صفة الجنة وما أعد الله لأهلها من النعيم
للإمام الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن عُبيد البغدادي الحنبلي
ابن أبي الدنيا (٢٠٨- ٢٨١ هـ).
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومن استنَّ بسنته، واهتدى به، واتبعه بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أما بعد: فهذا الكتاب، أعني "صفة الجنة" لابن أبي الدُّنيا، هو جزءٌ أصيلٌ من مؤلفات هذا الإمام الكبير، الذي اعتنى بالرقائق والزهد، وفضائل الأعمال، وهو وثيقةٌ تربوية هامة، وضعه مصنفه في القرن الثالث الهجري، في أزهى العصور الإسلامية قاطبة في تأليف الكتب، وخاصة فيما يتعلق بالسنة النبوية، وهو يتحدث عن أمرٍ هامٍّ من أمور العقيدة وهي (الجنة)، بأسلوبٍ هادف، ومنهجٍ سلفيٍّ حديثي رائق، ورؤية شمولية متكاملة، فجزاه الله عنا خير الجزاء، وجعلنا من أهل الجنة بمنه وكرمه.
==========================
● ما تميز به هذا الكتاب:
١- أنه كسائر مصنفات ابن أبي الدنيا، يعتبر من كتب الأصول التي جاءت في عصر التدوين، فجاء من أوله إلى آخره مسنداً موصولاً، وهي أهم ميزة امتاز بها هذا الكتاب.
٢- تضمن الكتاب ٣٦٤ نصاً جامعاً لكل ما يتعلق بالجنة، وما أعد لأهلها من النعيم، بأحاديث مرفوعة، وآثار عن الصحابة والتابعين، بطريقة مُسندة، وهذا ما يبرز قيمة الكتاب وأهميته العلمية.
٣- أنه يُعالج قضية خطيرة وجليلة، تمس موضوع الإيمان بالغيب، وتنقل المسلم من التعلق بالقليل الفاني إلى التعلق بالكثير الباقي، وإلى رحمة الله الواسعة في الجنة، مطمع المؤمنين، ومستقرهم، ودارهم.
٤- أن الذي قام بجمعه ووضعه هو إمام مبرز في الحديث وعلوم الشريعة، امتاز بالتربية، والأخلاق، وقد كان الخلفاء يتخذونه لتربية أبنائهم.
٥- أنه سلك في كتابه هذا طريقة المحدثين في التحري والضبط، فقد قسَّمه على شكل أبواب، وجعل في كل باب ما يندرج تحته من أحاديث وآثار، ولا يخرج عن موضوع الباب إلا نادراً، حيثُ كان يُكرر الحديث في أبواب أخرى، إذا كان للحديث أو الأثر صلةٌ في الباب الذي تكرَّر فيه.
٦- وأن مُصنفه اقتصر فيه على الأحاديث التي تتعلق بالجنة فقط، وهذا منهجٌ متميِّزٌ، نادراً ما يتمتع به أحدُ من العلماء.
============================
● ترجمة المؤلف في سطور:
مؤلف هذه الرسالة هو الإمام العالم الحافظ أبو بكر عبد الله بن مُحمد بن عُبيد ابن أبي الدُّنيا البغدادي القرشي الحنبلي.
وهو من أهم أعلام القرن الثالث الهجري، وقد أوقف حياته على التأديب والتثقيف، فهو مؤدب الخلفاء، وعلى يديه تخرج العديد من النبلاء والنابغين من طلبة العلم.
قال الحافظ أبو بكر الخطيب : كان يأدب غير واحد من أولاد الخلفاء يعني الخليفة المعتضد في حداثته، ثُمَّ أدَّب ابنه المكتفي باللَّه وكان كل يومٍ له عليهما خمسة عشر دينارًا .
وقال إسماعيل بن إسحاق القاضي يوم مات ابن أبي الدُّنيا : رحم الله أبا بكر ، مات معه علم كثير.
وكان من الوعاظ العارفين، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كَانَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا إِذَا جَالس أَحَداً، إِن شَاءَ أَضحكه، وَإِن شَاءَ أَبكَاهُ فِي آنٍ وَاحِدٍ، لتَوَسُّعِهِ فِي العِلْمِ وَالأَخْبَار.
وهو أحد الثقات المصنفين للأخبار والسير -رحمه الله تعالى..
============================
وقد اختصرت هذا الكتاب في الأربعين في صفة الجنة، واشتمل المختصر على اثنين وأربعين حديثاً وأثراً عن الصحابة والتابعين في صفة الجنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق