رسالة في باطن الإثم
الخطر الأكبر في حياة المسلمين
محمد سعيد رمضان البوطي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
رسالة منشورة -لا يوجد رقم طبعة، ولا سنة الطباعة.
تمهيد/ يرى الشيخ البوطي -رحمه الله -أن الخطر الأكبر الذي يتهدد هذه الأمة لا يكمن في نقص الأموال، ولا قلة العتاد والسلاح، ولا في المنظومة السياسية التي تحكم بلاد المسلمين، وإنما الخطر الأكبر يأتي من كثرة الجماعات والفرق والأحزاب التي تهدم أركان المجتمع الإسلامي، وتؤذن باضمحلال شأن المسلمين، وتفرق أمرهم.
ويرى أن مشكلتنا الحقيقية هي أخلاقية بالدرجة الأولى، وليست فكرية، وأن العمل الإسلامي داخل الجماعات الإسلامية تحول إلى شعارات وأعمال سطحية لا ثمرة لها ولا فائدة منها، وذلك لما انطوت عليه نفوس الكثيرين من الدُّعاة والإسلاميين من الكبر والحسد والتباغض والتكالب على الدنيا..
ويرى البوطي أن العلاج الحقيقي لمشكلاتنا هو أن نصطبغ جميعاً بحقيقة العبودية لله وحده، وترك كل الدواعي والآفات النفسية من أنانية وكبر وعجب، وقد أشار مشكوراً إلى كتاب العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ولكن نظرة ابن تيمية لهذا الأمر كانت أوسع من نظرة البوطي رحمه الله.
ووضع البوطي جملةً من الوسائل للتحرر من باطن الإثم، وتهذيب النفس البشرية:
أولاً: تفكر الإنسان في ذاته ومصيره.
ثانياً: التزام ورد دائم منتظم من قراءة كتاب الله تعالى، وما يتبعه من التسبيح والاستغفار وذكر الله تعالى.
ثالثاً : كثرة الدعاء والابتهال والتضرع لله عز وجل.
رابعاً: (وهذا علاج سلبي) تجنب أكل المحرمات.
ولا شك أن ما ذكره البوطي رحمه الله جيد، ولكن جانبه الصواب في نقده للحركات الإسلامية في كثيرٍ كتاباته، لأنها انتقادات شكلية، نابعة من أمور:
أولاً: موالاته المطلقة للنظام الحاكم، الذي يرفض وجود أية تكتلات حزبية أو أعمال أخرى موازية للنظام، وأتي تقرير البوطي تبعاً لهذا النظام.
ثانياً: سلبيته الشديدة في انتقاده للجماعات الإسلامية، بحيث لا يرى ما عندها من الخير والصواب، ولا ننكر أنه وضع يده على أخطاءٍ كثيرة في منظومة العمل الإسلامي، لا يمكن لأي جماعةٍ التخلص منها، ولكنه بالغ في توسيع هذا الجرح وتعميقه للدرجة التي لا يمكن تضميده معها.
ثالثاً: أنه دائماً ما يجعل إصلاح القلب غاية كبرى باعتباره الحقيقة المطلقة التي يجب السعي وراءها، والحق: أن صلاح الإنسان نسبي، وهو وسيلة لإصلاح غيره، والغاية تحقيق العبودية، وتكميلها ونشرها.
رابعاً: تقريره للتغيير لم يكن واقعياً بالدرجة التي تثمر تحولاً حقيقياً في المجتمع الإسلامي، وإنما هي استثارات موضعية، وحماسة سرعان ما تنطفئ، وتنقلب بروداً ساذجاً.
خامساً: مبالغة البوطي في تقرير العزلة الشعورية؛ حتى أمست نوعاً ظاهراً من العزلة الحقيقية، وتمسكه بها في سبيل تغيير الواقع يبدو خيالياً نوعاً ما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق