أرشيف المدونة الإلكترونية

الأحد، 10 يوليو 2022

حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني

حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة

الشيخ محمد ناصر الدين الألباني

بقلم: ا. محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد/ الإسلام هو الدين الوسط الذي يُلائم الفطرة البشرية، وينميها تنمية نظيفة، دون إفراط أو تفريط، ولقد شرع الإسلام الحجاب، وحرّم السفور والاختلاط، ونهى عن عوامل الاستثارة والانحلال، فكبح جماح غريزة الإنسان الجنسية، وضبطها بضوابط شرعية خلقية، يحقق استخدامها: حياة أسرية متعاطفة رحيمة، ويمكن بواسطتها مد المجتمع الإنساني بالنسل الطاهر النظيف.


وقد أحكم الإسلام في نظامه الاجتماعي العلاقة بين الرجل والمرأة، واتخذ التدابير الوقائية التي تجعل هذه العلاقة قائمة على العفة والشرف والكرامة وصيانة العرض، ولا شك أن ((الحجاب)) يأتي في مقدمة هذه التدابير الوقائية التي تحترم كينونة هذا الإنسان، حتى لا تكون هناك إثارة لغرائز الجنس، ومن هذه التدابير -أيضاً -تحريم الخلوة بالأجنبية، فلا يجوز للرجل أن يخلو بامرأة إلا أن يكون محرماً لها، أو يكون معها محرم.

وهذه رسالة لطيفة، وبحوث شريفة جمعها الإمام الألباني رحمه الله تعالى -لبيان اللباس الذي يجب على المرأة المسلمة أن تدثّر به إذا خرجت من دارها، والشروط الواجب تحققها فيه؛ حتى يكون لباساً إسلامياً ساتراً، وقد استدل في ذلك بما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة، وما ورد من الآثار عن الصحابة والتابعين وأئمة الدين، وقد بين الألباني أن ستر الوجه مندوب وليس بفرض (وانظر ص ٤٧ =مشروعية ستر الوجه).

ولا شك أن ستر المرأة نفسها، وعدم إبدائها لمحاسنها يزيد من عفة الرجال في المجتمع؛ فيقنع كل امرئٍ بما عنده من النساء، ولا يتطلع إلى غيرهنَّ، ولا يقارن بين زوجته وبين غيرها، ويوم أن تستجيب المرأة المسلمة لأمر الله تعالى، وتحتشم بالحجاب وتستتر به، عندها يمكن أن يعود للمسلمين عزهم ومجدهم، وتقوم لهم دولتهم، وينصرهم الله على عدوهم.

ولعل سؤالاً يُطرح في هذا المقام، وهو: (لماذا فرض الله الحجاب؟) 

والجواب على ذلك في ثلاث نقاط أساسية، وهي:

أولاًَ: ضمان الطهارة القلبية والنفسية للرجال والنساء، لأن الحجاب يكفل المحافظة على عفة الرجل، ومنع تلوث قلب المرأة بالباطل، يقول تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِ} (الأحزاب: 53).

ثانياً: معرفة أن المتحجبة امرأة فاضلة محصنة، فلا يقربها أحدٌ بأذى، سواء أكان ذلك بالقول أم بالفعل، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب: 59).

ثالثاً: إصلاح الرجال والنساء بالحرص على تجنيبهم سبل الغواية والضلال، وتوصيلهم إلى الفلاح والفوز والنجاة، قال تعالى: { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (النور: 30، 31).

الصورة الصحيحة للحجاب الشرعي:

أولاً-استيعاب جميع البدن إلا ما استثنى (الوجه والكفين).

  • قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب: 59).

[يُدنين" أي يُرخين ويُسدلن. الجلباب: هو ثوب واسع تلتحف به المرأة فوق ثيابها، ويستعمل في الغالب إذا خرجت من دارها].

  • وقال تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النور: 31). 

[الخمر: جمع خمار، وهو ما يُغطى به الرأس، و"الجيوب" جمع جيب، وهو موضع القطع من الدرع والقميص، (إلا ما ظهر منها) قال ابن عباس: وجهها وكفيها والخاتم، ورُوي عن ابن عمر، وعطاء، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبي الشعثاء، والضحاك، وإبراهيم النخعي وغيرهم نحو ذلك. فأمر تعالى بليِّ الخمار على العنق والصدر، ودلَّ على وجوب سترهما].

ثانياً: ألا يكون زينةً في نفسه:

بمعنى ألا يكون ذا ألوانٍ مُلفتة أو مبهرجاً أو مزركشاً أو فيه نقوش كثيرة بحيث يلفت أنظار الرجال، لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (النور: 31).

ثالثاً: أن يكون صفيقاً لا يشف:

لقوله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساءٌ كاسيات عاريات مائلات مميلات، على رءوسهنَّ أمثال أسنمة البخت، لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها…) الحديث (رواه أحمد ومسلم).

[كاسيات عاريات: يعني تلبس الثياب الرقاق، بحيث يصف لون بدنها، وقيل هي التي تكشف شيئاً من جسمها وتستر شيئاً، فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة]

وعن أم علقمة بن أبي علقمة، قالت: رأيتُ حفصَةَ بنتَ عبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي بَكرٍ دخلَت علَى عائشَةَ وعلَيها خِمارٌ رقيقٌ يشِفُّ عَن جَبينِها، فشَقَّتهُ عائشَةُ علَيها، وقالَت: (أما تَعلَمين ما أنزلَ اللهُ في سورَةِ النُّورِ؟! ثمَّ دَعَت بخِمارٍ فكسَتْها . .) [صحيح].

رابعاً: أن يكون فضفاضاً غير ضيق:

وذلك بأن يكون متجافياً عن الجسم، وغير محدد للأعضاء، وغير مُعظّم للرأس، ويمكن الاستدلال على هذا الشرط بحديث (النساء الكاسيات العاريات) الوارد في الشرط السابق، وبذلك يتبين أن ما تفعله بعض المحجبات من ارتداء ملابس محددة للخصر والصدر عند خروجها من البيت: كالبلوزة، والبنطال، لا يفي بشروط الحجاب الصحيح.

وفي الحديث عن أسامة بن زيد، قال: (كَساني رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قُبْطيَّةً كَثيفةً ممَّا أهداها له دِحْيةُ الكَلبيُّ، فكَسَوتُها امرأتي، فقال: ما لك لم تَلبَسِ القُبطيَّةَ؟ قُلتُ: كَسَوتُها امرأتي، فقال: مُرْها فلتَجعَلْ تحتها غِلالةً؛ فإنِّي أخافُ أنْ تَصِفَ عِظامَها) [صحيح، رواه أحمد].

فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم أمر بأن تجعل المرأة القبطية "غلالة" وهي شعار يُلبس تحجت الثوب، ليمنع بها وصف بدنها، والأمر يُفيد الوجوب، كما هو مقرر في الأصول، وقد صرَّح بأن المحذور الذي خشيه من هذه القبطية أن تصف حجم عظامها، وهذا نصٌّ في أن المحذور منها إنما هو وصف الحجم لا اللون.

خامساً: أن لا يكون مبخراً مُطيباً:

وذلك لئلا يصدر عنها رائحة مميزة كالطيب، والبخور، وما في حكمهما من أنواع العطور النباتية والصناعية، كالفل والياسمين، لحديث أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيُّما امرأةٍ استعطَرَتْ، فمَرَّتْ بقَومٍ ليَجِدوا ريحَها فهي زانيةٌ) [صحيح، رواه أحمد والحاكم].

وسبب المنع من التعطر واضحٌ، وهو ما فيه من تحريك داعية الشهوة، وقد ألحق به العلماء ما في معناه، كحًسن الملبس، والحلي الذي يظهر، والزينة الفاخرة، وكذا الاختلاط بالرجال.

سادساً: ألا يشبه لباس الرجل:

لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعن رسولُ اللهِ الرجلَ يلبس لبسةَ المرأةِ، والمرأةَ تلبس لبسةَ الرجُلِ) [صحيح، رواه أحمد].

وعن ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منَّا مَن تشبَّه بالرِّجالِ من النِّساءِ ولا مَن تشبَّه بالنِّساءِ من الرِّجالِ) [صحيح، أخرجه أحمد].

وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعنَ المتشبِّهينَ منَ الرِّجالِ بالنِّساءِ ، ولعنَ المتشبِّهاتِ منَ النِّساءِ بالرِّجال) [صحيح].

فهذه الأحاديث تدل على أنه لا يجوز للمرأة أن يكون زيها مشابهاً لزيّ الرجل، فلا يحل لها أن تلبس رداءه وإزاره ونحو ذلك، كما تفعله بعض بنات المسلمين في هذا العصر من لبسهن ما يُعرف (بالجاكيت) القصيرة، و(البنطلون)، وإن كان هذا في الواقع أستر لهن من ثيابهن الأخرى الأجنبية التي تُظهر فيها شيئاً من جسمها.

