عبادة القبور عند غلاة الصوفية عرض ونقد
الباحثة الأستاذة. عبير نعيم سعيد الدهشان
(رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية -غزة، فلسطين)
إشراف: أ.د. جابر زايد عيد السميري
تلخيص: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة.
تمهيد/ تتابع ظهور الطرق الصوفية في القرن الرابع الهجري على وتيرة متلاحقة وغير مسبوقة بسبب الأحداث المتأزمة في العالم الإسلامي على المستوى الاقتصادي والسياسي والثقافي، بالإضافة إلى الفقر والجهل المدقعين اللذين سادا في تلك الفترة.
وفي القرون السادس والسابع والثامن بلغت الفتنة الصوفية أقصاها وأنشئت فرق خاصة بالـدراويش، وظهـر ما يُسمى بالمجاذيب، وبنيت القباب على القبور في كل ناحية، وذلك بقيام الدولة الفاطمية في مـصر، التي بسطت سيطرتها على أقاليم واسعة من العالم الإسلامي، وبنائها للمزارات والقبور المفتراة؛ كقبر الحسين بن علي رضي االله عنهما في مصر والسيدة زينب.
وقام الفاطميون (العُبيديون) بعد ذلك باختراع الموالد والبدع والحوليات وشرك القبور، ونشروا في الناس الخرافات الكثيرة فيما يتعلق بالخوارق وعبادة القبور والاستغاثات المُحرمة، والتي كان أعظمها تأليههم للحاكم بأمر الله الفاطمي.
ومن ثمَّ بدأت الدعوة الفاطمية بالمغرب الإسلامي لتكون بديلًا للحكم العباسي السني، واستطاعت هذه الدولة تجنيـد هـذه الفرق الصوفية وغزو العالم الإسلامي بهذه الجيوش الباطنية التي كان لها أعظم الأثر بعد ذلك في تمكين الجيوش الصليبية من أرض الإسلام، كما هو معلومٌ من الواقع والتاريخ.
ولقد عمَّ الخطب وطم في القرون المتأخرة التاسع والعاشـر والحـادي عـشر الهجري؛ إذ ظهرت آلاف الطرق الصوفية، وانتشرت العقائد والبدع الصوفية في الأمة، واسـتمر ذلك إلى عصر النهضة الإسلامية الحديثة.
وقد قامت الدعوة للصوفية وإظهار شـأنها من جديد في هذا العصر على نطاق واسع بسبب عوامل عدة منها -:
1. جهل كثير من المسلمين بحقيقة دينهم، ثم الجهل بحقيقة الصوفية كذلك، والخطر الذي تُمثله هذه الفئة من الناس.
2. مساعدة أعداء الإسلام على نشر الصوفية، لأنهم يعرفون المكاسب التـي سيجنون ثمارها إذا علا سلطان الصوفية وفشا الجهل، وانتشرت الخرافات الصوفية وخزعبلاتها، وتأثروا بآرائها السلبية في مفهوم الجهاد في سبيل االله، وفي مفهوم وحدة الأديان التابعـة لمفهوم وحدة الوجود.
أهمية هذا البحث:
تبرز أهمية اختيار الموضوع في عدة أمور منها:
إبطال عقيدة تقديس القبور وعبادتها عند الفرق الضالة كالصوفية والشيعة
بیان المحرمات والبدع عند زيارة القبور.
الغيرة على صفاء التوحيد.
توعیة بعض عوام المسلمين من خطر هذه البدع والخرافات
أسباب اختيار هذا الموضوع:
الرغبة الشديدة في خدمة الإسلام والدفاع عنه من الفرق الدخيلة.
الإسهام في المحافظة على العقيدة الإسلامية سلیمة من الأفكار الدخيلة.
تذكیر علماء المسلمین في التصدي لهؤلاء الضالين.
توعیة الأمة الإسلامیة بحقيقة عباد القبور وخطرهم على الأمة الإسلامیة
الصُّوفية القبورية (تعريفها، ونشأتها، وتطورها):
1. القبوري في اللغة مأخوذ من القبر، وهو جارٍ مجرى العلم لاختصاصه بطائفة بأعيانهم، مثل: أصولي نسبة إلى علم الأصول، وأنصاري نسبة إلى الأنصار.
2. القبوري في الإصطلاح يطلق على كل مبالغ في تعظيم القبور وتقديسها، والاعتقاد فيها ما لا يجوز اعتقاده في غير الله عز وجل، وهو مصطلحٌ حادثٌ لا يُعرف في كتابٍ ولا سُنَّة.
3. نشأت القبورية في عهد سيدنا نوح عليه السَّلام، حيث كان عبد قومه رجالاً كانوا صالحين (ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسرا)، فلما ماتوا صوروا تماثيل لهم، واحتجوا بأن ذلك أشوق للعبادة، فلما مات المصورين، جاء قوم فعبدوهم، بإيحاء من إبليس الذي وسوس إليهم أن أسلافهم إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يُسقون المطر.
4. أما ودَّا، فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، وأما نسرا فكانت لحمير، وأما يعوق فكانت لهمدان.
5. وهكذا تطورت القبورية من تعظيم الأشخاص، إلى تعظيم القبور، إلى عبادتها، حتى أصبح لها طقوس خاصَّة تمارس عند القبر، كما عند الصُّوفيَّة، والشيعة، وغيرها من الفرق كالقاديانية، والبهائية، وغيرهم في غالب البلاد الإسلامية.
6. ويقول: "فإن المجاهدة تفضي إلى المشاهدة ودقائق علوم القلب تنفجر بها ينابيع الحكمة من القلب، وأما الكتب والتعليم، فلا تفي بذلك"([1]).
7. أسباب ظهور عبادة القبور عند الصُّوفية:
أ-الجهل بحقيقة ما بعث الله به الرسل من تحقيق التوحيد وقطع أسباب الشرك.
ب- الإعراض عن كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ت- قصور الفهم في تحميل النصوص الشرعية على أناس قد مضوا، بحيث لا يتصور دخول أحد من اللاحقين في معاني ومقتضيات وأحكام هذه النُّصوص.
ث- كثرة الكتب غير الموثقة التي تخلط الحق بالباطل، والسنة بالبدعة، والحسنة بالسيئة.
ج- الحكايات المكذوبة، والأحاديث الباطلة التي تدور حول نفع الأموات للأحياء، ومنها: (إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور، ولو حسن ظن أحدكم بقبر لنفعه) ([2])، ومن الحكايات أن فلاناً استغاث بقبر فلان فشفاه، أو أعطاه، أو دفع عنه بلاه.
ح- التعصب الديني والمذهبي للأشخاص والطوائف، ما يدعوهم إلى تعظيم أصحابها أحياءً وأمواتاً.
خ- أنها وسيلة للكسب والمعاش عند كثير من الناس، ما أتاح فرصة لنشر الأكاذيب والأساطير حول المقبور وكراماته، وبقدر ذلك تكون العطايا والمنائح والهدايا والنذر.
د- إتلاف الوقت والأموال ووقف الأوقاف في نشر الكتب الخرافية، وتشييد المقابر، وعمارتها.
ذ- اختلاط المسلمين بأصحاب الديانات الأخرى من يهود ونصارى الذين يعظمون القبور ويعبدون أصحابها، بل إن كثيراً من المسلمين من ينذرون للمواضع التي يعظمها النصارى، ويلتمسون البركة من قسيسيهم، ورهبانهم([3]).
ر- ترك الاقتداء بأفعال علماء الإسلام، وقلة السعي والجهاد في سبيل الله، والانصراف إلى أعمال لا طائل من ورائها مثل: الزيارات، والنذور، والبكاء، والنواح، وتشكيل مواكب العزاء، وضرب الرؤوس بالسيوف.
وجه التَّشابه بين الشِّيعة والصُّوفية:
1. الشيعة يعتقدون أنه لا طريق للإسلام إلا عن طريق الأئمة الاثني عشر، والصوفية يعتقدون أنه لا ذكر ولا إسلام إلا عن طريق الشيخ.
2. الشيعة يعتقدون عصمة الأئمة، والصوفية يعتقدون عصمة الشيخ.
3. الشيعة يجتمعون في الحسينيات لأداء الشعائر الشيعية، والصُّوفيَّة يجتمعون في الزوايا والخوانق لأداء وظائف الطريق والشعائر الصُّوفيَّة.
4. الشيعة يهتمون بالمواسم وموالد الأئمة، والصُّوفيَّة كذلك، فلا يتركون ضريحاً إلا جعلوا له موسماً، واحتفالاً سنوياً، يقيمون فيها طقوسهم الشركية والبدعية.
5. الشيعة يهتمون ببناء الأضرحة والطواف حولها، وشد الرحال إليها، والاستغاثة والدعاء لمقبوريهم، وكذلك الصوفية.
6. الشيعة يبنون دينهم على الخرافات والأوهام والأساطير، والأحاديث الباطلة والموضوعة، ويجوز في دينهم استخدام السحر، وعلم النجوم، وتسخير الجان، والشعوذة، وكذلك الصُّوفية.
7. الشيعة يعتمدون في دينهم على الأئمة الاثني عشرية، وينتمون إلى علي بن أبي طالب، والصُّوفية عندهم سندٌ في الخرقة ينتهي إلى عليِّ بن أبي طالب.
8. الشيعة يتميزون بألبستهم الخاصة، وعمائمهم السوداء والبيضاء، والصُّوفية كذلك يتميزون بعمائمهم الصفراء والخضراء.
9. الشيعة دائماً يتصفون بالضوضاء والضجة في لقاءاتهم ومواسمهم وأعيادهم، وكذلك الصوفية.
10. الشيعة يسمون أنفسهم وأبناء ملتهم بـ"الخاصة"، والصُّوفية يسمون أنفسهم وأبناء طرقهم بالخاصة.
11. الشيعة يستخدمون التقية والغش والخداع مع غيرهم من المسلمين، وكذلك الصوفية يستخدمون السرية والكتان في عقائدهم، ويسمون غيرهم بالعامة.
تاريخ الأضرح والقباب في الإسلام:
الضريح في اللغة: هو قبر الخاصَّة من النَّاس، قال ابن فارس: "وَالضَّرِيحُ: الْقَبْرُ يُحْفَرُ مِنْ غَيْرِ لَحْدٍ، كَأَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ رُمِيَ فِيهِ"([4]).
والقُبَّة في اللغة: هي ما يضرب فوق القبر من البناء، ويكون مستديراً مقوَّساً.
إن أول قبة على ضريح في تاريخ الإسلام هي قبة (الصليبية) في مدينة "سامراء" على الضفة الغربية نهر دجلة، وأنشئت عام (284هـ)، ومن أقدمها ضريح الإمام علي في النجف الذي أقامه الحمدانيون سنة (317هـ) ([5]).
وقد كثرت تلك القباب فوق الأضرحة في بلاد العراق والشام ومصر، وذلك في عهد الفاطميين، الذين أقاموا لآل البيت وكبار رجال الدولة قباباً، عُرفت بالمشاهد أسوةً بالأضرحة المقامة على أئمة العلويين ([6]).
ثم جاءت الدولة الأيوبية وأقامت مثلها لكبار الرجال من أهل السنة، وكان من أكبرها ضريح الإمام الشافعي (ت 204هـ)، أقامته أم السلطان الكامل سنة (608هـ)، ثم أصبحت القاعدة بعد ذلك إلحاق القباب بالخوانق والمدارس والمساجد([7]).
ثم ظهر الغلو فيها حتى كسيت بالأقمشة الفاخرة والمزركشة، ووضعوا عليها الأضواء والنقوش لتزيينها، ثم إن أول من وضع الأحاديث في السفر لزيارة المشاهد والقباب هم أهل البدع والرافضة، وأول المجوزين لذلك السُّبكي في كتابه (شفاء السقم) وقد صحح فيه الضعيف والموضوع، وضعف فيه الصحيح الثابت، وحرَّف كثراً منها، ما يدلُّ على اتباعه لهواه([8]).
ومن هذه الأحاديث الضعيفة المروية في فضل الزيارة: ( من زار قبري وجبت له شفاعتي)، و(من حج فزار قبري بعد وفاتي، فكأنما زارني في حياتي).
شبهات القبورية والرد عليها:
1. استدلالهم بقوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} (الكهف: 21)، وقالوا: لو كان البنيان على القبر محرَّماً لأنكره، وما أقرَّه!، والجواب على ذلك من وجوه:
أولاً: أنه ليس في الآية دليلٌ على أن من قال ذلك مؤمنون، بل إن المفسرين اختلفوا فيهم: هل هم مسلمون أم كفار؟!، وعلى فرض أنهم مسلمون، فليس في الآية ما يدلُّ على أنهم متمسكين بشريعة نبيٍّ مرسل، بل الظاهر خلاف ذلك ! ([9]).
ثانياً: أنه جاء في الآية ذكر ما حصل بينهم من التنازع، فجعل اتخاذ البناء على القبور من فعل أهل الغلبة، ما يشعر أن مستندهم في ذلك القهر والغلبة، وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المتبعين للرسل والهدى ([10]).
ثالثاً: وقيل: إن هؤلاء القوم كانوا من النصارى، وقد أخبر النبيُّ بلعنهم بسبب هذه الأفعال.
رابعاً: أن أقصى ما في الآية أن هذا جائزٌ في شرعهم، ومحرَّمٌ في شرعنا، وشريعة نبينا ناسخة لجميع الشرائع السابقة، وقد حرم النبي اتخاذ المساجد على القبور، فكيف يسوغ الاستدلال بما هو منسوخ، وما هذا إلا محادةٌ لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
خامساً: أن الجمل في اللغة العربية إما أن تكون خبرية، أو إنشائية، وهذه الآية جاءت خبرية، لا تفيد أمراً ولا نهياً، وأهل الكهف لم يطلبوا منهم ذلك، بل إن الأغلبية التي جاء ذمها في أكثر الآيات هي التي أرادت مثل هذا الفعل.
سادساً: لا يجوز مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم لقول أو فعل أحدٍ من الناس، فكيف إذا كان من الأمم السابقة التي خلت، ونحن مأمورون باتباعه صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء.
2. استدلالهم بحديث ابن مسعود أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض، فلينادِ: يا عباد الله احبسوا، فإن لله في الأرض حاضراً سيحبسه عليكم) ([11])، ضعفه الألباني، وقال: حديث ضعيف!، والجواب عليه من وجوه:
أولاً: الحديث لا يصح، لأن مداره على (معروف بن حسان)، وهو منكر الحديث كما قال ابن عدي، وقبل: إنه مجهول.
ثانياً: أنه ليس فيه دلالة على ما ذكروا، لأنه نداء حاضر، وقد يكون من مسلمي الجن أو من الملائكة، وهذا الحاضر لا بد أنه موجودٌ يسمع النداء، فيتيقن بذلك أنه ليس بميت ولا غائب، وأن هذا ليس بتوسل أصلاً، إذ معنى الوسيلة أن يتقرب بالأعمال الصالحة إلى الله في جلب مصلحة أو كشف كربة، وهذا ليس قربة([12]).
ثالثاً: أن الحديث ليس فيه تسمية المنادى، بل هو عامٌ يشمل كل أحد يسمع النداء، فمن استدل به على نداء شخص بعينه، فقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: أنه خاصٌّ بانفلات الدابة في الفلاة، لا في كل وقت وحين، ولك من شاء، ولذلك لم يقل بجواز الاستغاثة في غير ذلك أحدٌ من الصحابة أو التابعين، هذا في نداء الأحياء، فكيف بنداء الأموات والغائبين؟!، هذا لو صحَّ هذا الحديث، ما يستلزم بطلان ما اسادلوا عليه.
3. واستدلوا بما رواه الدارمي في سننه عن عائشة أن أهل المدينة قحطوا، فشكوا ذلك إليها، فقالت: (انظروا قبر النبي فاجعلوا منه كوة (فتحة) إلى السماء، حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا، فمطرنا مطراً حتى نبت العشب، وسمنت الإبل، حتى فتقت من الشحم، فسمي عام الفتق) ([13])، والرد على هؤلاء من وجوه:
أولاً : أن هذا الحديث ضعيف فيه علتان:
الأولى: سعيد بن زيد، صدوق وليس بقوي الحفظ، ولذلك ضعفه جمع، وكان يحيى بن سعيد يضعفه جداً، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: كان يخطئ في الأخبار، ويوهم في الآثار، حتى لا يحتج به إذا انفرد، وقد تفرد في هذه القصة دون غيره من الرواة.
الثانية: فيه أبو النعمان الملقب بعارم، وهو ثقة اختلط بأخرة، ولا يعلم هل روى عنه الدارمي عنه هذا الحديث قبل الاختلاط أم بعده، وعلى هذا يتوقف في تصحيح روايته عنه؛ لأن اطلاق الصحيح على مسند الدارمي ليس صحيحاً([14]).
ثانياً : أن الثابت من فعل الصحابة أنهم إذا قحطوا واستسقوا، دعوا الله إما في المسجد، وإما في الصحراء، ومعلوم أن بيت عائشة الذي هو قبر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كان مكشوفاً نحو السماء، وكذلك بقي مدة حياة عائشة، فكيف يحتاج إلى كوة إلى السماء، وهو كذلك؟!!، وهذا يدلُّ على بطلان القصة!..
ثالثاً : أن هذا الحديث ليس بصحيح، ولا يثبت إسناده، ومما يدل على أن سقف عائشة كان بعضه مكشوفاً وبعضه مسقوف، وأن الشمس كانت تنزل فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يصلي العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء في حجرتها بعد) ([15]).
نماذج من جهود العلماء في الرد على الصوفية القبورية:
1. الإمام أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي المالكي(520هـ) ردَّ عليهم في الكثير من كتبه ومؤلفاته، وكذلك الإمام ابن تيمية ( ت 728 هـ)، والإمام ابن القيم (ت 751 هـ) في مؤلفاتهم الكثيرة والنافعة.
2. الإمام أبو الوفا محمد بن علي العقيلي الحنبلي (ت 513 هـ)، وكان صاحب الغزالي في عصره، يقول: "ما على الشريعة أضر من المتكلمين والمتصوفين، فهؤلاء المتكلمون يفسدون عقائد الناس، وهؤلاء المتصوفة يفسدون الأعمال، ويهدمون قوانين الأديان"([16])، وقال: "وقد خبرت طريقة الفريقين، فغاية هؤلاء المتكلمين الشك، وغاية هؤلاء المتصوفة الشطح، والمتكلمون عندي خيرٌ من الصُّوفية؛ لأن المتكلمين قد يرون الشك، والصوفية يوهمون التشبيه والإشكال والثقة بالأشخاص ضلال، وما لله طائفة أجل من قومٍ حدثوا عنه، وما أحدثوا وعولوا على ما رووا لا على ما رأوا"([17]).
ويقول: "كفى الله شر هذه الطائفة الجامعة بين دهثمة في اللباس، وطيبة في العيش، وخداع بألفاظ معسولة، ليس تحتها سوى إهمال التكليف، وهجران الشرع، ولذا خفوا على القلوب، ولا دلالة على أنهم أرباب باطل أفضح من محبة طباع الدنيا لهم، كمحبتهم أرباب اللهو والمغنيات"([18]).
وقال ابن عقيل واصفاً الصوفية ورقصهم وغنائهم: "إنما خدعكم الشيطان، فصرتم عبيد شهواتكم، ولم تقفوا حتى قلتم: هذه الحقيقة!، وأنتم زنادقةٌ في زيِّ عُبَّاد شرهين، وفي زيِّ زهاد مشبهة، تعتقدون أن الله عز وجل يُعشق ويُهام فيه، ويؤلف ويؤنس به، وبئس التوهُّم!"([19]).
([1]) انظر: إحياء علوم الدين (1/71)، (13/23).
([2]) مجموع الفتاوى، ابن تيمية (1/356)، وقال: هذا الحديث لا يوجد في شيء من الكتب المعتمدة، ولم يروه أحد من العلماء، وهو موضوع.
([3]) مجموع الفتاوى (27/460-461).
([4]) معجم مقاييس اللغة، ابن فارس (3/400).
([5]) انظر: الفتاوى من أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام، عطية صقر، (1/574-575).
([6]) انظر: خطط الشام، محمد كرد علي، (6/262).
([7]) انظر: معجم ألفاظ التاريخ في العصر المملوكي، محمد أحمد دهمان (1/66).
([8]) البحث نفسه، (ص 63).
([9]) جامع البيان (في التفسير)، للطبراني (15/216).
([10]) فتح الباري، ابن رجب الحنبلي (3/193).
([11]) رواه أبو يعلى في مسنده: 9/177، برقم: 5269، وانظر: سلسة الأحاديث الضعيفة، للألباني: 2/108، رقم: 655.
([12]) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (2/194).
([13]) رواه الدارمي في سننه: 1/277، وقال الألباني: سند ضيف لا تقوم به حجة.
([14]) التوصل إلى حقيقة التوسل (ص 270).
([15]) رواه البخاري في صحيحه، برقم: 611.
([16]) فضائح الصوفية، عبد الرحمن عبد الخالق، (ص 34).
([17]) الآداب الشرعية والمنح المرعية، ابن مفلح (2/208).
([18]) فضائح الصوفية (ص 33).
([19]) تلبيس إبليس (ص 219).