أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 يوليو 2023

الأخلاق والسير في مداواة النفوس لأبي محمد علي بن حزم الأندلسي (ت ٤٥٦ هـ) بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الأخلاق والسير في مداواة النفوس

لأبي محمد علي بن حزم الأندلسي (ت ٤٥٦ هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد: إن هذا الدين هو الذي يؤهل أهله وذويه إلى أسعد حالات الحياة، وأتم نعيمها، والسعيد من أنست نفسه بالفضائل والطاعات، والشقي من شقي بالمعاصي والرذائل، وفي الخبر: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)، وهذا يدل أن الخلل في الأخلاق نقص في الدين، ومن هنا يتبين أهمية الأخلاق بالنسبة لنا.

وهذه رسالة لطيفة، للإمام الفقيه الظاهري، أبي محمد بن حزم الأندلسي، قدَّر فيها جملة من القواعد والآداب والفضائل، التي رأى فيها أسباباً لمداواة النفوس السقيمة، وإصلاح الأخلاق الذميمة، وقد خاطب فيها القلوب لتزكو، والنفوس لتسمو، والعقول لتستنير، والتي أعظمها الاعتماد على ما أمره الله في كتابه، وأمره رسوله في سنته، مع شيء من تجارب الإمام ابن حزم في حياته، وضعها نصحاً وإرشاداً لمن بعده.

وبيّن ابن حزم الأسباب الحاملة على التعسُّف وسوء الملكة، من ضعف التمييز والعقل، وقلة المروءة والحياء، ودناءة الهمة، والإفراط في الأمور، وذكر أن الدنيا فانية ولا بقاء لها، وأن غرض الناس في سعيهم هو طرد الهمّ عنهم، ولا يُذهب الهمَّ إلا التوجه إلى الله عز وجل بعمل الآخرة، فهو السالم من كل عيب، والخالص من كل كدر، والموصل إلى طرد الهمّ على الحقيقة، ثم أردف بجملة من النصائح والحكم في الزهد والرقائق، يلي ذلك فصول في فضل العلم وأهله، وفضل التمسك بالكتاب والسُّنة.

 ثم كشف عن أشد الأشياء إيلاماً للنفس، وهي الخوف، والهم، والمرض، والفقر، والظلم، كما حثَّ على توطين النفس على ما تكره، وضرورة إلزامها القناعة وقلة الطمع، وعدم بيع النفس بما يرخصصها، وابتغاء ما هو أعلا منها، وهو رضا الله عز وجل وجنته، بالإضافة إلى اطراح كلام الناس، فإنه لا يسلم من طعن الناس وعيبهم أحد.

«ترجمة موجزة للإمام ابن حزم رحمه الله»

قال عنه الإمام الذهبي: الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف، أبو محمد علي بن أحمد ابن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي اليزيدي، كان جده سعيد مولّى للأمير يزيد أخي معاوية.

وكان جده خلف بن معدان هو أول من دخل الأندلس في صحابة ملك الأندلس عبد الرَّحْمن بن معاوية بن هشام؛ المعروف بـ«الداخل». 

ولد أبو محمد بقرطبة في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. 

نشأ في تنعم ورفاهية، ورُزق ذكاءً مفرطًا، وذهناً سيالاً، وكتبا نفيسةً كثيرة، وكان والده من كبراء أهل قرطبة؛ وتولى عمل الوزارة في الدولة العامرية، وكذلك وَزِرَ أبو محمد في شبيبته، وكان قد مهر أولًا في الأدب والأخبار والشعر، وفي المنطق وأجزاء الفلسفة، فأثرت فيه تأثيراً، وليته سلم من ذلك.

ولقد وقفت له على تأليف يحضُّ فيه على الاعتناء بالمنطق، ويقدمه على العلوم، فتألّمتُ له، فإنه رأسٌ في علوم الإسلام، متبحر في النقل، عديم النظير على يُبس فيه، وفرط ظاهرية في الفروع لا الأصول. 

قيل: إنه تفقه أولاً للشافعي، ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه، والأخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث، والقول بالبراءة الأصلية، واستصحاب الحال، وصنف في ذلك كتبا كثيرة، وناظر عليه، وبسط لسانه وقلمه، ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب؛ بل فجج العبارة، وسبّ وجدَّع؛ فكان جزاؤه من جنس فعله، بحيث إنه أعرض عن تصانيفه جماعةٌ من الأئمة، وهجروها، ونفّروا منها، وأُحرقت في وقت.

واعتنى بها آخرون من العلماء، وفتشوها انتقادًا واستفادة، وأخذاً ومؤاخذة، ورأوا فيها الدر الثمين ممزوجًا في الرصف بالخرز المهين، فتارة يطربون، ومرةً يعجبون، ومن تفرده يَهْزَوَّون. 

وفي الجملة فالكمال عزيز، وكلُّ أحدٍ يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله، وكان ينهض بعلوم جَمَّة، ويُجيد النقل، ويُحسن النظم والنثر، وفيه دين وخير، ومقاصده جميلة، ومصنفاته مفيدة، وقد زهد في الرئاسة، ولزم منزله مكباً على العلم، فلا نغلو فيه، ولا نجفو عنه، وقد أثنى عليه قبلنا الكبار». 

قال أبو حامد الغزالي: «وجدتُ في أسماء الله تعالى كتابًا ألَّفه أبو محمد ابن حزم الأندلسي يدلُّ على عظم حفظه وسيلان ذهنه». 

وقال الإمام أبو القاسم صاعد بـن أحمـد: «كان ابن حزم أجْمَعَ أهل الأندلس قاطبةً لعلوم الإسلام، وأوسعهم معرفة؛ مع توسعه في علم اللسان، ووفور حظه من البلاغة والشعر، والمعرفة بالسير والأخبار؛ أخبرني ابنه الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد من تواليفه أربعمائة مجلد تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة». 

وقال أبو عبدالله الحميدي: «كان ابن حزم حافظا للحديث وفقهه، مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة، متفننا في علوم جَمَّةٍ، عاملًا بعلمه، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ، وكرم النفس والتدين، وكان له في الأدب والشعر نفَس واسع، وباع طويل، وما رأيتُ من يقول الشعر على البديه أسرع منه، وشعره كثيرٌ جمعته على حروف المعجم». 

وقال أبو القاسم صاعد: «كان أبوه ـ أبو عمر ـ من وزراء المنصور محمد ابن أبي عامر ـ مدبر دولة المؤيد باللَّهِ المستنصر المرواني، ثم وزر للمظفر، ووزر أبو محمد للمستظهر عبد الرَّحْمن بن هشام، ثم نبذ هذه الطريقة، وأقبل على العلوم الشرعية، وعُني بعلم المنطق وبرع فيه، ثم أعرض عنه». 

قلت (يعني الإمام الذهبي): «ما أعرض عنه حتى زرع في باطنه أمورًا وانحرافاً عن السنة». 

قال: «وأقبل على علوم الإسلام حتى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالأندلس قبله. 

وقد حطَّ أبو بكر بـن العـربي على أبي محمـد في كتاب «القواصم والعواصم» وعلى الظاهرية، فقال: «هي أمة سخيفة، تسوّرت على مرتبة ليست لها، وتكلمت بكلام لم تفهمه، تلقوه من إخوانهم الخوارج حين حُكّم عليٌّ رضي الله عنه يوم صفين، فقالت: لا حكم إلا لله». 

قال ابن العربي: «وكان أول بدعة لقيتُ في رحلتي: «القول بالباطن، فلما عدتُ وجدت القول بالظاهر قد ملأ به المغرب سخيف كان من بادية إشبيلية يُعرف بابن حزم». نشأ وتعلق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه، وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع، ويحكم ويشرع، ينسب إلى الله ما ليس فيه، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرًا للقلوب منهم، وخرج عن طريق المشبهة في ذات الله وصفاته، فجاء فيه بطوام، واتفق كونه بين قوم لا بصر لهم إلا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدليل كاعوا (أي: جَبنُوا)، فيتضاحك أصحابه منهم.

وعضّدته الرئاسة بما كان عنده من أدب، وبشُبه كان يوردها على الملوك، فكانوا يحملونه ويَحْمُونه بما كان يلقي إليهم من شبه البدع والشرك، وفي حين عودتي من الرحلة ألفيتُ حضرتي منهم طافحة، ونار ضلالهم لافحة، فقاسيتهم مع غير أقرانٍ وفي عدم أنصار إلى حساد يطؤون عقبي، تارة تذهب لهم نفسي وأخرى ينكشر لهم ضرسي، وأنا ما بين إعراض عنهم أو تشغيب بهم. وقد جاءني رجل بجزء لابن حزم سماه «نكت الإسلام» فيه دواهي، فجردت عليه نواهي، وجاءني آخر برسالة في الاعتقاد، فنقضتها برسالة «الغرة»، والأمر أفحش من أن ينقض». 

قلت (يعني الإمام الذهبي): «لم يُنصف القاضي أبو بكر الله شيخ أبيه في العلم، ولا تكلّم فيه بالقسط، وبالغ في الاستخفاف به، وأبو بكر فعلى عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد - ولا يكاد - ! فرحمهما الله وغفر لهما».

قال اليسع ابن حزم الغافقي ـ وذكر أبا محمد، فقال: «أما محفوظه فبحر عجاج، وماء ثجاج، يخرجُ من بحره مرجان الحكم، ويَنبُتُ بثجّاجه ألفافُ النعم في رياض الهمم، لقد حفظ علوم المسلمين، وأربي على كل أهل دين، وألف «الملل والنحل»، وكان في صباه يلبس الحرير، ولا يرضى من المكانة إلا بالسرير. أنشد المعتمد فأجاد، وقصد «بلنسية» وبها المظفر أحد الأطواد.

وحدثني عنه عمر بن واجب قال: بينما نحن عند أبي ببلنسية وهو يدرِّسُ المذهب، إذا بأبي محمد بن حزم يسمعنا ويتعجب، ثم سأل الحاضرين الفقه، جووب فيها، فاعترض في ذلك، فقال له بعض الحضار: منتحلاتك! فقام وقعد، ودخل منزله فعكف، ووَكَف (أي: سال) وابل فما كف، وما كان بعد أشهر قريبة حتى قصدنا إلى ذلك الموضع، فناظر أحسن مناظرة، وقال فيها: أنا أتبع الحقَّ وأجتهد، ولا أتقيد بمذهب. قلت: نعم، من بلغ رتبة الاجتهاد، وشهد له بذلك عدة من الأئمة لم يسغ له أن يقلد، كما أن الفقيه المبتدئ والعامي الذي يحفظ القرآنـ أو كثيرًا منه ـ لا يسوغ له الاجتهاد أبدا، فكيف يجتهد؟ وما الذي يقول؟ وعلام يبني؟ وكيف يطير ولما يُريش؟!. 

والقسم الثالث: الفقيه المنتهي اليقظ الفهم المحدث، الذي قد حفظ مختصرًا في الفروع، وكتابا في قواعد الأصول، وقرأ النحو، وشارك في الفضائل؛ مع حفظه لكتاب الله وتشاغله بتفسيره وقوَّة مناظرته، فهذه رتبه من بلغ الاجتهاد المقيد، وتأهل للنظر في دلائل الأئمة، فمتى وَضَح له الحق في مسألة، وثبت فيها النص، وعمل بها أحد الأئمة الأعلام ـ كأبي حنيفة مثلاً، أو كمالك، أو الثوري، أو الأوزاعي، أو الشافعي، وأبي عبيد، وأحمد، وإسحاق، فليتبع فيها الحقَّ ولا يسلُكِ الرُّخَص، وليتورع، ولا يسعه فيها - بعد قيام الحجة عليه-ـ تقليد. 

فإن خاف ممَّن شعب عليه من الفقهاء فليتكتم بها، ولا يتراءى بفعلها، فربما أعجبته نفسه، وأحبَّ الظهور فيُعاقب، ويدخل عليه الداخل من نفسه فكم من رجل نطق بالحق، وأمر بالمعروف، فيسلّط الله عليه من يؤذيه لسوء قصده، وحبه للرئاسة الدينية، فهذا داءً خفي سار في نفوس الفقهاء، كما أنه داء سار في نفوس المنفقين من الأغنياء وأرباب الوقوف والترب المزخرفة، وهو داء خفي يسري في نفوس الجند والأمراء والمجاهدين، فتراهم يلتقون العدو، ويصطدم الجمعان وفي نفوس المجاهدين مخبات وكمائن من الاختيال وإظهار الشجاعة ليقال، والعُجب، ولبس القراقل (نوع من الثياب) المذهبة، والخوذ المزخرفة، والعدد المحلاة على نفوس متكبّرة، وفرسان متجبرة.

وينضاف إلى ذلك إخلال بالصلاة، وظلم للرعية، وشرب للمسكر، فأنى ينصرون؟ وكيف لا يخذلون؟ اللهم: فانصر دينك، ووفق عبادك. فمَن طلب العلم للعمل كسَرَه العلم ، وبكى على نفسه، ومن طلب العلم للمدارس والإفتاء والفخر والرياء، تحامق واختال، وازدرى بالناس، أهلكه العجب، ومقتته الأنفس. 

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام - وكان أحد المجتهدين: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل «المحلى» لابن حزم، وكتاب «المغني» للشيخ موفق الدين. 

قلت (يعني الذهبي): لقد صدق الشيخ عز الدين، وثالثهما: «السنن الكبير» للبيهقي، ورابعها: «التمهيد» لابن عبدالبر؛ فمن حصَّل هذه الدواوين، وكان من أذكياء المفتين، وأدمن المطالعة فيها؛ فهو العالم حقاً. 



ولابن حزم مصنفات جليلة:

أكبرها كتاب «الإيصال إلى فهم كتاب الخصال» خَمْسةً عشر ألف ورقة.

وكتاب «الخصال الحافظ لجمل شرائع الإسلام» مجلدان.

وكتاب «المجلَّى» في الفقه مجلد.

وكتاب «المحلّى في شرح المجلى بالحجج والآثار» ثماني مجلدات.

وكتاب «حجة الوداع» مئة وعشرون ورقة.

وكتاب «قسمة الخمس في الرد على إسماعيل القاضي» مجلد.

وكتاب «الآثار التي ظاهرها التعارض ونفي التناقض عنها» يكون عشرة آلاف ورقة، لكن لم يتمه.

وكتاب «الجامع في صحيح الحديث» بلا أسانيد.

وكتاب «التلخيص والتخليص في المسائل النظرية».

وكتاب «الرسالة البلقاء في الرد على عبد الحق بن محمد الصقلّي» مجلد.

وكتاب «ما انفرد به مالك وأبو حنيفة والشافعي».

و«مختصر الموضح» لأبي الحسن بن المغلس الظاهري، مجلد.

وكتاب «اختلاف الفقهاء الخمسة مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وداود».

وكتاب «التصفح في الفقه» مجلد.

وكتاب «التبيين في هل علم المصطفى أعيان المنافقين» ثلاثة كراريس.

وكتاب «الإملاء في شرح الموطأ» ألف ورقة. 

وكتاب «الإملاء في قواعد الفقه ألف ورقة أيضًا.

وكتاب «در القواعد في فقه الظاهرية» ألف ورقة أيضًا.

وكتاب «الإجماع» مجيليد.

وکتاب «الفرائض» مجيليد.

وكتاب «الإحكام لأصول الأحكام» مجلدان.

وكتاب «الفصل في الملل والنحل» مجلدان كبيران.

وكتاب «الرد على من اعترض على الفصل» له مجلد.

وكتاب «اليقين في نقض تمويه المعتذرين عن إبليس وسائر المشركين» مجلد كبير.

وكتاب «الرد على ابن زكريا الرازي» مئة ورقة.

وكتاب «الترشيد في الرد على كتاب الفريد لابن الراوندي» في اعتراضه على النبوات مجلد. 

وكتاب «الرد على من كفَّر المتأولين من المسلمين» مجلد. 

وكتاب «مختصر في علل الحديث» مجلد.

وكتاب «التقريب لحد المنطق» بالألفاظ العامية مجلد.

وكتاب «الاستجلاب» مجلد.

وکتاب «نسب البربر» مجلد.

وكتاب «نقط العروس» مجيليد، وغير هذا كثير. 

وقد امتحن لتطويل لسانه في العلماء، وشُرّد عن وطنه، فنزل بقرية له، وجرت له أمور، وقام عليه جماعة من المالكية، وجرت بينه وبين أبي الوليد الباجي مناظرات ومنافرات، ونفّروا منه ملوك الناحية، فأقصته الدولة وأحرقت مجلدات من كتبه، وتحول إلى بادية لبلة في قرية. 

قال أبو الخطاب ابن دحية: كان ابن حزم قد برص من أكل اللُّبان، وأصابه زَمانة، وعاش ثنتين وسبعين سنة غير شهر. 

قلت (يعني الذهبي): وكذلك كان الشافعي -رحمه الله -يستعمل اللبان لقوة الحفظ، فوَلَّد له رمي الدم. 

قال أبو العباس ابن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقين. 

وقال أبو بكر محمد بن طرخان التركي: قال لي الإمام أبو محمد عبدالله ابن محمد ـ يعني والد أبي بكر بن العربي: أخبرني أبو محمد بن حزم أن تعلّمه الفقه أنه شهد جنازة، فدخل المسجد، فجلس ولم يركع، فقال له رجل: قم فصل تحية المسجد ـ وكان قد بلغ ستاً وعشرين سنة، قال  فقمتُ وركعت، فلما رجعنا من الصلاة على الجنازة دخلت المسجد، فبادرت بالركوع، فقيل لي: اجلس اجلس، ليس ذا وقت صلاة ـ وكان بعد العصر ـ ! قال: فانصرفت وقد حزنت، وقلت للأستاذ الذي رباني: دلني على دار الفقيه أبي عبد الله بن دحون. 

قال: فقصدته، وأعلمته بما جرى، فدلني على «موطأ» مالك، فبدأت به عليه، وتتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحواً من ثلاثة أعوام، وبدأت بالمناظرة.

ثم قال ابن العربي: صحبت ابن حزم سبعة أعوام، وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب «الفصل»، وهو ست مجلدات، وقرأنا عليه من كتاب «الإيصال» أربع مجلدات في سنـة ست وخمسين وأربعمائة، وهو أربعة وعشرون مجلدًا، ولي منه إجازة غير مرة.

قال أبو مروان بن حيان: كان ابن حزم رحمه الله حامل فنون من حديث وفقه وجدل ونسب، وما يتعلق بأذيال الأدب مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة من المنطق والفلسفة، وله كتب كثيرة لم يخلُ فيها من غلط لجراءته في التسور على الفنون ـ لا سيما المنطق؛ فإنهم زعموا أنه زل هنالك، وضل في سلوك المسالك، وخالف أرسطاطاليس واضع الفن مخالفة من لم يفهم غرضه، ولا ارتاض، ومالَ أولاً إلى النظر على رأي الشافعي، وناضل عن مذهبه حتى وسم به، فاستهدف بذلك لكثير من الفقهاء، وعيب بالشذوذ، ثم عدل إلى قول أصحاب الظاهر، فنقّحه، وجادل عنه، وثبت عليه إلى أن مات، وكان يحمل علمه هذا، ويجادل عنه من خالفه على استرسال في طباعه، واستناد إلى العهد الذي أخذه الله على العلماء: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ (آل عمران: ١٨٧).

فلم يكُ يلطَّفُ صدعه بما عنده بتعريض، ولا بتدريج؛ بل يصك به من عارضه صكَ الجندل ، ويُنسقه إنشاق الخردل، فتنفر عنه القلوب، وتُوقِعُ به الندوب، حتى استهدف لفقهاء وقته، فتمالؤوا عليه، وأجمعوا على تضليله، وشنّعوا عليه، وحذَّروا سلاطينهم من فتنته، ونَهَوا عوامهم عن الدنو منه، فطفق الملوك يُقصُونه عن قربهم، ويسيرونه عن بلادهم إلى أن انتهوا به منقطع أثره: بلدة من بادية لبلة.

وهو في ذلك غير مرتدع ولا راجع، يبثُ علمه فيمن ينتابه من بادية بلده، من عامة المقتبسين من أصاغر الطلبة، الذين لا يخشون فيه الملامة، يحدثهم ويفقههم ويدارسهم، حتى كمل من مصنفاته وقر بعير، لم يعد أكثرها باديته لزهد الفقهاء فيها، حتى أحرق بعضها بإشبيلية، ومزقت علانية، وأكثر معايبه زعموا ـ عند المنصف جهله بسياسة العلم التي أعوص ... ذلك على قوة سبحه في غماره، وعلى ذلك فلم يكن بالسليم من اضطراب رأيه، ومغيب شاهد علمه عنه عند لقائه، إلى أن يحرّك بالسؤال، فيتفجر منه بحر علم لا تكدره الدلاء، وكان مما يزيد في شنآنه تشيعه لأمراء بني أمية ـ ماضيهم وباقيهم، واعتقاده لصحة إمامتهم، حتى نُسب إلى النصب!.

قلت (يعني الذهبي): ومن تواليفه كتاب «تبديل اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل»، وقد أخذ المنطق - أبعده الله من علم ـ عن : محمد بن الحسن المذحجي، وأمعن فيه، فزلزله في أشياء.

ولي أنا ميل إلى أبي محمد لمحبته في الحديث الصحيح، ومعرفته به، وإن كنت لا أوافقه في كثير مما يقوله في الرجال والعلل، والمسائل البشعة في الأصول والفروع، وأقطع بخطئه في غير ما مسألة، ولكن لا أكفّره، ولا أضلله، وأرجو له العفو والمسامحة وللمسلمين، وأخضع لفرط ذكائه وسعةِ علومه. 

ورأيته قد ذكر قول من يقول: أجل المصنفات «الموطأ»، فقال: بل أولى الكتب بالتعظيم «صحيحا البخاري ومسلم»، و«صحيح ابن السكن»، و«منتقى ابن الجارود»، و«المنتقى القاسم بن أصبغ، ثم بعدها كتاب أبي داود، وكتاب النسائي، و«المصنف لقاسم بن أصبغ، و«مصنف أبي جعفر الطحاوي». 

قلت: ما ذكر «سنن ابن ماجه، ولا جامع أبي عيسى»؛ فإنه ما رآهما، ولا أُدخلا إلى الأندلس إلا بعد موته. 

ثم قال: ومسند البزار»، و«مسند ابني أبي شيبة»، و«مسند أحمد بن حنبل»، و«مسند» إسحاق، ومسند الطيالسي، ومسند» الحسن بن سفیان، و «مسند ابن سنجر... وذكر غير هذا كثير ، وفي نهايتها ذكر «موطأ» مالك بن أنس. 

قلتُ: ما أنصف ابن حزم؛ بل رتبة (الموطأ) أن يُذكر تِلوَ «الصحيحين» مع سنن أبي داود والنسائي، لكنه تأدب، وقدم المسندات النبوية الصرف، وإن للموطأ لوقعا في النفوس ومهابة في القلوب لا يوازنها شيء. ولما أحرق المعتضد بن عباد بعض كتبه، قال ابن حزم: 

فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا .. الذي تضمنه القرطاس بـــل هــو في صدري

يسير معي حيث استقلت ركائبي .. وينزل إن أُنزل ويـــــدفن في قبـــــري

دعــــــوني مـــــــن إحــــــراق رق وكاغـــــــد .. وقولوا بعلم كـي يــرى الـنـاس مــن يدري 

إلا فعــــــــودوا في المكاتب بدأةً .. فكم دون ما تبغون لله من ستر 

كذاك النصارى يحرقون إذا علـــــت .. أكفُّهم القرآن في مدن الثغر

ومن شعره: 

أشهد الله والملائك أني .. لا أرى الرأي والمقاييس دينا 

حاش لله أن أقـول سـوى .. مــا جاء في النص والهدى مستبينا

كيف يخفى على البصائر .. هذا وهو كالشمس شُهرة ويقينا

فقلت مجيبا له: 

لوسلمتم من العمـــوم الــذي .. نعلم قطعا تخصيصه ويقينا 

وترطبتم فكــــــم قـــــد يـــبـستـم .. لرأينا لكـــــم شـــفوفًا مبينا 

ولابن حزم:

مـنـاي مــــن الدنـــا علـــوم أبتها .. وأنشرها في كل باد وحاضر

دعاء إلى القرآن والسنن التي .. تناسى رجالٌ ذِكرَها في المَحاضِرِ

وألزم أطراف الشغور مجاهدًا .. إذا هــــيعـة ثــــات فــــأول نافـــــر

لألقى حمامي مقبلا غير مدبر .. بسمر العوالي والرقاق البواتـــر 

كفاحا مع الكفار في حومة الوغى .. وأكرم موت للفتى قتل كافر

فيا رب لا تجعـل حمامي بغيــرها .. ولا تجعلنــي مــــن قـطـــيـن الـمقـابـــر 

وقال - أيضًا:

هل الدهر إلا ما عرفنا وأدركنا .. كَمَرَّ الطَّرْفِ واستخلفت حُزنَا 

إذا أمكنت فـيه مــرة ساعة .. نود لديه أننا لم نكن كُـــنا 

إلى تبعات في المعاد وموقف .. وهـم لِمَـا نـخـشـى فـيـشـك لا يَهنَا

حنين لِمَا وَلَّى وشغل بما أتى .. وفـــات الـــذي كـــا نـــد بــه عـــنا 

حصلنا علـى هــم وإثم وحسرة ..إذا حققته النفس لفظ بلا معنى

كأنَّ الذي كنَّا نُسر بكونه ..  فجائعـــه تبقــــــى ولذاتـــــه تفنى

وله أشعار سوى ذلك كثيرة. 

وكانت وفاته في عام ستّ وخمسين وأربعمئة، فكـان عـمـره إحدى وسبعين سنة وأشهراً. رحم الله الإمام ابن حزم وعفا عنه، وأسكنه فسيح جناته.



الجمعة، 21 يوليو 2023

أحاديث أبي عروبة الحراني (ت ٣١٨ هـ) رواية أبي أحمد الحاكم بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

أحاديث أبي عروبة الحراني  (ت ٣١٨ هـ)

رواية أبي أحمد الحاكم

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ هذا الجزء الحديثي، تضمن جملة من الأحاديث التي رواها أبي عروبة عن شيوخه الثفات، والتي بلغت واحداً وستين حديثاً، عن سبعة وعشرين شيخاً، منها أربعة أحاديث موقوفة، يرويها عنه أخص تلامذته، أبو أحمد الحاكم، وقد جمع المحقق في هذا الجزء أسماء شيوخه؛ فبلغوا أكثر من مائة وثلاثة عشر شيخاً، احتجَّ بأكثرهم أصحاب الكتب الستة.

