نشر الصحيفة
في ذكر الصحيح من أقوال أئمة الجرح والتعديل في الإمام أبي حنيفة
مقبل بن هادي الوادعي
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ خاض الناس في شأن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله تعالى -فمنهم المجرّح، ومنهم المعدّل، ومنهم المتوسط في بيان حاله فرأى أنه صدوق في نفسه ضعيف في الحديث، ومنهم من غلا فيه، وطار به إلى أبعد من الجوزاء؛ فأوجب اللعنة على من ردَّ قوله، واعتبر كل من تكلم في أبي حنيفة مخطئ، بل كافر مرتد-والعياذ بالله تعالى، وما درى المساكين أن المتكلم في أبي حنيفة من السلف -لم يطعنوا فيه بالتشهي والهوى، وأبو حنيفة رجل كسائر الرجال الذين يعتريهم الصواب والخطأ، فليس هو ركن من أركان الإسلام الخمسة؛ ولذا فإن الذين تكلموا في أبي حنيفة -رحمه الله -هم أئمة عدول ثقات، وهم أعلم به ممن جاء بعدهم، ومن هؤلاء الأئمة مالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج، والدارقطني، والخطيب، وشريك بن عبد الله النخعي، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن يزيد المقريء، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعبد الله المبارك، وغيرهم.
ويعجب الوادعي للدكتور مصطفى السباعي وكتابه (السنة ومكانتها) كيف دافع فيه عن السنة وعن حملتها، وفي آخر الكتاب هدم ما بنى من أجل الدفاع عن أبي حنيفة، ولله در مروان بن محمد الطاطري الذي يقول: ثلاثة لا يؤتمنون على الدين: الصوفي، والمبتدع يرد على المبتدعة، والقصاص - ذكر هذا القاضي عياض في ترتيب المدارك في ترجمة مروان المذكور.
وبما أن الحنفية لهم سلطة القضاء في كثير من الأزمنة تجد كثيرا من أهل العلم لا يستطيعون أن يصرحوا بالطعن في أبي حنيفة، فذلكم البيهقي في "مناقب الشافعي" ينقل عن ابن أبي حاتم الطعن في أبي حنيفة، فابن أبي حاتم يصرح بأبي حنيفة والبيهقي ينقل عنه ويقول: قال أبو فلان، ولا يصرح بأبي حنيفة.
وذلكم الحافظ ابن حجر يقول في (التقريب) في ترجمة أبي حنيفة: فقيه مشهور، فهذه حيدة من الحافظ، فهو لم ينبه على هذا الاصطلاح في المقدمة. وهذا الحكم الذي حكم على أبي حنيفة لا يفيد جرحاً ولا تعديلاً.
ولم يسلم من هذا الغلو الشنيع في أبي حنيفة إلا النادر القليل، حتى أن بعض الباحثين المعاصرين شنعوا على الإمام الألباني لأنه يضعف حديث أبي حنيفة، وعلى رأسهم الشيخ شعيب الأرنؤوط، وكأنه ما ضعف أبا حنيفة إلا الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى.
وعند التأمل في الأقوال المنقولة عن الأئمة في هذا الكتاب، نجد أن الذين جرحوا أبا حنيفة من السلف كثير جداً، فقد قال سفيان الثوري عن أبي حنيفة: ليس بثقة. وقال يحيى بن معين: لا يكتب حديثه، وقال مرة أخرى: هو أنبل من أن يكذب، وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث وهو كثير الغلط والخطأ على قلة روايته، وقال النضر بن شميل: هو متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غلط وتصحيف وله أحاديث صالحة وليس من أهل الحديث، وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين، وقال ابن المبارك: كان أبو حنيفة مسكيناً في الحديث، وقال الجوزقاني: قال: أبو حنيفة متروك الحديث.
أما الذين تكلموا في أبي حنيفة -رحمه الله -من المتأخرين؛ فإما أن يكونوا مقتدين بأولئك المعاصرين لأبي حنيفة، والذين تكلموا فيه وجرحوه، وإما أن يكونوا قد نظروا في أحاديث أبي حنيفة فوجدها مناكير إلا اليسير منها، فوقع عنده ثلب أبي حنيفة من هذا الوجه.
بل عند بعض الحنفية ما هو أعظم من الغلو وهو الطعن في أئمة الإسلام الذين تكلموا في الإمام أبي حنيفة، وإن شئت مثالاً حاضراً لذلك، فانظر إلى كتاب (التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل) للشيخ عبد الرحمن المعلمي، الذي رد فيه على الكوثري صاحب (التأنيب)، والذي تجرأ على الطعن في أئمة الإسلام سابقهم ولاحقهم من أجل كلامهم في أبي حنيفة، ولا شك أن الغلو سبب من أسباب تفرق هذه الأمة، عامل من عوامل تشعب الأفكار والآراء.
ونحن لا نتكلم عن فقه أبي حنيفة، أو عن آرائه واستنباطاته الفرعية، فإنه إمام أهل الرأي بلا ريب، وهو الفقيه الذي لا يشق له غبار، ولكن لم يكن له باع في الرواية والحديث، بل له هنات وزلات وأخطاء كثيرة، شأن كل إمام يتصدى لتقرير فن من الفنون، لأنه والحالة هذه لا بد أن يعمل عقله واجتهاداته في النصوص، والعقل غير معصوم، والأصل أن يعرض هذا الموضوع (نشر الصحيفة) في ضوء ضوابط وأطر البحث العلمي الدقيق، لتكون النتيجة أكثر توازناً وواقعية، فنحن لا نوافق الشيخ مقبل -رحمه الله -في بعض تقريراته، ولكن يبقى هذا البحث له أهميته من حيث جمعه تلك الأقوال في مكان واحد.
وهذا الكتاب جمع فيه مؤلفه الشيخ مقبل بن هادي ما صحَّ عن العلماء وأئمة الجرح والتعديل من أمر أبي حنيفة، وذلك بالأسانيد المتصلة الصحيحة إلى صاحب القول، وسماه (نشر الصحيفة في الصحيح من أقوال أئمة الجرح والتعديل في أبي حنيفة)، ومجموع هذه النقولات يربو على الثمانين، ثم أتبع ذلك بالحديث عن العلماء الذين طعنوا في أبي يوسف القاضي، إلا أن طريقته في الجملة أحسن من طريقة شيخه أبي حنيفة.
وقد حكى ابن أبي داود السجستاني: أن المحدثين أجمعوا على جرح أبي حنيفة؛ ولم يعرج على أقوال المعدّلين؛ لأنهم إما أن يكونوا ممن لا يعتد بكلامهم مع كبار أئمة الجرح والتعديل، وإما أن يكونوا من الغلاة في أبي حنيفة، وأما أن يكونوا من الأئمة كسفيان الثوري وكعبد الله بن المبارك، ومن جرى مجراهما، ولكنه قد رجع وتبرأ مما حصل منه من الثناء، وحذر من أبي حنيفة بل طعن فيه،
كما نقل هذا الإجماع على الجرح الإمام عبد الله بن سليمان بن الأشعث، الذي قال: إجماع أئمة الحديث على جرح أبي حنيفة.
ثم إن الجرح في أبي حنيفة مفسر كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وهو أنه كان كثير الغلط في الحديث، بالإضافة إلى كونه داعية إلى بدعة الإرجاء، والجرح المفسّر الصادر من عالم بأسباب الجرح لا يعارض به التعديل كما هو معلوم من كتب المصطلح.
والجاهلون المتعصبون لأبي حنيفة كثير، وقد جعل الشيخ مقبل كتابه هذا في سبعة عشر مقدمة، ثم تطرق إلى ذكر أقوال الأئمة الذين تكلموا في أبي حنيفة على ترتيب حروف المعجم، أما المقدمات فنلخصها في خمس نقاط كما يلي:
الأولى: في ذكر موقف الشرع من الغلو في الأشخاص والأشياء، فذكر آيات من الكتاب العزيز،التي تشنع على الغالين، وكذلك من السنة النبوية.
الثانية: ذكر ما يكره من التعمق والتنازع في العلم، والغلو في الدين، ثم تحريم التقليد في الدين، وذم ذلك، وما أورثه هذا التقليد من التعصب الأعمى، والاقتتال بين المقلدة، وكيف أن التقليد حال بين المقلدة وبين كتاب الله وسنة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وشتت شمل المسلمين، وسهّل عليهم اتباع الأعداء.
الثالثة: ذكر جملة من الآيات والأخبار التي تتعلق بالعداوة والخصام بين التابع والمتبوع يوم القيامة، وهو يتناول كل من قلد غيره بلا بصيرة، ثم حذّرمن التفرقة المذهبية، وذكر ما جاء في ذم الرأي، والإنكار على من خالف النصوص لرأيه، وما يكره من كثرة السؤال، وتكلف المرء ما لا يعنيه، وذم الخصومات والجدل في الدين، سيما مع أهل الأهواء.
الرابعة: ثم ذكر أبواباً في ذم الرأي بلا علم، وتكلّف القياس من غير داعٍ، والتحذير من البدع، وأنها بوابة الفتن والاقتتال، ثم ما جاء من الأمر بالبعد عن أصحاب الأهواء، وبيان أن مجالستهم تمرض القلب.
الخامسة: ذكر الأدلة التي تفيد مشروعية الجرح لمصلحة شرعية معتبرة، كجرح الفاسق، والآيات في ذم أهل المعاصي كثيرة جداً، وكذلك الأخبار النبوية وما جاء عن الصحابة يؤيد ذلك، ثم مشروعية السؤال عن حال الرجل، ثم الجرح المباح، وهو الذي لا يجوز إلا لحاجة دينية، لأنه إن لم يكن لمصلحة كان غيبة، وأنه إذا لم يحتج الناقد إلى تعيين من يجرحه، فلا يخصصه بالذكر وإنما يُعرّض بالفعل أو الوصف، ثم جواز جرح الأحياء والأموات لمصلحة دينية، وأنه إذا جرح من ليس بمجروح فيندب الدفاع عنه، وكذلك يجب الرد على من أخطأ في الحديث.
وأما الذين تكلموا في أبي حنيفة، فرتبهم على حروف المعجم، عدا عبد الله وعبد الرحمن فابتدأ بهم، وترجم لهم ليعلم أنهم أئمة الإسلام، وبيان ذكرهم فيما يلي:
١-عبد الله بن إدريس الأودي (ت ٩٢ هـ)، كان يكره ذكر أبي حنيفة.
٢-عبد الله بن الزبير الحميدي (ت ٢١٩ هـ)، وكان يقول (أبو جيفة) يعرض به.
٣-عبد الله بن أبي داود سليمان السجستاني (ت ٣١٦ هـ)، ونقل الكلام فيه عن جماعة من العلماء، وأن الكلام عليه وقع بالإجماع.
٤-عبد الله بن عدي صاحب الكامل (ت ٣٦٥ هـ)، وذكر عنه جملة من الأحاديث الضعيفة والمناكير والغرائب، لأنه ليس هو من أهل الحديث، ووقع له ذلك في أكثر من ثلاثمائة حديث، وأن عامة ما يرويه غلط وتصاحيف وزيادات في أسانيدها ومتونِها وتصاحيف في الرجال، ولم يصح له في جميع ما يرويه إلا بضعة عشر حديثاً.
٥-عبد الله بن عون بن أرطبان (ت ١٥٠ هـ)، وذكر عنه أن أبا حنيفة وأصحابه ممن يصدون عن سبيل الله.
٦-عبد الله بن المبارك عالم خراسان ومفتيها (ت ١٨١ هـ)، قال: كان أبو حنيفة مسكيناً في الحديث، وكان يقال بحضرته عن أبي حنيفة إنه كان مرجئاً فلا يتكلم، وقال قبل أن يموت: اضربوا على حديث أبي حنيفة، وذكر قصة أبي حنيفة مع ابن المبارك في رفع اليدين.
٧-عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (ت ٢٣٥ هـ)، وله كتاب الرد على أبي حنيفة ذكر فيه المسائل التي خالف فيها أبو حنيفة الآثار، وذكر مائة وخمسة وعشرين (١٢٥) مسألة، أولها منعه رجم اليهودي واليهودية مع فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم لذلك، وآخرها في صدقة الزرع وأنه يخرج قليلها وكثيرها، ثم ذكر تخريج تلك الآثار تفصيلاً.
٨- عبد الله بن نمير الهمداني (ت ٢٤٠ هـ) قال: إن الناس كانوا لا يكتبون عنه الحديث.
٩-أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقريء (ت ٢١٣ هـ)، وقد روى أبي حنيفة: عامة ما أحدثكم به خطأ.
١٠-أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الشهير بابن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ)، ذكر أبا حنيفة في كتابه الضعفاء والمتروكين.
١١-أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي (ت ١٥٧ هـ)، كان يقول: ما ولد في الإسلام أشأم عليهم من أبي حنيفة.
١٢-عبد الرحمن بن مهدي (ت ١٩٨ هـ)، كان يقول: بين أبي حنيفة وبين الحق حجاب.
١٣-إبراهيم بن إسحاق الحربي (ت ٢٨٥ هـ)، كان يقول: كان يقيس ولم يكن له علم بالنحو.
١٤- إبراهيم بن محمد أبو إسحاق الفزاري (ت ١٨٥ هـ)، وكان يقول: كان أبو حنيفة مرجئاً يقول إن إيمان آدم وإيمان إبليس واحد، وكان يرى السيف، ويفضل الخروج على الولاة على قتال الكفار.
١٥-أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني (ت ٢٥٩ هـ)، وكان يقول: أبو حنيفة لا يقنع بحديثه ولا برأيه.
١٦-الإمام النسائي أحمد بن شعيب (ت ٣٠٣ هـ)، كان يقول: أبو حنيفة وليس بالقوي في الحديث.
١٧- الإمام أحمد بن علي بن ثابت أبو بكر الخطيب (ت ٤٦٣ هـ)، قال فيه: بعد ذكره بعض النقول في مناقب أبي حنيفة: وقد سقنا عن أيوب وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وأبي بكر بن عياش وغيرهم من الأئمة أخباراً كثيرة تتضمن تفريط أبي حنيفة والمدح له والثناء عليه والمحفوظ عند نقلة الحديث عن الأئمة المتقدمين وهؤلاء المذكورون منهم في أبي حنيفة خلاف ذلك وكلامهم فيه كثير لأمور شنيعة حفظت عليه متعلق بعضها بأصول الديانات، وبعضها بالفروع.
١٨-أحمد بن علي الأبار (ت ٢٩٠ هـ)، وذكر القوم الذين ردوا على أبي حنيفة: أيوب السختياني وجرير بن حازم، وهمام بن يحيى، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو عوانة، وعبد الوارث، وسوار العنبري القاضي، ويزيد بن زريع، وعلي بن عاصم، ومالك بن أنس، وجعفر بن محمد، وعمر بن قيس، وأبو عبد الرحمن المقريء، وسعيد بن عبد العزيز، والأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، وأبو إسحاق الفزاري، ويوسف بن أسباط، ومحمد بن جابر، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وحماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى، وحفص بن غياث، وأبو بكر ابن عياش، وشريك بن عبد الله، ووكيع بن الجراح، ورقبة بن مصقلة، والفضل بن موسى، وعيسى بن يونس، والحجاج بن أرطأة، ومالك بن مغول، والقاسم بن حبيب، وابن شبرمة.
١٩-الإمام أحمد بن محمد بن حنبل (ت ٢٤١ هـ)، كان يقول في أبي حنيفة: رأيه مذموم وحديثه لا يذكر، وكان يقول: أبو حنيفة أشد على المسلمين من عمرو بن عبيد لأن له أصحاباً.
٢٠- أحمد بن محمد بن عيسى البرتي (ت ٢٨٠ هـ)، كان يقول: إن أبا حنيفة مشئوم.
٢١-أسد بن موسى (ت ٢١٢ هـ)، وكان يقول: استتيب أبو حنيفة مرتين.
٢٢-أيوب بن أبي تميمة السختياني (ت ١٣١ هـ)، أقبل عليه أبو حنيفة مرة، فقال: قوموا لا يعدنا بجربه.
٢٣-بشر بن المفضل (ت ١٨٦)؛ وذكرن أمامه مسألة عن أبي حنيفة فنهى عن مجالسته.
٢٤-الحارث بن عمير أبو عمير البصري نزيل مكة (ت ١٨٠ هـ)، أن أبا حنيفة سئل عن رجل يشك في مكان الكعبة، وفي قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فقال: هو مؤمن حقاً.
٢٥-الحسن بن صالح بن حي الهمداني (ت ١٦٩ هـ)، وشهد أن أبا حنيفة استتيب من الزندقة مرتين.
٢٦- الحسين بن إبراهيم الجورقاني الهمذاني أبو عبد الله الحافظ (ت ٥٤٣ هـ)، قال: أبو حنيفة متروك الحديث.
٢٧-حفص بن غياث (ت ١٤٥ هـ)، قال: كنتُ أجلس إلى أبي حنيفة؛ فأسمعه يفتي في المسألة الواحدة بخمسة أقاويل في اليوم الواحد فلما رأيت ذلك تركته وأقبلت على الحديث.
٢٨- حماد بن زيد بن درهم (ت ١٧٩ هـ): أن أبا حنيفة كان يُحدث عن سالم الأفطس وكان مرجئاً. وقال حماد بن زيد: سمعت أبا حنيفة يقول: لم أكد ألقى شيخاً إلا أدخلت عليه ما ليس من حديثه إلا هشام بن عروة.
٢٩-حماد بن سلمة بن دينار (ت ١٦٧ هـ)، وكان يقول عن أبي حنيفة: ذاك المارق، وكان يلعن أبا حنيفة، قال: وكان شعبة يلعن أبا حنيفة.
٣٠-رقبة بن مصقلة (ت ١٢٩ هـ)، وان يقول لمن يتردد عند أبي حنيفة: إنك ترجع إلى أهلك بغير فقه.
٣١-٣٢- سعيد بن عبد العزيز التنوخي (ت ١٨٣ هـ)، ويحيى بن حمزة الحضرمي (ت ١٨٣ هـ)، سمعاه يقول: لو أن رجلاً عبد هذه النعل يتقرب بها إلى لم أر بذلك بأساً. وقال سعيد: ذلك الكفر صراحاً.
٣٣-سعيد بن مسلم بن بانك المدني أبو مصعب (ت ما بين ١٦٠ و١٧٠ هـ)، قال: كان أبو حنيفة جهمياً مرجئاً.
٣٤-سفيان بن سعيد الثوري (ت ١٦١ هـ)، لم يكن يتحم عليه لما ذكر موته له، وكان يقول: الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه. وكان يقول: أدركنا أبا حنيفة وما يعرف بشيء من الفقه وما نعرفه إلا بالخصومات، وكان ينهى عن مجالسة أبي حنيفة وأصحاب الرأي. وكان يقول: استتيب أبو حنيفة من الكفر (وفي رواية: من كلام الزنادقة) مرتين، وكان يقول: ما ولد مولود بالكوفة أو في هذه الأمة أضر عليهم من أبي حنيفة..
٣٥-سفيان بن عيينة (ت ١٩٨ هـ)، كان يقول: لم يزل أمر الناس معتدلاً حتى غير ذلك أبو حنيفة بالكوفة وعثمان البتي بالبصرة وربيعة بن أبي عبد الرحمن بالمدينة؛ فنظرنا فوجدناهم من أبناء سبايا الأمم.
٣٦-سلمة بن عمرو القاضي (ت ؟)، كان يقول: لا رحم الله أبا حنيفة فإنه أول من زعم أن القرآن مخلوق.
٣٧-سليمان بن حرب (ت ٢٢٤ هـ)، كان يقول: أبو حنيفة وأصحابه ممن يصدون عن سبيل الله
٣٨-سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر (ت ١٩٠ هـ)، كان يقول: استتيب أبو حنيفة من الأمر العظيم مرتين.
٣٩-سليمان بن مهران الأعمش (ت ١٤٧ هـ)، روي أنه مرض، فعاده أبو حنيفة، فقال له: يا ابن النعمان أنت والله ثقيل في منزلك فيكف إذا جئتني.
٤٠- أبو سوار العنبري (ت ٢٢٨ هـ)، كان يقول: كيف أقبل من رجل لم يؤت الرفق في دينه.
٤١-شريك بن عبد الله النخعي (ت ١٧٧ هـ)، كان يقول: إنما أبو حنيفة جربٌ، ويقول: استتيب أبو حنيفة [من الزندقة] مرتين وقد علم ذلك العواتق في خدورهن. ويقول: لأن يكون في كل ربع من أرباع الكوفة خمار يبيع الخمر خير من أن يكون فيه من يقول بقول أبي حنيفة، ويقول: مذهب أبي حنيفة وأصحابه رد الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
٤٢-شعبة بن الحجاج (ت )، روي عنه أنه كان يلعن أبا حنيفة.
٤٣-عبد الوارث بن سعيد التنوري (ت ١٦٠ هـ)، ذكر عنده قول أبي حنيفة الذي يعارض به الأثر، فقال: ذاك قول الشيطان.
٤٤-الإمام أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم (ت ٢٦٤ هـ)، كان يقول: كان أبو حنيفة جهمياً وكان محمد بن الحسن جهمياً، وكان أبو يوسف جهمياً بيّن التجهّم!.وكان أبو حنيفة يقول: القرآن مخلوق، ويرد على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويستهزيء بالآثار، ويدعو إلى البدع والضلالات.
٤٥-عثمان البتّي (ت ١٤٣ هـ)، كان يقول: ويل لأبي حنيفة هذا ما يخطيء مرة فيصيب.
٤٦-علي بن عاصم (ت ٢٠١ هـ)، قال مرةً لأبي حنيفة: إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بهم خمساً ثم سجد سجدتين بعد السلام فقال أبو حنيفة: إن لم يكن جلس في الرابعة فما تسوى هذه الصلاة هذه، وأشار إلى شيء من الأرض فأخذه فرمى به.
٤٧-الإمام علي بن عمر الدارقطني (ت ٣٨٥ هـ)، قال: لم يصح سماع أبي حنيفة من الصحابة، ولا رؤية له، ولم يلحق أبو حنيفة أحداُ من الصحابة، وكان يقول: أبو حنيفة ضعيف.
٤٨-عمار بن رزيق (ت ٢٦٠ هـ)، كان يقول لأصحابه: خالف أبا حنيفة فإنك تصيب.
٤٩-عمر بن أحمد بن عثمان (ت ٣٨٥ هـ )، وكان يقول: أبو يوسف أوثق من أبي حنيفة في الحديث وكان أبو حنيفة أنبل في نفسه من أن يكذب.
٥٠-عمرو بن علي أبو حفص الفلاس (ت ٢٤٩ هـ)، كان يقول: أبو حنيفة النعمان بن ثابت صاحب الرأي ليس بالحافظ مضطرب الحديث، واهي الحديث، وصاحب هوى.
٥١-أبو القطن عمرو بن الهيثم (ت ٢٠٠ هـ)، كان يقول: حدثنا أبو حنيفة وكان زمناً في الحديث -بمعنى لا يعرفه.
٥٢-أبو نعيم الفضل بن دكين (ت ٢١٩ هـ)، كان يقول: حديثي أكبر من رأي أبي حنيفة.
٥٣-الفضل بن موسى السيناني (ت ١٩٢ هـ)، كان يروي الكثير من الكذب.
٥٤-القاسم بن حبيب الكوفي (ت ١٥٦ هـ)، قال: قلت لأبي حنيفة: أرأيت رجلاً صلى لهذه النعل حتى مات إلا أنه يعرف الله بقلبه؟ فقال: مؤمن، فقلت: لا أكلمك أبداً.
٥٥-قيس بن الربيع (ت ١٠٠ هـ)، وقد سئل قيس بن الربيع عن أبي حنيفة فقال: من أجهل الناس بما كان وأعلمه بما لم يكن.
٥٦-الإمام مالك بن أنس (ت ١٧٩ هـ)، وكان ذكره بسوء ويقول: من كاد الدين فليس من الدين، وكان يقول: أبو حنيفة من الداء العضال الذي به الهلاك، وقال مرة: ما زال هذا الأمر معتدلاً حتى نشأ أبو حنيفة فأخذ فيهم بالقياس فما أفلح ولا أنجح، وكان يقول: لو خرج أبو حنيفة على هذه الأمة بالسيف كان أيسر عليهم مما أظهر فيهم من القياس والرأي، وكان يثبت على الخطأ ويحتج دونه، ولا يرجع إلى الصواب إذا بان له.
٥٧-الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨ هـ)، إمام أهل الرأي ضعفه النسائي من جهة حفظه وابن عدي وآخرون، وترجم له الخطيب في فصلين من تاريخه، واستوفى كلام الفريقين معدليه ومضعفيه.
٥٨-الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت ٢٠٤ هـ)، وقد ذكر مرة أبا حنيفة، فقال: من لم يعرف الأصول على أي شيء يقيس؟ وقال مرة: أبو حنيفة يضع أول المسألة خطأ ثم يقيس الكتاب كله. وروي عنه أنه قال: نظرت في كتب لأصحاب أبي حنيفة؛ فإذا فيها مائة وثلاثون ورقة فعددت منها ثمانين ورقة خلاف السنة، وقال مرةً: أنفقت على كتب محمد بن الحسن ستين ديناراً ثم تدبرتها فوضعت إلى جنب كل مسألة حديثاً. يعني رداً عليه،
٥٩-الإمام محمد بن إسماعيل البخاري (ت ٢٥٦ هـ)، قال فيه: كان مرجئاً، سكتوا عنه وعن رأيه وعن حديثه، وقوله (سكتوا عنه) أي تركوا حديثه لكثرة غلطه فيه.
٦٠-الإمام محمد بن حبان البستي (ت ٣٥٤ هـ)، قال فيه: كان رجلاً جدلاً، ظاهر الورع، لم يكن الحديث صناعته، حدث بمائة وثلاثين حديثاً ماله في الدنيا غيرها، أخطأ منها في مائة وعشرين حديثاً، إما أن يكون أقلب إسناده أو غير متنه من حيث لا يعلم؛ فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار، ومن جهة أخرى لا يجوز الإحتجاج به؛ لأنه كان داعياً إلى الإرجاء والداعية إلى البدع لا يجوز أن يحتج به عند أئمتنا قاطبة، لا أعلم بينهم فيه خلافاً، على أن أئمة المسلمين وأهل الورع في الدين في جميع الأمصار وسائر الأقطار جرحوه، وأطلقوا عليه القدح إلا الواحد بعد الواحد، وقد ذكرنا ما روى فيه من ذلك في كتاب «التنبيه على التمويه» فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب غير أني أذكر منها جملاً يستدل بها على ما وراءها، ومن ذلك قوله عن حديث: (البيعان بالخيار) هذا رجز.
٦١-محمد بن سعد صاحب الطبقات (ت ٢٣٠ هـ)، قال: أبو حنيفة ضعيف الحديث وكان صاحب رأي.
٦٢-الحاكم الكبير أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق (ت ٣٧٨ هـ)، كان يقول: عامة حديثه خطأ.
٦٣-الإمام مسلم بن الحجاج (ت ٢٦١ هـ)، كان يقول: أبو حنيفة النعمان بن ثابت صاحب الرأي مضطرب الحديث ليس له كبير حديث صحيح.
٦٤-معاذ بن معاذ العنبري (ت ١٩٦ هـ)، كان يقول: استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين.
٦٥-المفضل بن غسان أبو عبد الرحمن الغلابي (ت نحو ٢٤٨ هـ)، كان يقول: أبو حنيفة ضعيف.
٦٦-مغيرة بن مقسم (ت ١٣٦ هـ)، وأبو بكر بن عياش (ت ١٩٤ هـ) والأعمش (ت ١٤٧ هـ)، كانوا يصفونه بالإرجاء.
٦٧-النضر بن شميل (ت ٢٠٤ هـ)، كان يقول: كان أبو حنيفة متروك الحديث ليس بثقة.
٦٨-هدية بن عبد الوهاب (ت ٢٤١ هـ)، وكان ينشد:
إذا ذو الرأي خاصم عن قياس ... وجاء ببدعة هنة سخيفة
أتيناه بقول الله فيها ... وآثار مبرزة شريفة
فكم من فرج محصنة رزانٍ... أحل حرامها بأبي حنيفة
٦٩-هشيم بن بشير أبو معاوية السلمي (ت ١٨٣ هـ)، أنه كان يُسمي أبو حنيفة وأصحابة السُّفل.
٧٠-أبو عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري (ت ١٧٥ هـ)، كان يقول كلاماً معناه: أبو حنيفة لم يكن يتقِ الله في حكمه، ولا فتواه.
٧١-وكيع بن الجراح الرؤاسي (ت ١٩٦ هـ)، كان يقول: إن أبا حنيفة كان يسمي من يعلق إيمانه بالمشيئة المشككة.
٧٢-يحيى بن سعيد القطان (ت ١٩٨ هـ)، كان يقول فيه: ليس بصاحب حديث.
٧٣- الإمام أبو زكرياء يحيى بن معين (ت ٢٣٣ هـ)، كان يقول: أبو حنيفة مرجئاً، وكان من الدعاة ولم يكن في الحديث بشيء، وصاحبه أبو يوسف ليس به بأس.
٧٤-يعقوب بن شيبة (ت ٢٦٢ هـ)، كان يقول: النعمان ابن ثابت صدوق ضعيف الحديث.
٧٥-يونس بن يزيد الأيلي (ت ١٥٩ هـ)، أن أبا حنيفة لكان جهده أن يفهم كلام ربيعة.
٧٧-شريك النخعي (ت ١٧٨ هـ)، وأبو بكر بن عياش (ت ١٩٤ هـ)، كان يقول: إنما كان أبو حنيفة صاحب خصومات ما كان يعرف إلا بالخصومات.
٧٨-أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم صاحب أبي حنيفة (ت ١٩٢ هـ)، كان يقول: كان أبو حنيفة يرى السيف؟ قيل له: فأنت؟ قال: معاذ الله. وسئل مرة عن أبي حنيفة فقال: ما تصنع به وقد مات جهمياً؟
الكلام في أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وفي حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة
١-قال عبد الله بن المبارك: إني لأكره أن أجلس في مجلس يذكر فيه يعقوب.
٢-وقال سعيد بن منصور ليعقوب مرة: إذا لم تعرف الأصل فكيف تكون فقيهاً.
٣-وعن الأعمش، قيل له: سمعت حماد يكره خلط السمن باللحم، فقال: حماد ما كنا نصدقه.
المدافعون عن أبي حنيفة (وهم المعلقون على التاريخ الكبير للبخاري):
١- الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله، وطريقته في التنكيل تخالف ما كتبه في حاشية التاريخ الكبير.
٢- مسفر بن غرم الله الدميني له رسالة في معنى (سكتوا عنه)، خالف فيها الحفاظ فهو بهذا يدافع عن أبي حنيفة شعر أم لم يشعر.
٣ - محمد بن سعيد القحطاني في تعليقه على السنة لعبد الله بن أحمد، وله أخطاء كثيرة في الكلام على الرجال.
٤- أكرم ضياء العمري، في تعليقه على «المعرفة والتاريخ» للفسوي، وله أخطاء في تعليقه فيما يتعلق بعلم الرجال قد نبهت على بعضها في بعض كتبي.
وأما دفاعه عن أبي حنيفة فلا أدري أهو عن قصور في الإطلاع على أقوال أئمة الجرح والتعديل، أم هو التعصب والهوى.
٥- عبد المعطي بن أمين، في تعليقه على الضعفاء للعقيلي، وقد سوّد صفحات في الدفاع عن أبي حنيفة، وكذا في تعليقه على الثقات لابن شاهين.
٦- محمود بن إبراهيم بن زائد، في تعليقه على المجروحين لابن حبان.
٧- وأما المعلق على تاريخ بغداد فقليل أدب وقح، وهو محمد زاهد الكوثري لا جزاه الله خيراً، وناهيك برجل يقول: إن الإمام أبا إسحاق الفزاري منكر الحديث، وقد رد العلامة عبد الرحمن المعلمي رحمه الله جميع افتراءاته في كتابه العظيم «التنكيل بما تأنيب الكوثري من الأباطيل» فجزاه الله خيراً.
__________________________________________
فهرست الكتاب
المقدمة ٣
الغلو وموقف الشرع منه ٧
ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين ١٠
تحريم التقليد في الدين ١٤
ما جاء في ذم الرأي ٢٦
ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه ٣٣
ذم الجدال والخصومات في الدين ٣٦
ما جاء في القياس ٥٠
التحذير من البدع ٥٢
البعد عن أصحاب الأهواء ٥٥
أدلة الجرح ٦١
السؤال عن حال الرجل ١٢٦
الجرح الذي لا يجوز إلا لحاجة دينية ١٢٨
إذا لم يلزم التخصيص؛ قال: (ما بال أقوام) ١٢٩
جرح الأحياء والأموات لمصلحة دينية ١٣٠
إذا جرح من ليس بمجروح دافع عنه ١٣٣
الرد على من أخطأ في الحديث ١٣٤
المتكلمون في أبي حنيفة ١٣٥
الكلام في أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وفي حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة ٣٩٤
الخاتمة ٣٩٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق