أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 20 يونيو 2023

السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية أ. منذر الغماري بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد

في الشريعة الإسلامية

أ. منذر الغماري

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد: إن ما يقع في هذا العالم من حوادث كبرى، ومجريات متلاحقة، لا تقع صدفة ولا خبط عشواء، وإنما تقع وفق قوانين عامة دقيقة وثابتة، وهي قوانين صارمة لا تتغير ولا تتبدل، قال تعالى: {سُنّة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا} (الفتح)، وهذه القوانين الكلية، والنواميس الإلهية منها ما يتعلق بأحداث الكون (وهي السنن الكونية)، ومنها ما يتعلق بالبشر والمجتمعات (وهي السنن الاجتماعية)، وهو ما يتحدث عنه هذا الملخص.

والسُّنة في أصلها اللغوي: هي الطريقة المتبعة، وإذا أضيفت إلى الله تعالى، كان المعنى الطريقة الإلهية في تنظيم أحوال الناس والمجتمعات بحسب أفعال الناس ومواقفهم، ويطلق على هذه السنة القانون الإلهي، وتتميز هذا القوانين بالثبات فهي لا تتغير، وأنها مطردة تتكرر مع تجدد المواقف والأحداث، فلا تتوقف عند جيل أو قرن. 

أما السبيل لمعرفة سنن الله وقوانينه؛ فهو القران الكريم والسنة النبوية المطهرة، قال تعالى: {ومن أصدق من الله قيلا}، وتقدير الجواب: لا أحد، {ومن أصدق من الله حديثاً}، وهذا الكتاب تلخيص لكتاب الدكتور العلامة عبد الكريم زيدان (السنن الإلهية في الأفراد والمجتمعات)، جمع فيه مختصره ثلاثة عشر قانوناً إلهيّاً.

وفي هذا السياق نجد أن هذه السنن والقوانين الإلهية تؤكد على مبدأ التوازن في تصورات وعقائد الشريعة الإسلامية، والتي تنتظم فيها كثير من العلاقات الاجتماعية والكونية، وللتوازن في الإسلام صور متعددة أهمها:

١-التوازن بين طلاقة المشيئة الإلهية وثبات السنن الكونية:

وفي هذا السياق يقول سيد قطب "وفي  الوقت نفسه شاءت الإرادة الإلهية المدبرة ، أن تتبدى للناس عادة في صورة نواميس مطردة وسنن جارية، يملكون أن يراقبوها ويدركوها، ويكيفوا حياتهم وفقها ويتعاملوا مع الكون على أساسها، على أن يبقى في تصورهم ومشاعرهم أن مشيئة الله – مع هذا – طليقة، تبدع ما تشاء؛ وأن االله يفعل ما يريد، ولو لم يكن جارياً على ما اعتادوا هم أن يروا المشيئة متجلية فيه، من السنن المقررة، والنواميس المطردة، ومن ثم يوجه االله الأبصار والبصائر إلى تدبر سننه في  الكون،والتعامل معها، والانتفاع بهذه النظرة في الحياة الواقعية).

٢-توازن بين المشيئة الإلهية المطلقة والمشيئة الإنسانية المحدودة:

 قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٢٩) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠) } [الإنسان)، والالتزام بهذا المعنى يشير إلى أن قدر الله في الناس هو الذي ينشئ ويخلق كل ما ينشأ وما يخلق  من الأحداث والأشياء، وهو الذي يصرف حياة الناس ويكيفها – شأنهم في هذا شأن الوجود كله، وكل شيء وحركة فيه بقدر- ولكن قدر الله في الناس يتحقق من خلال إرادة الله وعملهم في ذات  أنفسهم وما يحدثونه فيها من تغييرات.

وهذا التوازن العجيب يسمح بالإيجابية والعمل، دون التعارض مع مشيئة الله، وهذا يعبر عن  حالة توازن نفسي بين إرادة االله وقدرة البشر .

٣ - توازن بين عبودية الإنسان الله ومقام الإنسان الكريم في الأرض:

 إن الإسلام دين بعيد عن التطرف الذي وقعت فيه الفلسفات والمذاهب الغربية، ما بين تحقير الإنسان ورفعه إلى حد التأليه؛ فالإسلام يفصل فصلا قاطعا بين حقيقة الألوهية ومقامها وخصائصها، وبين حقيقة العبودية ومقامها خصوصاً، بحيث لا يكون ضباب ولا تحدث شبهة.

فالله ليس كمثله شيء، والإنسان ما هو إلا عبد لله ومستخلف في الأرض لإعمارها و تحقيق الهدف الأسمى، وهو عبادة االله قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الجاثية: ١٣).

٤-التوازن بين عالم المثل وعالم الواقع:

 إن الإسلام يوازن بين "عالم المثاليات وعالم الواقع، وبين ما يجب أن يكون وما يمكن اعتباره حدا أدنى ينسجم مع قدرة الفرد وطاقته ولذلك يضع الإسلام  مستويين للسلوك الفردي والاجتماعي ويحد الحد الأدنى المطلوب ويجعل الحد الأعلى للسلوك مرتبطاً بتسامي النفس الإنسانية ومدى تقواها.

٥- التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة:

إن الدين الإسلامي وازى بين مصلحة الفرد  ومصلحة الجماعة، دون طغيان أحدهما على الأخرى فالإسلام دين الجماعة أي الأمة، تلك خصيصة من خصائص التربية الإسلامية، وكون الأمة هي الجامعة الأساسية في المنظور  الإسلامي، لا يعني الإجحاف بحقوق الفرد ولا الإنكار لوجود الطبقة – بالمعنى الاجتماعي- في  إطار الأمة وإنما هي العلاقات التي أقامتها التربية الإسلامية ذات النهج التوازني الجامع بين الفرد والطبقة والأمة على نحو متميز.

وهذه القوانين لا يمكن حصرها، بل هي كثيرةٌ جداً، وإليك تفصيلها، كما يلي:

أولاً: قانون السببية (ربط الأسباب بالنتائج)

تعريف السبب: هو كل شئ يتوصل به إلى غيره؛ فقانون السببية هو ربط الأسباب  بمسبباتها، والنتائج بمقدماتها.

وسنة الله تعالى ربطت بين الأسباب والمسببات، فلا معنى للتواكل والاتكال على الآخر، قال تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (٨٤) فَأَتْبَعَ سَبَبًا} (الكهف: ٨٤، ٨٥).

وقال تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (الحاقة: ٢٤) أي قدمتم.

وكذلك علينا الاعتقاد بأن الأسباب والمسببات من فعل الله، وأنه لا قيمة لمن يهمل الأسباب، وأن تعاطي الأسباب لا ينافي التوكل

* الأدلة من القرآن على هذا القانون:

قال تعالي: {الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لنخر في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار} (إبراهيم: ٣٢).

وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويَغْفِرُ لَكُم والله ذو الفضل العظيم} (الأنفال: ٢٩).

* هل الشيء يحدث صدفة:

لا يوجد شيء اسمه صدفة إنما هو خاضع للملك القوي الجبار، كل شئ يجري بتقدير الله عز وجل، قال تعالى: {والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم} (يس: ٣٨).

* مثال: سقوط تفاحة من الشجرة هو نتيجة حتمية لأسباب معينة أدت إلى هذا السقوط. 

* مثال آخر: سقوط دولة أو هلاك أمة نتيجة حتمية لأسباب معينة.

* مثال ثالث: زوال سلطان أو حكم إذا كان قائماً على الظلم والإرهاب.

قال تعالي: {لقذ كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يقترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤمنون} (يوسف: ١١١).  وكذلك قوله تعالى: {قد خلت من قبلكم سئل فسيزواً في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين} (آل عمران: ١٣٧).

فالأسباب والمسببات من فعل الله. ولا يجوز إسقاط الأسباب وعدم مباشرتها بحجة الإيمان بالقضاء والقدر؛ ففي الحديث (اعملوا فكل ميسر لما خُلق له، أما أهل السعادة فميسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فسيرون لعمل أهل الشقاوة)، ثم قرأ: 

{فأما من أعطى واتقى (٥) وصدق بالحسنى (٦) فسنيسره لليسرى (٧) وأما من بخل واستغنى (٨) وكذب بالحسنى (٩) فسنيسره للعسرى (١٠)} (سورة الليل). 

والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل؛ لحديث: (لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ....).

مثاله: الفلاح يحرث وبيدر البذور ويسقي ويعتمد على الله بإخراج الزرع.

ثانياً: سنة الله في إتباع هداه والأعراض عنه ( قانون الهدى والضلال):

إن هدي الله هو الإسلام قال سبحانه: {قل إن هدي الله هو الهدى}، وهدى الله هو الإسلام لا غير، فلا نحيد عنه، ولا نلحد في فهمه واتباعه.

قال تعالى: {ولن نرضى عنك اليهودُ وَلَا النَّصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير} (البقرة: ١٢٠).

وقال سبحانه: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} (التوبة: ٣٣). 


والمعرض عن الهدى يُقيض الله له شيطاناً يدله على سبل الضلال والهلاك، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (الزخرف: 36).

فسنة الله في متبع هداه ألا يضل ولا يشقى، قال تعالى: {فمن اتبع هداي فلا يَصْلُ ولا يشقى} (طه: ١٢٣).  

وسنة الله في المعرض عن هداه أن نتظر في حياته المعيشة الضنك، قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القيامة أعمى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦)} (طه).

ثالثاً: سنة الله في التدافع بين الحق والباطل (قانون التدافع)

 الدفع في اللغة: هو الإزالة بقوة، والمدافعة: المزاحمة والإزاحة بقوة.

والتدافع يكون بين أصحاب الحق والباطل، حتى يتنحى أحدهما ويثبت الآخر.

وقد دل السنة والكتاب على حتمية التدافع بين الحق والباطل، وهذا يظهر في المعارك الحربية والنظرية والتحشيد، قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة: ٢٥١).

قال تعالي: {أم يقولون افترى على الله كذباً فإن يشأ الله يقدر على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور} (الشورى: ٢٤).

 وقال تعالى: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون} (الأنبياء: ١٨)، وقال تعالي: {فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين} (يونس: ٨١)

ولا بد للباطل من قوة تطغيه منها المال والسلطان والأولاد:

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصْدُوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون، والذين كفروا إلى جهم يحشرون} (الأنفال: ٣٦).

ثم يقول: {والذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً} (النساء ٧٦). ويقول سبحانه: {ولا يزالون يقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواً} (البقرة: ٢١٧).

ثم إن من يترك هدى الله يتركه الله وما اختاره:

قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً} (النساء: ١١٥).

وقال تعالي: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير} (البقرة: ١٢٠).

ولا بد للحق من قوة تحميه:

قال تعالى: {واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِدُونَ بِهِ عَدُوّ الله وعَدُوَّكُمْ وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يُوفُ إِلَيْكُم وأنتم لا تظلمون} (الأنفال: ٦٠).

وقال جل شأنه: {انفروا خفافاً وثقالاً وجَاهَدُوا بأموالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ في سبيل اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (التوبة: ٤١).

سنة الله في نصر المؤمنين لا تتخلف:

ودل على ذلك كثير من النصوص القرآنية، منها: قوله تعالى: {ولو قَاتلكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لولوا الأدبار ثم لا يجدون ولياً ولا تصيراً} (الفتح: ٢٢).

وقال جل شأنه: {سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا} (الفتح: ٢٣)، أي سنة الله أي طريقة الله وعادته في خلقه.

. وقال سبحانه: {ولقد كُذّبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مُبدّل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين} (الأنعام: ٣٤).

وقال: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهم المنصورون، وإن جُندنا لهم الغالبون} (الصافات: ١٧١ -١٧٣). وفي هذا الوعد بعلوهم على عدوهم في مقام الملاحم والقتال في الدنيا وعلوهم عليهم عليهم في الآخرة.

وقال جل شأنه: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز} (المجادلة: ٢١).

وقال سبحانه: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} (غافر ٥١). قال سبحانه: {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين} (الروم: ١٧).

قد يتأخر نصر المؤمنين لنصر أكبر:

وذلك مثل حصول النصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، وذلك قبل وفاة الرسول بسنتين ودخل الناس في دين الله أفواجا. 

قال تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح (١) ورأيت الناس يَدْخُلُون في دين الله أفواجاً (٢) فسبّح بحمد ربك واستغفره إنَّه كان تواباً (٣)} (النصر). 

قد يسبق نصر المؤمنين أذي من العدو و غلبة له:

إن نصر الله للمؤمنين لا يأتي دون جهد عظيم وابتلاء كبير، وهذا لا يتعارض مع منة الله تعالى وفضله، لأن الأمور بخواتيمها وهذا دل عليه القرآن.

قال تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (آل عمران: ١٤٠).

 أن على المؤمنين ألا يغتروا في حال البلاء من الحكم على قوة الأعداء ، 

{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} (آل عمران: ١٤١)

{وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } (آل عمران: ١٤٠)، فعلى المؤمنين أن يأخذوا بأسباب النصر حتى تكون المداولة: (وتلك الأيام نداولها بين الناس )

لا بد من تحقيق عوامل نصر المؤمنين:

وهي قوة الإيمان والإعداد وبعدها يقدر النصر بحسب توافر شروطه، ومن أعظم هذه العوامل بعد الإيمان بالله: إعداد القوة المادية.

قال تعالى: {إذ يُريكهم الله في منامك قليلاً وَلَو أَرَاكَهُمْ كَثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور} (الأنفال ٤٣)، هذا في معركة بدر.

ومن عوامل النصير تقوى الله عز وجل:

ونصرة الدين والصبر والمصابرة والمرابطة وذكر الله والأخذ بالحذر.

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا وَاذْكُرُوا الله كثيرا لعلكم تفلحون} (الأنفال ٤٥)، وقال عز وجل: {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب وحكم واصبرُواً إن الله مع الصابرين} (الأنفال ٤٦)

الاحتراز عن عوائق النصر:

ومن أعظم المعوقات للنصر: التنازع والاختلاف، والغرور والرياء، قال تعالى: {ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورثاء النَّاسِ ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط} (الأنفال ٤٧)، وقوله عز وجل: {إذ تستعيثون ربكم فاستجاب لكُم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} (الأنفال ٩)، وقوله: {وما جعله الله إلا بشرى لَكُمْ ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم} (آل عمران ١٢٦).

رابعاً: سنة الله في الفتنة والابتلاء

ومعنى الفتنة والابتلاء أي الامتحان والاختبار في الشدة والرخاء. 

فمن سنة الله الابتلاء بالشر والخبر، قال تعالى: {كُل نفس ذائقة الموت ونبلُوكُم بِالشَّرُ والخبر فتنة وإلينا ترجعون} (الأنبياء ٣٥). 

فهذا الاختبار لإظهار ما أوجب الله فيه، من الصبر واحتساب الأجر والثواب، فالله اختار لهم الابتلاء ليشكروا وليصبروا، قال عمر رضى الله عنه: (بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نصبر).

أنواع الابتلاء بالشر:

أما عن أنواع الابتلاء فقد يكون بالشر: من الموت أو المرض أو الجراحات أو فقد المال والأهل والولد؛ يظهر ذلك في مثل قوله تعالى: {ولَنَبْلُوَلَكُمْ بِشَيْءٍ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفُس والثمرات وبشر الصابرين (١٥٥) الَّذِين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عليهم صلوات من ربهم ورحمةً وأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)} (سورة البقرة).

ومثل قوله سبحانه: {إنا جعلنا ما على الْأَرْضِ زينة لها لِنَبْلُوهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صعيداً جزراً (٨)} (الكهف). 

وكذلك يكون ابتلاء الناس بالتفاوت فيما بينهم:

قال تعالى: {وهو الذي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفع بَعْضِكُمْ فَوقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ليَتلُوكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رحيم} (الأنعام ١٦٥)، أي خالف بينكم فى الخلق والرزق والقوة والفضل والعلم و الأخلاق والمحاسن والمساوئ والمناظر، وكل هذا اختبار وابتلاء؛ ليسأل الغني عن شكره ويسأل الفقير عن صبره، ويسأل ذا السلطان ماذا فعل فيما استعمله عليه. 

ويتفاوت الابتلاء بحسب درجة القرب من الله

فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل؛ وقد ورد هذا الأمر في حديث مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: قلت يا رسول الله: أي الناس أشد بلاء قال: (الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) أو كما قال.

والأمثل هو الأعلى رتبة في الدين والفضل، وهذه سنة الله ماضية وباقية في المؤمنين دون تخلف، وتعليل ذلك لأنهم يقومون بواجب الدعوة وأيضا حتى تتضاعف حسناتهم.

من سنة الله ابتلاء الأمم الكافرة بأنواع العذاب:

قال تعالى: {وما أرسلنا في قرية من نبيٍّ إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرَّعون (٩٤) ثم بدلنا مكان السيئةالحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء وأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون (٩٥)} (الأعراف).

ولا شك أن نزول مثل هذه البلاء على الأمم الكافرة، له حكمة في أن يحملهم على التوبة؛ حتى يتحول حالهم من الشدة إلى الراحة، وتظهر الحكمة من ذلك في قوله (لعلهم يضرّعون) أي يعودون.

وقوله (حتى عفوا) أي كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم فيعرفون نعمة السراء، ويذوقون فتنة الضراء؛ فيعودوا ويتضرعوا فإن لم ينفع هذا ولا هذا أخذهم الله بغتة وهم لا يشعرون.

فتنة مدعي الإيمان:

قال تعالى: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهُمْ لا يُفتنون} (العنكبوت ٢).

وقال جل شأنه: {ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمنَّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين} (العنكبوت ٣).

وهذا يعني أن الامتحان قد يصيب الجماعة المسلمة، قال تعالي: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قَبْلِكُم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} (آل عمران: ١٨٦).

الابتلاء للجماعة المسلمة تمييز وتمحيص:

قال تعالي: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فَآمِنُوا بِالله ورسله وإِن تُؤْمِنُوا وثقوا فلكم أجر عظيم} (آل عمران: ١٧٩).

وأما الحكمة من ابتلاء الجماعة المسلمة؛ فكثيرٌ جداً، منها:

-معرفة وزنها الإيماني وقوتها الحقيقية.

-انكشاف حال أعضائها، فهذه المعرفة تتيح للعضو المؤمن المخلص الظهور:

فينكشف حاله تماماً مما يحمله على الالتفات إلى نفسه ليتعرف على أوجه الضعف فيها فيتداركها بالتقوية،  وينقي نفسه من العوائق والشوائب، ثم يكون بعدها جاهزاً للفداء والجهاد على وجه الحقيقة لا على وجه الأماني والرغبات. 

ومن الابتلاء للجماعة فقد الأمير: 

قال تعالي {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتُم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين} (آل عمران ١٤٤).

حذار من جلب المحن أو الحرص عليها:

وإن كانت المحن هي سنة الله في ابتلاء عباده المؤمنين، ولكن حذار أن تجلب الجماعة المسلمة المحن لنفسها أو تسعى لجلبها أو تستعجل وقوعها مدفوعة بالحماسة لنصرة الإسلام؛ لأنه إذا لم تنصب عليها المحن، ألقى الناس إليها التهم بالقصور والضعف، وعدم المحن كذلك يفقدها رضا الناس عنها؛ فليترك هذا الأمر إلى تقدير الله عز وجل.

استعجال المحن من جهل الجماعة المسلمة:

ويدل على ذلك حديث: (لا تتمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون لعلكم تبتلون بهم ولكن قولوا: اللهم اكفناهم واكفف بأسهم).

ولا ينبغي للمسلم أن يذل نفسه، قال صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه قال يتعرض من البلاء ما لا يطيق) أو كما قال عليه الصلاة والسلام .

مثال: من سنة الله في خلقه إصابتهم بالأمراض، وهذا لا يعني تحريم الوقاية من الأمراض أو رفعها بالدواء، ولكن إذا وقعت محنة الله فالصبر الجميل والتأمل بها: هل وقعت على وجه العقوبة أو الابتلاء. 

مثال آخر: جرت سنة الله أن شرع الشهادة في سبيله، وهذا لا يعنى تسليم المسلم نفسه للكفار ليقتلوه حتى يصير شهيداً، وإنما تعني النهوض إلى قتالهم.

وفي الحديث (الحرب خدعة)؛ وما يستفاد من الحديثين: أن على الجماعة المسلمة ألا تستعجل وقوع المحن ومن أساليب الحرب الكر والفر والانسحاب و الهجوم. 

خامساً: سنة الله في الظلم والظالمين (قانون الظلم)

تعريف الظلم، هو: وضع الشئ في غير موضعه الشرعي

أما عن عقوبة الظالم في الدنيا:

قال تعالى: {فقُطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين} (الأنعام: ٤٥)، وهذا تحذير شديد من الظلم ومخاطره الذي يؤدي إلى عذاب الاستئصال.

وقد ثبت في الحديث: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم) والبغي هو الظلم.

حديث النبي -صلى الله عليه وسلم -لمعاذ: ( اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب).

وحديث: (دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه) رواه البخاري.

من عقاب الظالم تسليط ظالم عليه: 

قال تعالي: {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (الأنعام ١٢٩) وفي الحديث: (كما تكونوا يولى عليكم).

هلاك الأمة بظلمها:

قال تعالى: {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وما كانوا  لَيُؤْمِنُوا كذلك تجري القوم المجرمين} (يونس: ١٣). وقال سبحانه: {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً آخرين} (الأنبياء ١١).

تبقى الدولة العادلة مع الكفر ولا تبقى الدولة المسلمة مع الظلم:

قال تعالى: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} (هود ١١٧)، أي قد تكون عادلة والناس لا بنظالمون فيها وأهلها مصلحون في تعاطي الحقوق فيما بينهم.

يقول ابن تيمية (إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة).

من آثار الظلم خراب البلاد:

قال تعالي: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون} (النمل ٥٢).

سبل الوقاية من عقوبة الظلم:

الإنكار على الظالم، وعدم الاستكانة للظالم. وعدم الركون إلى الذين ظلموا، لا يعان الظالم على ظلمه، بل لا يعان على بقائه، قال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} (هود: ١١٣).

سادساً: سنة الله في الاختلاف والمختلفين (قانون الاختلاف)

وهذه السنة تقتضي أنه إذا كان المجتمع ضد الحق والرسل، أو كان موقف الفرد والجماعة ظلماً وتعدياً، فسنة الله فيه الأخذ والبطش الشديد، ثم إن الاختلاف بين صفوف الأمة والجماعة أمر مشروع، ولكن إذا أدى إلى الخلاف فإنه يُضعف الأمة، ويجعلها أمة مستذلة ومحتقرة.

ولذلك جاء الحث على الاعتصام بحبل الله ودينه، والنهي عن الفرقة والاختلاف، قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكُمْ إِذْ كُنتُم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكُنتُم على شفا حفرة من النار فأنقذكم مِّنْها كذلك يُبين الله لَكُم آياته لعلكم تهتدون} (آل عمران ١٠٣).

وأما الاختلاف والحوار والجدال فيكون بالتي هي أحسن، وفي الحديث: (لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)، وما يستفاد من النهي عن الاختلاف، ما يلي:

١-أن  الاختلاف يمكن وقوعه بين البشر وبين المسلمين ولو كان مستحيلاً لما نهى الإسلام عن إيقاع المستحيل.

٢- الحث على الاجتماع وهو ضد الاختلاف

٣- أن الاختلاف موجود لكنه مذموم في الشريعة.

٤- وأن من تلبس به حقت عليه مسؤولية الاتفاق.

هل يقع الاختلاف بين المسلمين:

ورد في الحديث: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى علي اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت أمتي عن ثلاث وسبعين فرقة) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

الحكمة من التحذير من الاختلاف مع حتمية وقوعه:

١- إن الخلاف الذي يقع لا يضم الأمة كلها، لحديث: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة).

٢- العلم بما يكرهه الشرع وهو الاختلاف، وبما يحبه و هو الاجتماع.

سنة هلاك الأمة بالاختلاف:

حديث: (فان من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا).

حديث: (فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف).

حديث: (عن عبد الله بن مسعود قال سمعت رجلاً يقرأ آية، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها؛ فأخذت بيده فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال: كلاكما محسن ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا) أو كما قال.

الخلاف بين الجماعات الإسلامية والوقاية منه:

سبل الوقاية هو توحيد هذه الجماعات وهذا صعب ربما في المستقبل المنظور. 

وأن ساحة العمل واسعة لمن يريده بإخلاص.

ويجب أن تعتبر هذه الجماعات تعددهم كتعدد المصلين في المساجد، أو في حلقات الدراسة وذكر الله. 

الخلاف بين أعضاء الجماعة المسلمة:

العمل الجماعي أصعب من العمل الفردي، لكنه أكثر بركة وأعظم نفعاً، فالعمل الجماعي يحتاج إلى تحرك موزون ودقيق فهو أشبه ما يكون بحركة الجيش وسيره، فهو يحتاج إلى ضبط الأعضاء المشاركين فيه؛ لأن الجماعة تتحمل مسؤولية أي تصرف وتتحمل نتائجه.

سنة الله في الكافرين:

قال تعالى: {قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المُكَذِّبِينَ (آل عمران ١٣٧)، فعاقبة الكفار واحدة.

قال تعالى: {أفلم يسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أمثالها} (محمد ١٠).

وقال تعالى: {ألم تهلك الأولين (١٦) ثُمَّ تتبعهم الآخرين (١٧) كذلك تفعل بالمُجْرِمِينَ (١٨)} (المرسلات).

الاستخلاف في الأرض لمستحقيه:

قال تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأَرْضِ كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبُدُونَني لَا يُشْرِكُونَ بي شَيْئًا وَمَن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} (النور ٥٥).

سنة الله هلاك الأمة يفسق مترفيها:

قال تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها الْقَوْلُ فَدَمرْنَاهَا تدميراً} (الإسراء ١٦).

سابعاً: سنة الله في الطغيان والطغاة (قانون الطغيان)

إن سنة الله تعالى في التعامل الطغيان البشري بجميع صوره وأشكاله هي العقوبة والنكال، سواءً كان طغياناً في السلطة والنفوذ أو المادة والمال أو القوة والسلاح.

 قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد (٦) إرم ذات العماد (٧) التي لم يخلق مثلها في البلاد (٨) وَثَمُود الَّذِينَ جابوا الصخر بالواد (٩)} (الفجر).

ثامناً: سنة الله في بطر النعمة وتغييرها (قانون البطر)

قال تعالي: {وضرب الله مثلاً قرية كانت أمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانُوا يَصنعُونَ} (النحل ١١٢).

وقال تعالى: {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تكن تُسكن من بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الوارثين} (القصص ٥٨).

تاسعاً: سنة الله في الذنوب والسيئات

والذنب هو فعل كل شيء يُخشى من عقوبته، والسيئة في الأصل هي الفعلة القبيحة، وقانون الله في مرتكبي المعصية أن تُصيبهم الفتنة والعذاب.

قال تعالى: {ألم يروا كم أهْلَكْنَا من قبلهم من قرن مكناهم في الأَرْضِ ما لم تمكن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهم مذزاراً وَجَعَلْنَا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذُنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين} (الأنعام ٦). 

وقال جل شأنه: {أو لم يسيروا في الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَان عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثاراً في الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ الله بدلوبهم وما كان لهم من الله من واق} (غافر ٢١).

عاشراً: سنة الله في الإيمان والتقوى والعمل الصالح (قانون التقوى والعمل الصالح)

والمؤمنون هم ورثة الأرض على الحقيقة، وقد وعد الله عباده المتقين الرزق الوفير، وتكفير السيئات، وتوضيح المشكلات من الأمور، والهداية إلى كثير من الأمور. 

قال تعالى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ان تتقوا الله يجعل لكُم فرفاناً ويُكَفِّرُ عَلَكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرُ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم} (الأنفال: ٢٩).

وقال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا (٢) وبزرقة من حيث لا يحتسب ومن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (٣)} (الطلاق).

الحادي عشر: سنة الله في الاستدراج

وهذا الاستدراج شمل الكافرين والعصاة، وهو نوع من العقوبة المؤجلة، قال تعالى: {الذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} (الأعراف ١٨٢). وقال سبحانه: {وأُمَلِي لَهُمْ إِنْ كَيْدِي مَتين} (الأعراف ١٨٣).

وقال جل شأنه: {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذْنَاهُم بِالْبَأْسَاء وَالصَّرَاء لَعَلَّهُمْ يتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون (٤٣) فلما نَسُوا مَا ذُكْرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون (٤٤)} (الأنعام).

الثاني عشر: سنة الله في المكر والماكرين (قانون المكر)

قال تعالى: {وكذلك جعلنا في كُل قرية أكابر مجرميها ليمكرُواً فيها وما يمكرون إِلا بِأَنفُسهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (الأنعام ١٢٣)، وقال سبحانه: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يُخْرِجُوك ويمكرون ويمكِّرُ الله وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال ٣٠).

وقال تبارك وتعالى: {وَأَقْسَمُوا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءَهُم نذير ما زادهم إلا نفوراً (٤٢) استكباراً في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلاً ولن تجد لسنت الله تحويلا (٤٣)} (فاطر).

 وقال جل شأنه: {قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} (النحل ٢٦).

الثالث عشر: سنة الله في طلب الدنيا والآخرة (قانون التوازن)

قال تعالى: {من كان يُريد حزت الأخرة نزد له في حرثه ومن كان يُريدُ حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب} (الشورى ٢٠).

وقال تعالى: {فمن الناس من يقول ربنا أننا في الدُّنْيا وما له في الآخرة من خلاق (٢٠٠) ومنهم من يقول ربنا أننا في الدُّنْيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (٢٠١) أولئك لهم نصببٌ مِّمَّا كَسَبُواً والله سريع الحساب (٢٠٢)} (البقرة).





الجمعة، 16 يونيو 2023

الأنوار الجلية في مختصر الأثبات الحلبية محمد راغب بن محمود بن الشيخ هاشم الطباخ ١٢٩٣ -١٣٧٠ هـ بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الأنوار الجلية في مختصر الأثبات الحلبية

محمد راغب بن محمود بن الشيخ هاشم الطباخ

١٢٩٣ -١٣٧٠ هـ

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد: لقد ميّز الله سبحانه وتعالى هذه الأمة بصحة الإسناد، وأيدها بالعلماء الذين بثوا العلم في سائر البلاد، وكان من هؤلاء السادة الأوتاد، والنجباء الأمجاد الشيخ العلامة محمد راغب الطباخ الحلبي، مؤرخ الديار الحلبية ومسندها، الذي سطر ببراعة عقله، ونور بصيرته هذا الثبت الجليل، والسفر الجميل، «الأنوار الجلية في مختصر الأثبات الحلبية»، و الذي اختصر فيه ثلاثة من أثبات أهل حلب، أنهار الخير والذهب:

أولها: «كفاية الراوي والسامع وهداية الرائي والسامع»؛ للعلامة المحدث: الشيخ يوسف الحسيني الحنفي الحلبي (المتوفى سنة ١١٥٣ هـ)، فيما أجاز به تلميذه محمد أفندي بن عبد القادر بن شهاب الدين البيلوني.

وثانيها: «إنالة الطالبين لعوالي المحدثين»؛، تأليف العلامة المحدث: الشيخ عبد الكريم بن الشيخ أحمد الشراباتي الحلبي المتوفى سنة ١١٧٨ه ـ

وثالثها: «منار الإسعاد في طرق الإسناد»، تأليف العلامة المحدث عبد الرحمن بن عبد الله البعلي الدمشقي، نزيل حلب المتوفى سنة ١١٩٢ هـ.

وقد اقتصر فيها على ذكر المسلسلات، وأسانيد الكتب الحديثية الشهيرة، غيرها من الكتب العلمية؛ وقد تضمنت هذه المختصرات الثلاثة إجازات شيوخهم لهم، وذكر بعض ترجمات الشيوخ، فوقعت في ٩٠٠ صحيفة، ثم اختصر ذلك المختصر في كتابه هذا المسمى (الأنوار الجلية) الذي لم يتجاوز ٣٠٠ صحيفة.

وذيل الشيخ الطباخ -رحمه الله - هذا المختصر بنصوص إجازاته عن مشايخه، وبعض مشايخ مشايخه، وترجمات لبعض شيوخه الذين أوردهم في كتابه هذا، ونبذة عن نشأته، وما قرأه على شيوخه.

ثم ألحق المحققين عبد الستار أبو غدة، وإبراهيم الحسين، بالكتاب أشياء مهمة، وهي: 

-ثلاث صور للشيخ محمد راغب الطباخ (في مقدمة الكتاب). 

-محاضرة الأستاذ محمد يحيى الطَّبَّاخ عن والده، في الندوة التي عُقدت في المكتبة الوقفية بحلب (ندوة مُحَدِّث حلب ومؤرخها الشيخ محمد راغب الطباخ)، والتي هي بعنوان: «الشيخ محمد راغب الطَّبَّاخ العلامة الإنسان».

-إجازة الشيخ محمد راغب الطَّبَّاخ للعلامة الشيخ محمد بن عبد الهادي المنوني المغربي (۱۳۳۳- ١٤٢٠هـ)، وذلك لأنها صدرت منه بعد طبع كتاب «الأنوار الجَليَّة»، وفيها ذكر لأشياخ أُجيز أجيز منهم، (وجاءت في خاتمة الكتاب).

- قصيدة الشاعر حليم بن إبراهيم دموس (١٣٠٦ - ١٣٧٧هـ) إلى رئيس جمعية البرّ والأخلاق الإسلامية الشيخ محمد راغب الطباخ.

-مقالة نشرها العلامة الطَّبَّاخ في «مجلة العاديات السورية» في السنة الأولى (١٩٣١م - ١٣٥٠هـ) العدد الثَّالث والرابع، بعنوان: «منبر المسجد الأقصى في القدس الشريف». 

-صور بعض الإجازات التي نشرها الشيخ في أواخر «الأنوار الجَلِيَّة» بخطوط الشيوخ المجيزين له، أول الإجازة وآخرها.

قلت (محمد) أروي هذا الثبت إجازةً عن شيخنا المُعمّر عبد الرحمن بن عبد الحي الكتاني، عن الشيخ محمد راغب الطباخ، كما هو مذكور في ثبته.

يقول الشيخ في مقدمته: هذا، وإن أول من أجازني من العلماء المحدث الفاضل، والعالم العامل الكامل الشيخ شرف الحق الهندي الدهلوي، وكان ذلك في مدينة حماة سنة (١٣٢٢هـ). وكتب لي بخطه نقلاً عن مجموعته بعض الثبت المسمى بـ«الأوائل» للعلامة المحدث الشيخ محمد سعيد سنبل رحمه الله، وكتبت بعضه بخطي، فكَمُلَ بذلك، ثم قرأه لي وأنا أسمع ثم قرأته عليه وهو يسمع، كما هو مصرح بذلك في إجازته لي وأجازني بسائر مروياته ومسموعاته ومقرؤاته إجازة عامة وبهذه الأوائل إجازة خاصة. 

وممن أجازني: العالم الفاضل والورع الزاهد المحدث في أُموي حلب الشيخ كامل الموقت، وهو يروي عن أبيه عن جده بسنده إلى جده الأعلى الشيخ عبد الرحمن الحنبلي الحلبي دفين مقابر الصالحين في حلب، وصاحب الثبت المسمى «منار الإسعاد في طرق الإسناد» وهو موجود بخط مؤلفه، أو بخط ولده الشيخ عبد الله موفّق الدين، ومحفوظ عند الشيخ ياسين سريو ابن أخت شيخنا الشيخ كامل الموقت رحمه الله تعالى.

وأخذ عن الشيخ عبد الرحمن الحنبلي هو ممن أخذ عن المحدث الشيخ عبد الكريم الشَّرَاباتي الحلبي صاحب الثبت المسمى «إنالة الطالبين لعوالي المُحَدِّثين»، وهذا الثبت عندي منه نسخة حديثة عهد بالكتابة، وكانت ناقصة فأكملتها بخطي عن نسخة في المكتبة الصديقية في حلب. 

وأخذ أيضاً عن الشيخ يوسف الحسيني الحنفي الدمشقي، ثم الحلبي الإقامة والوفاة صاحب الثبت المسمى «كفاية الراوي والسامع، وهداية الرائي والسامع»، وهذا الثبتُ في خزانة شيخنا الشيخ كامل الهبراوي رحمه الله تعالى وهو بخط مؤلفه. 

يقول الشيخ الطباخ: وإني بحمد الله- وله الحمد والمنة - أروي هذه الأثبات الثلاثة وما اشتملت عليه من أسانيد الكتب الحديثية وغيرها من عدة طرق: 

١-فأرويها عن شيخنا الشيخ (كامل الموقت) بسنده المسلسل بالحلبيين إلى جده الأعلى الشيخ عبد الرحمن الحنبلي، وسيأتيك بيان ذلك في إجازة شيخنا لنا وفي ثبت جده المذكور.

٢- وأرويها عن شيخنا الشيخ كامل الهبراوي الحلبي بسنده الآتي إلى مؤلفيها. 

٣-وأرويها أيضاً عن شيخنا المحدث الكبير حافظ العصر علّامة المغرب الشيخ عبد الحي الكتاني الفاسي حفظه الله تعالى بسنده المتصل إلى مؤلفيها.

جملة شيوخ الطباخ في ثبته "الأنوار الجلية في مختصر الأثبات الحلبية " 

أم الشيوخ الذين يروي عنهم العلامة المؤرخ محمد راغب بن محمود بن هاشم الطباخ الحلبي الحنفي المولود سنة ١٢٩٤- ١٣٧٠ هـ؛ فهم:

١- الشيخ شرف الحق الدهلوي الهندي الجشتي وهو عن العلامة فضل الرحمن المراد آبادي، والعلامة رشيد أحمد الكنكوهي، والعلامة رحمة الله الهندي، والعلامة أحمد أبي الخير العطار،وعثمان الداغستاني، وعبدالله السكري الركابي، والعلامة محمد عبدالحق الالهابادي عن عبد الغني الدهلوي بأسانيده.

٢ - العلامة محمد رضا الزعيم الدمشقي وهو عن بدر الدين الحسني، والبرهان إبراهيم السقا، ومحمد الانبابي، وعلاء الدين عابدين عن أبيه محمد عابدين بما في ثبته المشهور عقود اللآلي في الأسانيد العوالي.

٣ - علامة حمص ومفتيها الشيخ محمد خالد العطاسي الأتاسي، وهو عن والده محمد الأتاسي، وعمه سعيد الأتاسي كلاهما عن أبيهما عبد الستار، عن الشمس الكزبري (ح) ويروي الأتاسي عن أحمد مسلم (بفتح السين وتشديد اللام المفتوحة) الكزبري، عن حسن الشطي بأسانيده (ح) ويروي عن بكري العطار ومحمد بن سليمان الجوخدار وغيرهم. والمذكور قد أجاز العلامة الطباخ إجازة لطيفة نظماً.

٤ - العلامة المحدث أموي حلب الشيخ كامل الموقت الحلبي المتوفى سنة ١٣٣٨ هـ، عن أبيه أحمد الموقت، عن والده المقرئ المحدث عبدالرحمن الموقت الحنبلي الحلبي، عن أبيه المحقق عبدالله موفق الدين، عن أبيه عبدالرحمن الشامي الحلبي صاحب منار الاسعاد.

٥ - العلامة المحدث الشيخ طاهر بن السيد صالح بن أحمد بن موهوب الجزائري الأصل الدمشقي فقيه السادة المالكية ومفتيهم يروي عن العلامة عبد الغني الميداني عن محمد أمين عابدين بسنده.وعن العلامة ابراهيم بن احمد بن قضيب البان بسنده، وعن العلامة الناسك السيد ابراهيم الراوي الرفاعي البغدادي بأسانيده.

٦- العلامة الناسك المحدث محمد بدر الدين الحسني البيباني الدمشقي، عن إبراهيم السقا، عن ثعيلب، عن الشهاب الملوي عن عبدالله بن سالم البصري بثبته المشهور. ويروي البدر عن أبيه يوسف بن عبدالرحمن الحسني عن عبدالله الشرقاوي والامير الصغير وعبدالرحمن الكزبري ومحمد أمين عابدين وعارف حكمت وغيرهم بأسانيدهم. ويروي أيضاً عن عبد القادر صالح الخطيب الدمشقي عن الكزبري وسعيدالحلبي ومصطفى الرحمتي وابراهيم الباجوري وغيرهم بأسانيدهم. ويروي عن حسن العدوي (بكسر العين) عن حسن القويسني وغيره.

٧ - العلامة المحدث محمد بن جعفر الكتاني الفاسي نزيل دمشق عن محمد بن علي الحبشي عن محمد صالح الرضوي عن رفيع الدين القندهاري عن محمد طاهر سنبل. ويروي ايضا عن فالح الظاهري وعلي الوتري وسليم البشري وغيرهم.

٨- العالم الفقيه المحدث الفرضي محمد كامل الهبراوي الحلبي وهو عن البرهان ابراهيم السقا، واحمد دحلان، وداود بن جرجيس البغدادي وعبد القادر الحبال وعبد الحميد قدس، ومحمد الكيالي الكفرتخاريمي، وشهيد ترمانيني، ومحمد سليمان حسب الله، وسعيد الفرا، ومحمد ارتضى الصفوي وغيرهم.

٩- السيد محمد عبدالحي الكتاني الحسني العلامة الكبير وأسانيده أشهر من أن تذكر فقف عليها في فهرس الفهارس وغيره من كتبه رحمه الله رحمة واسعة.

١٠ - الشيخ يوسف النبهاني البيروتي عن جمع منهم السيد احمد بن حسن العطاس، وعبدالله السكري وابراهيم السقا ومحمود الحمزاوي ومحمد سعيد الحبال ومحمد أبي الخير عابدين وغيرهم.

١١- العلامة الكبير الأستاذ أحمد رافع الحسيني القاسمي الطهطاوي الحسيني الحنفي المصري وهو عن والده، والشمس محمد عليش والشمس محمد الخضري الدمياطي الازهري، والشمس محمد بن محمد الأنبابي في آخرين ذكرهم في ثبته المسمى "إرشاد المستفيد إلى بيان وتحرير الأسانيد ".

١٢ - العلامة الفقيه المفسر المحدث محمد حبيب الله الشنقيطي الجكني عن عبدالله غازي الهندي المكي ومحمد جعفر الكتاني ومحمد عابد المالكي ومحمد كامل الهبراوي وعبدالمجيد الشرنوبي الأزهري وغيرهم.

١٣ - العلامة الفقيه المفتي محمد عطا الكسم الدمشقي وهو عن الشيخ سليم افندي العطار عن جده حامد العطار عن أبيه الشهاب أحمد العطار بأسانيده.

١٤ -العلامة الجليل عبدالستار الصديقي الدهلوي المكي الحنفي وهو عن صالح الزواوي وعبد الرزاق البيطار ومحمد بن عبد الرحمن الأنصاري ومحمد بن سالم السري وأبي النصر الخطيب في آخرين ذكرهم في أثباته.

١٥- الشيخ العلامة أبو بكر بن محمد عارف خوقير المكي صاحب "ثبت الاثبات الشهيرة" وهو عن جده عبد القادر خوقير، واحمد بن ابراهيم بن عيسى النجدي، والقاضي حسين بن محسن الانصاري، ومحمد نذير الدهلوي، ومحمد الهاشمي الجعفري الهندي، واحمد دحلان، وعبدالرحمن بن عبدالله سراج ومحمد بن خليل القاوقجي الطرابلسي ومحمد الأنصاري السهارنفوري المكي، وعلوي بن صالح بن عقيل الحسيني.

ثم تحصل على الإجازة من مشايخ اخرين هم:

١٦- الشيخ عمر بن أبي بكر باجنيد المكي.

١٧ - الشيخ سعيد بن محمد يماني المكي

١٨- الشيخ محمد عبد الباقي اللكنوي الأيوبي بأسانيده في المناهل السلسلة وغيرها من كتبه.

١٩ - الشيخ عبد الحفيظ الفاسي الفهري تدبيجا بأسانيده بالأربعين البلدانية ومعجم الشيوخ. ذكرهم الشيخ راغب الطباخ في إجازته للشيخ عبد الفتاح بن أحمد بن محمد حميدة الحلبي مؤرخة في ١٩ربيع الآخر سنة ١٣٥٦ هـ.

٢٠ - الشيخ محمد العربي العزوزي تدبيجا بأسانيده في ثبته "اتحاف ذوي العناية "

الشيخ محمد راغب الطباخ العلامة الإنسان

 بقلم نجله الأستاذ محمد يحيى الطَّباخ 

عندما طلب أن أكتب عن حياة سيدي الوالد الشيخ محمد راغب مني الطباخ، قيل لي: اكتب بتجرد کلمتان خفيفتان على الآذان ثقيلتان على القلب، كيف لي أن أملأ صفحة بيضاء مشرقة بيراع قد لا يطاوعني، شُجّعت فاتكلت على الله، وعسى أن أوفق. 

كان الشيخ رحمه الله موسوعة علمية، مثل بقية السلف الصالح، ولكني سأكتفي بحديثي عنه كعالم إنسان كما عايشته، وكما حدثت عنه، حيث فاتتني صحبته في مطلع عمره لأني الأصغر من أولاده. 

لقد عشت معه ست عشرة سنة كابن وتلميذ وصديق حتى وافاه الأجل، ورأيت فيه الصفات التالية: 

۱ - الإيمان العميق بالإسلام، إذ غرست أسرته في نفسه توحيد الله ومحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وتنامي هذا الإيمان بما تلقاه من أساتذته من رعاية وصحبة كريمة. 

٢- التعلق بالكتاب والسنة والتمسك بهما، وهذا ما دعاه إلى طبع بعض كتب الحديث النبوي وأصوله.

٣ - التمسك باللغة العربية وآدابها؛ لقد جاهد كثيرًا لإحيائها في العهد العثماني عندما كان عضوًا في مجلس المعارف وقتئذ.

٤- ضرورة تطوير وتحديث المدارس الدينية، ويتجلى هذا المجال سعيه مع مدير أوقاف حلب السيد يحيى الكيالي لإحياء المدرسة الخسروية، بحيث يكون لها صفوفٌ منتظمة كبقية المدارس الحكومية، ومن ثم بإدخال العلوم العصرية إلى مناهجها، ولكن الشيخ الطباخ وجد أن المناهج الجديدة قد قلصت الدروس الدينية فعاد يطالب وبإلحاح بزيادة الحصص الدينية. 

٥- الذكاء والذاكرة العجيبة بحفظ أسماء المحدثين والمؤرخين وسنوات وفياتهم وأسماء كتبهم وسنة طبعها ومحتوياتها وأين توجد في مكتبات العالم . 

٦ - الجرأة في قول الحق رغم أن حسني الزعيـم مـنـحـه وسـام الاستحقاق السوري لترجمته لوالده الشيخ محمد رضا الزعيم مفتي الجيش العثماني في حلب، والذي كان أستاذًا له فقد كتب رسالة إليه سلمها له ابن أختي اللواء المتقاعد أسعد مقيد مع نسخة من كتاب إعلام النبلاء جاء فيها: شكره لمنحه الوسام ... ثم قال: لا يغرنك ما أصبت من نجاح .. واعلم أن مجد الحاكم يبنى بالأعمال القويمة لا بالقوة وأن العنف قد يرهب الشعب ولكنه لا يكسبه قلبه واحترامه. 

٧-ولما قابله في القصر الجمهوري وكنت بصحبته، طالبه بست مطالب ليس فيها طلبًا خاصًا له منها:

 (أ) تحويل جامع العثمانية إلى كلية للشريعة تسدد أوقافها نفقاتها. 

(ب) إرجاع مدرسة اللاييك (المعهد الصناعي) إلى الأوقاف فأرضها مغتصبة. 

(ج) نقل مؤسسات الحكومة إلى خارج البلدة القديمة، وبناء قصر للعدل، والأستاذ الشاعر محمد خطيب عيان نقل رسالة من الشيخ إلى القصر الجمهوري بشأنه.

(د) إلغاء قرار وزير المعارف القاضي بإنقاص سنوات مدرستي دمشق وحلب الشرعيتين إلى أربع سنوات بدلاً من ست، وإلغاء المدارس الشرعية في حمص وحماة وقد تناول الزعيم الهاتف وأمر رئيس الوزراء محسن البرازي بإلغاء القرار. 

٨-ولما عرض الزعيم عليه منصب إفتاء حلب اعتذر الوالد بلباقة، ولما سألته السبب قال: عرض منصب القضاء في الآستانة على جدي هاشم؛ فقال: إن لنا صنعة أغنانا الله بها عن غيرها.

خصوصياته الإنسانية:

ربّ الأسرة والعائلة: لزمته ابنا فوجدت فيه الأب الرؤوف، الذي ينشد الخير لأهله وعائلته، يسعى لهم ليؤمن عيشهم بالمال الحلال دون أن يستجدي أحدًا، أو يحط من كرامته له مصدران من المال؛ راتب التدريس، وما تدر عليه مطبعته العلمية، ومن ثم آجار منزل. 


يغرس في أسرته المثل والقيم الروحية الإسلامية بالقدوة الحسنة والتوجيه السليم لجميع أولاده إناثاً ـ وقد بلغن من زوجتيه ثمان، وذكوراً ـ بقي منهم في حياته توفيق ومحمد يحيى علما أنه لم يجمع بين زوجتيه، كان يقول ـ رحمه الله: (ولن تعدلوا). 

- الفجر موعد استيقاظه والعائلة، ويخصني أحياناً بقوله: 

یا نائم الليل فاتك ركب ساداتك .. لوما تنام الليل ما كان ركبهم فاتك 

في طفولتي الأولى كنت أذهب معه للصلاة في جامع الخسروية، ثم أصبح يؤمنا بالصلاة، وبعدها يرتل شيئًا من القرآن ويقرأ ورده، وعندما ينتهي منه تشاطره الوالدة شرب القهوة، وأحيانًا يعمل القهوة بنفسه حيث يوجد على طاولة مطالعته موقد يشتعل بالكحول الأزرق (السبيرتاية) ثم تبدأ المطالعة أو الكتابة.

ذات يوم كانت خالاتي يتبادلن الحديث مع والدتي في غرفة الجلوس، وكان الباب مع غرفة الضيوف ـ حيث يجلس الوالد للمطالعة - مواربًا . فقالت إحداهن: اشكري الله لم يجلب لك ضرة. فأجابتها الوالدة الحمد والشكر لله ما جابلي ضرة، ولكن عندي ألف ضرة. وكنت جالساً بجواره أطالع أيضًا، فقال: أتسمع يا يحيى ما تقوله والدتك ؟ ثم صفق؛ فسارعت والدتي ملبية خلع والدي نظارته وارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة، ثم قال: لولا زوارك لطلقت ضراتك، أتسمحين بإعطائي فنجان القهوة يا جوهرتي يا أم توفيق؟ ارتسمت علامة الرضا على وجهها وسارعت لتلبية طلبه، لم يرتفع صوتهما على بعضهما بعضًا مذ وعيت وجودي عكس الوقت الحاضر. 

وبقدر ما حافظ على أسرته كانت تربطه مع إخوته وعائلة الطباخ روابط متينة، يشاورهم ويشاورونه، لهذا نشأ أولاد العم متحابين ومتعاونين، لا مشاكل بينهم. 

ولكي تبقى عائلة الطباخ عروة وثقى كان يجتمع بهم مرة كل شهر في بيت العائلة الواقع في باب قنسرين بجوار الباب الثاني للبيمارستان الأرغوني، وأنشأ لهم صندوقًا للتعاون لمساعدة المحتاج، أو من يرغب بالزواج . 

وكان أحد أبناء أخيه أميناً للصندوق، كما حافظ على صلة الرحم يزور أقارب أمه وأخواته من الرضاعة ويصحبني معه، كما غرس في والدتي حب استقبال أهل وصويحبات زوجته الأولى.

ذات يوم، قلت له: أحصيت ذرية أخواتي خاصة غير الشقيقات فوجدت العدد قد تجاوز المئة بكثير، ما شاء الله. قال: ما سؤالك؟ قلت: حدثني عن زواجك الأول. ابتسم - رحمه الله -. وقال: ما هذا غرضك؟ ولكني سوف أجيبك، عندما تجاوزت السابعة عشر من عمري بقليل قلت لوالدتي أمي: إني أخاف الله، ولا أريد أن أرتكب الخطأ، بصراحة أريد أن أكمل نصف ديني، ابتسمت، ثم حدثت والدي ولم يطل الأمر، وهكذا تزوجت خالتك. 

والآن ماذا تريد؟ وما هو طلبك؟ قبلت يده، وقلت: سوف يصبح عمري بعد سنتين سبعة عشر، فضمني إلى صدره، وقال: إن شاء الله. ولكنه توفي بعد سنة وتأخر زواجي اثنتا عشرة سنة. 

المتسوق:

كنت أذهب معه كي نشتري لوازم البيت من أسواق السقطية أو القصيلة أو ساحة بزة أو باب قنسرين، أحمل بيدي القفة وسلة شبك، نضع قسما من المشتريات في القفة فأحملها، ونضع البقية في سلة الشبك. 

ولكي يتجنب مساعدة أحد معارفه أو طلابه ليحملها عنه يدخل يده في جيب الجبة المفتوح ويحمل السلة المخفية بالجبة كان يردد: «صاحب الحاجة أولى بحملها. تذكر يا بني: الذي يجري على رزق عياله له أجر المجاهد». للذكرى كنا نشتري كيلو الكمأ التي تصلح لتكون محشيّا بـ(٦٠) قرشاً ولمدة سنوات الوجبة المفضلة لديه من المأكولات هي اليقطين اتباعاً للسنة النبوية، المؤونة السنوية عشرون قطعة.

الوسطية:

في العاشرة من عمري صحبته إلى الزاوية الهلالية، لما دخلناها قال لي: كنت أحضر الأذكار وأنا صغير مع والدي أو في صحبة عمي كثيراً، ولما كبرت اختليت في هذه الغرفة (٤٠) يومًا وأشار إليها، أحببت الأناشيد، وقد وهبني الله أذناً موسيقية تميز بين الأنغام ومقاماتها. وتمر الأيام.. وحضرت له مجلساً مع عمر البطش أمام مئذنة الخسروية، قال الوالد له أقرأت في كتاب «الأغاني»؟ فأجاب: نعم يا شيخي. هل عرفت الأصوات الواردة فيه؟ قال: عرفت سبعين أو ثمانين صوتاً - كما أظن أنا - فقال له الوالد رحمه الله: سجل هذه الأصوات، إنها من تراثنا، سجلها كي لا تضيع كما ضاع الشيء الكثير منه. 

قال لي الدكتور فاتح زغل مدرس الأدب في إحدى جامعات الإمارات، وله معرفة بالموسيقى: إن أحد الفنانين الأتراك توصل إلى معرفة (۱۲۰) صوتاً. أثناء زيارتنا لدمشق عام (١٩٤٩م) أخذني معه لزيارة محي الدين بن عربي، حيث صلينا ركعتين وقرأنا له الفاتحة. 

لم ينقطع عن الزاوية الهلالية إلا في السنوات الأخيرة من عمره، وعندما بدأ بطلب العلم حبب إليه علم الحديث ومصطلحه. 

سافر إلى حماة عندما سمع بقدوم العالم الهندي محمد شرف الحق الدهلوي إليها، ومكث فيها ثلاثة أيام ليأخذ الإجازة الأولى في المسلسل بالأولية، بلغت إجازاته خمس عشرة إجازة كتابه «الأنوار الجلية»، وطبعه لبعض كتب الحديث النبوي، وما تضمه مكتبته منها يدل على تمسكه بالسنة النبوية.

كما تأثر بكتب محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية وغيرهما بدون مغالاة، إذ يكره العنف ويرفض التكفير ويقبل التأويل فيد الله تعني: القدرة . . . سألته ذات يوم وفي يده كتاب «المحلى» لابن حزم الأندلسي، وكنت وقتئذ في الخامسة عشر كيف توفق بين الاتجاهين نظر إلي بشلال من الحنان طالما غمرتي به، وقال: كبرت يا يحيى بارك الله فيك، الإسلام يا بني هو الماء الصافي الزلال يروي طالبه إن كان الماء جاريًا فليكرع الظمآن ما يشاء، وإن كان الماء في أعماق الأرض، فليغص المريد إليه وليغترف ما شاء له الجهد، يا بني لنروي الأشواق، ولنستخدم العقل: 

حب الـتـنـاهـي غــلــط .. خير الأمور الوسط 

ومن جهة ثانية: حدثني أخي المرحوم المهندس توفيق؛ فقال: استقبل والدنا - رحمه الله - في بيتنا الأب لوس شيخو استغربت الزيارة وزادتني استغرابًا الأحاديث التي تمت بينهما. 

وعندما انصرف قلت للوالد: أتسمح لي بسؤال؟ فأجاب: قل يا توفي . قلت: كيف هذا؟ إنه قسيس وأنت شيخ معمم! فابتسم، وقال: يا بني، عندما تكبر تصبح أكثر نضجاً، أليس آدم أبو البشر؟ إن العلم لا يقف عند أحد، بغض النظر عن الجنس والدين والعرق، في تراثنا العربي الإسلامي الإنساني كنز لا يفنى، اشتركت فيه أمم وطوائف، وكذلك في حضارات الأمم السابقة، فليأخذ الإنسان من القيم الطيبات المباركات، لأنها إنجازات تحققت بنعم من الله خالق البشر، يا بني الحكمة ضالة المؤمن.

كما كان على صلة وثيقة بالسيد محسن الأمين رئيس المذهب الجعفري في دمشق، وإن لم يتقابلا، حيث تعذر اللقاء بينهما. فتبادلا الرسائل وهدايا المطبوعات، وقد أرسل لي السيد محسن رسالة تعزية تليت في حفل تأبين والدي ـ رحمهما الله ـ 

وأيضاً إن تبادله الرسائل مع الأمير شكيب أرسلان والمستشرفين خير دليل على ما تحلى به سيدي الوالد من وسطية مع الرأي الآخر كما أمر به الدين الحنيف. 

كان يريد أن تعود اللحمة إلى العالم الإسلامي وأن يتم الحوار بين المذاهب وخير من يجري هذا الحوار العالم الفقيه مفتي الديار الحلبية الشيخ محمد الزرقا - رحمه الله ـ كما ورد في ترجمته في كتاب (أعلام النبلاء). 

المُعَلِّمِ المُرَبِّي: 

١ - أولى الشيخ الطباخ اهتماما كبيرا للتربية. من أقواله: ما أهمية المدرسة والدراسة إذا خلتا من التوجيه السليم، والتربية الصالحة. 

العلم عنده نهج إلى الحق والهدى والتقوى وتمسك بالكتاب والسنة، واستئناس بالمذاهب كلها، كان ينادي يا طلاب العلم إذا صح لديكم الحديث فاتركوا المذهب واعملوا به رغم أنه حنفي المذهب.

 ٢- كان يشجع طلابه على المناقشة، ويستمع لآرائهم، وإذا وجد الحق مع أحدهم يعلن خطأه قائلاً: أخطأ ابن أمي، ويبدي إعجابه وتقديره لنجابة تلميذه.

٣- كما يدعو طلابه إلى التجرد من التعصب الذميم، وإلى التحرر الفكري والبحث العلمي والتأكيد عليهما، وضرورة الاستفادة من المخترعات الحديثة. 

٤-اتصف برحابة الصدر لسائر خصومه، لا يقابل الأذى بالأذية بل يقابل السيئة بالحسنة ويترفع عن السفهاء، كما اتصف بالأمانة في التوثيق العلمي. 

كانت الابتسامة تعلو وجهه دائمًاً، لا يعبس إلا نادرا ، لم أره غاضبًا بشدة إلا مرتين الثانية عام (١٩٤٨) عند توقيع الهدنة الأولى مع إسرائيل، وكان نصرنا قريباً، أما الأولى فكانت عندما نكب في حادثة ما زالت عبر خاطري رغم مشاهدتي لها وعمري لا يتجاوز الثماني سنوات، ذهبنا سوية إلى سوق الجمعة الكائن وقتئذ بجوار برية المسلخ طلبت منه شراء تخليطة مكسرات، كان البائع يفرش بضاعته أمام جامع (التنبغا)، أعطاه الوالد فرنكين، عبأ البائع المكسرات، بقمع ورقي. 

ازور وجه الوالد، مسك القمع فارتجفت يداه، واحمر وجهه، وسقطت المكسرات من القمع، وبغضب شديد سأل البائع: كيف حصلت على هذا الورق؟ قال: اشتريته من مكتبة في العدسات وهذا ما لدي وهو قليل. 

رجعنا إلى البيت، وتبين أن أخي توفيق قد باع خمسين نسخة إلى مكتبة في العدسات وبمعرفة الوالد ثمن النسخة / ١٥ل .س/ وأن صاحب المكتبة باع كتاب (إعلام النبلاء) كورق صر، حيث تزن النسخة أكثر من / ٢/ كيلو غرام، ثمن كل كيلو غرام عشرون ليرة سورية كانت الحادثة عام (١٩٤٣) إبان الحرب العالمية الثانية وكان الورق مفقوداً أو نادراً.

بقي الوالد - رحمه الله - يذكر الحادثة طويلاً، وكان يردد : (يا ضيعة العمر اثنتان وعشرون سنة من العمل تباع كورق صر).

٥- كان يخالط طلابه ويباسطهم، يبدي النصح لهم ويتجاوز عن بعض أخطائهم، يواكبهم في شتى مواقعهم يتفقدهم في قاعات المطالعة أو في أماكن نومهم، ويسعى لحل مشاكلهم ويجالسهم أمام مئذنة الخسروية، ويصحبهم إلى بساتين حلب ويتبارز معهم في مذاكرة الأنفاس، ويستقبلهم في منزله، ويدعو بعضهم خاصة أبناء الريف لتناول طعام الفطور أو الغداء. 

ذات يوم وفي درس العروض روى لنا إحدى التخميسات؛ فقال: 

أفدي التي لو رآها الغصن مال لها .. شوقاً ولو قتلت صبا لحل لها 

حورية لو رآها راهب لــلــهــا .. مرت بحارس بستان فقال لها 

سرقت رمانتي نهديك من ثمري 

فقال له الطالب إبراهيم السقا، وهو الآن دكتور باللغة الإنكليزية، هناك رواية ثانية يا شيخي. فقال له: وما هي؟ فقال: حورية لو رآها راغب للها؛ فأجابه أحسنت أسكت لا تفضحنا، يا خبيث معنا يحيى قد ينقل الكلام، وضحك الشيخ والطلاب. 

التربية عنده صنو العلم لا انفصام بينهما، فمعلمنا الأول وقدوتنا رسولنا محمد ﷺ والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، بهم نقتدي وبهم نفوز. 

وكما كان يدعو إلى ضرورة العلم والتمسك بالأخلاق الفاضلة، كان يؤمن بأهمية تقوية الأجسام لطلاب العلم، أليس الجهاد فرض عين عند الدفاع أو الاحتلال؟ لهذا أدخل الرياضة إلى الخسروية. 

التقيت بالمحامي المرحوم محمد سعيد نينو مقابل ثانوية هنانو قرب دائرة الأوقاف، وهو من خريجي الخسروية فقال لي: رحم الله والدك أستاذنا الشيخ الطباخ، لقد سبق عصره، قلت كيف؟ قال: لقد أنشأ ملعبًا لرياضة الطلاب، (المسلم القوي خير وأحب إلى الله من المسلم الضعيف، وفي كل خير)، يتضمن الملعب المتوازي والحلقات والتأرجح وشبكة الطائرة، يمارس الطلاب الرياضة بعد الدوام وبسراويل طويلة، قلت أعلم هذا. 

قال: تعرض والدك ـ رحمه الله - لهجوم شديد من كل حدب وصوب حتى قال بعضهم بكفره أعوذ بالله، والآخرون بزندقته أستغفر الله ـ رحمه الله، يا يحيى، إنه سابق عصره. قلت: سامح الله الجميع وغفر لهم. 

الاجتماعي: 

اتصل الشيخ الطباخ بجميع الشرائح الاجتماعية، تجده أحيانًا بعد العصر يجلس على كرسي القش الصغير على الرصيف أمام منزله مع عمال الحارة، وأرباب الصناعات يسأل عن أحوالهم وأوضاع البلد، يساعد من له حاجة ويبين لهم الحلال والحرام، ويقص عليهم نبذاً من حياة الرسول ﷺ وحياة الصحابة للاقتداء بالنور الذي أنزله الله والمدرسة المحمدية التي عاشها أصحابه.

وله مجلس آخر مع أهل العلم والدراية والوجهاء وتلاميذه النجباء يعقد المجلس أمام مئذنة الخسروية أو أمام حمام ميخان أو في جامع الرومي بعد صلاة العصر، ولم ينس زملائه التجار في أسواق القطن والزرب والعطارين أو خان الجمرك والعلبية، وفي أحياء أخرى. 

كنت في صحبته في معظم جلساته، وأحاديثه لا تخلو من المواعظ والأدب والتاريخ والنوادر والنكات وأيضاً تحريض ضد الفرنسيين بشكل مباشر أو غير مباشر.

ما زاره عالم أو وجيه إلا واستضافه وأضافه سيدي الوالد في بيته، حدثني أخي المرحوم المهندس توفيق أن الحبيب بورقيبة لما زار حلب لشرح القضية التونسية والدفاع عنها، زارنا في بيتنا خلال العيد، شرب القهوة وعندما قدمت له حلوى الكرابيج والمعمول، اعتذر عن أكلها لسوء صحته لما عرف محتواهما. 

كما زارتنا البيجوم فاطمة إحدى فقيهات جامعة عليكرة في الهند، وكان سيدي الوالد يراسل الجامعة، ويتبادل مع علمائها الكتب والمطبوعات، تناولت طعام الغداء، وبعد انصرافها أبدى والدي إعجابه بعلمها وثقافتها الإسلامية، وإتقانها اللغة العربية الفصحى، وقال لي: بني عندما تكبر علم بناتك. 

كما زارنا عبد الوهاب عزام المسؤول الثقافي للجامعة العربية، وأخذت لنا صورة معه وكنت أحتفظ بنسخة منها، وعند سماعه بوفاة الوالد أرسل رسالة تعزية، نشرت في جريدة الحوادث.

وكما آمن بأن الإصلاح يتم بفتح المدارس ونشر العلم، آمن أيضاً بضرورة إيجاد مؤسسات اجتماعية تسعى لمكافحة الأمية بتعليم الكبار ورفع مستوى الصحي والثقافي والوطني، لهذا أسس (جمعية البر والأخلاق الإسلامية). 

العالم المدقق: 

كما قلت أقبل سيدي الوالد على المطالعة بشغف وعشق يسهر الليل ومصباحه لمبة الكاز والكتاب بين يديه، ويستيقظ فجرًا وبعد أداء مناسكه وشرب القهوة يحن إلى وليده الكتاب كالظامئ أبداً لا يزيده ورده إلا عطشا قارئًا مصححاً وقارناً، تسجيلاته على هوامش كتب مكتبته تشهد بالمعرفة الموسوعية.

لم ينقطع عن المطالعة والكتابة إلا قبيل وفاته بأسبوع رحمه الله قبيل مرضه بداء النقرس اشترى كتاب الكواكب السائرة في أعيان المئة العاشرة الجزء الأول لنجم الدين الغزي من منشورات الجامعة الأمريكية، وبتحقيق الدكتور جبرائيل سليمان جبور، وجد أن الجهود المبذولة في تصحيحه غير متداركة من الأخطاء صححه في مدة بلغت ستة عشر يوماً ما بين شهري رمضان وشوال عام (١٣٦٧) وبأوراق بلغ عددها سبعًا من القطع الكبير، أرسلتها بالبريد المسجل إلى الدكتور جبور من ذلك (٢٧/١) في ترجمة محمد بن هلال يقول عنه الدكتور جبور: (الحبيشي) والصواب (الحيشي) وهي قرية من قرى المعرة كما صححها الطباخ، شكر الدكتور جبور الوالد برسالة ما زالت لدي ووعده بنشر التصحيح في الجزء الثاني أو في الطبعة الثانية وأرسل له الجزء الثاني هدية، صحح سيدي الوالد الجزء الثاني في شهر واحد لاشتداد مرض النقرس عليه، فوجد الأخطاء أضعاف ما في الجزء الأول، بلغ عدد أوراق التصحيح سبعًا وعشرين ورقة أرسلتها بالبريد المسجل.

وأثناء مرض النقرس جلب له تلميذه العالم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله - كتاب (فيض القدير) للمناوي من مصر، وهو في ستة أجزاء، أتم الشيخ مطالعة أربعة أجزاء ووضع لها فهرسًا في كناشة صغيرة. أيها السادة هذا غيض من فيض. 

الوطني: 

آمن الشيخ الطباخ أن الإسلام دين ودولة، ولكل علماؤها ورجاله، وأنه قائم على أساس الشورى والحرية من تعاليمه، كما آمن بالجامعة الإسلامية، وأن يكون الخليفة عربيًا، لهذا انتسب إلى جمعية الإتحاد والترقي، ولما اتبعت الجمعية سياسة التتريك انسحب منها.

وفي العهد الفرنسي، شهدت حلب أول مظاهرة لذوي العمائم تخرج من الشعبانية وفي مقدمتها الشيخ أحمد الزرقا، والشيخ محمد راغب الطباخ، والشيخ عمر المارتيني، والشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ معروف الدواليبي. 

ولما أسس الشيخ الطباخ جمعية البر والأخلاق الإسلامية ألقى محاضرة السياسة في (القرآن). اتصل سيدي الوالد بالزعماء الوطنيين أمثال إبراهيم هنانو وسعد الله الجابري الذي أهداه كتاب (فتح الرحمن لطالب آيات القرآن) ترتيب علمي زاده، طبع الشيخ للوطنيين منشورًا ضد الفرنسيين إثر اشتداد الثورة السورية الكبرى (١٩٢٦). 

ألقت قوة فرنسية القبض على أخي محمد بكر والدي ووحيده، وبعد حجزه وتعذيبه لمدة أسبوع أو يزيد أفرج عنه لمرضه وبعد أيام توفي ـ رحمه الله ـ بقي والدي متوارياً عن الأنظار، ولما وصله خبر وفاة ابنه دمعت عيناه، واتجه إلى القبلة وصلى ركعتين صابرًا ومحتسباً. 

ومع بداية عهد الاستقلال طفا على السطح الشرخ في الكتلة الوطنية نتج عنه ظهور الحزب الوطني بقيادة سعد الله الجابري، ومن ثم الدكتور عبد الرحمن الكيالي، وظهور حزب الشعب بقيادة رشدي الكيخيا، وناظم القدسي. 

حاول الوالد رأب الصدع بينهما فزار كلاً من الكيالي والكيخيا على حدة وكنت بصحبته ومما قاله لهما: الوطن بحاجة إليكما أرجو ضم الصفوف البناء في مرحلة الاستقلال أكثر صعوبة من مرحلة مكافحة الاستعمار، لقد آن الوقت لجمع شمل الكتلة الوطنية، ووعداه خيراً.

لقد اجتمع الحزبان ثلاث مرات؛ الأولى في جنازة والدي، والثانية في التعزية، والثالثة في حفل تأبينه في دار الكتب الوطنية، والكلمات التي ألقيت فيها. 

في صباح يوم الجمعة الموافق ۲۰/ رمضان (۱۳۷۰) و ۲۹/ حزیران ( ١٩٥١م) وقبيل طلوع الشمس، فاضت روحه الطاهرة ملتحقة بالرفيق الأعلى رحمه الله ـ وأسكنه فسيح جناته .

لقد ترك لنا سيدي الوالد ثروة ضخمة مادية ومعنوية، تمثلت المادية بخمس وعشرين ليرة سورية؛ لهذا سارع تلميذه النجيب العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله - واقترض من جمعية رابطة العلماء، وكان والدي رئيسها مبلغ خمس مئة ليرة سورية تم تجهيزه وتكفينه ودفنه بها، وقد سددت مع أخي المرحوم المهندس توفيق المبلغ للرابطة. أم الأثر المعنوي الكبير فهو حب أهالي حلب الكرام له .

فهرس الكتاب

«الأنوار الجلية في مختصر الأثبات الحلبية»

 خطبة المختصر ٣٥

مختصر الثبت الأول: «كفاية الراوي والسامع وهداية الرائي والسامع» 

خطبة المؤلف ٤٥

المسلسل بالأولية ٤٩

الحديث المسلسل بالدمشقيين ٥٢

رواية الصحيحين وغيرهما من الكتب الحديثية وغيرها ٥٥

سند صحيح الإمام البخاري ٥٥

سند عال الصحيح البخاري ٥٩

سند حزب البحر إلى مؤلفه أبي الحسن الشاذلي ٦٢

سنده في كتاب دلائل الخيرات ٦٤

سند آخر لصحيح الإمام البخاري ٦٦

سند آخر لصحيح البخاري ٦٨

سند آخر لصحيح البخاري ٧٠

سند آخر لصحيح البخاري ٧٣

أسانيد برواية صحيح مسلم ٧٦ 

سند السنن جامع الإمام الترمذي ٧٩

سند سنن أبي داود سند ٨١

سنن النسائي ٨٣

سند سنن ابن ماجه ٨٤

سند موطأ الإمام مالك بن أنس ٨٥

مسانيد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب ٨٩

مسند الإمام أبي حنيفة النعمان ٨٩

مسند الإمام مالك ۹۲ 

مسند الإمام الشافعي ۹۳ 

مسند الإمام أحمد بن حنبل ٩٥

المسلسلات ٩٦

الحديث المسلسل بالأئمة الحنفية ٩٦

 الحديث المسلسل بالأئمة المالكية ٩٨

الحديث المسلسل بالأئمة الشافعية ٩٩

الحديث المسلسل بالأئمة الحنابلة ١٠٠

الحديث المسلسل بالصوفية ١٠١

الحديث المسلسل بالزهاد ۱۰۲ 

الحديث المسلسل بالورعين. ١٠٣

الحديث المسلسل بأطعمني وسقاني ١٠٤ 

الحديث المسلسل بالقيام ١٠٦

الحديث المسلسل بقراءة سورة الصف. ١٠٧

سلسلة سورة النحل ١١١

سلسلة سورة الزلزال ۱۱۲ 

الحديث المسلسل بقراءة آخر ١١٢

سورة الحشر الحديث المسلسل بالجنة دار الأسخياء ١١٤ 

الحديث المسلسل بالنحاة ١١٦ 

الحديث المسلسل بالشعراء ١١٨

الحديث المسلسل بالعنعنة ۱۱۸ 

أسانيد الكتب إلى مؤلفيها ۱۲۰ 

سند الكتب الحديثية وغيرها من العلوم ١٢٦ 

أخذ المؤلف عن الشيخ أحمد النخلي ١٢٦ 

إجازة الشيخ محمد بن أحمد العمري المعروف بابن عبد الهادي للمؤلف ۱۲۸ 

أخذ المؤلف عن الشيخ عبد الغني النابلسي وإجازته منه ۱۳۱ 

أخذه عن الشيخ أبي المواهب الحنبلي وإجازته منه ۱۳۷

أخذه عن الشيخ حسن العجيمي المكي. ١٤١

أخذه عن الشيخ أحمد بن عبد القادر المكي الرفاعي ١٤٢

أخذه عن الشيخ زين الدين الحلبي ١٤٥

فصل في ذكر بعض الكتب المحتاج إلى أسانيدها مرتباً على حروف المعجم ١٤٧

فصل فيما ورد في شرف الحديث وأصحابه وفضل الإسناد وما قيل في الشعر ذلك من ۲۱۱ 

مختصر الثبت الثاني: «إنالة الطالبين لعوالي المُحَدِّثين»

خطبة المؤلف ٢٣٥ 

إجازة والد المؤلف الشيخ أحمد الشراباتي له مشافهة ۲۳۷ 

صورة إجازة والده للشيخ عبد اللطيف الزوائدي الحلبي المحررة بخط المؤلف ٢٣٩

ذكر مشايخ الشيخ أحمد الشراباتي، والد المؤلف ٢٤١ 

سند والد المؤلف في صحيح البخاري ٢٤٥

روايته لصحيح مسلم ٢٤٨

روايته لتأليف الحافظ السيوطي ٢٥٠

روايته لتأليف الإمام النووي ٢٥١

روايته لتأليف الشهاب ابن حجر الهيتمي، والإمام الشعراني  ٢٥٢ 

روايته لتفسير أبي السعود ٢٥٣ 

روايته لتأليف الإمام البغوي ٢٥٤ 

روايته للكتب الستة الحديثية والشفا ٢٥٥ 

فصل في رواية والد المؤلف الفقه الشريف ٢٥٦ 

فصل في رواية والد المؤلف للنحو ٢٥٩ 

دخول المؤلف الشام مع والده وأخذه عن شيوخها ٢٦١ 

أخذ المؤلف عن الشيخ أبي المواهب الحنبلي وصورة إجازته له. ٢٦٢ 

سند الشيخ أبي المواهب الحنبلي في صحيح البخاري وغيره من الكتب الحديثية وغيرها ٢٦٢ 

أخذ المؤلف عن الشيخ عبد الغني النابلسي ٢٦٧ 

صورة إجازته له أسانيد الشيخ عبد الغني النابلسي في صحيح البخاري وغيره ٢٦٨ 

رواية الشيخ عبد الغني النابلسي لتأليف الجلال السيوطي وغيره ٢٦٩ 

أخذ المؤلف عن الشيخ عبد القادر التغلبي ٢٧٠ 

أخذه عن المنلا عبد الرحيم الأزبكي ٢٧٤ 

أخذه عن الشيخ محمد الكاملي  ۲۷۷ 

ثبت العلامة الشيخ محمد الكاملي ومشايخه ۲۸۱ 

ثبت الكاملي في الفقه والحديث ۲۹۷  

سلسلة الشيخ محمد الكاملي إلى البخاري ٣٠١

سند الكاملي في الحديث المسلسل بأهل دمشق ٣٠٣

سنده في حديث البطاقة المسلسل بالمصريين ٣٠٧

سنده في الحديث المسلسل بقولهم: كتبته وها هو في جيبتي. ٣٠٩

صورة إجازة الكاملي للمؤلف ٣١٢

 أخذ المؤلف عن المنلا الياس الكوراني، وصورة إجازته له ٣١٤

أخذه عن الشيخ أحمد الغزي الدمشقي ٣١٩

أخذه عن الشيخ عبد الرحمن المجلد ٣٢٣

أخذه عن الشيخ محمد الحبال ٣٢٤ 

أخذه عن الشيخ إسماعيل العجلوني ٣٢٥

أخذ المؤلف عن علماء الحجاز سنة ١١٢٣هـ، ومنهم: ٣٢٦ 

أخذه عن الشيخ أحمد بن محمد النخلي المكي ٣٢٦ 

أخذه عن الشيخ عبد الله بن سالم البصري ۳۲۸ 

أخذه عن الملا محمد طاهر الكوراني المدني ٣٣٠

أخذه عن الواردين إلى حلب، ومنهم:  ٣٣٢

أخذه عن الشيخ مصطفى البكري المقدسي ٣٣٣

أخذه عن الشيخ محمد الخليلي المقدسي ٣٣٦ 

أخذه عن السيد ياسين أفندي الشهير بـ طه زاده الحلبي ٣٤٣

أخذه عن الشيخ محمد بن عقيلة (حين مجيئه إلى حلب) ٣٤٦ 

إجازة الشيخ محمد عقيلة ومختصر ثبته ٣٤٨ 

رواية ابن عقيلة للموطأ والصحيحين وبقية الكتب الستة ٣٥٠

أخذه عن الشيخ تاج الدين القلعي والشيخ محمد المغربي الدقاق والشيخ محمد حياة السندي ٣٦٢

أخذه عن الشيخ زين الدين الحلبي الشهير بكاتب الفتوى ٣٦٣ 

 أشياخ الشيخ زين الدين ٣٦٤

أخذ الشيخ زين الدين عن أبي السعود الكواكبي الحلبي ٣٦٦ 

إجازة الشيخ حسن العجيمي للسيد أبي السعود الكواكبي ٣٦٧ 

أخذ الشيخ عبد الكريم الشراباتي عن الشيخ محمد الطيب المغربي ۳۷۱ 

مختصر الثبت الثالث: «منار الإسعاد في طُرُق الإسناد»

مقدمة المؤلف ۳۷۷ 

مشايخ صاحب الثبت ۳۷۷ 

مشايخ المصنف في دمشق  ۳۷۷ 

مشايخ المصنف في حلب ۳۷۹ 

أخذه في حلب عن الشيخ محمد بن عقيلة ۳۷۹ 

مشايخه في حلب الشيخ يوسف الحسيني ۳۷۹ 

ومنهم الشيخ صالح المواهبي ٣٨٠

ومنهم ولده الشيخ محمد المواهبي ٣٨٢

ومنهم الشيخ صالح المصري البغدادي ٣٨٤ 

ومنهم الشيخ حسن السرميني ٣٨٤ 

 ومنهم الشيخ محمد الزمار ٣٨٥ 

ومنهم السيد محمد الكبيسي الحلبي  ٣٨٥ 

ومنهم الشيخ محمد بن الطيب المغربي لما ورد إلى حلب ٣٨٥ 

ومنهم الشيخ عبد الكريم الشراباتي ٣٨٥ 

ومنهم الشيخ قاسم البكرجي الحلبي ٣٨٦ 

ومنهم الشيخ علي الدباغ الحلبي ٣٨٦ 

ذكر أسانيده في القرآن والعربية والفقه ٣٩٠

سلسلة القرآن والقراءات ٣٩٠

سلسلة فقه الحنابلة سلسلة العربية ۳۹۲ 

فصل في ذكر أسانيد بعض الكتب إلى مؤلفيها مرتبة على حروف المعجم ٣٩٤ 

الأحاديث المسلسلات وهي عشرون مسلسلاً ٤٣٧

الأحاديث المسندات من غير تسلسل ٤٧٤ 

بيان فضيلة علم الحديث وأشعار في ذلك ٤٧٤ 

خاتمة لهذه المختصرات الثلاثة (نقلها عن رسالة القيام لأهل التكريم والإحترام) ٤٨١ 

«ثبت العلامة الشيخ مسند الديار الحلبية محمد راغب الطباخ» (٤٨٥)

وهو مجموعة إجازات مرتبة على تواريخها، وعدتها (١٥) خمسة عشر إجازة:

۱ ـ إجازة المحدث العلامة الشيخ محمد شرف الدين الحق الهندي الدهلوي، وقف على أسباب مجيئه لهذه البلاد ٤٨٧ 

إجازة الشيخ محمد عبد الحق الإله آبادي لشيخنا الشيخ محمد شرف الدين الحق ٤٩١ 

إجازة العلامة الشيخ عمر بن عبد الكريم للشيخ محمد إسحاق بن مولانا محمد أفضل الدهلوي  ٤٩٥ 

إجازة الشيخ رحمة الله الهندي لشيخنا الشيخ محمد شرف الحق إجازات أخرى لشيخنا المذكور ٤٩٩

۲ ـ إجازة الشيخ محمد رضا الشهير بالزعيم ٥٠٢

نشأتي واشتغالي بالتحصيل وما قرأته من الكتب ٥٠٥

٣. إجازة الشيخ محمد خالد أفندي الأتاسي (العطاسي) مفتي حمص ٥١٢

طرفا الجامع الصحيح ٥١٦ 

٤ ـ إجازة الشيخ كامل المؤقت الحلبي ٥١٨ 

٥. إجازة الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي ٥٢٤

٦ ـ إجازة الشيخ محمد بدر الدين الحسني الدمشقي ٥٢٦ 

٧. إجازة الشيخ محمد عبد الله بن جعفر الكتاني ٥٢٩

٨. إجازة الشيخ محمد كامل الهبراوي الحلبي ٥٣٢

تعداد بعض الأثبات التي يرويها شيخنا المذكور ٥٣٤ 

سند الهبراوي إلى الجامع الصحيح وغيره. ٥٤٦ 

مؤلفات الشيخ الهبراوي الأثبات التي تحويها مجموعة شيخنا المذكور ثم تعداد ما فيها من الإجازات له ٥٤٦

إجازاته: ٥٤٨ 

١ - إجازة الشيخ عبد القادر الحبال له ٥٥٠ 

۲ - إجازة الشيخ محمد شهيد الترمانيني له ٥٥٣ 

٣- إجازة الشيخ بكري الزبري له ٥٦٢ 

٤- إجازة الشيخ محمد الكيالي الكلاوي له ٥٦٢ 

٥. إجازة الشيخ أحمد الصديق له ٥٦٦ 

٦ ـ منظومة الشجرة الغالية في الأسانيد العالية  ٥٧١

٧. ترجمة شيخنا الشيخ محمد كامل الهبراوي ٥٧٣

٨. إجازة الشيخ محمد عبد الحي الكتاني الفاسي ٥٨٢

٩ـ إجازة الشيخ يوسف النبهاني البيروتي ٥٨٢

ملخص إجازة العارف بالله السيد أحمد بن حسن العطاس لشيخنا الشيخ يوسف النبهاني ٥٩٣

١٠. إجازة الشيخ أحمد رافع الحسيني الطهطاوي ٥٩٦

١١. إجازة الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي ٥٩٩

١٢. إجازة الشيخ محمد عطا الكسم الدمشقي ٦٠٣

١٣- إجازة الشيخ عبد الستار الصديقي المكي ٦٠٦

١٤. إجازة الشيخ أبي بكر بن محمد خوقير المكي ٦١٠

ملحق الوثائق 

نماذج صور لمخطوطات ٦١٧

كتب إجازة الشيخ الطباخ للعلامة المنوني المغربي ٦٢١

قصيدة مهداة من الشاعر اللبناني حليم دموس إلى الشيخ الطباخ ٦٢٥

منبر المسجد الأقصى (مقالة للشيخ الطباخ) ٦٢٧

صور نماذج مخطوطات إجازات العلماء للطبّاخ ٦٣٦