وتنوعت الموضوعات في هذا الجزء، ما بين الفقه والعقيدة، وأكثر التركيز على أبواب الفقه من الطهارة إلى العتق؛ فابتدأ بذكر عدة الطلاق (٥ أحاديث)، ثم صلاة المستحاضة (١ حديث)، ثم عدة المتوفى عنها زوجها (٦ أحاديث)، ثم لمن تكون الحضانة (٤ أحاديث)، ثم ولاية الزواج (٦ أحاديث)، ثم الاعتمار (١ حديث)، ثم كراهة افتراش جلود السباع (١ حديث)، وصفة المشي (١ حديث)، ومتى تنتهي التلبية (١ حديث)، ثم ائتمام المفترض بالمتنفل (١ حديث)، ثم الإيمان باليوم الآخر (١ حديث)، وأنه لا طلاق إلا بعد نكاح (١ حديث)، ثم الأحاديث الواردة في فضل عائشة (٨ أحاديث)، وفضل عمر (٢ حديث)، وفضل الهجرة (١ حديث)، وفضل بني هاشم وآل البيت (٢ حديث)، وما يقتل من الحيوان في الحل والحرم (١ حديث)، وهجر المسلم أخاه (١ حديث)، وفضل العتق (١ حديث)، وفضل السفر والغزو والصوم (١ حديث)، وقص الشارب (١ حديث)، وفضل التسمية بمحمد (١ حديث)، وفضل الغرس (١ حديث)، واعتكاف رمضان (١ حديث)، وعدد مرات الوضوء (١١ حديث)، ومفتاح الكعبة (١ حديث).

التعريف بالمُصنف

هو الإمام العالم الحافظ الناقد الصَّادِق: أبو عروبة، الحسين بـن محـمـد أبي معشر مودود الحراني. صاحب التصانيف المفيدة. ولد بعد العشرين ومائتين، وأوَّلُ سماعه في سنة "ست وثلاثين ومائتين". 

أقوال النقاد فيه: 

أجمع النقاد على توثيقه، ووصفه بالإمامة، وبالفهم، والذكاء. قال أبو أحمد الحاكم - وهو من أخص تلامذته، وراو هذا الجزء عنه: "كان من أثبت مَنْ أدركناه، وأحسنهم حفظاً، يرجع إلى حسن المعرفة بالحديث والفقه، والكلام". 

وقال الحافظ ابن عدي - وهو من تلامذته الذين أكثروا من الأخذ عنه "كان عارفاً بالرجال والحديث، وكان مع ذلك مفتي أهل حـران، أشفاني حين سألته عن قوم من رواتهم".

وقال الخليلي: "ثقة، حافظ، مُشار إليه"، وقال ياقوت الحموي: "الحافظ الإمام".

وقال ابن عبد الهادي: "الإمام الحافظ، محدث حران".

وقال الذهبي: "الإمامُ، الحافظ، المعمرُ، الصَّادقُ، صاحب التصانيف"، وقال مرةً أُخْرَى: "الحافظ، الإمامُ، مُحدث حــران، وكـان مــن نبــلاء النقات".

شيوخه: 

عاش المؤلف رحمه الله تعالى، في عصر نشطت فيه حركة التصنيف والجمع والرواية، وكان حريصاً كغيره من علماء ذلك العصر على تلقي العلـم مـن أفواه الرجال، فمسع من شيوخ كثيرين جداً، وزاحم في السَّماع أصحاب الكتب التسعة في شيوخهم، ولم تذكر لنا المصادر التي ترجمت له أسماء شيوخه بطريقة استقرائية، بل اكتفت بذكر أشهرهم كما هي عادتهم. 

وقد حاولت استيفاء أسمائهم لإعطاء صورةٍ واضحةٍ عن الجهد الذي بذله في تتبع الشيوخ وسماع ما لديهم من العلم، مستعيناً بالجزء الذي بين أيدينا، وبكتاب " الكامل في ضعفاء الرجال " للحافظ ابن عدي، و"صحيح ابن حبان"، حيث أكثرا من النقل عن أبي عروبة، وكذا "ثقات" ابن حبان، وابن عبد الهادي، والذهبي. 

واتضح لي أنه سمع - من خلال المصادر التي اعتمدتها – من "ثلاث عشرة ومائة" شيخ، احتج بأكثرهم أصحاب الكتب الستة، وهؤلاء هم:

١- إبراهيم بن سعيد الجوهري.

٢- أحمد بن إسماعيل.

٣-أحمد بن بكار بن أبي ميمونة الحرَّاني. 

٤-أحمد بن الحسين بن دربه.

٥- أحمد بن سليمان بن أبي شيبة الجزري.

٦-أحمد بن عبد الرحمن الكريزاني.

٧- أحمد بن عمرو بن عبيدة العصفري

٨- أحمد بن المبارك الإسماعيلي

 ۹ - أحمد بن المقدام العجلي.

 ١٠ - أزهر بن جميل بن جناح

 ١١ - إسحاق بن إبراهيم الصواف

١٢ - إسحاق بن رزيق الرسعني .

 ١٣ - إسحاق بن زيد الخطابي 

١٤ - إسماعيل بن موسى الفزاري.

١٥ - إسماعيل بن يعقوب الصبيحي

 ١٦ - أيوب بن سليمان - إمام مسجد سلمية.

١٧ - أيوب بن محمد الوزان. 

۱۸ - بشر بن خالد البصري.

۱۹ - الجراح بن مخلد العجلي. 

٢٠ - جميل بن الحسن بن جميل العتكي. 

۲۱ - الحسن بن داود المنكدري.

۲۲ - الحسن بن يحيى الأزدي. 

٢٣ - الحسين بن بحر الأهوازي.

٢٤ - حفص بن عمر بن الصباح الرَّقي.

٢٥ - حوثرة بن محمد البصري.

٢٦- زكريا بن الحكم الأسدي، الرسعني.

۲۷ - زياد بن يحي الحساني.

۲۸ - زيد بن أخزم الطائي.

٢٩ - سفيان بن وكيع بن الجراح. 

٣٠- سلمة بن شبيب المسمعي

۳۱- سليمان بن سلمة الخبائري

٣٢- سليمان بن سيف، أبو داود الحراني.

۳۳- سليمان بن عبد الله بن محمد بن سليمان الحراني.

٣٤- سليمان بن عمر بن خالد الأقطع.

٣٥- صالح بن زياد السوسي.

٣٦- عباد بن يعقوب الرواجني. 

۳۷- عبد الجبار بن العلاء العطّار. 

٣٨- عبد الحميد بن محمد بن مستام

 ٣٩- عبد الرحمن بن خالد بن يزيد القطان

٤٠ - عبد الرحمن بن عمرو البجلي

٤١ - عبد القدوس بن محمد العطار.

٤٢ - عبد الله بن الحكم الخلال

٤٣ - عبد الله بن الصباح العطار.

٤٤ - عبد الله بن محمد بن عمرو بن حبيب.ز

٤٥ - عبد الله بن محمد بن عيشون. 

٤٦ - عبد الله بن الهيثم العبدي.

٤٧ - عبد الله بن الوليد بن هشام.

٤٨ - عبد الله بن يزيد الأعمى.

٤٩ - عبد الوهاب بن الضحاك بن أبان. 

٥٠ - عبدة بن عبد الله الصفار. 

٥١- عبيد الله بن الحجاج بن المنهال. 

٥٢ - عثمان بن يحيى القرقساني. 

٥٣- علي بن إبراهيم بن غزوان الغنوي. 

٥٤ - علي بن جميل الرقي.

٥٧- عمرو بن  عثمان الحمصي.

٥٥ - علي بن ميمون العطار. 

٥٦- عمر بن حفص الشيباني.

٥٨ - عمرو بن هشام الحراني.

٥٩ - فتح بن سلمويه بن حمران.

٦٠ - الفضل بن يعقوب الجزري.

٦١ - قثم بن أبي قتادة الحراني.

٦٢- كثير بن عبيد بن نمير المذحجي.

٦٣ - مالك بن الخليل الأزدي.

٦٤ - محمد بن بشار بن عثمان العبدي.

٦٥ - محمد بن جبلة الرافقي. 

٦٦ - محمد بن الحارث البزار الحرَّاني.

٦٧ - محمد بن زنبور بن أبي الأزهر.

٦٨ - محمد بن سعيد الأنصاري.

٦٩ - محمد بن سفيان بن أبي الزرد الأبلي.

۷۰ - محمد بن سلمة الحراني. 

۷۱- محمد بن سنان الباهلي.

۷۲- محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام بن زيد بن أنس.

۷۳ - محمد بن عبد الله الكريزي.

 ٧٤ - محمد بن عبد الله بن سابور.

٧٥ - محمد بن عبد الله بن يزيد المقريء.

٧٦ - محمد بن عثمان بن كرامة

 ۷۷- محمد بن العلاء بن كريب

 ۷۸- محمد بن عوف بن سفيان الطائي.

۷۹ - محمد بن المثنى بن عبيد العنزي. 

۸۰- محمد بن مسكين اليمامي. 

۸۱ - محمد بن مصفى بن بهلول الحمصي.

۸۲- محمد بن معدان الحراني.

۸۳- محمد بن معمر بن ربعي القيسي.

٨٤- محمد بن المغيرة بن عبد الرحمن الحراني.

٨٥- محمد بن وهب بن أبي كريمة الحراني. 

٨٦ - محمد بن يحيى الأزدي.

۸۷- محمد بن يحيى بن أبي حزم القطعي. 

۸۸- محمد بن يحيى بن كثير الحراني.

۸۹- مخلد بن مالك بن جابر الجمال.

٩٠ - المسيب بن واضح السلمي.

۹۱ - معلل بن نفيل الحراني. 

٩٢ - المغيرة بن عبد الرحمن بن عوف الحراني

۹۳ - مؤمل بن هشام اليشكري. 

٩٤ - ميمون بن الأصبغ النصيبي. 

٩٥ - هارون بن إسحاق الهمداني. 

٦ - هارون بن موسى الهروي. 

۹۷ - هاشم بن القاسم بن شيبة الحراني.

۹۸ - هاشم بن ناجية السلمي. 

۹۹ - هلال بن بشر بن محبوب المزني.

١٠٠ - هلال بن العلاء بن هلال بن عمرو الرقي. 

۱۰۱ – هوير بن معاذ الكلبي. 

۱۰۲ - الوليد بن عبد الملك بن عبد الله الحرَّاني. 

۱۰۳ – يحيى بن الحسن الأبلي.

١٠٤ - يحيى بن حكيم المقوم.

١٠٥ - يحيى بن رجاء بن أبي عبيدة.

١٠٦ - يحيى بن عثمان بن سعيد الحمصي. 

١٠٧ - يحيى بن محمد بن السكن.

١٠٨ - يحيى بن المغيرة بن إسماعيل المخزومي .

۱۰۹ - يزيد بن محمد بن يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان، أبو فروة الرهاوي.

۱۱۰ – أبو رفاعة.

١١١ - أبو سلمة المخزومي.

١١٢ - أبو قلابة الرقاشي.

۱۱۳ – أبو موسى القروي.

تلامذته: 

عاش المصنف - كما أسلفت - في عصر ازدهار علم الحديث، ونشاط الحركة العلمية، حيث كان مولده في "أوائل القرن الثالث"، ووفاته في "أوائل القرن الرابع".

وقد استمرَّ في التحصيل والرواية أكثر من "ثمانين" عاماً، وجدير بمن كان هذا صفته أن يرتحل إليه طلاب العلم لسماع ما عنده، رغبة في علو الإسناد، لأنَّه سُنَّة عمَّن سلف، كما قال الإمام أحمد.

واستطاع التلاميذ الذين سمعوا أبا عروبة بعلو أسانيدهم أن تكون لهم موافقة لأصحاب الكتب الستة فابن حبان مثلاً : وُلِدَ بعد وفاة الإمام البخاري، لكنه عــلا يإسناده حينما روى عن شيوخه من طريق أبي عروبة. فوقعت له موافقة مع البخاري. وكذلك أبو أحمد الحاكم: فإنَّه وُلِدَ بعد وفاة البخاري "بتسعة وعشرين عاماً"، وبعد مسلم "بأربعة وعشرين عاماً".

وقد تتلمذ عليه جماعة من أئمة "القرن الرابع" مِمَّن كان لهم أثر كبير في المجال العلمي، وهم:

١-الحافظ "ابن حبان البستي"، المتوفى سنة "٣٥٤ هـ": اعتمد في صحيحه على "مائة وتسعة وخمسين حديثاً". يرويه عنه مباشرة. 

٢-أبو أحمد بن عدي الجرجاني ، المتوفى سنة "٣٦٥ هـ". روى عنه كثيراً في كتابه "الكامل"، وهي تنقسم إلى: 

أ- أحاديث عن شيوخ كذابين أو ضعفاء، رواها أبو عروبة عن شيوخه الثقات عنهم.

ب - أقواله في أحوال الرواة ووفياتهم. 

٣- أبو أحمد الحاكم محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري، المتوفى سنة "٣٧٨ هـ" روى عنه أحاديث هذا الجزء، وأحاديث في "شعار أصحاب الحديث".

٤ - يزيد بن محمد بن إياس بن القاسم الأزدي، المتوفى سنة "٣٣٤ هـ" اعتمد عليه في "تاريخ الموصل"، ونقل عنه مباشرة في تحديـد وفـيـات بعـض الشيوخ الذين ذكرهم في كتابه. 

٥-أبو الحسين محمد بن المظفر أبو بكر بن المقرئ.

٦- القاضي أبو بكر الأبهري.

٧- عمر بن علي القطان. 

٨-عبد الرحمن بن محمد بن مهران أحمد بن محمد بن الجراح المصري.

٩- علي بن الحسن بن علان الحراني.

١٠- سعيد بن عثمان بن السكن.

١١- أبو بكر أحمد بن محمد بن السني. 

١٢-أبو الشيخ بن حيان أبو الحسن محمد بن الحسين الآبري. 

١٣-وأبو الفتح، محمد بن الحسين بن بريدة الأزدي، وخلق سواهم.

مصنفاته إلى جانب هذا الجزء الذي بين يدينا:

ذكر له العلماء عدداً من المصنفات التي لم نقف على جميعها، فمن تلك المصنفات:

١-حديث يونس بن عبيد: قال الذهبي: قرأت منه الجزء الأول والثاني. 

٢ - الأوائل: ذكره السخاوي في ترجمة شيخه الحافظ ابن حجر، وذكره الحافظ أيضاً في الإصابة.

٣ - كتاب الجزيرة، أو التاريخ، أو تاريخ حران. 

٤-كتاب الطبقات.

٥- كتاب الأمثال السائرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

٦- حديثه عن شيوخه: رواية أبي الحسن علي بن الحسين بن بندار الأنطاكي، احتوى على "٧٩" حديثاً ليس منها في هذا الجزء شيء.

٧-حديث الجزريين.

٨-كتاب الأحكام. 

٩-کتاب الأسامي والكنى. 

۱۰ - کتاب شواهد الشعر. 

وفاته: 

مات المؤلف رحمه الله سنة "ثمان عشرة وثلاثمائة" بعد عمر ناهز التسعين عاماً قضاها في التأليف والتدريس حتّى ألحق الأصاغر بالأكابر كما أسلفت.

الجزء الذي بين أيدينا: عبارة عن أحاديث رواها المصنف عن شيوخه الثقات، وفيه الصحيح، والحسن، والضعيف الذي ينجبر بمتابع له، والضعيف الذي لا ينجبر لعدم مجيئـه من وجه آخر في خارج هذا الجزء. 

وفيه إسنادان غلط الرواة فيهما، وهما الحديث رقم ٣٢، ورقم ٤٩ وقد بلغ عدد أحاديثه: واحداً وستين حديثاً، منها أربعة أحاديث موقوفة.

إسناد الكتاب:

أخبرنا الشيخ المُعمّر قاسم بن إبراهيم بن حسن البحر القديمي اليمني، عن السيد محمد بن سليمان إدريسي بن محمد بن سليمان (الأوسط) بن عبد الله بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل  الزبيدي، عن أبيه سليمان إدريسي، عن أبيه محمد، عن جده لأمه الوجيه عبد الرحمن بن سليمان الأهدل، عن المرتضى محمد بن محمد الزبيدي، عن الشيخ المعمر أحمد بن شعبان بن عزام بن سابق الزعبلي، عن الشمس أبي عبد الله محمد بن علاء الدين صالح البابلي، عن شمس الدين محمد بن أحمد بن حمزة الرملي، عن زكريا بن محمد الأنصاري، عن الحافظ الشهاب ابن حجر العسقلاني، عن أبي هريرة عبد الرحمن بن الحافظ شمس الدين الذهبي، عن مصنفها والده الشمس الذهبي.

وقال الإمام الذهبيُّ: أخبرنا أبو الفضل بن هبة الله سنة ثلاث وتسعين، بقراءتي عن عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل اليزّاز الهروي سنة عشر وستمائة، أنبأنا زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي، سنة سبع وعشرين وخمسمائة، أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، أنبأنا أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الحافظ، أنبأنا أبو عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني به.