يسلم على الأخرى؟ 

فكلاهما تسلم على الأخرى وترد السلام، فإن بادر أحدهما ردَّ الآخر الجواب، وكلما كان الإنسان أطوع الله وأقرب كانت مبادرته بالسلام أسرع، لحديث أبي أمامة: قيل يا رسول الله الرجلان يلتقيان، أيهما يبدأ بالسلام؟ قال: أولاهما بالله تعالى، وفي رواية: "إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام".

١١) ما حكم ترك السلام على فلانٍ من الناس لأنه يبغضه أو لا يحبه أو لأنه يؤذيه ويسبه ويتعرض له؟

جائز ترك السلام عليه لمدة ثلاثة أيام؛ لحديث: (لا يحل لسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان، فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)؛ فإن انتهى أذاه وسبه عاد إلى التسليم ليه، وإلا فأمامه خياران:

-العزيمة: وهي التسليم عليه، مع الصبر على أذاه ومسبته.

-الرخصة: وهي ترك التسليم عليه، حتى يعود عن غيّه وضلاله.

١٢) ما حكم إعادة السلام على من تكرر لقاؤه عن قرب، أو بمن تربطك به علاقة متينة وتراه بشكل مستمر، كوالداك في المنزل وشيخك في المسجد، واستادات في الجامعة .... ؟ 

هي سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، فإعادة السلام وتكريره على من تكرر لقاؤه، ولو كنت ملازماً له سنة مؤكدة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، في المسيء صلاته أنه جاء فصلى، ثم جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فرد عليه السلام، ثم قال له: (ارجع فصل فإنك لم تصل)، فرجع فسلم، كل ذلك يسلم عليه، وأصرح من هذا قوله عليه السلام: (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجرة فليسلم عليهم).

١٣) إذا جئت إلى المسجد فوجدت جماعة ماذا تفعل أولاً: تصلي تحية المسجد أم تسلم عليهم ثمل تُصلي ؟ 

أولاً: تصلي تحية المسجدـ، ثم تسلم لحديث المسيء صلاته: أنه صلى ثم سلم على النبيّ صلى الله عليه وسلم، هذا هو الصحيح والأفضل.

ومن ابتدأ بالسلام فلا حرج، وحق الله مقدم على حق الناس في بعض الحالات، وتحية الله مقدمة على تحية المخلوقين، فتبلغ التحية لصاحب البيت ثم الضيوف- ضيوف الرحمن -

١٤)  إذا زرت أحداً من الناس ووجدت عنده ضيوف بمن تبدأ؟

تبدأ بالسلام على صاحب البيت، ثم تسلم على ضيوفه، فإن شاء أجلسك معهم، وإن شاء أجلسك وحدك.

المقدمة 

بسم الله الرحمن الرحيم 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. 

أما بعد: فإن الله عز وجل قال في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون} (النور ٢٧). 

وقال تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} (النساء ٨٦). 

وقد بين هذه التحية أكمل بيان: فبين معنى السلام، وفضله، وآدابه، وكيفيته إلى غير ذلك من الأمور المتعلقة بالسلام، لذا قمت بجمع الأحاديث المتعلقة بهذا الموضوع سائلاً المولى عز وجل أن ينفع بها 

وكتبه أبو طارق سعيد بن هليل العمر الشمري

السلام اسم من أسماء الله تعالى

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: (كنا إذا صلينا مع النبي ﷺ قلنا: السلام على الله من عباده السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، السلام على فلان وفلان فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم وأقبل علينا بوجهه فقال : إن الله هو السلام ... ) الحديث.

بدء السلام 

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: (خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن).

فضل السلام على رسول الله ﷺ 

عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه: أن رسول الله ﷺ جاء ذات يوم والسرور يرى في وجهه، فقالوا: يارسول الله إنا لنرى السرور في وجهك، فقال: إنه أتاني ملك، فقال: يا محمد أما يرضيك أن ربك عز وجل يقول: إنه لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشراً، ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشراً؟ قال: بلى).

الأمر بإفشاء السلام

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم).

عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه، قال: (لما قدم رسول الله ﷺ المدينة انجفل الناس (=أي ذهبوا مسرعين) إليه وقيل قدم رسول الله ﷺ فجئت في الناس لأنظر إليه، فلما استثبت وجه رسول الله ﷺ، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب).

وكان أول شيء تكلم به أن قال: أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام.

 عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: (أمرنا رسول الله ﷺ بسبع: بعيادة المريض واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف وعون المظلوم، وإفشاء السلام وإبرار المقسم، ونهى عن الشرب في الفضة، وعن خواتيم الذهب، وعن ركوب المياثر، وعن لبس الحرير، والديباج، والقسي والإستبرق).

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: (حق المسلم على المسلم ست: قيل ما هن پارسول الله: قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه).

فضل السلام 

عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أن الطفيل بن أبي بن كعب، أخبره: أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدوا معه إلى السوق، قال فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله بن عمر على سقاط ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا سلم عليه، قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يوماً، فاستتبعني إلى السوق، فقلت له: وما تصنع في السوق، وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع. ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق قال عبد الله بن عمر: يا أبا بطن وكان الطفيل ذا بطن: إنما نغدو من أجل السلام فنسلم على من لقينا).

عن عمران بن حصين رضي الله عنه: أن رجلاً جاء إلى النبي ﷺ فقال: السلام علیکم قال: قال رسول الله ﷺ: (عشر)، ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فقال النبي ﷺ: (عشرون)، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال النبي ﷺ: (ثلاثون).

من آداب السلام 

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول ﷺ: (يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد والقليل على الكثير)، وفي رواية للبخاري: (يسلم الصغير على الكبير..). 

كراهية رد السلام أثناء قضاء الحاجة 

عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً سلم على النبي ﷺ وهو يبول فلم يرد عليه. 

استحباب التطهر لذكر الله ورد السلام 

عن أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري رضي الله عنه، قال: (أقبل النبي ﷺ من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام).

عن المهاجر بن قنفذ أنه أتى النبي ﷺ وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال: إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر، أو قال: على طهارة.

كيفية الاستئذان 

عن رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي ﷺ وهو في بيت، فقال: ألج ؟ فقال النبي ﷺ الخادمة: اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقل له قل السلام عليكم، أأدخل فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له النبي ﷺ، فدخل.

السلام للمعرفة وغير المعرفة.

 عن عبد الله بن عمرو: أن رجلاً سأل النبي ﷺ، أي الإسلام خير: قال: (تطعم الطعام وتقرأ السلام على من تعرف ومن لا تعرف).

التحذير من تسليم الخاصة 

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي ﷺ، قال: (بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وهو أن لا يسلم الرجل إلا على مَنْ يعرف).

فضل البادئ بالسلام 

عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ، قال: (لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام). 

عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: (إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام) 

التسليم ثلاثاً إذا اتسع المجلس أو ظن أنه لم يسمع 

عن أنس رضي الله عنه: (أن رسول الله ﷺ كان إذا سلم سلم ثلاثاً وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاَ).

إعادة السلام ولو قصر الفصل

عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي ﷺ، فرد عليه السلام فقال ارجع فصلي فإنك لم تصل فرجع فصلى ثم جاء فسلم على النبي ﷺ حتى فعل ذلك ثلاث مرات ...).

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً).

سلام الإمام على المأمومين يوم الجمعة عند صعوده على المنبر 

عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي ﷺ كان إذا صعد المنبر: سلَّم).

سلام الرجال على النساء 

عن سهل رضي الله عنه، قال: (كانت لنا عجوز تُرسل إلى بضاعة -قال ابن مسلمة: نخل بالمدينة، فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في قدر، وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها فتقدمه إلينا، فنفرح من أجله، وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة). 

عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، قالت: مر رسول الله ﷺ في المسجد يوماً وعصبة من النساء قعود فألوى بيده بالتسليم وأشار عبد الحميد بيده. وفي رواية «فسلَّم علينا»

 تسليم المرأة على الرجال 

عن أم هاني بنت أبي طالب رضي الله عنها، قالت: (ذهبت إلى رسول الله ﷺ عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوب، قالت: فقال: من هذه، قلت أم هانئ بنت أبي طالب، قال: مرحباً بأم هانئ . . . الحديث).

السلام على الصبيان 

عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله ﷺ  مرَّ على غلمان فسلم عليهم).

كيفية السلام عند دخول مكان فيه أيقاظ ونيام 

عن المقداد، قال: (أقبلت وأنا وصاحبان لي، وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله ﷺ، فليس أحد منهم يقبلنا. فأتينا النبي ﷺ، فانطلق بنا إلى أهله، فإذا ثلاثة أعنز، فقال النبي ﷺ احتلبوا هذا اللبن بيننا، قال: فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع للنبي ﷺ نصيبه، قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً ويسمع اليقظان. قال: ثم يأتي المسجد فيصلي ثم يأتي شرابه فيشرب: فأتاني الشيطان ذات ليلة وقد شربت نصيبي، فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم -ما به حاجة إلى هذه الجرعة، فأتيتها فشربتها. فلما أن وغلت في بطني وعلمت أنه ليس إليهما سبيل، قال: ندمني الشيطان، فقال: ويحك. ما صنعت، أشربت شراب محمد؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك. وعلي شملة. إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأس خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النوم. وأما صاحبـاي فناما، ولم يصنعا ما صنعت، قال فجاء النبي ﷺ، فسلم كما يسلم، ثم أتى المسجد فصلى، ثم أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئاً، فرفع رأسه إلى السماء، فقلت: الآن يدعو علي، فأهلك. فقال: اللهم أطعم من أطعمني، وأسقي من سقاني، قال: فعمدت إلى الشملة فشددتها علي، وأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها الرسول الله ﷺ، فإذا هي حافله، وإذا هن حفل، فعمدت إلى إناء لآل محمد، ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه. قال فحلبت فيه حتى علت رغوته. فجئت إلى رسول الله ﷺ، فقال: أشربتم شرابكم الليلة؟ قال :قلت: يا رسول الله اشرب فشرب ثم ناولني).

وغلت في بطني: أي دخلت وتمكنت منه.

حافلة : أي مملوءة لبناً. 

رغوته: هي زبدة اللبن التي يعلوه 

فقلت: يا رسول الله اشرب فشرب ثم ناولني، فلما عرفت أن النبي ﷺ قد روى وأصبت دعوته، ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض، قال: فقال النبي ﷺ إحدى سوآتك يا مقداد، فقلت يارسول الله، كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا فقال النبي ﷺ: ما هذه إلا رحمة من الله، أفلا كنت آذنتني، فتوقظ صاحبينا فيصيبان منها، قال فقلت: والذي بعثك بالحق، ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك، من أصابها من الناس).

النهي عن البداءة بالسلام على أهل الكتاب 

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: (لا تبدأو اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم فاضطروه إلى أضيقه).

كيفية الرد على أهل الكتاب

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: (إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: (إن اليهود إذا سلموا عليكم يقول أحدهم: السام عليكم، فقل عليك).

التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين

عن أسامة بن زيد رضي الله عنه: (أن النبي ﷺ مر في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فسلم عليهم)

نسخ رد السلام في الصلاة 

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا نسلم على النبي ﷺ وهو في الصلاة، فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه، فلم يرد علينا وقال: (إن في الصلاة شغلاً). 

عن جابر رضي الله عنه، قال: (بعثني رسول الله ﷺ في حاجة له، فانطلقت ثم رجعت وقد قضيتها ، فأتيت النبي ﷺ، فسلمت عليه فلم يرد على، فوقع في قلبي ما الله أعلم به، فقلت في نفسي: لعل رسول الله ﷺ، وجد علي أني أبطأت عليه ثم سلمت عليه، فلم يرد علي، فوقع في قلبي أشد من المرة الأولى، ثم سلمت عليه، فرد علي، فقال: إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي، وكان على راحلته متوجهاً إلى غير القبلة). 

رد السلام بالإشارة في الصلاة 

عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (خرج رسول الله ﷺ إلى قباء يصلي فيه، فجاءته الأنصار، فسلموا عليه وهو يصلي، قال: فقلت لبلال: كيف رأيته يرد عليهم حيث كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا وبسط كفه وبسط جعفر بن عون كفه وجعل بطنه إلى أسفل وجعل ظهره إلى فوق).

السلام عند القعود وعند القيام 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول ﷺ، قال: (إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إذا قام فليسلم، فليست الأولى بأحق من الأخرى).

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ، قال: (إياكم والجلوس في الطرقات)، قالوا: يا رسول الله مالنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، قال رسول الله: (إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه)، قالوا: وما حقه؟ قال: (غض البصر، وكف الأذى ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

من حق الجلوس على الطريق رد السلام والترحيب بالقادم 

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله ﷺ فقال : مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ... ) الحديث. 

جواز قول فلان يقرئك السلام

عن عائشة رضي الله عنها (أن النبي ﷺ قال لها: إن جبريل يقرأ عليك السلام، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته) 

كراهية البدء بقول [عليك السلام] 

عن أبي جري الهجيمي رضي الله عنه قال أتيت النبي ﷺ، فقلت: (عليك السلام يا رسول الله، قال: لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى).

الزجر عن الإشارة بالرؤوس والأكف دون اللفظ لغير المصلي 

عن جابر بن عبد الله رضي رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تسلموا تسليم اليهود بالرؤوس والأكف والإشارة). 

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله ﷺ قال: (ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف).

رد الواحد عن الجماعة 

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: (يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم).

المصافحة 

عن البراء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا).

وعن قتادة، قال: قلت لأنس: (أكانت المصافحة في أصحاب النبي ﷺ ؟ قال: نعم المعانقة عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رجل، يا رسول الله الرجل منا، يلقى أخاه أو صاحبه أو صديقه أينحني له ؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم)؟

تحريم مصافحة النساء الأجانب 

عن معقل بن يسار رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: (لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له). 

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (... ولا والله ما مست يد رسول الله ﷺ يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام).

عن أمـيمــه بنت رقـيـقـة رضي الله عنها أن الرسول ﷺ قال : (إني لا أصافح النساء).

أبخل الناس من بخل بالسلام 

عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: (أسرق الناس الذي يسرق صلاته)، قيل: يا رسول كيف يسرق صلاته؟ قال: (لا يتم ركوعها ولا سجودها وأبخل الناس الذي يبخل بالسلام). 

حسد اليهود المسلمين على السلام 

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله ﷺ: (إن اليهود قوم حسد، وإنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدونا على السلام، وعلى آمین). 

التسليم على مقابر المسلمين 

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (كان رسول الله ﷺ، يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد). وفي رواية: (السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون).

عن بريدة رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله ﷺ يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول السلام على أهل الديار ) وفي رواية: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية)، وفي رواية للإمام أحمد: (أنتم لنا فرط، ونحن لكم تبع فنسأل الله لنا ولكم العافية).

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ أتى المقبرة، فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون).

التسليم على مقابر المسلمين

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (كان رسول الله ﷺ، يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد). 

وفي رواية: (السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون).