حكم تصوير ذوات الأرواح
مقبل بن هادي الوادعي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد: هذا الكتاب جمع فيه مؤلفه بعض الأحاديث الواردة في ذم التصوير والتحذير منه، وذلك في اثنين وعشرين فصلاً، وبين أن الأحاديث بعمومها تتناول الصور المجسمة التي لها ظل، وغير المجسمة (الفوتوغرافية) التي لا ظل لها، واستدل بعموم أمره صلى الله عليه وسلم بمحو كل صورة، والمحو لا يكون للصورة المجسمة، وأن النبيّ صلى الله عليه وسلم هتك القرام الذي كان بحجرة عائشة، ولم يكن له ظل، بل أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أن يمحو كل صورة في الكعبة، فبلّ ثوباً ومحاها به، ويُروى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم محا صورة إبراهيم عليه السلام من الكعبة.
وأما قطع عائشة للقرام الذي عليه الخيل المُجنّحة، وصنعها لوسادة أو وسادتين؛ فيُحتمل أن الوسادة التي صنعتها لم تظهر فيها تلك التصاوير كاملة لقطعها، أو أنها كانت محل امتهان، ولكن الأولى تطهير البيت منها، وهذا التوجيه قريب، لأنه حتى في التماثيل التي أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بطمسها، استثنى منها لعب الأطفال التي تكون من القماش والعهن؛ لأنها ممتهنة مبتذلة غير مُعظّمة.
وتوسع الشيخ الوادعي فزعم أن الصور الموجودة في المجلات، والجرائد، والتلفزيون، وغيرها من الآلات الحديثة، بل حتى المرئيات المتحركة، بما فيها تصوير الدروس ونحو ذلك كل ذلك مُحرّم، وداخل في الوعيد، وأن من يفعل ذلك يناله نصيب من العذاب، وفي بعض قوله نظر؛ إذ الحاجة متجهة إلى الدروس المسجلة، سيما بعض الشروحات المرئية.
وخلاصة القول في هذه المسألة:
(١) تصوير الإنسان والحيوان، وكلّ ما فيه روح حرام، وهو من كبائر الإثم، لأنه متوعَّد عليه بوعيد شديد في صريح السنّة الشريفة، لا فرق في هذا التحريم بين ما إذا كان هذا التصوير على ما يمتهن ويُهان أو على ما يعظم ويكرم.
(٢) ولا فرق بين ما كان منه على بساط، أو ثوب، أو درهم، أو دينار، أو ورق، أو إناء، أو حائط، أو على غير ذلك، ولا فرق بين ما له ظل وما لا ظل له؛ فتصوير كل ما فيه روح حرام، كيفما كان، وعلى أي شيء كان.
(٣) ويستوي في الحرمة المصوِّر، ومن تقدم إلى المصوِّر ليصوره، لأنه معاون له على المعصية، وإن كان عذاب المصور أكبر، وإثمه أعظم، أما تصوير ما لا روح فيه، كالشجر، والنبات، والجماد، فليس بحرام، ولا إثم في فعله (وهذا حكم نفس التصوير).
(٤) وأما اتخاذ ما فيه صورة حيوان، أو إنسان واقتناؤه، فنقول: إن كانت هذه الصور معلَّقة على حائط، أو منقوشة في ثوب مما لا يعدّ ممتهناً، فاتخاذها حرام، ولا يجوز إبقاؤها، بل يجب نزعها، وإزالتها من مكانها، وإن كانت في بساط يداس، أو وسادة ومخدّة يُتّكأ ويُجلس عليهما، ونحوهما مما يُمتهن، فليس بحرام.
(٥) يستثنى من عموم تحريم اتخاذ الصور أمران:
الأول: الترخيص لصغار البنات والصبيان في لِعَب الأولاد.
الثاني: حالة الضرورة، فإذا دعت ضرورة، أو حاجة أمنية إلى اتخاذ صورة، جاز اتخاذها، ولكن بقدر الضرورة، والحاجة، لأن الضرورة، أو الحاجة تقدّر بقدرها.
إجمال الكتاب:
(١) وابتدأ بالتحذير من الشبهات أي: الأمور المشتبهة التي لا يعلمها كثير من الناس، وعدَّ منها الصور: فذكر حديث النعمان بن بشير عند البخاري، وسهل بن حُنيف عند الترمذي.
(٢) ثم الأمر بطمس الصور: وذكر فيه حديث علي بن أبي طالب عند مسلم، وابن عباس وابن مسعود كلاهما عند البخاري.
(٣) ثم النهي عن صُنع الصور: وذكر حديث جابر عند الترمذي وأحمد، ثم لعن النبيّ صلى الله عليه وسلم المصورين كما في حديث أبي جحيفة عند البخاري.
(٤) ثم بيان أن هذه الصور قد تعبد من دون الله، وذكر حديث عائشة عند البخاري،
(٥) ثم كون المصورين لذوات الأرواح يعذبون بها في النار، بأن يكلفوا نفخ الروح فيها فلا يقدرون، وذكر حديث ابن عباس عند مسلم.
(٦) ثم كون المصورين من أشد الناس عذاباً يوم القيامة، وذكر حديث عبد الله بن مسعود عند مسلم، وأحمد.
(٧) ثم كون المصورين من أظلم الناس، وذكر حديث أبي هريرة عند البخاري،
(٨) ثم الدليل على تحريم عموم صور ذوات الأرواح، وذكر حديث عائشة عند البخاري، وعند مسلم وكان لها قرام عليه خيلٌ لها أجنحة، فأمرها بنزعه؛ فصنعت منه وسادة أو وسادتين.
(٩) ثم كون الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، وذكر حديث أبي طلحة عند البخاري ومسلم، وعائشة عند البخاري ومسلم، وحديث ميمونة عند مسلم، وأبي هريرة عند مسلم، وحديث أسامة عند أبي بكر بن أبي شيبة في "مصنفه"، وحديث علي بن أبي طالب عند النسائي وأبي يعلى في "مسنده"، وحديث أبي سعيد عند مالك في "الموطأ"، وابن عباس عند البخاري،
وبين أن المراد بالبيت جنس البيوت يعني جميع البيوت التي فيها تصاوير، لا كما قال ابن حبان في "تقريب الإحسان" أن المراد البيوت التي ينزل فيها الوحي، الأمر الذي أنكره الحافظ في "الفتح"؛ فقال رحمه الله في الفتح (ج ۱۰ ص ۳۸۱): إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، إذا كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ص :(۳۸۲) وأغرب ابن حبان، فادعى أن هذا الحكم خاص بالنبي النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر ما تقدم عن ابن حبان، ثم قال: وهو بعيد جدا لم أره لغيره
(١٠) ثم ذكر ترخيص بعض الصحابة دخول البيت الذي فيه صورة، فذكر ذلك عن الحسن، وذكر ذلك عن بعض الصحابة والتابعين، وكان في بيت إبراهيم النخعي تابوت فيه تماثيل، وثبت عن إِبْرَاهِيمَ النخعي، أنه قَالَ: "لا بَأْسَ بِالثَّمَثَالِ، في حِلْيَةِ السَّيفِ، وَلا بَأسَ بِهَا في سَمَاءِ البَيتِ، إِنَّمَا يُكرَهُ مِنْهَا مَا يُنْصَبُ نَصِباً" - يعنى الصُّورَة. ورأى مسروق تمثالاً لمريم فلم يتكلم، ولعل الأخبار التي ورد فيها النهي لم تبلغهم.
(١١) ثم الأمر بقطع الصور (يعني رأسها) حتى تكون كالشجرة؛ وذكر فيه حديث أبي هريرة عند الترمذي وأحمد، وذكر أثر ابن عباس موقوفاً: "الرأس الصورة، فإذا قُطع الرأس فليس بصورة" وهو صحيح عنه.
(١٢) ثم بيان أن التصوير كبيرةٌ من الكبائر؛ وذكر حديث أبي هريرة عند الترمذي، وفيه خروج عنق من النار له عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق.
(١٢) ثم ذم الصور لكونها تُذكر الدُّنيا؛ وذكر حديث عائشة عند مسلم، وأنه كان لها ستر فيه تمثال طائر، فأمرها النبيُّ بتغييره، وأنه يذكر الدُّنيا. قال النووي رحمه الله -على هذا الحديث: هذا محمول على أنه كان قبل تحريم اتخاذ ما فيه صورة فلهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل ويراه ولا ينكره قبل هذه المرة الأخيرة.
(١٣) ثم جواز اتخاذ اللعب من العهن والخرق للأطفال؛ وذكر حديث الرّبيّع بن معوذ عند البخاري، وعائشة عند مسلم.
(١٤) ثم رؤيا النبيّ صلى الله عليه وسلم صورة عائشة في المنام، وذكر حديث عائشة عند البخاري ومسلم.
(١٥) ثم تحريم الاحتراف بالتصوير، أو التدريس في مادة التصوير، وذكر الآيات الدالة على أن الرزق على الله وحده، وحديث عمر في التوكل عند أحمد.
(١٦) ثم أثر الكسب الحرام على الدُّعاء؛ فذكر حديث أبير هريرة عند البخاري ومسلم، وعدَّ عدم مبالاة كثير من الناس بالمكاسب الطيبة علماً من أعلام النبوة.
(١٧) ثم بيان أن المتصوّرُ عاصٍ، وأنه من المنكر الذي يجب تغييره، (١٨) ثم ذكر أقوال السَّلف في الصور؛ وذكر النهي عن عمر، وابن مسعود، وأبو مسعود الأنصاري.
(١٩) ثم بيان حكم الصور الاضطرارية؛ (٢٠) ثم الرد على شبهات المجيزين للتصوير، (٢١) وذكر تعقيباً على قصة نوح عليه السلام، (٢٢) ثم تحريم الحيل.
بعض الأحاديث الواردة في ذم التصوير
* ما أخرجه البخاري (٢١٠٥) بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم».
وقال (صلى الله عليه وسلم): «إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة».
* و (البخاري ٢٠٨٦): «نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ثمن الكلب، وثمن الدم، ونهى عن الواشمة، والموشومة ، وآكل الربا وموكله ، ولعن المصور».
* وقال (صلى الله عليه وسلم): «إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة: المصورون». (البخاري ٢١٥/٧ - ط . الشعب)
* قال أبو زرعة: دخلت مع أبي هريرة داراً بالمدينة فرأى أعلاها مصوراً يصور. قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: «ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة» ( البخاري / ٢١٥ - ط . الشعب ).
* وقال: (صلى الله عليه وسلم): «من صور صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ» ( البخاري ۲۱۷/۷).
* وقال: (صلى الله عليه وسلم): «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه تماثيل أو تصاوير» (مسلم ٢/ ٢٥٠ ٢٥٠ - ط . حلبي).
رأيُ الإمام النووي في التصوير
قال النووي في شرح مسلم (١٤/ ٨١): قال أصحابنا وغيرهم من العلماء تصوير صورة الحيوان حرامٌ شديد التحريم وهو من الكبائر؛ لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث، وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال؛ لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى، وسواء ما كان فى ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها.
وأما تصوير صورة الشجر، ورحال الإبل، وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان، فليس بحرام، هذا حكم نفس التصوير.
وأما اتخاذ المصور فيه صورة حيوان؛ فإن كان معلقاً على حائطٍ، أو ثوباً ملبوساً أو عمامة ونحو ذلك مما لا يعد ممتهنا فهو حرام. وإن كان في بساط يُداس، ومخدة ووسادة ونحوها مما يمتهن فليس بحرام. ولكن هل يمنع دخول ملائكة الرحمة ذلك البيت؟ فيه كلام نذكره قريباً إن شاء الله.
ولا فرق في هذا كله بين ماله ظل وما لا ظل له هذا تلخيص مذهبنا في المسألة، وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو مذهب الثوري، ومالك، وأبي حنيفة وغيرهم.
وقال بعض السلف: إنما ينهى عما كان له ظل ولا بأس بالصور التي ليس لها ظل، وهذا مذهب باطل؛ فإن الستر الذي أنكر النبي صلى الله عليه وسلم الصورة فيه لا يشك أحدٌ أنه مذموم، وليس لصورته ظل، مع باقي الأحاديث المطلقة في كل صورة.
وقال الزهري: النهيُ في الصورة على العموم، وكذلك استعمال ما هى فيه، ودخول البيت الذي هي فيه، سواء كانت رقما في ثوب أو غير رقم، وسواء كانت في حائط أو ثوب أو بساط ممتهن أو غير ممتهن، عملاً بظاهر الأحاديث، لا سيما حديث النمرقة الذي ذكره مسلم، وهذا مذهب قوي.
وقال آخرون: يجوز منها ما كان رقماً في ثوب، سواء امتهن أم لا، وسواء علق في حائط أم لا، وكرهوا ما كان له ظل أو كان مصوراً في الحيطان وشبهها، سواء كان رقماً أو غيره، واحتجوا بقوله في بعض أحاديث الباب: ((إلا ما كان رقما في ثوب))، وهذا مذهب القاسم بن محمد
وأجمعوا على منع ما كان له ظل، ووجوب تغييره. قال القاضي إلا ما ورد في اللعب بالبنات لصغار البنات، والرخصة في ذلك؛ لكن كره مالك شراء الرجل ذلك لابنته، وادّعى بعضهم أن إباحة اللعب لهن بالبنات منسوخ بهذه الأحاديث والله أعلم.
رأيُ الإمام ابن حجر العسقلاني في التصوير
وقال الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٣٧٤): وقال ابن العربي: حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حرم بالإجماع.
وإن كانت رقماً فأربعة أقوال:
الأول: يجوز مطلقاً على ظاهر قوله في حديث الباب: ((إلا رقماً في ثوب)).
الثاني: المنع مطلقاً؛ حتى الرقم (وهي النقوش في الثوب من غير صور).
الثالث: إن كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل حرم، وإن قطعت الرأس أو تفرقت الأجزاء جاز، قال وهذا هو الأصح.
الرابع: إن كان مما يمتهن جاز وإن كان معلقاً لم يجز.
سبب امتناع الملائكة من دخول بيت فيه صورة
يقول الإمام النووي (١٤/ ٨٤) في حديث (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة): قال العلماء: سبب امتناعهم من بيت فيه صورة؛ كونها معصية فاحشة، وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى.
وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب؛ لكثرة أكله النجاسات، ولأن بعضها يسمى شيطاناً كما جاء به الحديث، والملائكة ضد الشياطين، ولقبح رائحة الكلب والملائكة تكره الرائحة القبيحة، ولأنها منهي عن اتخاذها، فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته وصلاتها فيه واستغفارها له وتبريكها عليه، وفي بيته ودفعها أذى للشيطان.
وأما هؤلاء الملائكة الذين لايدخلون بيتاً فيه كلب أو صورة؛ فهم ملائكة يطوفون بالرحمة والتبريك والاستغفار.
وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت ولايفارقون بني آدم في كل حال؛ لأنهم مأمورون باحصاء أعمالهم وكتابتها.
قال الخطابي: وإنما لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو صورة مما يحرم اقتناؤه من الكلاب والصور؛ فأما ما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع والماشية، والصورة التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرهما فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه.
وأشار القاضي إلى نحو ما قاله الخطابي، والأظهر أنه عام في كل كلب وكل صورة وأنهم يمتنعون من الجميع لإطلاق الأحاديث، ولأن الجرو الذي كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر؛ فإنه لم يعلم به، ومع هذا امتنع جبريل صلى الله عليه وسلم من دخول البيت، وعلل ذلك بالجرو؛ فلو كان العذر فى وجود الصورة والكلب لا يمنعهم لم يمتنع جبريل والله أعلم.
العلة في تحريم صور ذوات الأرواح
والعلة في تحريم صور ذوات الأرواح ثلاثة أمور، ذكرها النوويُّ وغيره:
الأول: لأنها عُبدت من غير الله، وتقدم حديث: «أُولَئِكِ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ، إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ».
الثاني: أنها مضاهاة لخلق الله، كما تقدم في حديث: «الَّذِينَ يُضَاهِتُونَ بِخَلقِ الله».
الثالث: أيضًا الفتنة؛ فالمجلات ربما يُفتن الرجل إذا نظر إلى صور النساء العارية والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: «مَا تَرَكتُ فِتْنَةٌ أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِن النِّسَاءِ» .
وأيضًا نظر الرجل إلى المرأة في التلفزيون أو الفيديو أو الدش أو التليفون الذي ينقل الصورة، أو غيرها مما يعده أعداء الإسلام ليفتنوا المسلمين عن دينهم، فإن الناس كلما كرهوا آلة أتوا لهم بآلة أخرى.
وهكذا نظر الرجل إلى المرأة، ونظر المرأة إلى الرجل محرمان: {قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهم}، {وقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أبصارهنَّ} فحسبنا الله ونعم الوكيل أبصارهنّ
توسُّع الوادعي في تحريم التصوير
يقول الوادعي في "كتابه": فيحرم التصوير، سواء كانت ذلك تلفازًا، أو فيديو، أو سينما، أو هاتفاً تلفزيونياً، أو أجهزة البث المباشر في الملاعب والقاعات الجامعية، أو في أقسام الشرطة للمراقبة، وكل أجهزة المراقبة المرئية.
تنبيه: إذا كانت الصورة لحيوان لا رأس له مثل نجم البحر فكيف يتم طمس الصورة؟
تطمس صورته بأن تقطع حتى تكون كهيئة الشجرة، وأما الحيوان فتصويره حرام؛ لأنه من ذوات الأرواح، وإن لم يكن له رأس.
والقول بجواز تصوير المجرم لا دليل عليه، بل تقام الحدود وهي كفيلة بزجر المجرم، ولم يقل الله ولا رسوله إذا ظهرت صورة المجرم يُقام عليه الحد، بل ذلك يثبت بالبينات الشرعية!
والقول بإباحة التصوير للتعليم لا دليل عليه، بل حديث لعن المصور المتقدم يشمل هذا وهذا.
وفي هذا تهوين معصية التصوير في نفوس الطلاب، وهم يهيئون للعنة الله إن كانوا غير بالغين، ويلعنون إن كانوا بالغين، ويُعانون على المعصية، بل يُدفعون إليها، فأين المسئولية والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: «كُلُّكُم رَاعٍ وَكُلُّكُم مَسئُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ»، ويقول: «مَا مِن راعٍ يَستَرعيه الله رَعِيَّةٌ ثُمَّ لَم يُحِطْهَا بِنُصْحِهِ إِلا لَم يَجِد رَائِحَةَ الجَنَّةِ».
فحرامٌ على المُدرس وعلى أولياء الأمور أن يُمكنوا الطالب من التصوير.
وكذلك الأمر في الانتخابات ففي هذه الأيام، أيام الانتخابات المشئومة على الإسلام وعلى البلد. قد ملأت الصور السهل والجبل والشجر والحجر، حتى قال بعض الشباب الصالح: أين ستكون الملائكة وقد ملئوا الدنيا صورًا!؟
الصُّور الاضطرارية من وجهة نظر الوادعي
إذا كان الشخص مضطرًا لجواز سفر، سواء أكان لحج أو غيره من الأسفار اللازمة، أو بطاقة شخصية أو رخصة سياقة أو تصريح عمل نقود؛ فالإثم على الحكومات التي اضطرتك إلى هذا.
وحد الضرورة هنا: أن تتعطل بترك التصوير مصالحك التي هي واجبة عليك.
وأما الصور التي تطلب من طالب العلم أو من العسكري فليست بضرورية؛ لأنه يمكن أن يترك الطالب طلب العلم في المدارس، ويطلب العلم عند العلماء في المساجد والعسكري ممكن أن يحترف ويترك العسكرية.
ومن المنكر أن نرى صور العلماء في الجرائد والمجلات، وَأَنْكَرُ من هذا صور البطاقات الانتخابية التي هي وسيلة إلى الديمقراطية الطاغوتية، وَأَنْكَرُ من هذا صور النساء في الانتخابات ومنكر عظيم أن يقوم المحاضر في المساجد يحاضر الناس والمُصَوَّرَةُ موجهة إليه، وكذا تصوير الحجاج بمنى وعرفة ووضع آلة التصوير على مسجد عُرَنة والمسجد الحرام، وغيرهما من تلكم المشاعر العظيمة.
والبَثُ الْمُبَاشِر دَاخِل في التحريم فهو يعتبر صورة، والناس يسمونها صورة فهي محرمة والتقاط صور الداخل من الباب أو المتسلق على الجدار، كذلك أيضاً.
الرد على أدلة المجيزين للتصوير
ومن أدلة أصحاب الأهواء من العصريين قوله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن تَحَرِيبَ وَتَمَئِيلَ وَجِفَانِ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَت}.
التماثيل هي الصور، وهي منسوخة، فإليك ما قاله بعض المفسرين
• قال أبو بكر بن العربي واقفه في «أحكام القرآن» (ج ٤ ص ١٦٠٠): فإن قيل : فكيف شاء عمل الصور المنهي عنها؟ قلنا : لم يَرِدْ أنه كان منهيّا عنها في شرعه، بل ورد على ألسنة أهل الكتاب أنه كان أمرًا مأذونا فيه، والذي أوجب النهي عنه في شرعنا - والله أعلم -ما كانت العرب عليه من عبادة الأوثان والأصنام، فكانوا يصورون، فقطع الله الذريعة وحمى الباب.
فإن قيل: فقد قال حين ذم الصور وعملها من الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن صَوَّرَ صُورَةً عَذَّبَهُ الله حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيسَ نافخ»، وفي رواية: «الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلقِ الله»، فعلل بغير ما زعمتم؟ قلنا نهى عن الصورة، وذكر علة التشبيه بخلق الله، وفيها زيادة علة وهي عبادتها من دون الله، فنبه على أن نفس عملها معصية، فما ظنك بعبادتها.
وقد ورد في كتب التفسير: شأن يغوث ويعوق ونسترا، وأنهم كانوا أناسًا، ثم صُوِّروا بعد موتهم وعبدوا. وقد شاهدت بثغر الإسكندرية إذا مات منهم ميت صوروه من خشب في أحسن صورة، وأجلسوه في موضعه من بيته، وَكَسَوْه بزتَه إن كان رجلاً وحِليتها إن كانت امرأة، وأغلقوا عليه الباب. فإذا أصاب أحدًا منهم كرب أو تجدد له مكروه، فتح الباب عليه وجلس عنده يبكي ويناجيه بكان وكان حتى يكسر سَوْرَة حزنه بإهراق دموعه، ثم يُغلق الباب عليه وينصرف عنه، وإن بعد الزمان عبدوها، وكانت من جملة الأصنام والأوثان.
فعلى هذا التأويل إن قلنا: إن شريعة من قبلنا لا تلزمنا، فليس ينقل عن ذلك حكم، وإن قلنا: إن شرع من قبلنا شرع لنا، فيكون نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور نسخاً..
المسألة الخامسة، على ما بيناه في قسم الناسخ والمنسوخ قبل هذا. تمادی بهم فشاء الله وهي وإن قلنا: إن الذي كان يصنع له الصور المباحة من غير الحيوان وصورته، فشرعنا وشرعه واحد.
وإن قلنا: إن الذي حرم عليه ما كان شخصاً لا ما كان رقماً في ثوب، فقد اختلفت الأحاديث في ذلك اختلافاً متباينا بيناه في شرح الحديث، لُبابُه أن أمهات الأحاديث خمس أمهات:
الأم الأولى: ما رُوي عن ابن مسعود وابن عباس «أن أصحاب الصُّورِ يُعَذَّبُونَ»، أَو «هُم أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا»، وهذا عام في كل صورة.
الأم الثانية: رُوي عن أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَدخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صَورَةٌ»، زاد زيد بن خالد الجهني: «إِلا مَا كَانَ رَقًماًً في ثوب».
وفي رواية عن أبي طلحة نحوه، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: هَل سَمِعت هَذَا؟ فَقَالَت: لا، وَسَأَحَدُتُكُم خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ، فَأَخَذْتُ نَمَطَا فَنَشَرْتُهُ عَلَى البَابِ، فَلَمَّا قَدِمَ وَرَأَى النَّمَطَ عَرَفْتُ الكَرَاهَةَ في وَجهِهِ، فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ، وَقَالَ: «إِنَّ الله لَم يَأْمُرُنَا أَن نَكسَوَ الحِجَارَةَ وَالطِّيْنَ»، قَالَت فَقَطَعتُ مِنهُ وِسَادَتَينِ وَحَشَوتُهُما لِيفًا، فَلَم يَعِب ذلك عَلَىّ.
الأم الثالثة: قَالَت عَائِشَةُ: «كَانَ لَنَا سِرٌ فِيهِ تِمْثَالُ طَائِرٍ، كَانَ الدَّاخِلُ إِذَا دَخَلَ اسْتَقبَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «حَوْلِي هَذَا، فَإِني كُلَّما رَأَيْتُهُ ذَكَرتُ الدُّنيا».
الأم الرابعة: رُوي عَن عَائِشَةَ قَالَت دَخَلَ على رَسُولُ الله وَأَنَا مُتَسَتُرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ صُورَةٌ، فَتَلَوَّنَ وَجهُهُ، ثُمَّ تَنَاوَلَ السترَ فَهَتَكَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ مِن أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ خَلْقَ اللَّه»، قَالَت عَائِشَةُ: فَقَطَعتُهُ فَجَعَلْتُ مِنْهُ وِسَادَتَينِ.
الأم الخامسة: قالَت عَائِشَةُ: كَانَ لَنَا ثَوبٌ مَمْدُودٌ عَلَى سَهِوَةٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَخْرِيهِ عَنِّي»، فَجَعَلْتُ مِنْهُ وِسَادَتَينِ، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لا يَرتَفِقُ بهما.
وفي رواية: في حديث النمرقة قالت: اشتريتُهَا لَكَ لِتَقعُدَ عَلَيْهَا وَتَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ: «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّورِ يُعَذِّبُونَ يَومَ القِيَامَةِ، وَإِنَّ المَلائِكَةَ لا يَدخُلُونَ بَينَا فِيهِ صُورَةٌ».
قال القاضي: فتبين بهذه الأحاديث أن الصور ممنوعة على العموم، ثم جاء: «إِلا مَا كَانَ رَقْما في ثَوب»، فخص من جملة الصور، ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة في الثوب المصور: «أَخْرِيْهِ عَلَى فَإِني كُلَّما رَأَيْتُهُ ذَكَرتُ الدُّنيا»، فثبتت الكراهة فيه.
ثم بهتك النبي لى الله عليه وسلم الثوب المصور على عائشة منع منه، ثم تقطيعها لها وسادتين حتى تغيرت الصورة، وخرجت عن هيئتها؛ بأن جواز ذلك إذا لم تكن الصورة فيه متصلة الهيئة، ولو كانت متصلة الهيئة لم يجز، لقولها في النُّمْرُقَةِ المصورة: «اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها» فمنع منه، وتوعد عليه.
وتبين بحديث الصلاة إلى الصورة أن ذلك كان جائزاً في الرقم وفي الثوب، ثم نسخه المنع، فهكذا استقر فيه الأمر، والله أعلم.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره » ( ج ١٤ ص ۲۷۲): الثانية: قوله تعالى: {وَتَماثيل} جمع تمثال، وهو كل ما صور على مثل صورة خبار الله حيوان أو غير حيوان، وقيل: كانت من زجاج ونحاس ورخام تماثيل أشياء ليست بحيوان، وذكر أنها صور الأنبياء والعلماء، وكانت تصور في المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة واجتهادًا.
قال: «إِنَّ أُولَئِكِ كَانَ إِذَا مَاتَ فِيهِم الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوا عَلَى قَبْرِهِ مَسجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلكَ الصُّورَ» أي: ليتذكروا عبادتهم فيجتهدوا في العبادة، وهذا يدل على أن التصوير كان مباحًا في ذلك الزمان، ونسخ ذلك بشرع محمد صلى الله عليه وسلم.
وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة (نوح) عليه السلام. وقيل: التماثيل: طلسمات كان يعملها ويحرم على كل مصور أن يتجاوزها فلا يتجاوزها، فيعمل تمثالاً للذباب أو للبعوض أو للتماسيح في مكان ويأمرهم ألا يتجاوزوه، فلا يتجاوزه واحد أبداً ما دام ذلك التمثال قائماً.
وواحد التماثيل تمثال بكسر التاء- قال:
ويا رُبَّ يوم قد لهوتُ … وليلة بآنسة كَأَنها خَطُّ يَمْثَالِ
وقيل: إن هذه التماثيل رجال اتخذهم من نحاس وسأل ربه أن ينفخ فيها الروح ليقاتلوا في سبيل الله ولا يحيك فيهم السلاح، ويقال: إن اسفنديار كان منهم والله أعلم.
وروي أنهم عملوا له أسدين في أسفل کرسيه ونسرين فوقه فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيها، وإذا قعد أطلق النسران أجنحتهما.
الثالثة: حكى مكي في «الهداية» له: أن فرقة تُجوز التصوير، وتحتج بهذه الآية. قال ابن عطية وذلك خطأ، وما أحفظ أحد عن من أئمة العلم من يجوزه. إن شاء الله قد قلت: ما حكاه مكي ذكره النحاس قبله. قال النحاس قال قوم: عمل الصور جائز لهذه الآية، ولما أخبر الله عز وجل عن المسيح. وقال: صح النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عنها، والتوعد لمن عملها أو اتخذها، فنسخ بهذا ما كان مباحًا قبله. وكانت الحكمة في ذلك؛ لأنه بعث عليه السلام والصور تعبد فكان الأصلح إزالتها.
الرابعة: التمثال على قسمين حيوان وموات، والموات على قسمين: جماد ونام، وقد كانت الجن تصنع السليمان جميعه لعموم قوله: {وتماثيل}. وفي الإسرائيليات أن التماثيل من الطير كانت على كرسي سليمان.
فإن قيل: لا عموم لقوله: {وتماثيل له}؛ فإنه إثبات في نكرة، وقد ورد في كتب التفسير شأن يغوث ويعوق ونسرا، وأنهم كانوا أناسًا، ثم صُوِّروا بعد موتهم وعُبدوا.
وقد شاهدت بثغر الإسكندرية إذا مات منهم ميت صوروه من خشب في أحسن صورة، وأجلسوه في موضعه من بيته وَكَسَوْه بزته إن كان رجلاً وحليتها إن كانت امرأة، وأغلقوا عليه الباب فإذا أصاب أحدًا منهم كرب أو تجدد له مكروه فتح الباب عليه وجلس عنده يبكي ويناجيه بكان وكان حتى يكسر سَوْرَة حزنه بإهراق دموعه ثم يُغلق الباب عليه وينصرف عنه، وإن الزمان يعبدوها من جملة الأصنام والأوثان. فعلى هذا التأويل إن قلنا: إن شريعة من قبلنا لا تلزمنا فليس ينقل عن ذلك حكم، وإن قلنا: إن شرع من قبلنا شرع لنا، فيكون نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور نسخٌ له.
المسألة الخامسة، على ما بيناه في قسم الناسخ والمنسوخ قبل هذا. وإن قلنا: إن الذي كان يصنع له الصور المباحة من غير الحيوان، فشرعنا وشرعه واحد. وإن قلنا: إن الذي حرم عليه ما كان شخصاً لا ما كان رقما في ثوب، فقد اختلفت الأحاديث في ذلك اختلافا متبايناً بيناه في شرح الحديث، لُبابُه أن أمهات الأحاديث خمس أمهات. وتقدم ذكره.
الثامنة وقد استثني من هذا الباب لعب البنات، لما ثبت عن عائشة منها: أن النبي لا تزوجها وهي بنت سبع سنين، وزفت إليه وهي بنت تسع، ولعبها معها ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة. وعنها أيضًا قالت كنت العب بالبنات عند النبي وكان لي صواحب يلعبن فكان رسول الله إذا دخل ينتمعن منه، فَيُسرِّبُهُنَّ إلى فيلعبن معي. خرجهما مسلم. معي، قال العلماء وذلك للضرورة إلى ذلك وحاجة البنات، حتى يتدربن على تربية أولادهن ثم إنه لا بقاء ،لذلك وكذلك ما يصنع من الحلاوة العجين لا بقاء له فرخص في ذلك، والله أعلم.
ثم قال ابن كثير رحمه الله: وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد ابن منصور حدثنا الحسن بن موسى حدثنا يعقوب، عن أبي المطهر قال: ذكروا عند أبي جعفر وهو قائم يصلي يزيد بن المهلب، قال: فلما انفتل من صلاته قال ذكرتم يزيد بن المهلب، أما إنه قتل في أولى أرض عبد فيها غير الله ، قال : ثم ذكروا رجلاً مسلما وكان محببا في قومه، فلما مات اعتكفوا حول قبره في أرض بابل، وجزعوا عليه، فلما رأى إبليس جزعهم عليه تشبه في صورة إنسان، ثم قال: إني أرى جزعكم على هذا الرجل فهل لكم أن أصوّر لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه؟ قالوا: نعم، فصوّر لهم مثله قال ووضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه، فلما رأى ما بهم من ذكره قال هل لكم أن أجعل في منزل كل رجل منكم تمثالاً مثله فيكون له في بيته فتذكرونه؟ قالوا: نعم، قال: فمثل لكل أهل بيت تمثالاً مثله فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به، قال: وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به.
قال: وتناسلوا وَدَرَسَ أمر ذكرهم إياه حتى اتخذوه إلها يعبدونه من دون الله أولاد أولادهم، فكان أول ما عبد من دون الله الصنم الذي سموه وَدًّا.اهـ
هذا الإسناد رجاله كلهم معروفون ثقات إلا يعقوب وهو: ابن عبدالله بن سعد القمي، صدوق يهم. أما أبو المطهر فما عرفنا من هو، والقصة من الإسرائيليات وما ذكر من أن التماثيل التي كانت تصنع لسليمان أنها من النحاس والزجاج والرخام، هذا كله ليس بصحيح. وهذا أيضا من الإسرائيليات والله أعلم من ماذا كانت تصنع.
وما جاء أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيها، وإذا قعد أطلق النسران أجنحتهما هذا أيضا من الإسرائيليات.
وما ثبت عن النبي هذا التفصيل الذي ذكر، والله المستعان ويغني عن هذا حديث: ((أَنهم إِذَا مَاتَ فِيهِم الرَّجُلُ الصَّالِحُ أو العَبدُ الصَّالِحُ، بَنُوا عَلَى قَبْرِهِ مَسجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكِ شِرَارُ الخَلقِ عِندَ الله))."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق