أرشيف المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 أبريل 2021

رسالة موجزة في بيان براءة الإمام مالك وأصحابه وكبار أتباعه من مذهب الأشاعرة أ. د. أحمد محمد عبد الحفيظ -بقلم. أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة

رسالة موجزة في بيان براءة الإمام مالك وأصحابه وكبار أتباعه 

من مذهب الأشاعرة

أ. د. أحمد محمد عبد الحفيظ

رئيس لجنة الإفتاء بليبيا

بقلم. أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة


تمهيد/ جاء الإسلام ليُخاطب في الإنسان عقله وقلبه معاً، ولهذا ذمَّ الذين لا يعقلون، ولا يتفكرون، كما أنه ذمَّ الذين لا يُذعنون لآيات الله الشاملة لخبره وأمره ونهيه، وما أنزل من الحقِّ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه هي قضيتنا الأولى مع الفرق الكلامية، الذين يجعلون من العقل حاجزاً سميكاً، يحول بينهم وبين معرفة الحق وإدراكه، بينما أهل السُّنة يُوظفون طاقات العقل في فهم مراد الشَّارع ومعرفة مقاصده.

وفي هذا الكتاب نجد إشارات بليغة وكلماتٍ نفيسة تُعلن بوضوح عن براءة الإمام مالك (ت 179 هـ) رحمه الله تعالى، وأصحابه من مذهب الأشاعرة، باعتباره مذهب كلاميٌّ منحرف، يقضي بتحريف صفات الباري سبحانه، وتعطيلها عن معانيها، مع بيان زيغهم في باب الأسماء والصفات، وهو تلخيصٌ لكتاب (الردود الأثرية على شُبه أدعياء المالكية) للمؤلف نفسه.

والأشعرية فرقة تنتسب لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري رحمه الله في مذهبه الثاني بعد رجوعه عن الاعتزال، وكان تلميذاً لأبي علي الجبائي، رئيس المعتزلة، ثم خالفه وعارضه، وبل وأعلن برائته من مذهب المعتزلة، وذلك لما رأى فيه من الضلال والفساد.

وعامة الأشاعرة ينفون عن لله تعالى جميع الصفات الخبرية عدا سبعة صفات، يسمونها بالصفات العقلية (أو صفات المعاني)، بمعنى أن لها معانٍ زائدةٍ على الذات، وهي: العلم، والقدرة، والإرادة، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام، وإنما أثبتوها لأن العقل لا يُحيلها، دون أدنى التفاتةٍ إلى وجوب التسليم للشَّرع بما جاء به، كذلك هم موافقون للمرجئة في الإيمان، والجبرية في القدر، ووما هم عليه مخالفٌ لمذهب أهل السنة والجماعة.

وقد ثبت رجوع الإمام أبي الحسن الأشعري عن مذهبه في التعطيل إلى طريقة أهل السُّنة والجماعة في الإثبات، ونقل ذلك عنه كبار الأئمة؛ كابن كثير، والذهبي وغيرهما. واستقرَّ على عقيدة السلف إجمالاً، وقد أودع ذلك في آخر كتبه وهو (الإبانة عن أصول الديانة)، وأصرَّ جماعةٌ من الأشاعرة على هذا المسلك في التحريف، واهتموا بإقامة البراهين على أنَّ الألوهيَّة تختصُّ بالقدرة على الخلق والاختراع، كابن فورك والباقلاني، ومن تبعهما من متأخري الأشعرية.


وقد ركَّز المؤلف على ثلاث محاور أساسية:

الأولى: لمحة تاريخية موجزة عن مذهب الأشاعرة ومؤسسه أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى، وكيف ابتُلي أهل المغرب الإسلامي به، وعلى يد من كان ذلك، ومن الذي قدم به إليهم؟ ومن نشره بينهم؟! وفيه بيان أنه لا قيمة لهذا المذهب الكلامي وكتبه عند المالكيين علماء ودعاة وعامة، وقد نقل ذلك ابن خلدون في (تاريخه)، والسَّلاوي المالكي في تاريخه (الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى).

وأول من أظهر الأشعرية في المغرب الإسلامي هو السَّفاح محمد بن تومرت (ت 524 هـ)، وفكره خليطٌ ما بين التشيُّع والتصوف، وكان قد ادَّعى لنفسه العصمة، وأنه الإمام المهدي، وأنه يعلم الغيب، وأنه من الذي يخطُّون على الرمل، وقد سمَّى أتباعه وطريقته في التحريف (الموحدين)، وألف في العقائد الأشعرية (المرشدة في التوحيد).

الثاني: بيان أن مؤسس هذا المذهب ترك مذهبه وتبرأ منه، وعاد إلى ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين، والأئمة الفقهاء مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، والشافعي، الذين أثبتوا لله ما أثبته لنفسه في كتابه، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سُنَّته من غير تحريفٍ، ولا تعطيل، ولا تمثيلٍ، ولا تأويل.كذلك ذكر شيء من تراجعاته التي أعلنها في كتبه مثل (مقالات الإسلاميين)، و(الإبانة عن أصول الديانة)، و(الموجز والمسائل)، و(رسالته إلى أهل الثغر).

وذكر توبة أكابر أئمة المذهب الأشعري؛ كالفخر الرازي، والغزالي، وأبي المعالي الجويني، وأبي عبد الله الشهرستاني، وغيرهم، وعليه فالمذهب الأشعري هو مذهب مخذولٌ متروكٌ،، فلا يتمسَّك به إلآ جاهلٌ لا يعي خطورة ما هو عليه من الانحراف، أو إنسانٌ متَّبعٌ لهواه.

الثالث: نقل كلام كلام أئمة كبار المالكية الذين ذمُّوا طريقة أهل الكلام والفلسفة من الأشاعرة وغيرهم، وحضِّهم على اتباع سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

ومن أعيان علماء المالكية الذين ذمُّوا المذهب الكلامي والأشعري على وجه التحديد وحاربوه، وذموا المتكلمين:

1.الإمام عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون (ت 212 هـ).

2.الإمام أصبغ بن الفرج (ت 225 هـ).

3. والقاضي عبد السلام بن سعيد التنوخي (ت 240 هـ).

4. والإمام ابن أبي زيد القيرواني (ت 386 هـ).

5.والإمام الأديب أبو عبد الله محمد بن أبي زمنين (ت 399 هـ).

6.والإمام أبو بكر محمد بن وهب التجيبي (ت 406 هـ).

7.والإمام القاضي عبد الوهاب بن نصر البغدادي (ت 422 هـ).

8. والإمام أبو عمر أحمد بن محمد  المعافري المالكي (ت 429 هــ).

9. والإمام الفقيه أبو عمرو الداني المالكي (ت 444 هـ).

10. والإمام أبو الحسن بن بطَّال البكري (ت 449 هـ).

11. وحافظ المغرب الإمام أبو عمر بن عبد البر (ت 463 هـ).

12.الإمام ابن خويز منداد المالكي في كتابه في الخلاف.

13. والإمام أبو الوليد بن رشد المالكي (ت 520 هـ).

14.  أبو محمد عبد الواحد المراكشي المالكي  (ت 647 هـ).

15.والعلامة أحمد بن مشرف التميمي (ت 1285 هـ).

وعليه فإن من نَسب الأشعرية إلى مالك أو أحدٍ من أصحابه؛ فهو جاهلٌ أعمى، لأن مالكاً وأصحابه قد ماتوا قبل أن يولد الأشعريّ ذاته، ومن ينسب الأشعرية إلى مالكٍ أو إلى أحدٍ من أصحابه فهو مُفترٍ كذّاب.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق