أرشيف المدونة الإلكترونية

الجمعة، 7 أغسطس 2020

نقض الوضوء بمس المرأة وتقبيلها

نقض الوضوء بمس المرأة وتقبيلها


إعداد: أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة


اختلف السلف رحمهم الله تعالى في تفسير قوله سبحانه: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ} (النساء: 43، المائدة: 6)، فذهبت طائفةٌ من الصحابة، وعلى رأسهم علي بن أبي طالب، وابن عباس، وأبو موسى، إلى أنَّ: المقصود من الملامسة "الجماع".. وكانوا لا يوجبون الوضوء ولا التيمم لمن مس المرأة. 

وذهبت طائفةٌ أخرى من الصحابة وعلى رأسهم: عمر، وابن عمر، وابن مسعود إلى أنَّ اللمسَّ هو المس باليد، وليس الجماع، ولذا كانوا يُوجبون الوضوء من مسِّ المرأة.

وروى ابن جرير الطبري، عن سعيد بن جبير؛ قال: ذكروا اللمس، فقال ناس من الموالي ليس الجماع، وقال ناس من العرب: اللمس الجماع؛ فسألتُ ابن عباسٍ عنه؛ فقال: اللمس الجماع.

وبناءً عليه اختلف الفقهاء في حكم انتقاض الوضوء بلمس المرأة وتقبيلها اختلافاً طويلاً جداً، وجرت بينهم مباحثات عريضة ؟!! ….وإليك بيان بعضها

***

مذاهب الفقهاء من نقض الوضوء باللمس، وهي ثلاثةٌ مشهورة:

المذهب الأول: وهو مذهب الشافعية، والحنابلة في رواية، والظاهرية إلى أن لمس الرجل المرأة وعكسه دون حائل ينقض الوضوء مطلقاً.

وبه قال: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وزيد بن أسلم، ومكحول، والشعبي، والنخعي، وعطاء، وابن السائب، والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة، وسعيد بن عبد العزيز، وهي إحدى الروايتين عن الأوزاعي.

ويُفرق الظاهرية بين وضوء اللامس والملموس؛ فقالوا: ينتقض وضوء اللامس دون الملموس، وأما الشافعية فيقولون: ينتقض وضوءهما معاً.

واشترط الشافعية في النقض: عدم المحرميَّة بينهما، فلا ينتقض بلمس المحرم على الصحيح؛ وفي روايةٍ ضعيفة: أنه ينتقض حتى لو لمس محارمه.

****

المذهب الثاني: وهو مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، وزفر، وهو: أنَّ لمسَ الرجلِ المرأةَ وبالعكس لا ينقض الوضوء مطلقاً، سواء كان بشهوة أو بغير شهوة.

وهو قول علي بن أبي طالب، وابن عباس، وأُبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري، والحسن البصري، ومسروق، ومجاهد، وقتادة، وسعيد بن جبير، والشعبي، وعطاء، وعبيدة، وطاووس، والثوري في رواية، والأوزاعي في رواية، وابن جرير الطبري.

 قال أبو جعفر الطبريّ: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى الله بقوله: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ} الجماع دون غيره من معاني اللمس، لصحة الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قبل بعض نسائه ثم صلّى ولم يتوضأ.

**** 

المذهب الثالث: وهو مذهب المالكية والحنابلة في المشهور عنهم: إذا لمس الرجل امرأةً بشهوة أو العكس؛ فإنه ينتقض الوضوء؛ أما إذا كان اللمس من غير شهوة، أو كانت القبلةً لرحمةٍ فإنَّه لا ينقض الوضوء.

وبه قال: علقمة، وأبو عبيدة، والحكم، وحماد، والليث، وإسحاق بن راهُويه، والحسن بن صالح، ورواية عن: الشعبي، والنخعي، وربيعة، ورواية عن الثوري.

**** 

مذاهب أخرى غير مشهورة

1-جاء عن أبي حنيفة، وأبي يوسف: أن الرجل إذا قبَّل امرأته لشهوةٍ، أو لمسها لشهوةٍ، فإن انتشر ذكره انتقض وضوؤه وعليه إعادته، وإن لم ينتشر لم ينتقض، ولا يلزمه شيء.

2-وقال محمد بن الحسن: لا وضوء على من لمس امرأته بحال؛ حتى يخرج منه مذيٌ أو غيره.

3-وقال ربيعة: إذا لمسها بشهوة انتقض وضوؤه وإن كان بينهما حائل، سواء كان صفيقًا أو رقيقًا.

**** 

عرض أدلة المذاهب المشهور ومناقشتها:

1-استدلَّ الشافعية والظاهرية ومن وافقهم في إيجاب الوضوء من لمس المرأة:

أ- بعموم قوله تعالى: {أو لامستم النِّساء}.

قال الرازي: واعلم أن قول الشَّافعيَّة أرجح من قول غيرهم؛ وذلك لأن إحدى القراءتين هي قوله تعالى: (أو لمستم) بالقصر -وهي قراءة حمزة والكسائي، بغير ألف من اللمس، والباقون لامستم بالألف من الملامسة، واللمس حقيقته المس باليد، فأما تخصيصه بالجماع فذاك مجاز، والأصل حمل الكلام على حقيقته، ولا يعدل عن الحقيقة إلى غيرها إلا عند تعذر الحقيقة، وهي غير متعذرة هنا.

وأجيب عليه بأن: اللمس وإن كان حقيقةً في اللمس باليد، إلا أنه قد عهد في القرآن أنه إذا أُضيف إلى النساء كان كنايةً عن الجماع، كما في آية الظهار {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (المجادلة: 3)، والمطلقة قبل الدخول {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (البقرة: 237)… كما أن الوطء حقيقته المشي بالقدم، فإذا أضيف إلى النساء لم يفهم منه غير الجماع.

وأجاب الشَّافعية عن ذلك؛ بقولهم: جاء في القراءة الثانية، وهي قوله: (أو لامستم) مفاعلة من اللمس، والمقصود به لمس اليد، وهو ليس حقيقةً في الجماع، ولذا وجب حمله على حقيقته أيضاً من اللمس باليد، لئلا يقع التناقض بين المفهوم من القراءتين المتواترتين؛ لأن كلاهما بمعنى؛ فلا يُقال "المسُّ" هو الجسُّ باليد، "والملامسة" هي الجماع.

ب- كذلك؛ قالوا: إن حكم الجنابة تقدم أول الآية في قوله: {ولا جنباً} فلو حملنا هذه اللفظة (أو لامستم) على الجنابة لزم منه التكرار، والمعنى لا يتكرر مرتين في الآية؛ لذا وجب حمله على معنى اللمس باليد.

ج- واستدلوا بآثارٍ عن السَّلف؛ منها:

- ما رواه مالك في الموطأ"، عن عبد الله بن عمر، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «قُبْلَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَجَسُّهَا بِيَدِهِ، مِنَ الْمُلَامَسَةِ، فَمَنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ، أَوْ جَسَّهَا بِيَدِهِ، فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ»

-وروى مالكٌ بلاغاً، عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: «مِنْ قُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ الْوُضُوءُ».

-وروى مالكٌ عن ابن شهاب: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مِنْ قُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ الْوُضُوءُ».

 

2-واستدلَّ الحنفيَّة ومن وافقهم في عدم إيجاب الوضوء من لمس المرأة، بأدلة منها:

أ- أن لفظ اللمس والمس وردا في القرآن بمعنى الجماع، وخير ما يُفسَّر به القرآن هو القرآن نفسه؛ فحملوا قوله سبحانه: {أو لامستم النساء} على الجماع، كما في قول تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} (البقرة: 237)، أي: تُجامعوهن. وقال في آية الظهار: {فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا} (المجادلة: 3)، وقالوا: إن المراد من اللمس في الآية الجماع، كما فسرها ابن عباس رضي الله عنه.

وروى ذلك ابن جرير في "تفسيره"، عن ابن عباس، قال: "المس: الجماع، ولكن الله يكني ما يشاء".

ب- وقالوا أيضاً: إن ظاهر مادة (لامس) من المفاعلة فيما يكون فيه الفعل والمشاركة من الجانبين مقصوداً، وذلك في الجماع أظهر منه في اللمس باليد.

وأجاب الشَّافعية ومن وافقهم على هذا الإيراد؛ فقالوا: نعم؛ إن الأصل في "المفاعلة" ="الملامسة" أن تقتضي المشاركة من الجانبين؛ ولكن قد تخرج "فاعلَ =لامس" عن بابها؛ وذلك في مثل حديث: «نهى رسول الله عن بيع الملامسة»، وبيع الملامسة هو مسُّ الرجل الثوب من غير تقليب ولا نظر، وهذا بيعٌ منهيٌّ عنه؛ لما يترتب عليه من الغرر والفساد.

قالوا: وهنا لا يوجد اشتراكٌ في اللمسِ؛ لأن الثوب ملموسٌ وليس بلامس.

قال الشافعية: وعلى هذا فالصَّواب هو ما ذهبنا إليه من أن مسَّ المرأة ناقضٌ للوضوء.

ج- واستدل الحنفيَّة أيضاً بما رواه النسائيُّ وغيره بإسنادٍ مرسل، عن ابن عباس: أن رجلاً جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وقال له: «إن امرأتي لا تردّ يد لامس»، قالوا: يُطلق ذلك على البغيّ،  يريدون أنها ليست عفيفة؛ فاللمس هنا الجماع.

وأجاب الشافعية عن ذلك: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لا يُقرُّ الرجل على الخبث في أهله، فوجب صرفه إلى اللمس بمعنى جسِّ اليد، وأن هذه المرأة كانت تصافح الرجال، وأحسن منه أن يُقال: إن معنى ذلك هو أنها تُعطي من مال زوجها من يطلب ذلك منها بغير إذنه.

 د- واستدلوا بما رواه الإمام أحمد والأربعة، عن عائشة رضي الله عنها -من طرق مختلفة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قبَّل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ».

قالوا: والتقبيلُ أشدُّ من المسِّ؛ فإذا كان الأعلى لا ينقض؛ فالأدنى لا ينقض أيضاً.

وأجاب الشًّافعية ومن وافقهم على هذا الحديث؛ بأنَّه ضعيف، ضعَّفه البُخاري، وقال ابن حجر في "التلخيص": الحديث معلول، ذكر علَّته أبو داود، والتِّرمذي، والنِّسائي، والدَّارقطني، والبيهقيُّ، وابن حزم، وقال: لا يصح في هذا الباب شيءٌ.

وأخرجه أبو داود من طريق إبراهيم التيمي عن عائشة، ولم يسمع منها شيئًا؛ فهو مرسل. 

وقال ابن حجر: رُوِيَ هذا الحديث من عشرة أوجه عن عائشة أوردها البيهقي في الخلافيات وضعَّفها. 

وقوَّى الحديثَ جماعةٌ من الأئمة؛ منهم: عبد الحق الإشبيلي، وقال: لا أعلم له علَّة، وقال الزيلعي: سنده جيد، وصحَّحه أحمد شاكر والألباني من المعاصرين.

ه-واستدلوا بما رواه مسلمٌ في صحيحه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من الفراش؛ فالتمسته، فوضعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك...».

قالوا: إن عائشة وضعت يدها على بطن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقطع رسول الله صلاته، ومعنى ذلك أن المس ليس بحدث، ولا ينقض الوضوء

وأجاب الشَّافعيَّةُ عن ذلك باحتمال أنها لمسته من وراء حائل. 

وقال الماوردي في "الحاوي": والجواب على ذلك من ثلاثة أوجهٍ:

أحدها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم  - كان ملموساً، ولا وضوءَ عليه في أحد القولين في المذهب.

والثاني: أنه كان داعياً في غير الصلاة، وذلك (يعني الدُّعاء) يجوز للمحدث وليس من شرط الدعاء ألا يكون إلا في الصلاة.

والثالث: أنه يجوز أن يكون لمسها له من وراء حائل.

و- واستدلوا بما رواه الشيخان، عن أبي قتادة الحارث بن ربعيّ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم حمل أمامة بنت أبي العاص في الصَّلاة.

وأجاب الماوردي في "الحاوي" على ذلك من وجهين:

أحدهما: أن حملها لا يقتضي مباشرة بدنها.

والثاني: أنها من ذوات المحارم؛ لأنها بنت بنته زينب، ولا وضوء في لمس المحارم عندنا في أحد القولين. وإن كانت صغيرةً فلا يبطل وضوءه على أحد القولين.

ل- قالوا -يعني الحنفية: والقياس الجلي معنا، لأن الأصل في وجوب الطهارة أن نسند وجوبها إلى نجاسة خارجة من البدن، ولا نجاسة تظهر باللمس، ولا هو (يعني اللمس) سبباً في الغالب لانفصال النجاسة.

وأجاب الشافعيةَّ عن ذلك؛ فقالوا: معنا نص الكتاب ولا ثبات للقياس معه جلياً كان أو خفياً، وعلى أنا وجدنا هاهنا معنى مؤثراً، وذلك أن اللمس يُحل الشهوة طبعاً وشرعاً، وهو سبب لخروج المذي، والطهارة عبادة مبنية على الاحتياط فأقيم سبب الخارج مقام الخارج في وجوبها. ويقال: إن القبلة بريد الجماع؛ فتقوم مقام الخارج في نقض الطهارة.

س- وقالوا أيضاً الحدث نوعان: الأصغر، وهو المراد بقوله: {أو جاء أحد منكم من الغائط}؛ فلو حملنا قوله: {أو لامستم النساء} على الحدث الأصغر لما بقي للحدث الأكبر ذكرٌ في الآية، فوجب حمله على الحدث الأكبر؛ وإلا كان ذكر لمس اليد قليل الفائدة في اقتران حدثين من نفس النوع.

وأجاب الشافعيَّة ومن وافقهم؛ بأن عطف اللَّمْسَ على المجيء من الغائط، وترتيب الأمر عليهما بالتيمم عند فقدان الماء، دالٌّ على كونه حدثاً أصغر  كالمجيء من الغائط.

ثم إن أدلة الحنفيَّة فيها عدولٌ عن ظاهر اللفظ بغير دليل، وهذا قياسٌ نظريٌّ لدى الطرفان يفتقر إلى دليلٍ شرعي.

ص-قالوا: وقد كان المسلمون دائمًا يمسون نساءهم، وما نقل مسلم واحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم: أنه أمر أحدًا بالوضوء من مس النساء.

وهذا دليلٌ عدمي؛ والدليل العدمي لا ينفي الوجود، لا سيما مع فعل عددٍ من الصحابة وقولهم بالنقض من اللمس.

وممن اختار مذهب الحنفية: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ومن المعاصرين: ابن باز، وابن عثيمين، والشيخ مصطفى العدوي، وكثيرٌ من المعاصرين.

 

2-واستدلَّ المالكية والحنابلة ومن وافقهم في إيجاب الوضوء على من وجد شهوةً من لمس المرأة دون من لم يجدها، بأدلة منها:

أ- استدلوا بعموم قوله: {أو لامستم النساء}، وبأثر ابن عمر، وابن مسعود في الموطأ، وهي أدلَّةٌ عامة مطلقة في اللمس، والأصل فيها الحمل على الحقيقة، وهي الجسُّ باليد، ولكن قيَّدها حديث عائشة في الصحيحين، والذي يدلُّ على أن النقض خاصٌّ بما إذا كان بشهوةٍ.

ب- بما رواه الشيخان، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أنام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي»، وفي لفظٍ: «فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي» متفق عليه.

قالوا: واللمس ذاته ليس ناقضًا، ولكنَّه مَظِنَّةُ خروج ناقض، فيبقى اللمس المعتاد المجرَّد عن الشهوة على أصل عدم النَّقض، واللمس المقترن بالشهوة ناقضاً.

وكان هذا في قيام الليل، والبيوت ليس فيها مصابيح كما جاء في الرواية الأخرى، والغمزُ لا بُدَّ أن يكون بمسّ، ولا يُتصوَّر أن يمسَّها النبيُّ بشهوةٍ وهو في الصلاة؛ فتعين الحمل على هذه الحال.

ويُجيب الشَّافعية على هذا الحديث: بأنه خاصٌّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا دليل على الخصوصية؛ لأن الأصل في أفعال رسول الله أنها للأسوة والاقتداء، وإذا كانت خاصَّة فلا بُدَّ من دليلٍ يدلُّ على هذه الخصوصية.

وأجاب بعض الشافعية أيضاً- بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يلمسها وهي مُغطَّاةٌ مُسجَّاة؛ فيغمزها من فوق حائلٍ، والظاهر أنه لم يكن هناك حائلٌ؛ لأنها لم تذكر ذلك، ولو كان ثمَّة حائلاً لذكرته.

واعترض الحنفيَّة على تفريق المالكيَّة؛ وقالوا: أنتم تُفرقون بين المسِّ بشهوةٍ والمسِّ بغير شهوة، وهذا التفريق يفتقر إلى دليل، ولا دليل على هذا التفريق، والشريعة لا تُفرق بين المتماثلين، ولا تسوي بين متفرقين.

وأجاب المالكية: بأنَّ الشرع يُنزل المظنَّة منزلة المئنَّة؛ والطهارة مبناها على الاحتياط؛ فلما كان التقبيل والمسُّ بشهوةٍ مظنَّة خروج شيء، أنزله الشرع بمنزلة الحدث.

ب- وبما رواه مسلمٌ في صحيحه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من الفراش؛ فالتمسته، فوضعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك...».

قالوا: وهنا عائشة وضعت يدها على بطن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقطع رسول الله صلاته، ومعنى ذلك أن المس بغير شهوة ليس بحدث، ولا ينقض الوضوء.

وأجاب الشافعية: أن تفريق المالكية؛ هو تفريقٌ بلا دليل، والقياس مقابل النص باطل.

وأجاب المالكية: بأنَّ القياس في هذه المسألة والتفريق متَّجه؛ لتجتمع الأدلة.

والقول المختار هو قول المالكية والحنابلة وهو القول الوسط في هذه المسألة، لأن فيه إعمال الأدلة كلها، وذلك أن النقض محمول على ما فيه شهوة، وعدم النقض محمولٌ على ما لا شهوة فيه.

**** 

قلتُ (مُحمَّد): وأنا أنقل هنا أهم الأحكام الفقهية المتعلقة بمسألة اللمس على مذهب السادة الشَّافعية

1- قال الإمام أبو المظفر السمعاني في "الاصطلام": "ويجب الوضوء من الملامسة الحاصلة بين الرجال والنساء عندنا، والمعتمد نص الكتاب وهو قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}، واللمس باليد حقيقة؛ بدليل قوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا}، وأراد به اللمس باليد، ويدل عليه… فنحن على الحقيقة حتى يقوم دليل قاطع على خلافه".

2-قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في "الأم" -عند ذكر نواقض الوضوء: "وملامسة الرجل المرأة، والملامسة أن يفضي بشيء منه إلى جسدها، أو تفضي إليه لا حائل بينهما أو يقبلها".

3-قال الإمام البغويُّ في كتابه "التهذيب": "وينتقض وضوؤه بأي عضوٍ لمس". 

4-وقال الماوردي في "الحاوي": "وبأي شيءٍ أفضى به من جسمه إلى أي شيء أفضى به من جسمها انتقض وضوءه؛ لعموم الآية".

5-وقال الشيرازي في "المهذب" وينتقض وضوء الملموس كانتقاض وضوء اللامس؛ نص عليه الإمام في القديم والجديد وهو الصحيح؛ لظاهر قوله: {أو لامستم}".

6-وقال الإمام يحيى العمراني في "البيان": "وحقيقة اللمس: باليد؛ ولهذا: «نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الملامسة»… وإن لمسها من وراء حائل لم ينتقض الوضوء، سواء كان الحائل صفيقًا أو رقيقًا، بشهوة أم بغير شهوة.. وقال مالك: إن لمسها بشهوة من وراء حائل رقيق انتقض وضوؤه، وإن كان صفيقًا لم ينتقض؛ ودليلنا: أن اللمس من وراء حائل لا يقع عليه اسم اللمس، ولهذا: لو حلف لا يلمسها، فلمسها من وراء حائل لم يحنث".

7-قال الخطيب الشربيني في "الإقناع": "من نواقض الوضوء: لمس الرجل ببشرته المرأة الأجنبية؛ أي: بشرتها من غير حائل؛ لقوله تعالى {أو لامستم النساء} أي لمستم كما قرىء به، فعطف اللمس على المجيء من الغائط، ورتب عليهما الأمر بالتيمم عند فقد الماء؛ فدل على أنه حدث. لا جامعتم لأنه خلاف الظاهر؛ إذ اللمس لا يختص بالجماع؛ قال تعالى {فلمسوه بأيديهم}؛ وقال صلى الله عليه وسلم: (لعلك لمست)، ولا فرق في ذلك بين أن يكون اللمس بشهوةٍ أو إكراهاً أو نسياناً، أو يكون الرجل ممسوحاً -أي ليس له أنثيين -أو خصياً أو عنيناً، أو المرأة عجوزاً شوهاء، أو كافرةً بتمجس (مجوسية) أو غيره، أو حرة أو رقيقة، أو أحدهما ميتاً؛ لكن لا ينتقض وضوء الميت. واللمس الجس باليد. والمعنى فيه أنه مظنة ثوران الشهوة…. 

8-وقال الرمليُّ في "شرح الزُّبد": "ولا فرقَ في النقض باللمس بين الأصلي والزائد، والعامل والأشل، من أعضاء الوضوء أو غيرها…".

وقال الخطيب في "مغني المحتاج": "والبشرة هي ظاهر الجلد، وفي معناها كلحم الأسنان واللسان واللثة وبطن العين.... وخرج ما إذا كان على البشرة حائل ولو رقيقً (فلا ينتقض بلمسها لوجود الحائل)، بخلاف مسِّ السن والشعر والظفر؛ فإنه لا ينقض…

9-وقال السراج البُلقيني في "تدريب المبتدي": "ولا ينتقض الوضوء بالخنثى مع الرجل أو المرأة ولو بشهوة لانتفاء مظنتها… ".

قالوا: ولا يشترط في الرجل البلوغ، بل المراد بالرجل الذكر إذا بلغ حدا يشتهى، ولا يشترط في الأنثى البلوغ؛ بل المراد إذا بلغت حداً تُشتهى… 

ولا ينقض لمس محرمٍ له بنسب أو رضاع أو مصاهرة ولو بشهوة لأنها ليست مظنة للشهوة بالنسبة إليه كرجل ولو شك في المحرمية لم ينتقض وضوءه؛ لأن الأصل الطهارة…. (وفي الجديد تنتقض الطهارة بلمس المحرم، والقديم أصحُّ، وهو المعتمد).

ولا تنقض صغيرة السن، ولا صغير لم يبلغ كل منهما حداً يُشتهى عرفاً لانتفاء مظنة الشهوة بخلاف ما إذا بلغاها، وإن انتفت بعد ذلك لنحو هرم… (فتنقض الهرمة الكبيرة الوضوء؛ لأنها مما تشتهي لمن هو في مثل حالها).

ولا ينقض لمس شعر وسن وظفر وعظم لأن معظم الالتذاذ في هذا إنما هو بالنظر دون اللمس ولا ينقض العضو المبان غير الفرج. وذكر مسائل أخرى.

واختار الشيخ أبي حامد؛ أنه لا نقض بمسِّه الأجنبيَّة؛ لأنها ليست بمحل لشهوته، فهو كما لو لمس رجلاً

10-وقال أحمد بن عبد العزيز المليباري في "فتح المعين": "ولو شك هل ما لمسه شعر أو بشرة -ظاهر الجلد، لم ينتقض، كما لو وقعت يده على بشرة لا يعلم أهي بشرة رجل أو امرأة، أو شك: هل لمس مَحرماً أو أجنبية؟ وقال شيخنا -يعني ابن حجر الهيثمي -في شرح العباب: ولو أخبره عدل بلمسها له، أو بنحو خروج ريح منه في حال نومه ممكناً، وجب عليه الاخذ بقوله.

ويُلحق بالبشرة في النقض لو لمسه: لحم الأسنان واللسان، بخلاف الأسنان، وباطن العين خلافاً للشمس الرملي، الذي ألحق باطن العين بظاهر الجلد.

11-وقال الدمياطي في "إعانة الطالبين": والمعتمد أنه لا ينتقض الوضوء بخبر بإخبار العدل بشئ مما ذكر؛  لأن خبر العدل يفيد الظن، ولا يرتفع يقين طهر وحدث بظن ضده.

قالوا: ولو شك هل هي كبيرة أو صغيرة فلا نقض، لأنه لا تنتقض الطهارة إلا بيقين. وضابط الشهوة: انتشار الذكر في الرجل وميل القلب في المرأة.

ونجد أن الشَّافعية يعتبرون انتفاء الشهوة سبباً في عدم النقض، كما يعتبرون وجود لذة اللمس سبباً في النقض، وقد صرَّح به الإمام أبي بكر الدمياطي في "فتح المعين"، فلا يُنتقض الوضوء بلمس صغيرةٍ، لانتفاء مظنة الشهوة، وهذا يُرجِّح قول المالكية والحنابلة.

*مصادر البحث:

  • موسوعة الفقه الكويتية.

  • موطأ الإمام مالك.

  • سنن الترمذي.

  • التمهيد، والاستذكار؛ لابن عبد البر.

  • تفسير الإمام ابن جرير الطبري.

  • تفسير آيات الأحكام؛ للسايس.

  • التفسير الكبير؛ للفخر الرازي.

  • توضيح الأحكام من بلوغ المرام.

  • معرفة السنن والآثار؛ لأبي بكر البيهقيّ.

  • التعليقات للقاضي حسين.

  • كتب الشافعية، وغيرها.

الثلاثاء، 4 أغسطس 2020

التعليق على رسالة زكاة الحُلي

التعليق على رسالة زكاة الحُلي

للشيخ الدكتور. سلمان بن نصر الداية

الأستاذ المساعد في الجامعة الإسلامية

بحث منشور -مجلة الحكمة، مانشستر -بريطانيا، 2006م

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ شرع الله سبحانه وتعالى الزكاة على المسلمين فريضةً عادلة، وطُهرةً للعباد من الذنوب، وتخليصاً للمال من الشوائب، ووقاية للنفوس من الشُّح، وقد اتفق العلماء على أنه لا زكاة في الماس، والدر، والياقوت، واللؤلؤ، والمرجان، والزبرجد، ونحو ذلك من الأحجار الكريمة إلا إذا اتخذت للتجارة ففيها زكاة التجارة. 

واختلفوا في زكاة الحُلي المباح على أربعة أقوال:

1-فذهب الحنفية ومن وافقهم، وهو أحد قولي الشافعي، وإحدى الروايات عن أحمد بوجوب تزكية حلي المرأة إذا بلغ النصاب؛ حتى لو أدى ذلك إلى تناقصه، واضطرت المرأة إلى بيع بعضه، واستدلوا ببعض الأحاديث المرفوعة والموقوفة على الصحابة، والتي اختلف المحدثون في تصحيحها وتضعيفها.

2-وذهب المالكية، والجمهور وهو أظهر قولي الشافعي، والمشهور عن أحمد أنه لا زكاة في حلي المرأة مطلقاً؛ قالوا: لأنه لم يصح في وجوب زكاة الحلي شيء، واستدلوا بأثرٍ متكلم فيه عن جابر، قالوا: وقد ثبت عن عددٍ من الصحابة أنهم كانوا لا يُخرجون الزكاة عن الحلي، قالوا: ولأن الأصل في وجوب الزكاة أن تكون في الأموال النامية، والحلي لا يُقصد به النماء، ولأن الشارع أباحه لها إشباعاً لغريزة المرأة، ومساعدةً لإبقاء الرابطة الزوجية بينها وبين زوجها، بدفعها لزكاة الحُلي ستُسلب هذه الحُلي، وإبقاء الرابطة الزوجية مقصودة للشارع.

3-وذهب أنس بن مالك إلى أن زكاة إلي مرة واحدة في العمر، وعدَّ الشيخ مصطفى العدوي هذا الرأي شاذاً.

4-وذهب ابن عمر، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري إلى أن زكاة الحلي إعارته ولو مرة في العمر.

وذكر الشيخ سلمان في رسالته هذه ما يجوز تحليته بالذهب والفضة، وما يُمنع من ذلك عند أصحاب المذاهب المتبوعة، ورجَّح مذهب من قال بوجوب زكاة الحلي إذا بلغ نصاباً إلى الحول، وهو قول الشيخ مصطفى العدوي.

وخالفه الكثير من الفقهاء المعاصرين؛ كالشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان، والشيخ عبد العزيز الطريفي، والشيخ محمد حسن ولد الددو، وغيرهم. 

والذي يظهر والله أعلم: هو قول من ذهب إلى عدم وجوب إخراج زكاة الحلي؛ لكثرة عدد الصحابة الذين رُوي عنهم هذا المذهب، كما أن مذهب الجمهور ينقل عن الأصل (وهو عدم وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة) ومذهب الأحناف مُبقٍ على الأصل، والناقلُ مُقدَّمٌ على الموافق للأصل، والأمر واسعٌ، والاحتياط أولى.


وإليك تفصيل هذا الخلاف بين العلماء من المحدثين والفقهاء في حلي المرأة، من الذهب والفضة:

1- فذهب إلى وجوب الزكاة فيه: أبو حنيفة وأصحابه، وابن حزم،  وهو قول عمر، وابن مسعود، وابن عباس، ومن التابعين: عطاء، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، وميمون بن مهران، وطاوس، والزهري، وذلك إذا بلغ نصاباً، واستدلوا: 

أ- بما رواه أبو داود والترمذي والنسائي، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -عبد الله بن عمرو بن العاص: أنَّ امرأةً مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أتت رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ومعَها ابنةٌ لها، وفي يدِ ابنتِها مَسَكَتانِ غَلِيظَتانِ مِنْ ذَهَبٍ، فقال لها: (أتُعطين زكاةَ هذا؟) قالت: لا، قال: (أيُسرُّكِ أن يُسوِّرَكِ اللهُ بهما يومَ القيامةِ سِوارينِ من نارٍ؟) قال: فألْقتْهُما إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقالت: هُما للهِ عزَّ وجلَّ ولِرسولِه. وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. 


وهذا الحديث تكلم الناس فيه؛ فقد جاء من طريق اثنين من الضُّعفاء، وهما ابن لهيعة والمثنى بن الصباح وهما ضعيفان؛ وتفرد به عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بهذا السياق كما ذكر ذلك البيهقيُّ في السُّنن. وأحاديث عمرو بن شعيب اختلف العلماء في قبولها، وأحسن ما قيل فيها: إنَّ ما رواه عن أبيه عن جده فهو ضعيف -كهذا الحديث- وما رواه عن غيرهما فمقبول. وقال الترمذيُّ: لا يصحُّ في هذا الباب شيء. ورواه النسائيُّ من طريق حُسين المُعلم، عن المعتمر بن سليمان، عن عمرو بن شعب مرسلاً، ورجَّح النسائيُّ إرسال حديث عمرو بن شعيب، وهو الصواب؛ فإنه لم يثبت مرفوعاً، وقال أبو عُبيد: حديث اليمانية لا نعلمه رُوي إلا من طريقٍ واحد مُتكلٍَّم فيه. 


ومن أهل العلم من حسَّن هذا الحديث، فقد سكت عنه أبو داود، وصحح ابن القطان إسناده إلى عمرو، وحسنه من المعاصرين: محمد الأمين الشنقطي في "أضواء البيان"، وابن الملقن في "البدر المنير"، وابن بار في "فتاويه"، وابن عثيمين في "فتاويه"، والألباني في "صحيح أبي داود".


ب- بما رواه ابن أبي شيبة، والنسائي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتته امرأتان في أيديهما أساورٌ من ذهبٍ؛ فقال: (أتُحبان أن يُسوركما الله بهما أسورةً من نار؟)، فقالا: لا، قال: فأدِّيا زكاتها.


وهذا الحديث يُشبه الذي قبله، ويُحتمل أن تكون في الحديث الذي قبله امرأتان، وليس امرأةً واحدة، وهو متجهٌ في النظر.


ج- وعن أسماء بنت يزيد قالت: دخلت أنا وخالتي على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلينا أسورة من ذهب، فقال لنا: (أتعطيان زكاته؟) قالت: فقلنا: لا. قال: (أما تخافان أن يسوركما الله أسورة من نار؟ أديا زكاته) رواه أحمد في مسنده، والطبراني في الكبير.


وهذا الحديث تفرَّد به شهر بن حوشب وهو ضعيف، وأخرجه الطبراني من طريق علي بن عاصم الواسطي وهو ضعيف، وضعفه ابن الجوزي في "التنقيح"، وضعفه ابن الملقن، والأرنؤوط. 

ومن أهل العلم من حسَّن إسناد أحمد؛ كالمنذري، والهيثمي، وصححه الألبانيّ لغيره، والرباعي في "فتح الغفار".


دـ- وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا; أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَكَنْزٌ هُوَ؟ فَقَالَ: (إِذَا أَدَّيْتِ زَكَاتَهُ, فَلَيْسَ بِكَنْزٍ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

وتكلم العلماء في حديث أم سلمة؛ وقالوا: في إسناده انقطاع بين عطاء وأم سلمة؛ فإنه لم يسمع منها، كما أن في سنده عتّاب بن بشير، وثابت بن عجلان مُتكلَّمٌ فيهما.


ه- وروى الدارقطني والنسائي، عن ابن مسعود؛ قال:  أنَّ امرأةً أتتِ النبيَّ؛ فقالت إنَّ لي حُلِيًّا وإنَّ زوجي خفيفُ ذاتِ اليدِ وإنَّ لي بني أخٍ أفيُجْزِئُ عنِّي أن أجعلَ زكاةَ الحُلِيِّ فيهم؟ قال: (نعم).

وهذا الحديث مرسلٌ موقوفٌ على عبد الله، وضعفه ابن الجوزي، والشيخ شعيب الأرناؤوط.


و-وعن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات (خواتم) من ورق (فضة)، فقال لي: ما (هذا يا عائشة؟) فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله؟ فقال: (اتؤدين زكاتهن؟) قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: (هو حسبك من النار)، رواه أبو داود، والدارقطني، والبيهقي.

وضعف هذا الحديث بعض أهل العلم؛ فأعله الدارقطني هذا الحديث بمحمد بن عمرو بن عطاء؛ فقال: مجهول، وقال البيهقيُّ وغيره: بل هو معروف، وهذا الحديث ثابتٌ محتملٌ؛ لأن عائشة لم تُصرِّح بالنصاب، وقرائن العقل تُرشد إلى أن الذهب الذي كانت تلبسه عائشة، وأم سلمة، وفاطمة بنت قيس دون النصاب، ومعلومٌ أن النصاب ركن الزكاة.

وقد اعترض الجمهور على حديث عائشة؛ بأن الفتخات التي كانت تلبسها من ورق، وهي لم تبلغ النصاب، وكذلك ما في يد الجارية، ولذا فإن (النصاب) لم يتوفر حتى نوجب الزكاة فيه

وأُجيب: بأن هذا الاعتراض ضعيف، لأن النصاب لا يزيد وزنه بالجرام عن (85) غراماً، وقد جاء وصفهُنَّ في الحديث، بأنهما (مسكتان غليظتان)، وقد جاء في روايةٍ أخرى: (رأى في يديَّ سخاباً من وَرِق) أي ليس في يدٍ واحدة، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال.

 وأجاب بعضهم: أن إيجاب الزكاة كان في وقتٍ كان فيه الذهب مُحرَّماً على النساء، ثُمَّ نُسخ بالجواز، أو أن المقصود بالحلي إعارته، كما نُقل عن ابن عمر الحسن البصري، وسعيد بن المسيب.


ﻗَﺎﻝَ اﻟْﺒَﻴْﻬَﻘِﻲُّ: وقد جاء في ﺭﻭاﻳﺔ اﻟﻘاﺴﻢ ﻭَاﺑْﻦِ ﺃَﺑِﻲ ﻣُﻠَﻴْﻜَﺔَ ﻋَﻦْ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ﻓِﻲ ﺗَﺮْﻛِﻬَﺎ ﺇﺧْﺮَاﺝَ ﺯَﻛَﺎﺓِ اﻟْﺤُﻠِﻲِّ، وثبت من ﻣﺪﻫﺒﻬﺎ ﻣِﻦْ ﺇﺧْﺮَاﺝِ ﺯَﻛَﺎﺓِ ﺃَﻣْﻮَاﻝِ اﻟْﻴَﺘَﺎﻣَﻰ، وهذا ﻳُﻮﻗِﻊُ ﺭِﻳﺒَﺔً ﻓِﻲ ﻫَﺬِﻩِ اﻟﺮِّﻭَاﻳَﺔِ اﻟْﻤَﺮْﻓُﻮﻋَﺔِ؛ ﻓَﻬِﻲَ (يعني عائشة) ﻻَ ﺗُﺨَﺎﻟِﻒُ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻓِﻴﻤَﺎ ﺭَﻭَﺗْﻪُ ﻋﻨﻪ إﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﻋَﻠِﻤَﺘْﻪُ ﻣَﻨْﺴُﻮﺧًﺎ.


قال الماوردي: ﻭَﺃَﻣَّﺎ اﻟْﺠَﻮَاﺏُ ﻋَﻦِ اﻷَْﺧْﺒَﺎﺭِ (على فرض صحتها) ﻓَﻤِﻦْ ﻭَﺟْﻬَﻴْﻦِ:

ﺃَﺣَﺪُﻫُﻤَﺎ: ﺃَﻧَّﻬَﺎ ﻣَﺤْﻤُﻮﻟَﺔٌ ﻋَﻠَﻰ ﻣُﺘَﻘَﺪِّﻡِ اﻷَْﻣْﺮِ، ﺣِﻴﻦَ ﻛَﺎﻥَ اﻟْﺤُﻠِﻲُّ ﻣَﺤْﻈُﻮﺭًا، ﻷَِﻥَّ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ - ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢ َ- ﺣَﻈَﺮَﻩُ ﻓِﻲ ﺃَﻭَّﻝِ اﻹِْﺳْﻼَﻡِ ﻓِﻲ ﺣَﺎﻝِ اﻟﺸِّﺪَّﺓِ ﻭَاﻟﻀِّﻴﻖِ، ﻭَﺃَﺑَﺎﺣَﻪُ ﻓِﻲ ﺣَﺎﻝِ اﻟﺴَّﻌَﺔِ ﻭَﺗَﻜَﺎﺛُﺮِ اﻟْﻔُﺘُﻮﺡِ؛ ﺃَﻻَ ﺗَﺮَﻯ ﺇِﻟَﻰ ﻣَﺎ ﺭَﻭَﺕْ ﺃَﺳْﻤَﺎءُ ﺑِﻨْﺖُ ﻳَﺰِﻳﺪَ ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢ -ﻗَﺎﻝَ: "ﺃَﻳُّﻤَﺎ اﻣْﺮَﺃَﺓٍ ﺗَﻘَﻠَّﺪَﺕْ ﻗِﻼَﺩَﺓً ﻣِﻦْ ﺫَﻫَﺐٍ ﻗُﻠِّﺪَﺕْ ﻓِﻲ ﻋُﻨُﻘِﻬَﺎ ﻣِﺜْﻠَﻪُ ﻣِﻦَ اﻟﻨَّﺎﺭِ".


ﻭَاﻟﺜَّﺎﻧِﻲ: ﺃَﻥَّ ﺯَﻛَﺎﺗَﻪُ ﻣَﺤْﻤُﻮﻟَﺔٌ ﻋَﻠَﻰ ﺇِﻋَﺎﺭَﺗِﻪِ؛ ﻟِﻤَﺎ ﺭُﻭِﻱَ ﻋَﻦِ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢ، ﺃَﻧَّﻪُ ﻗَﺎﻝَ: "ﺯَﻛَﺎﺓُ اﻟْﺤُﻠِﻲِّ ﺇﻋﺎﺭﺗﻪ"؛ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻓﻲ ﺃﻋﻴﺎﻥ ﻳُﺴْﺘَﺪَﻝُّ ﺑِﻬَﺎ ﻋَﻠَﻰ اﻹِْﻃْﻼَﻕِ ﻣَﻊَ ﺇِﻣْﻜَﺎﻥِ ﺣَﻤْﻠِﻬَﺎ ﻋَﻠَﻰ ﺣُﻠِﻲٍّ ﻣَﺤْﻈُﻮﺭٍ ﺃَﻭْ ﻟِﻠﺘِّﺠَﺎﺭَﺓِ.


و-أما الآثار الصحيحة؛ فما رواه عبد الرزاق عن عبد الله بن عمرو: أنه كان يأمر نساءه أن يُزكين حليهن. وروى عبد الرزاق أنه (يعني عبد الله بن عمرو): كان يُحليهن بالذهب؛ فذكر أنه بلغ مائتي درهمٍ أو ذكر الألف أ أكثر فكان يُزكيه.

-وروى البيهقي في السنن: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أنه كان يكتب إلى خازنه سالم أن يُخرج زكاة حُلي بناته كل سنة.

-وروى عبد الرزاق  عن سعيد بن المسيب، قال: في حُلي الذهب والفضة الزكاة.

-وروى أبو عُبيد في الأموال، عن إبراهيم النخعي: في الحلي الزكاة.

-وروى أبو عُبيد في الأموال، عن مجاهد بن زيد، قال: في الحلي الزكاة كل سنة إذا بلغ عشرين مثقالاً أو مائتي درهم.

-وروى أبو عُبيد في الأموال، عن مجاهد وعطاء في زكاة الحلي: إذا بلغ مائتي درهم أو عشرين مثقالاً ففيه الزكاة.

-وروى أبو عُبيد في الأموال،  عن ميمون بن مهران: إن لنا طوقاً لقد زكيته حتى أتى على نحو ثمنه.


2- وذهب الأئمة الثلاثة إلى أنه لا زكاة في حلي المرأة، بالغاً ما بلغ، وهو قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة، وأتباعهم، فمن الصحابة: ابن عمر، وأنس، وجابر، وعائشة، وأسماء بنت أبي بكر، وبقية الصحابة لم يرد عنهم فيه شيء؛ ومنهم الخلفاء الراشدين الذين تولوا جباية الزكاة، ومن التابعين: وقتادة، ومحمد بن سيرين، محمد بن علي، والشعبي، وسفيان، ومن العلماء: أبي عُبيد، وابن جرير، وابن المنذر.

واستدلوا لذلك:

أ- بما رواه البخاريُّ ومسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة).

قال النوويُّ: هذا الحديث يدلُّ على أن أموال القُنية لا زكاة فيها، وهو قول عامة السلف والخلف.

الشاهد: قياس الحلي المُعد للاستعمال بالعبد والفرس في سقوط الزكاة، واعتُرض عليه بأنه قياسٌ مع الفارق؛ لأن الأصل في الذهب والفضة وجوب الزكاة؛ بخلاف العبد والفرس.


ب- وقالوا: إن كتب النبيِّ صلى الله عليه وسلم التي استقصى فيها أحكام الزكاة في الماشية والنقدين، وبعث بها عماله؛ ليس فيها زكاة الحلي، وإنما هما زكاة النقدين المضروبين، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع.


ج-وروى البيهقي عن جابر أنه سئل عن الحلي: أفيه زكاة؟ قال جابر: لا. فقيل: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: أكثر.

قال الحنفية ومن وافقهم: حديث جابرٍ مرفوعاً ضعيف، فيه عافية بن أيوب وهو مُتكلَّمٌ فيه، وهذا التضعيف فيه نقاش. ولكن صحَّح إسناده إلى جابرٍ كثيرٌ من المحدثين والمحققين، كأبي زُرعة، وبن الجوزي، والمنذر، والنووي في "المجموع"، وابن الملقن في "البدر المنير"، وابن حجر العسقلاني، وابن دقيق العيد، والألباني في "إرواء الغليل". 


-وروى البيهقي: أن أسماء بنت أبي بكر كانت تحلي بناتها بالذهب، ولا تزكيه، نحوا من خمسين ألفاً.

-وفي الموطأ، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن عائشة كانت تلي بنات أخيها، يتامى في حجرها، لهن الحلي فلا تخرج من حليهن الزكاة.

واعتُرض عليه؛ بأنه حديثٌ ضعيف؛ لضعف إبراهيم بن أيوب، فلا ينهض للاحتجاج، وصححه النوويُّ، وابن الملقن، والألباني.


-وفيه (يعني الموطأ): أن عبد الله بن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة.

وهذا صريحٌ جداً؛ واعتُرض عليه بأن الحلي لم تبلغ النصاب؛ حتى يُزكيه.


ج-واستدلوا من النظر: بأنَّ الزكاة لا تجب إلا في الأموال النامية، وأما أموال أموال القُنية لفلا زكاة فيها، وهذا أصلٌ من الأصول المعتمدة في الشرع.


3-وذهب أنس بن مالك إلى أنَّ زكاة الحُليّ مرَّة واحدة في العمر، فقد وروى البيهقي في السنن: عن قتادة، قال: سألتُ أنس بن مالك عن الحُلي؛ فقال: ليس فيه زكاة، وفي رواية: إذا كان يعار ويلبس فإنه يزكى مرة واحدة، ونسب ابن قُدامة في "المُغني" ذلك روايةً عن مالك.


4-وذهب الحسن البصري، إلى أنَّ زكاة الحُليّ إعارته، ولو مرَّةً في العُمر.


ويُلخص لنا الإمام الخطابيُّ هذه المسألة؛ فيقول: الظاهر من الكتاب يشهد لقول من أوجبها، والأثر يؤيده، ومن أسقطها ذهب الى النظر، ومعه طرف من الأثر، والاحتياط أداؤها.


هذا الخلاف بالنسبة للحلي المباح، فإذا اتخذت المرأة حليا ليس لها اتخاذه - كما إذا اتخذت حلية الرجل، كحلية السيف - فهو محرم، وعليها الزكاة، وكذا الحكم في اتخاذ أواني الذهب والفضة.


قلتُ (محمد): وبما أني شافعيُّ المذهب: أقول أما زكاة الحلي عند الشافعية

ينقل الشافعية عن الإمام الشافعي رحمه الله قولان في إيجابه الزكاة في الحلي في "الجديد" من مذهبه، وأما "القديم" فقال: لا تجب، ورجح بعضهم إيجابه له، وهو ما نقله النووي في المجموع (٦/ ٣٢)؛ فقال: "والقول (اﻟﺜﺎﻧﻲ) ﺗﺠﺐ ﻓﻴﻪ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻭاﺳﺘﺨﺎﺭ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭاﺧﺘﺎﺭﻩ..".

بينما نجد أن الربيع صاحب الإمام يرجح عدم إيجابه للزكاة في "الأم"، فقال "ﻗَﺪْ اﺳْﺘَﺨَﺎﺭَ اﻟﻠَّﻪَ ﻋَﺰَّ ﻭَﺟَﻞَّ ﻓِﻴﻪِ، وﺃَﺧْﺒَﺮَﻧَﺎ اﻟﺸَّﺎﻓِﻌِﻲُّ: ﻟَﻴْﺲَ ﻓِﻲ اﻟْﺤُﻠِﻲِّ ﺯَﻛَﺎﺓٌ"، وهو قول أكثر الأصحاب عنه، والمشهور من مذهبه، وهو نصه في البويطي كما نقله النووي في "المجموع"، وصححه. 

ومعلومٌ أن إيجاب الزكاة هو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ ويقول الإمام البيهقيّ: وكان اﻟﺸَّﺎﻓِﻌِﻲَّ ﻛَﺎﻟْﻤُﺘَﻮَﻗِّﻒِ ﻓِﻲ ﺭِﻭَاﻳَﺎﺕِ ﻋَﻤْﺮِﻭ ﺑْﻦِ ﺷُﻌَﻴْﺐٍ ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻴﻪِ ﻋَﻦْ ﺟَﺪِّﻩِ ﺇﺫَا ﻟَﻢْ ﻳَﻨْﻀَﻢَّ ﺇﻟَﻴْﻬَﺎ ﻣَﺎ ﻳُﺆَﻛِّﺪُﻫَﺎ؛ ﻷَِﻧَّﻪُ ﻗِﻴﻞَ ﺇﻥَّ ﺭِﻭَاﻳَﺎﺗِﻪِ ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻴﻪِ ﻋَﻦْ ﺟَﺪِّﻩِ ﺃَﻧَّﻬَﺎ ﺻَﺤِﻴﻔَﺔٌ ﻛَﺘَﺒَﻬَﺎ ﻋَﺒْﺪُ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦُ ﻋَﻤْﺮٍﻭ.

ثم ﻗَﺎﻝَ اﻟْﺒَﻴْﻬَﻘِﻲُّ: ﻭَﻗَﺪْ ﺫَﻛَﺮْﻧَﺎ ﻓِﻲ ﻛِﺘَﺎﺏِ اﻟْﺤَﺞِّ ﻭَﻏَﻴْﺮِﻩِ ﻣَﺎ ﻳَﺪُﻝُّ ﻋَﻠَﻰ ﺻِﺤَّﺔِ ﺳَﻤَﺎﻉِ ﻋَﻤْﺮِﻭ ﻣِﻦْ ﺃَﺑِﻴﻪِ ﻭﺳﻤﺎﻉ ﺃﺑﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﺪﻩ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﺑﻦ ﻋَﻤْﺮٍﻭ ﻗَﺎﻝَ ﻭَﻗَﺪْ اﻧْﻀَﻢَّ ﺇﻟَﻰ ﺣَﺪِﻳﺜِﻪِ ﻫَﺬَا ﺣَﺪِﻳﺚُ ﺃُﻡِّ ﺳَﻠَﻤَﺔَ ﻭَﺣَﺪِﻳﺚُ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ﻓِﻲ اﻟْﻔَﺘَﺨَﺎﺕِ. ذكره النووي في "المجموع".



*مصادر أخرى: فقه السنة، سيد سابق (1/ 342 -343).