يقول ابن تيمية -رحمه الله تعالى: (وما كان من لباس الرجال، مثل: العمامة، والخف، والقباء الذي للرجال، فإن المرأة تُنهى عنه، وعلى وليها: كأبيها وزوجها أن ينهاها عن ذلك) [القباء: رداء قصير كالجاكيت، مجموع الفتاوى: 22/ 156].

سابعاً: ألا يشبه لباس الكافرات:

بمعنى ألا يُشبه لباسها لباس الكافرات اللاتي يميزهُنَّ، كزي الراهبات، لأن الشريعة نهت عن التشبه بالكفار، سواءً بالأقوال، أو الأفعال، أو الملابس الخاصة بهم، وكذلك أمرت بمخالفتهم في الزي والهيئة.

وعن عبد الله بن عمرو، قال: (رأى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عَلَيَّ ثوبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فقال: إن هذه من ثيابِ الكفارِ فلا تَلْبَسْهُما، قلتُ: أَغْسِلُهُما، قال: أَحْرِقْهُما) (رواه مسلم).

ثامناً: ألا يكون لباس شهرة:

والدليل على ذلك ما جاء عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (مَن لَبِسَ ثَوبَ شُهرةٍ، ألْبَسَهُ اللهُ ثوبَ مَذلَّةٍ يومَ القيامةِ) [رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه].

وثوب الشهرة هو الذي إذا لابسه الإنسان افتُضح به واشتُهر بين الناس، والمراد أنه لا يجوز لابسه لا شرعاً ولا عُرفاً، وهذا الحكم يشمل الرجال والنساء.

وقال ابن تيمية -رحمه الله: (وتكره الشهرة من الثياب وهو المترفع عن العادة، والمنخفض عن العادة) [مجموع الفتاوى: 22/ 138].





الخميس، 7 يوليو 2022

جزء في فضل يوم عرفة لابن ناصر الدين الدمشقي (ت 840هـ)

جزء في فضل يوم عرفة

لابن ناصر الدين الدمشقي (ت 840هـ)

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ اتفق العلماء على فضل يوم عرفة، وأنه أفضل أيام الدنيا، وأنه يأتي في خير أيام السنة، وهي أيام العشر من ذي الحجة، التي يضاعف فيها ثواب الأعمال، وهي الأيام المعلومات، التي أتمها الله لموسى عليه السلام، وأمر فيها بذكره: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (الحج: 28).

وتأتي هذه الأيام المعلومة في خاتمة الأشهر المعلومة، وقد جاء في الخبر أن العمل المفضول فيها خير من العمل الفاضل في غيرها، وروي أنه يُستجاب فيها الدعاء.

ويُندب صيام يوم عرفة لغير الحاج، وجاء في فضل صيامه أنه يُكفر السنتين الماضية واللاحقة، وليوم عرفة أسماء أخرى، فهو "يوم التمام" الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم النعمة، وهو "يوم الحج الأكبر"، وهو "اليوم المشهود".

وهذا جزء حديثي نفيس في فضل هذا اليوم (يوم عرفة) للإمام الحافظ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن محمد الشهير (بابن ناصر الدين الدمشقي) أحد أعلام القرن التاسع الهجري، وقد تضمن هذا الجزء تفسير 9 آيات من كتاب الله تعالى، و 53 حديثاً، بعضها ضعيف، وبعضها واهي، وفيها الصحيح والحسن.

وقد طبع هذا الجزء في مجموع رسائل الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي الذي تضمن 13 رسالة وجزءاً، ويقع من ص 117 إلى ص 189.

***

    قلت «محمد حنونة» في أبياتٍ لي نظمتها:

أكرم بعشر صالحات تعرف

بالذكر والتهليل و(انحر) تشرف

تاسعها خير الأيام عرفة 

أعلمنا فيه (بعتق الرقبة)

وهو العيد العظيم فيه أكملا

لنا فيه الدين القويم ربنا

فأتم الله به علينا النعمة 

(بأكملت لكم) في يوم الجمعة

و(مشهود) البروج فيها قد أتى

و(وتر) والفجر يزيد الشرفا

(يكفر سنتين): واحدة مضت

ولاحقة بذا الرواية قد أتت

و(إنما يصومه من لم يحج)

ويحتسب ثوابه ولا يضج

و(يدنو ربنا من أهل الموقف)

ويعطي كل سائل ويعطف

ثم الصلاة والسلام السرمدي

على إمام الأتقيا محمد

وآله وصحبه أهل النقا 

وكل تابع لهم محققا

والحمد لله على ما أنعم وتفضل

عشية الثلاثاء، 5/ 7/ 2022م.

***

أولاً: سبب تسميته بيوم عرفة:

1-لأن جبريل عليه السلام علّم إبراهيم المناسك كلها بعرفة، عن أبي مجلز.

2-لأن آدم عليه السلام وقع بالهند، وحواء بجُدّة، فاجتمعا بعرفة وتعارفا، قاله الضحاك.

3-لأن إبراهيم عليه السلام عرف فيه أن رؤيا ذبحه إسماعيل كانت حقاً، عن ابن عباس.

4-لطيب رائحة ذلك اليوم، قاله الأنباري في جملة التأويلات.

5-لأن آدم اعترف فيه بذنبه فقبل منه وغُفر له.

6-لأن الناس يتعارفون بعرفات، فالشامي يتعرف إلى اليماني والعراقي

7-لأن الناس يعترفون هناك بذنوبهم ويقرون بها، فيغفرها الله لهم.

8-إن الحور العين يستأذنَّ في أن يطلعن على أزواجهنَّ في يوم عرفة، ذكره الترمذي.

***

ثانياً: قوله تعالى: {والفجر} اختلف العلماء في تعيين المراد؛ على أقوال:

1-أقسم بوقت بدو النهار: روي عن علي بن أبي طالب.

2-أقسم بأول صلاة في النهار: روي عن ابن عباس.

3-أقسم برب الفجر، على تقدير مضاف محذوف.

4-فجر يوم النحر: قاله مجاهد.

5-فجر أول يوم من المحرم؛ لأن منه تنفجر أيام السنة، قاله قتادة.

6-أول يوم عشر ذي الحجة، قاله الضحاك بن مزاحم.

7-فجر يوم عرفة، روي عن جابر، وهو المشهور الصحيح عن ابن عباس، وقول الأكثر.

8-هو محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه تفجر منه الإيمان، روي عن ابن عطاء.

9-هو ما يتفجر من ماء الأنهار والعيون الذي يعجز البشر عن مثله، قاله طاهر الحداد.

***

ثالثاً: قوله تعالى:{والشفع والوتر}.

فالأماكن والأعمال والأزمان والأشخاص والأوصاف منها شفع ومنها وتر:

فالأماكن: كالصفا والمروة شفع، والبيت وتر، ومنى ومزدلفة شفع، وعرفة وتر.

وأما الأعمال: فالطواف وتر، وركعتاه شفع، والصلوات كلها شفع إلا المغرب فإنها وتر.

وأما الأزمان: أيام العشر شفع ويوم عرفة وتر، أو الأيام كلها شفع ويوم القيامة وتر.

وأما الأشخاص: فآدم وتر وحواء شفع، والله سبحانه وتر وبقية المخلوقات شفع.

وأما الأوصاف: فالمخلوقات صفاتها شفع، فتتصف بالشيء وضده من العز والذل، والقدرة والعجز، والقوة والضعف، والعلم والجهل، والحياة والموت، بينما الخالق جل في علاه صفاته وتر أي أن صفاته مفردة، فهو العزيز بلا ذل، والقادر بلا عجز، والقوي بلا ضعف، والعالم بلا جهل، والحي الذي لا يموت.

***

رابعاً: سبب تسمية اليوم الثامن من ذي الحجة بيوم التروية:

1-من تروِّي إبراهيم عليه السلام في شأن رؤياه بذبح الولد.

2-لأن الناس كانوا يتروون معهم من الماء من مكة، فإن عرفات لم يكن بها ماء.

3-لأن آدم عليه السلام أقبل من السند والهند حاجاً، وكان في وقت شديد الحر فعطش، فشكى ذلك إلى جبريل عليه السلام، فنفخ في الأرض نفخة فخرج منها الماء، فروي.

4-لأن الناس يتروون في ذلك اليوم تحت رحمة الله.

***

خامساً: أسماء الأيام السبعة التي هي آخر موسم الحج:

7 =يوم الزينة

8=يوم التروية

9=يوم عرفة

10=يوم النحر

11=يوم القر؛ لأنهم يقرون فيه بمنى.

12=يوم النفر الأول

13=يوم النفر الثاني.

***

سادساً: الحكمة من فطر الحجاج يوم عرفة:

سئل سفيان بن عُيينة، عن النهي عن صيام يوم عرفة -يعني للحاج؛ فقال: لأنهم زوار الله عز وجل وأضيافه، ولا ينبغي للكريم أن يُجوّع أضيافه.

***

سابعاً: مزية موافقة يوم الجمعة ليوم عرفة:

1-الموافقة لوقفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي اختارها الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، فإنها كانت يوم الجمعة بلا خلاف، ومعلومٌ أن الله تعالى لا يختار لرسوله إلا الأفضل.

2-وما رُوي أن أبواب السماء تفتح في ليلة الجمعة سبع مرات، وفي ليلة عرفات تسع مرات، وعليه فإن وافق الجمعة عرفة فتحت أبواب السماء ست عشر مرة.

3-اجتماع المسلمين في أقطار الأرض للخطبة وصلاة الجمعة، واجتماع وفد الله بعرفة للوقوف بها، فيحصل من الجمعين من الدعاء والتضرع والابتهال والعبادة، ما لا يحصل منهما في يوم سواه.

4-أن الأعمال تزكو لشرف الزمان وشرف المكان وشرف الذات، وقد اجتمع يومان شريفات تزكو فيهما الأعمال، فيوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، ويوم عرفة أفضل أيام السنة، والوقوف بعرفة أفضل أركان الحج.

5-أنهما عيدان لأهل الإسلام، اجتمعا في يوم، فيوم عرفة عيد كما سماه عمر بن الخطاب، ويوم الجمعة عيد كما هو المشهور.

6-اجتماع الشاهد والمشهود في يوم واحد (الشاهد) يوم الجمعة، و(المشهود) يوم عرفة.

7-اجتماع يومين محترمين عظيمين: يوم الجمعة الذي صحَّ فيه أنه خير يومٍ طلعت فيه الشمس، وحرمة يوم عرفة مشهورة.

8-أنه موافق لليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم فيه النعمة على المؤمنين.

9-أنه اجتماع يومين يُستجاب فيهما الدعاء، يوم الجمعة فيه ساعة استجابة، ويوم عرفة فأمر الدعاء فيه مشهور، وقد دعا فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأمته بالمغفرة والرحمة، فأعطاه سؤله.




الاثنين، 4 يوليو 2022

مختصر تاريخ البصرة - علي ظريف الأعظمي

مختصر تاريخ البصرة

علي ظريف الأعظمي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة



تمهيد/ البصرة مدينة عراقية قديمة، تقع في أقصى جنوب العراق على الضفة الغربية من شط العرب، وهو ملتقى نهري دجلة والفرات، وهي من المدن الإسلامية الكبرى التي لها شأن عظيم، وقد اتفق فيها أحداثٌ جمّة وانقلابات سياسية، ووقائع حربية وتغييرات إدراية وغيرها، ولما حان فتحها، ودنا فرجها توجه أمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عتبة بن غزوان المازني بأن يبادر إلى فتح البصرة لتكون جبهة ثانية ضد يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الدولة الساسانية، لتكون البصرة خط الدفاع الأول ضد الهجمات الفارسية، وتكون أحد المواقع المهمة التي تحجز الفرس عن التقدم شمالاً نحو الإبلة التي أراد عمر فتحها.

وكان سيدنا عمر حريصاً على فتح الأبلة لإرباك الفرس، وإضعاف صفوفهم، بالإضافة إلى دعوة أهلها إلى الإسلام، ولذلك أرسل عمر بن الخطاب الصحابي الجليل عتبة إلى البصرة في أواخر ذي القعدة عام 15 هجريًا، الموافق أواخر ديسمبر عام 636م، وتم فتحها على يديه.

 وبعد هذا الفتح الكبير في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وصف عتبة هذه المدينة لعمر بن الخطاب أرض البصرة، فقال: إنها أرض كثيرة الخضرة وفيرة الماء، وتصلح أن تُمصّر، فأذن له عمر بتمصيرها.

وأما عن معنى البصرة في اللغة العربية الأرض الغليظة الصلبة ذات الحجارة الصلبة.

وقد توالى على حكم البصرة العديد من الأقوام والقبائل والدول الإسلامية، كان أهمها: الخلفاء الراشدون، ثم الأمويون، فالعباسيون، ثم المغول والتتر، يليه العهد الصفوي، فالعثماني، ثم سقوط البصرة بيد البريطانيين.

وهذا كتاب نفيسٌ جداً ومختصر ومركز حول تاريخ البصرة، لا يستغني عنه طالب علم وقارئ في التاريخ، تحدث فيه مؤلفه عن تاريخ البصرة بشكل مركز ومتسلسل، وقد قسّم الحديث عن البصرة إلى فصلين:

الفصل الأول تحدث فيه عن البصرة القديمة منذ عهد الدولة الساسانية ثم الفتح الإسلامي وما تتالى عليها من الخلفاء والدول الإسلامية من حين فتحها وحتى خراب البصرة القديمة.

 وأما الفصل الثاني فقد تحدث فيه عن البصرة الحديثة من عهد الإيلخانيين وحتى انقراض العهد العثماني وسقوطها بيد البريطانيين.

مقدمة المؤلف 3

الفصل الأول: "البصرة القديمة" تمهيد 4

وقعة الحفير 9

وقعة الثني 10

مسير خالد إلى الشام 11

فتح الأبلة 13

تأسيس البصرة القديمة 14

البصرة في عهد الخلفاء الراشدين 18

وقعة الجمل 22

إمارة عبد الله بن عباس على البصرة 35

البصرة في عهد الأمويين 39

إمارة زيد على البصرة 4341

الخطبة 43

خروج البصرة من يد الأمويين 57

إمارة مصعب بن الزبير على العراق 62

رجوع البصرة إلى بني أمية 65

إمارة خالد 68

إمارة الحجاج 70

استيلاء ابن الأشعث على البصرة 72

استيلاء ابن المهلب على البصرة 74

انقراض الدولة الأموية من البصرة 82

تتمة لما مر 85

البصرة في عهد العباسيين 86

فتنة إبراهيم بن عبد الله واستيلاؤه على البصرة 88

الاضطرابات في البصرة 89

البصرة في عهد الرشيد 91

البصرة في عهد المأمون 93

الفتن في البصرة 95

استيلاء الزنوج على البصرة 96

انحطاط البصرة وهجمات القرامطة عليها 101

الفتن في البصرة وهجوم القرامطة أيضاً 103

ولاية ابن رائق على البصرة 105

استيلاء البريدي على البصرة 105

استيلاء معز الدولة البويهي على البصرة 107

البصرة في عهد بني بويه 107

إمارة حبشي على البصرة وعصيانه 108

إمارة المرزبان وعصيانه 109

عضد الدولة وشرف الدولة والبصرة 110

البصرة في أيام بهاء الدولة 111

استبداد أبي العباس في البصرة 113

البصرة في عهد سلطان الدولة وجلال الدولة 114

البصرة في عهد السلجوقيين 117

غزو الأعراب البصرة واستيلاؤهم عليها 119

استبداد إسماعيل بن سلانجق بالبصرة وعصيانه فيها 120

إمارة سيف الدولة على البصرة 122

إمارة الأمين أقسنقر البخاري على البصرة 124

استيلاء ابن سكبان على البصرة 125

رجوع البصرة إلى الخلافة العباسية 126

استيلاء ابن شنكا على البصرة 128

غزو العامريين البصرة 129

البصرة أواخر عهد العباسيين 130

الدولة الإيلخانية المغولية في البصرة 131

خراب البصرة القديمة 131

تتمة 132

الفصل الثاني "البصرة الحديثة" 137

البصرة الحديثة في عهد الإيلخانيين 138

البصرة في أيام الدولة الجلائرية وأيام تيمور لانك 139

البصرة في عهد الدولة الصفوية الفارسية 142

البصرة في العهد العثماني الأول 144

استقلال الأمراء بالبصرة 146

ولاة البصرة الأتراك 152

هجوم المنتفكين على البصرة 153

استيلاء المنتفكين على البصرة 155

دخول البصرة في قبضة الفرس وإخراجهم منها 156

استيلاء المنتفكين على البصرة مرة ثانية وطردهم منها 157

إغارة نادر شاه على البصرة 158

استيلاء كريم شاة الزندي على البصرة 159

استيلاء المنتفكين على البصرة للمرة الثالثة 162

القلاقل في البصرة وإغارة أمير نجد عليها 163

غارة المنتفكين وهجوم بني كعب على البصرة 165

البصرة بعد الوزير داود باشا 166

البصرة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني 168

البصرة بعد إعلان الدستور 169

سقوط البصرة بيد البريطانيين 172.