أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 24 أبريل 2021

الأربعين حديثاً للآجري لأبي بكر محمد بن الحسين الآجرِّي الشَّافعي (ت 360 هـ) تحقيق: محمد بن الحسن إسماعيل

الأربعين حديثاً للآجري

لأبي بكر محمد بن الحسين الآجرِّي الشَّافعي (ت 360 هـ)

تحقيق: محمد بن الحسن إسماعيل

 بقلم:

أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة

تمهيد/ هذه أربعون حديثاً صحيحاً من جمع الفقيه الزاهد، الإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجري نزيل مكة -حرسها الله تعالى- صاحب التواليف المفيدة والفنون العديدة، في الرقائق، وعلوم الحقائق. انقطع إلى مجاورة بيت الله الحرام يملي ويحدث ويؤلف، إلى أن توفي في نهاية المحرم سنة ستين وثلاثمائة -رحمه الله- وكان ثقة ثبتاً.

وقد جمع فيها الأحاديث الدالة على فضل طلب العلم، والحرص عليه قبل فناء أهله، والإخلاص لله فيه، وذكر بعض أصول الإسلام، وأركان الدين، وفضل اتباع السُّنة، ثم ذكر بعض السُّنن التي ينبغي لكل مسلمٍ أن يتأدَّب بها، فذكر كل حديثٍ بسنده، مع بيان فقه الحديث إجمالاً، 

وأما سبب تأليف هذه الأربعين، فيذكر الآجري أن هذه الأربعين لزيادة تبصًّر الناس في الدين، وحسن العبادة لله عز وجل، وأداء فرائضه، وتحذيراً من ارتكاب المحرمات، والمنهيات.

قال رحمه الله في مقدمته على وجه الاختصار: "أنَّهُ سَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي "مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا مِنْ أَمْرِ دِينِهَا بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقِيهًا عَالِمًا" (ضعيف)، وَرُوِيَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (موضوع)...، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (ضعيف)....

قَالَ لنَا السَّائِلُ: أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ وْالْأَدَبِ، قَدْ صَنَّفَهَا النَّاسُ وَعُنُوا بِهَا فَمَا هَذِهِ الْأَرْبَعُونَ حَدِيثًا التَّيِ إِذَا حَفِظَهَا مَنْ قَدْ كَتَبَ الْعِلْمَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -كَانَ لَهُ هَذَا الْأَجْرُ وَالْفَضْلُ الْعَظِيمُ؟ قال الآجري: والمعنى أن المراد بالأربعين هو ما يَقْرُبُ عَلَى الوفود حِفْظُه من أمر دينهم؛ لأنها إِذَا كَانَتْ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا يُمْكِنُهُمْ حِفْظُهَا، فَحَثَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَا أَجِدُ لَهُ وَجْهًا غَيْرَ هَذَا …

قال: ولَا بُدَّ لِهَؤُلَاءِ مِنْ أَنْ يَقُولُوا لِقَوْمِهِمْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا، وَأَحَلَّ لَنَا كَذَا، وَحَرَّمَ عَلَيْنَا كَذَا، وَأَمَرَنَا بِكَذَا، وَنَهَانَا عَنْ كَذَا؛ فَكَأَنَّهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - حَثَّهُمْ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا عَنْهُ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ 

قَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تُؤَلِّفَ لَنَا مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا إِذَا حَفِظْنَاهَا وَحَفِظْنَا مَعَانِيهَا انْتَفَعْنَا وَانْتَفَعَ بِهَا مَنْ سَمِعَهَا مِنَّا وتُعينك عَلَى طَلَبِ الزِّيَادَةِ لِعُلُومٍ كَثِيرَةٍ وَلَا بُدَّ لَكَ مِنْهَا، وَلَا يَسَعُكَ جَهْلُهَا".

وقال في خاتمتها: "فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا فِيهَا عِلْمٌ كَثِيرٌ فِي أَصْنَافٍ شَتَّى، وَتَبْعَثُ الْعُقَلَاءَ عَلَى طَلَبِ الزِّيَادَةِ لِعُلُومٍ لَابُدَّ مِنْهَا مِمَّا لَا يَسَعُهُمْ جَهْلَهُ وَلَا يَعْذِرُهُ الْعُلَمَاءُ بِجَهْلِهَا، وَكُلَّمَا عَلِمُوهَا وَعَمِلُوا بِهَا زَادَهُمُ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِهَا شَرَفًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِذَلِكَ وَالْمُعِينُ عَلَيْهِ وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لَنَا وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا، وَعَقْلًا مُؤَيَّدًا، وَأَدَبًا صَالِحًا".

ذكر الأحاديث محذوفة الأسانيد، وحكم كل واحدٍ منها:

[فضل التفقه في الدين]

1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ».

[صحيح، وإسناده موضوع، في سنده الشاذكوني، قال البخاري: فيه نظر، وكذبه ابن معين، وقال أبو حاتم: متروك، وقال النسائي: ليس بثقة، وأخرجه ابن ماجه (220) بسندٍ حسن].

[في الحث على طلب العلم]

2. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَقَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ» ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، ثُمَّ قَالَ: «الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الْأَجْرِ، وَلَا خَيْرَ فِي النَّاسِ بَعْدُ».

[إسناده ضعيف، فيه ابن أبي عاتكة ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد، وفيه علي بن يزيد الألهاني من الضعفاء، أخرجه ابن ماجه (٢٢٨) واللفظ له، والطبراني (٨/٢٦٢) (٧٨٧٥)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (٥/١٦٥)].

[الأعمال بالنيات]

3.عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».

[صحيح، أخرجه البخاري (1/ 2)، (8/ 175)، (9/ 29)، ومسلم (1907)]. 

[أركان الإسلام]

4.عنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ".

[صحيح، وإسناد ضعيف، فيه ابن أبي ثابت كان يُدلس، وقد رواه هاهنا بالعنعنة، وقد تابعه الكثير عليه. أخرجه البخاري (1/ 9)، ومسلم (16)]. 

[أركان الإيمان]

5.عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ قَالَ: "كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَاجِّينَ أَوْ مُعْتَمِرِينَ قَالَ: فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوَافَقْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي، أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا أُنَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وَيَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ قَالَ: فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَأَخْبَرُوهُمْ أَنِّي مِنْهُمْ بَرِئٌ وَأَنَّهُمْ مِنِّي بُرَآءُ، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ ذَلِكَ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ مِنَّا حَتَّى جَلَسَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تَشَهَّدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ فَعَجِبْنَا أَنَّهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ , قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَعَجِبْنَا أَنَّهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَلَبِثْتُ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُمَرُ هَلْ تَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمَرَ دِينِكُمْ».

[إسناده صحيح، أخرجه مسلم (8)، وأبو داود (4695)، والترمذي (2738)، وأحمد (1/ 52)]. 

[الإيمان بالقضاء والقدر]

6. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمُصَدَّقُ: " إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: فَيَكْتُبُ عَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَرِزْقَهُ وَشَقِيُّ أَمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلَ النَّارِ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلَهَا ".

[صحيح، أخرجه البخاري (4/ 161) و(9/ 165)، ومسلم (2643)، وأبو داود (4708)]. 

7. عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ قَالَ: فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَسَ رَأْسَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلَّا وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ، فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمِلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمِلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ؟ فَقَالَ: «اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِعَمَلِهِ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ» ثُمَّ قَرَأَ { «فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى» } [الليل: 6].

[إسناده صحيح، أخرجه البخاري (2/ 120)، ومسلم (2647)]. 

[من وصايا النبيِّ صلى الله عليه وسلم الجامعة]

8. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، وَحُجْرٍ الْكَلَاعِيِّ قَالَا: «دَخَلْنَا عَلَى الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَهُوَ مِنَ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ "} [التوبة: 92] الْآيَةُ، دَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ مَرِيضٌ. قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّا جِئْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ، فَقَالَ عِرْبَاضٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِنَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا بِمَوْعِظَةِ بَلِيغَةٍ ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي سَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عُضْوًا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ».

[صحيح، وفي إسناده الوليد بن مسلم، وهو مُدلس، وقد رواه بالعنعنة، أخرجه أحمد (4/ 126، 127)، وأبو داود (4607)، والترمذي (2815، 2816)، وابن ماجه (42، 43، 44)]. 

[نزول القرآن على سبعة أحرف]

9. عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَانَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ نَزَلَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ، وَعَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ، عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ: زَاجِرٍ، وَآمِرٍ، وَحَلَالٍ، وَحَرَامٍ، وَمُحْكَمٍ، وَمُتَشَابِهٍ، وَأَمْثَالٍ، فَأَحِلُّوا حَلَالَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ، وَافْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ، وَانْتَهُوا عَمَّا نُهِيتُمْ، وَاعْتَبِرُوا بِأَمْثَالِهِ، وَاعْمَلُوا بِمُحْكَمِهِ، وَآمِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا".
[إسناده حسن أخرجه أحمد (1/ 445)، وابن حبان (2/ 63)، والحاكم (1/ 553)، وصححه، وأقره الذهبي، وصححه الألباني]. 

[ذكر العشرة المبشرين بالجنة]

10. وعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ».

[صحيح، أخرجه أحمد (1/ 192)، والترمذي (3748)، وله شواهد]. 

[فضل الصحب الكرام]

11.عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اخْتَارَنِي وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا، فَجَعَلَ لِي مِنْهُمْ وُزَرَاءَ وَأَنْصَارًا وَأَصْهَارًا، فَمَنَ سَبَّهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا صَرْفًا وَلَا عَدْلًا».

[إسناده ضعيف، أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1000)، وغيره، وفيه عبد الرحمن بن سالم وأبيه مجهولان، ومحمد بن طلحة سيء الحفظ، وضعفه الألباني في "تخريج السنة" (3/ 483)]. 

[أقسام الإيمان]

12. عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ، وَيَقِينٌ بِالْقَلْبِ».

[ضعيف، أخرجه ابن ماجه (65)، وقال السندي في تعليقه: إسناد هذا الحديث ضعيف؛ لاتفاقهم على ضعف أبي الصلت، الراوي]. 

[افتراق الأمة]

13. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ تَفَرَّقَت بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، تَزِيدُ عَلَيْهِمْ وَاحِدَةٌ، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً» قَالُوا: مَنْ هَذِهِ الْمِلَّةُ الْوَاحِدَةُ؟ قَالَ: «مَا أَنَا عَلَيْهُ وَأَصْحَابِي».

[صحيح، وإسناده ضعيف، أخرجه الترمذي (2779)، من طريق سفيان عن عبد الرحمن بن زياد به، وقال: حسن غريب، والحاكم (1/ 129)، وفي سنده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم من الضعفاء، وللحديث شواهد كثيرة]. 

  • وعن يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ يَقُولُ: "أُصُولُ الْبِدَعِ أَرْبَعٌ: 

الرَّوَافِضُ، وَالْخَوَارِجُ، وَالْقَدَرِيَّةُ، وَالْمُرْجِئَةُ، 

ثُمَّ تَتَشَعَّبُ كُلُّ فِرْقَةٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ طَائِفَةً، فَتِلْكَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ فِرْقَةً،

 وَالثَّالِثَةُ وَالسَّبْعُونَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا النَّاجِيَةُ، فَمِنَ الْأُدَبَاءِ الْعُقَلَاءِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالتَّصْدِيقُ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

[فضل الوضوء]

14. عَنْ أَبِي بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً فَقَالَ: «هَذَا وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَلَاةَ إِلَّا بِهِ» ، ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ: «هَذَا وُضُوءُ مَنْ تَوَضَّأَهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كِفْلَيْنِ مِنَ الْأَجْرِ»، ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا وُضُوئِي، وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي».

[حسن، وإسناده ضعيف، أخرجه ابن ماجه (420)، والدارقطني (1/ 81)، وفي سنده ابن عرادة، والحراري، وكلاهما من الضعفاء، وله شواهد أخرى بعضها حسن وبعضها ضعيف].

[صفة الوضوء]

15.  عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: "أَتَيْنَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ صَلَّى فَدَعَا بِالطَّهُورِ، فَقُلْنَا: مَا يَصْنَعُ بِهِ وَقَدْ صَلَّى، مَا يُرِيدُ إِلَّا لِيُعَلِّمَنَا قَالَ: «فَائْتُونِي بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وطِسْتٍ»، فَأَفْرَغَ مِنَ الْإِنَاءِ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا مِنَ الْكَفِّ الَّذِي يَأْخُذُ بِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى ثَلَاثًا، يَعْنِي إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا، وَرِجْلَهُ الْيُسْرَى ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ هَذَا»

[صحيح، وإسناده حسن، وأخرجه النسائي (1/ 68)، في سنده خالد بن علقمة، وهو صدوق، وتوبع عليه].

[صفة الغسل]

16. وعن ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالَتُهُ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: وَضَعَتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا، فَاغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَكَفَأَ الْإِنَاءَ بِشِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى فَرْجِهِ فَغَسَلَهُ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ عَلَى الْحَائِطِ، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ فَدَلَكَهَا، ثُمَّ مَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَذِرَاعَيْهِ، وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ تَنَحَّى ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِثَوْبٍ فَقَالَ هَكَذَا، فَنَفَضَ وَكِيعٌ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا ".

[صحيح، وفي سنده عنعنة الأعمش، ولكنه توبع عليه، أخرجه الشيخان وأحمد وغيرهم].

[فضل المحافظة على الصلاة والزكاة]

17. عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَمْسٌ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ إِيمَانٍ دَخَلَ الْجَنَّةِ: مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ: عَلَى وُضُوئِهِنَّ، وَرُكُوعِهِنَّ، وَمَوَاقِيتِهِنَّ، وَأَعْطَى الزَّكَاةَ مَعَ طِيبِ النَّفْسِ بِهَا" قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: «وَايْمُ اللَّهِ، لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَصَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَحَجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ»، قَالُوا: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، مَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ؟ قَالَ: الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَأْمَنِ ابْنَ آدَمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمَرِ دِينِهِ غَيْرَهَا".

[حسن، أخرجه أبو داود (429) من نفس الطريق، لكن عنده: عن خليد، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، وأخرجه أبو نُعيم (2/ 234) في الحلية، وقال الهيثمي في "المجمع": رواه الطبراني في الكبير وإسناده جيد].

[صفة الصلاة]

18. عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِرِيِّ قَالَ: " كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَذَاكَرُوا صَلَاتَهُ، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: «أَنَا أُعَلِّمُكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ مِنْ هِمَّتِي. رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ ثُمَّ قَرَأَ، فَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، غَيْرَ مُقْنِعٍ رَأْسَهُ وَلَا صَافِحٍ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اعْتَدَلَ قَائِمًا حَتَّى يَعُودَ كُلُّ عُضْو مِنْهُ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ أَمْكَنَ الْأَرْضَ مِنْ جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ وَكَفَّيْهِ وَمَنْ رُكْبَتَيْهِ وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ اطْمَأَنَّ سَاجِدًا، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اطْمَأَنَّ جَالِسًا، فَإِذَا قَعَدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَعَدَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، فَإِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ أَفْضَى بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ، وَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ».

[صحيح، وإسناده حسن، أخرجه البخاري (1/ 210)، وأبو داود (730)، والترمذي (304)، وابن ماجه (1061)، وغيرهم].

[بعض أحكام الصلاة]

19. عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَالَ: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ، فَقَامَ نَاحِيَةَ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" قَالَ: لَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ: وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابِ لَقَدِ جَهِدْتُ وَحَرَصْتُ، فَعَلِّمْنِي وَأَرِنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَدْتَ الصَّلَاةَ فَتَوَضَّأْ فَأَحْسِنِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قُمْ فَاسْتَقْبَلِ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ كَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِدًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، فَإِذَا صَنَعْتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ، وَمَا انْتَقَصَتْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا نَقَصْتَهُ مِنْ صَلَاتِكِ» وَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ أَوْ مِثْلَهُ.

[صحيح، أخرجه أحمد (4/ 340)، وأبو داود (842، 843، 844، 845)، والنسائي (2/ 193، 225، 226)، والترمذي (301)].

[الطمأنينة في الصلاة]

20. عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ ثُمَّ جَلَسَ فِي عِصَابَةٍ مِنْهُمْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَقَامَ يُصَلِّي، فَجَعَلَ لَا يَرْكَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «تَرَوْنَ هَذَا لَوْ مَاتَ عَلَى هَذَا لَمَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ نَقَرَ صَلَاتَهُ كَمَا يَنْقُرُ الْغُرَابُ الدَّمَ. مَثَلُ الَّذِي يُصَلَّى وَلَا يَرْكَعُ، وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ كَالْجَائِعِ لَا يَأْكُلُ إِلَّا تَمْرَةً أَوْ تَمْرَتَيْنِ فَمَا تُغَنِّيَانِ عَنْهُ، فَأَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، وَوَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، وَأَتَمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ».

 قَالَ أَبُو صَالِحٍ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ: مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا الْحَدِيثَ؟ فَقَالَ: أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَشُرَحْبِيلُ ابْنُ حَسَنَةَ، كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[إسناده ضعيف، أخرجه ابن خزيمة (665)، والبخاري (4/ 248) في التاريخ الكبير، والبيهقي (2/ 89)، وغيرهم، وفي سنده أبو صالح الأشعري، قال أبو حاتم: لا بأس به. والأوزاعي مقبول، وليس له أي متابع].

[فضل الجهاد والوضوء]

21. عن أبي أمامة الباهليّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ رَمَى سَهْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَلَغَ أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ كَانَ سَهْمُهُ ذَلِكَ كُلُّهُ كَعَدْلِ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَمَنْ خَرَجْتْ بِهِ شَيْبَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ عَتَقَ رَقَبَةً مَسْلَمَةً كَانَتْ لَهُ فِكَاكُهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ قَامَ إِلَى الْوُضُوءِ يَرَاهُ حَقًّا عَلَيْهِ وَاجِبًا، فَمَضْمَضَ فَاهُ غَفَرْتُ لَهُ ذُنُوبَهُ مَعَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ طَهُورِهِ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ، فَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ جَلَسَ جَلَسَ سَالِمًا، وَإِنْ صَلَّى تُقُبِّلَ مِنْهُ».

[صحيح، وإسناده حسن، أخرجه عبد الأعلى بن مسهر (24) في نسخته، وابن ماجه (2812)، والنسائي (6/ 27 -28)، والحاكم (2/ 95 -96)، وصححه على شرط الشيخين كلهم من طريق عمرو بن عنبسة].

[فضل تعلم الطهارة والصلاة]

22. عنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ كَمَا أُمِرَ، وَصَلَّى كَمَا أُمِرَ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَمَلٍ» ، أَكَذَلِكَ يَا عُقْبَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ".

[حسن، أخرجه أحمد (5/ 423)، والنسائي (1/ 90 -91)، وابن ماجه (1396)، وله شاهدٌ من حديث عثمان في الصحيحين].

[عقوبة من يمنع حق الزكاة]

23. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " أَيُّمَا رَجُلٍ لَهُ مَالٌ لَمْ يُعْطِ حَقَّ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شُجَاعًا أقَرْعًا عَلَى صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَهُ زَبِيبَتَانِ، ثُمَّ يَنْهَشُهُ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ، فَيَقُولُ: مَا لِي وَلَكَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ الَّذِي جَمَعْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ قَالَ: فَيَضَعُ يَدَهُ فِي فِيهِ فَيَقْضِمُهَا.

[صحيح، وإسناده حسن أخرجه أحمد (2/ 355، 397، 489)، والبخاري (2/ 132، وَ 149)، والنسائي (5/ 39)].

[عقوبة تارك الزكاة في الموقف]

24.  عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ لِي: «هُمُ الْأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» قَالَ: فَجِئْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَيْهِ فَلَمْ أَتَقَارَّ أَنْ قُمْتُ.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، مَنْ هُمْ؟ 

قَالَ: «هُمُ الْأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا، مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَمَنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ، وَلَا بَقَرٍ، وَلَا غَنْمٍ، لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا، إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ وَأَسْمَنَهُ، حَتَّى تَنْطَحَهُ بِقُرُونِهَا، وَتَطَأَهُ بِأَخْفَافِهَا، كُلَّمَا نَفِدَتْ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنَ الْخَلَائِقِ أَوِ النَّاسِ».

[صحيح، أخرجه البخاري (8/ 162) ومسلم (990)، والترمذي (617)، والنسائي (5/ 10)].

[نصاب الإبل]

25. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ».

[إسناده صحيح، أخرجه البخاري (2/ 132، 143، 174) ومسلم (979)، والترمذي (627)، والنسائي (5/ 36)، وابن ماجه (1794)].

[أنصبة الأنعام: الإبل والبقر والغنم]

26.  عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابَ الصَّدَقَةِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ إِلَى عُمَّالِهِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَنَهُ بِسَيْفِهِ، فَلَمَّا قُبِضَ عَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قُبِضَ، ثُمَّ عَمِلَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قُبِضَ، فَكَانَ فِيهِ: 

«فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى سِتِّينَ، فَإِذَا زَادَتْ فَجَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ فِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ،

وَفِي الشَّاءِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ فَشَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ شَاةً فَثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ الْمِائَةَ،

 وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ مَخَافَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنَ الْبَطْنَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَيْبٍ». 

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: "إِذَا جَاءَ الْمُصَدِّقُ قُسِمَتِ الشَّاءُ أَثْلَاثًا: ثُلُثٌ خِيَارٌ، وَثُلُثٌ أَوْسَاطٌ، وَثُلُثٌ شِرَارٌ، فَيَأْخُذَ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْوَسَطِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الزُّهْرِيُّ الْبَقَرَ».

[صحيح، وإسناده حسن، أصله عند البخاري (2/ 144، 145) وأبو داود (1568) والترمذي (621)].

[فضل صيام رمضان وقيامه]

27. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

[إسناده صحيح، أخرجه البخاري (2/ 16، و 3/ 33) ومسلم (760)، أبو داود (1372) والنسائي (4/ 156)، وابن ماجه (1641)].

[كيف كان الصيام أول الأمر؟]

28.  عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184] قَالَ: "كَانَ الصَّوْمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَهَذَا الصَّوْمُ الْأَوَّلُ مِنَ الْعَتَمَةِ، فَمَنْ صَلَّى الْعَتَمَةَ حُرِّمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالْجِمَاعُ إِلَى الْقَائِلَةِ، وَجَعَلَ اللَّهُ فِي هَذَا الصَّوْمِ الْأَوَّلِ فِدْيَةً طَعَامَ مِسْكِينٍ، فَمَنْ شَاءَ مِنْ مُسَافِرٍ أَوْ مُقِيمٍ أَنْ يُطْعِمَ مِسْكِينًا وَيُفْطِرَ، كَانَ ذَلِكَ رُخْصَةً لَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الصَّوْمِ الْآخَرِ إِحْلَالَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَإِحْلَالَ النِّكَاحِ بِاللَّيْلِ إِلَى الصَّبَاحِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مِنَ الصَّوْمِ الْأَوَّلِ، وَأَنْزَلَ فِي الصَّوْمِ الْأَخِيرِ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة: 184)، فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الصَّوْمِ الْآخَرِ فِدْيَةً طَعَامَ مِسْكِينٍ، فَنُسِخَتِ الْفِدْيَةُ، وَبَيَّنَهَا فِي الصَّوْمِ الْآخَرِ بِقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة: 185)، وَهُوَ الْإِفْطَارُ فِي السَّفَرِ، وَجَعَلَهُ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، 

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} (البقرة: 187) كَانَ النَّاسُ أَوَّلَ مَا أَسْلَمُوا إِذَا صَامَ أَحَدُهُمْ يَصُومُ يَوْمَهُ؛ حَتَّى إِذَا أَمْسَى طَعِمَ مِنَ الطَّعَامِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَتَمَةِ حَتَّى إِذَا صُلَّيَتِ الْعَتَمَةُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الطَّعَامَ حَتَّى يُمْسِيَ مِنَ اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ، وَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -بَيْنَا هُوَ قَائِمٌ إِذْ سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ فَأَتَى أَهْلَهُ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَلَمَّا اغْتَسَلَ أَخَذَ يَبْكِي وَيَلُومُ نَفْسَهُ كَأَشَدِّ مَا رَأَيْتُ مِنَ الْمَلَامَةِ، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِي هَذِهِ الْخَاطِئَةِ، فَإِنَّهَا زَيَّنَتْ لِي مُوَاقَعَةَ أَهْلِي، فَهَلْ تَجِدُ لِي مِنْ رُخْصَةٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ 

فَقَالَ: «لَمْ تَكُنْ حَقِيقًا بِذَلِكَ يَا عُمَرُ»، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرُ بَيْتَهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَتَاهُ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَذَرَهُ فِي آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضَعَهَا فِي الْمِائَةِ الْوُسْطَى مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ، هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ، وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ، عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} (البقرة: 187) يَعْنِي بِذَلِكَ الَّذِي فَعَلَ عُمَرُ".

[إسناده ضعيف، أخرجه الطبري (2/ 96) من نفس الطريق].

[صيام يوم الشك]

29. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ».

[إسناده صحيح، أخرجه البخاري (3/ 34، 35)، ومسلم (1080)، وأحمد (2/ 28، 43، 125)، وأبو داود (2320، 689)، وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة].

قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ بَعَثَ مَنْ يَنْظُرُ، فَإِنْ رُؤِيَ فَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُرَ وَلَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ وَلَا قَتَرٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرٌ أَصْبَحَ صَائِمًا".

  • وروى أبو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: "الْهِلَالُ إِذَا حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ غَيْمٌ؛ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَقِدَ مِنَ اللَّيْلِ أَنَّهُ يُصْبِحُ صَائِمًا، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مِنْ رَمَضَانَ هُوَ أَوْ مِنْ شَعْبَانَ؟.

  • قَالَ: وَكَذَا رُوِيَ أَنَّهُ لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَجْمَعِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَعْتَقِدَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ، ذَهَبَ إِلَى تَقْلِيدِ ابْنِ عُمَرَ.

  • قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ: فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ؟ قَالَ: هَذَا إِذَا كَانَ صَحْوًا، وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ قَتَرٌ أَوْ قَالَ: غَيْمٌ، يُصَامُ عَلَى فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ".

  • وعن الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ، فَقَالَ: أَذْهَبُ فِيهِ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ -أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا كَانَ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ نَظَرَ إِلَى الْهِلَالِ، فَإِنْ حَالَ دُونَهُ سَحَابٌ أَوْ قَتَرٌ أَصْبَحَ صَائِمًا، وَإِنْ لَمْ يَحِلْ دُونَهُ سَحَابٌ أَوْ قَتَرٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا». 

  • قَالَ الْفَضْلُ: وَسَمِعْتُهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» مَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ: هَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرٌ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا، وَإِذَا لَمْ يَحِلْ دُونَهُ سَحَابٌ وَلَا قَتَرٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَهُوَ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا.

[فضل الحج]

30. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ، أَوْ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُعَجِّلْ، فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ، وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ».

[حسن، وإسناده ضعيف، أخرجه أحمد (1/ 214، 314، 323، 355)، وابن ماجه (2883)، وفي سنده أبو إسرائيل وهو إسماعيل بن خليفة العبسي في عداد الضعفاء، وقد تابعه الحسن بن عمرو الفقيمي عند أبي داود وأحمد والدارمي، وغيرهم].

[إثم من ترك الحج وهو قادرٌ عليه]

31. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْحَجِّ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَلَا مَرَضٌ حَابِسٌ، وَلَا سُلْطَانٌ جَائِرٌ، فَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ، فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا، وَإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيًّا».

[إسناده ضعيف جداً، في سنده يزيد بن مروان، كذبه ابن معين، وقال الدارمي: ضعيف، وفي سنده شريك، وحديثه حسن في الشواهد والمتابعات، وأما ليث بن أبي سليم فهو في عداد الضعفاء].

[معنى الاستطاعة الحج]

32. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (آل عمران: 97). قَالَ: "وَالسَّبِيلُ أَنْ يَصِحَّ بَدَنُ الْعَبْدِ، وَيَكُونَ لَهُ ثَمَنُ زَادٍ وَرَاحِلَةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْحَفَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيُّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (آل عمران: 97). يَقُولُ: وَمَنْ كَفَرَ بِالْحَجِّ فَلَمْ يَرَ حَجَّهُ بِرًّا، وَلَا تَرْكَهُ إِثْمًا".

[إسناده ضعيف، فيه عبد الله بن صالح، وحديثه حسن في الشواهد والمتابعات، وابن أبي طلحة لم يرَ ابن عباس، وإنما أرسل عنه].

[فضل الحج]

33. عن سلمان الفارسيِّ، قال: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ عَوْنًا لَكُمْ عَلَى مَنْزِلِكُمْ هَذَا؟ قَالُوا: بَلَى يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ حَدِّثْنَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ شَهْرٍ وَصِيَامِهِ، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ مُجَاهِدٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».

[صحيح وإسناده حسن، أخرجه مسلم (1913)، وأحمد (5/ 441)، والنسائي (6/ 39)].

[فضل الجهاد في سبيل الله عز وجل]

34.  عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «جَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ، فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ يُنَجِّي صَاحِبَهُ مِنَ الْهَمِّ وَالْغَمِّ».

[صحيح وإسناده حسن، في سنده ثوبان العنسي وهو صدوق يخطئ، وأخرجه أحمد (5/ 330)، وابن ماجه (2540) مختصراً].

[فضل اجتناب الكبائر]

35.عن عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَبُوهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أنه فِيَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَ: «إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْمُصَلُّونَ». وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ يُقِمِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ اللَّاتِي كُتِبْنَ عَلَيْهِ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ يَحْتَسِبُ صَوْمَهُ، وَيَرَى أَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، وَيُعْطِي زَكَاةَ مَالِهِ يَحْتَسِبُهَا، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا» ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ سَأَلَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: «هُنَّ تِسْعٌ، أَعْظَمُهُنَّ إِشْرَاكٌ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ نَفْسِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَفِرَارٌ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَالسِّحْرُ، وَأَكَلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكَلُ الرِّبَا، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» ثُمَّ قَالَ: «لَا يَمُوتُ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ هَذِهِ الْكَبَائِرَ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ إِلَّا رَافَقَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِ بُحْبُوحَةٍ، أَبْوَابُهَا مَصَارِيعُ مِنْ ذَهَبٍ».

[إسناده ضعيف، والحديث حسن مختصراً، أخرجه أبو داود (2858) مختصراً، والنسائي (7/ 89)، والحاكم (1/ 59)، وفيه عبد الحميد بن سنان مجهول، ووثقه ابن حبان، وعدَّه ابن حجر من المقبولين، وللحديث شواهد عديدة من أجلها حسَّنه الشيخ الألباني].

[عدة الكبائر]

  • عن  إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّبَرِيُّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّزَّاقِ عَنِ الْكَبَائِرِ، فَقَالَ: "هِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ كَبِيرَةً.

مِنْهَا أَرْبَعَةٌ فِي الرَّأْسِ، وَهِيَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ.

وَمِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْبَطْنِ، وَهِيَ أَكْلُ الرِّبَا، وَشُرْبُ الْخَمْرِ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ.

وَوَاحِدَةٌ فِي الرِّجْلَيْنِ وَهِيَ: الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ. 

وَوَاحِدَةٌ فِي الْفَرْجِ وَهِيَ: الزِّنَا. 

وَوَاحِدَةٌ فِي الْيَدَيْنِ وَهِيَ: قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ.

وَوَاحِدَةٌ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَهِيَ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ".

[الصبر عند البلاء]

36. عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، قَالَ: أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَانْطَلَقَ إِلَى النَّخْلِ الَّذِي فِيهِ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمَ، فَوَجَدَهُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا إِبْرَاهِيمُ مَا نَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَقُلْتُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ أَتَبْكِي؟ أَوَ لَمْ تَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ؟ قَالَ: "مَا نَهَيْتُ عَنْهُ، وَلَكِنْ نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ:

صَوْتٍ عِنْدَ نَغَمَةِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ، 

وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ، وَخَمْشِ وُجُوهٍ، وَشَقِّ جُيُوبٍ، وَرَنَّةِ شَيْطَانٍ، 

وَهَذِهِ رَحْمَةٌ، وَمِنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ، يَا إِبْرَاهِيمُ لَوْلَا أَنَّهُ أَمْرُ حَقٍّ، وَوَعَدُ صِدْقٍ، وَأَنَّهَا سَبِيلٌ مَأْتِيَّةٌ، وَأَنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ بِأَوَّلِنَا لَحَزِنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا، وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ، تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ".

[حسن، وإسناده ضعيف، أخرجه الترمذي (1011)وقال: حسن صحيح، وفي إسناده ابن أبي ليلى وهو صدوق سيء الحفظ، وللحديث شواهد].

[الدين النصيحة]

37. عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» قَالَ: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ» قَالَ سُهَيْلٌ: قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ، احْفَظْ هَذَا الْحَدِيثَ ".

[إسناده صحيح، أخرجه أحمد (4/ 102، 103)، ومسلم (55)، وأبو داود (4944)، والنسائي (7/ 156)، وابن حبان (13/ 93)].

[اجتناب الشبهات]

38. النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ -وَأَهْوَى بِأُصْبُعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ -يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْحَلَالُ بَيْنٌ، وَالْحَرَامُ بَيْنٌ، وَبَيْنَهُمَا شُبُهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ فَقَدْ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَحَارِمُهُ».

[صحيح، وفي سنده تدليس ابن أبي زائدة، أخرجه البخاري (7/ 30)، ومسلم (1599)، وأبو داود (3329)، والترمذي (1205)، والنسائي (7/ 242 -243)].

[السبعة الذين يُظلهم الله في ظلِّه]

39.  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَبْعَةٌ فِي ظِلِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ مُقْتَصِدٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَطَاعَتِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ عَلَى ذَلِكَ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَجُلٌ لَقِيَ آخِرَ فَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ الْآخَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ بِحُبِّ الْمَسَاجِدِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهَا، وَرَجُلٌ إِذَا تَصَدَّقَ أَخْفَى صَدَقَةَ يَمِينِهِ عَنْ شِمَالِهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ وَمَنْصِبٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ".

[صحيح، أخرجه البخاري (1/ 168، و 2/ 138، و 8/ 126)، ومسلم (1031)، وغيرهما].

[حديث جامع لخيري الدنيا والآخرة]

40. عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَحْدَهُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ؛ 

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالصَّلَاةِ، فَمَا الصَّلَاةُ؟ 

قَالَ: «خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَاسْتَكْثِرْ أَوِ اسْتَقِلَّ» 

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ 

قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ» 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ 

قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ؟ 

قَالَ: «مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ 

قَالَ: «مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ» 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ 

قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ» 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ صِيَامٍ أَفْضَلُ؟ 

قَالَ: «فَرْضٌ مُجْزِئٌ، وَعِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافٌ كَثِيرَةٌ»

 قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ 

قَالَ: مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ، وَأُهْرِيقَ دَمُهُ " 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ 

قَالَ: «أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ 

قَالَ: «جَهْدٌ مِنْ مُقِلِّ وَسِرٌّ إِلَى فَقِيرٍ» 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّمَا آيَةٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَعْظَمُ؟ 

قَالَ: «آيَةُ الْكُرْسِيُّ» ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلَقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ» 

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ الْأَنْبِيَاءُ؟ 

قَالَ: «مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا» 

قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمِ الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ؟ 

قَالَ: «ثَلَاثُ مِئَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمٌّ غَفِيرٌ» قُلْتُ: كَثِيرٌ طَيِّبٌ، 

قُلْتُ: مَنْ كَانَ أَوَّلَهُمْ؟

قَالَ: «آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ» 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَبِيُّ مُرْسَلٌ؟ 

قَالَ: «نَعَمْ، خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَسَوَّاهُ قِبَلًا» ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ أَرْبَعَةٌ سِرْيَانِيُّونَ: آدَمُ، وَشِيثُ، وَخَنُوخُ -وَهُوَ إِدْرِيسُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِقَلَمٍ، وَنُوحٌ، وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ: هُودٌ، وَشُعَيْبٌ، وَصَالِحٌ، وَنَبِيُّكَ يَا أَبَا ذَرٍّ، وَأَوَّلُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى، وَآخِرُهُمْ عِيسَى، وَأَوَّلُ الرُّسُلِ آدَمُ وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ".

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ كِتَابًا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ 

قَالَ: «مِائَةَ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ، أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى شِيثَ خَمْسِينَ صَحِيفَةً، وَعَلَى خَنُوخَ ثَلَاثِينَ صَحِيفَةً، وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشْرَ صَحَائِفَ، وَأُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى مِنْ قَبْلِ التَّوْرَاةُ عَشْرَ صَحَائِفَ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ وَالْفُرْقَانُ» 

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟

قَالَ: "كَانَتْ أَمْثَالًا كُلُّهَا: أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ الْمُبْتَلَى الْمَغْرُورُ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْيَا بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَكِنِّي بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنِّي لَا أَرُدَّهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ.

وَكَانَ فِيهَا أَمْثَالٌ: وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَرْبَعُ سَاعَاتٍ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَسَاعَةٌ يُحَاسَبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يُفَكِّرُ فِي صُنْعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ. 

وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَكُونَ ظَاعِنًا إِلَّا لِثَلَاثٍ: تَزَوُّدًا لِمَعَادٍ، أَوْ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ، 

وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِزَمَانِهِ، مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ، حَافِظًا لِلِسَانِهِ، وَمَنْ حَسِبَ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ".

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ 

قَالَ: "كَانَتْ عِبَرًا كُلُّهَا: عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ثُمَّ هُوَ يَفْرَحُ، عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ هُو يَنْصَبُ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا ثُمَّ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا ثُمَّ هُوَ لَا يَعْمَلُ".

ثُمَّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلْ بِأَيْدِينَا شَيْءٌ مِمَّا كَانَ فِي يَدَيْ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ؟ 

قَالَ: "نَعَمْ، اقْرَأْ يَا أَبَا ذَرٍّ:

{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} (الأعلى: 15) إِلَى آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ، يَعْنِي أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْآيَاتِ لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى.

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي! 

قَالَ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ رَأْسُ أَمْرِكَ» 

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي!. 

قَالَ: «عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّهُ ذِكْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ، وَنُوُرٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ».

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي!. 

قَالَ: «إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ، فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ». 

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي!.

قَالَ: «عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ، فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي». 

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْ!.

قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ، فَإِنَّهُ مَطْرَدَةٌ لِلشَّيْطَانِ، وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ». 

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي!. 

قَالَ: انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ تَحْتَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ لَكَ أَنْ لَا تَزْدَرِيَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكَ". 

قُلْتُ: زِدْنِي!. 

قَالَ: «أَحْبِبِ الْمَسَاكِينَ وَجَالِسْهُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرِيَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكَ». 

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي!. 

قَالَ: «صِلْ قَرَابَتَكَ وَإِنْ قَطَعُوكَ». 

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي!. 

قَالَ: «قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا». 

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي!. 

قَالَ: «لَا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي!. 

قَالَ: «يَرُدُّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْرِفُ مِنْ نَفْسِكَ، وَلَا تَجِدْ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَجِدُ فِيمَا تُحِبُّ، وَكَفَى بِكَ عَيْبًا أَنْ تَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا تَجْهَلُ مِنْ نَفْسِكَ أَوْ تَجِدَ عَلَيْهِمْ فِيمَا تُحِبُّ». 

ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي وَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَلَا حَسَبَ كَخُلُقِ الْحَسَنِ».

[إسناده ضعيفٌ جداً إن لم يكن موضوعاً، أخرجه ابن حبان (3/ 129 -130) في المجروحين، و (94) في صحيحه، وفي سنده إبراهيم بن هشام، ضعفه أبو طاهر المقدسي، واتهمه بالكذب كل من أبي حاتم وأبي زرعة وابن الجوزي، وقال الذهبي كما في "الميزان" متروك ].

[من حفظ أربعين حديثاً]

41. عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا مِنْ أَمْرِ دِينِهَا بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي زُمْرَةِ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ».

[إسناده ضعيفٌ، فيه عبد المجيد، وفي حديثه ضعف، وكذلك محمد بن إبراهيم قال ابن حبان: محمد بن إبراهيم الشامي لا تحل الرواية عنه". وكذبه الدارقطني كما في "الميزان"].




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق