أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 يناير 2022

عجالة الراغب المتمني في تخريج أحاديث عمل اليوم والليلة لابن السُّني (المجلد 1 و 2) تحقيق: أبي أسامة سليم عيد الهلالي، بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

عجالة الراغب المتمني في تخريج أحاديث 

عمل اليوم والليلة لابن السُّني (المجلد 1 و 2)

أبي أسامة سليم عيد الهلالي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ ما أحوجنا في هذه الأوقات الصعبة التي اشتدت فيها الغفلة إلى ساعات يسيرة نخلو فيها مع الله، نتفيأ فيها الدُّعاء، ونتلو فيها الأذكار، ونذرف فيها الدموع، ونرمي أحمالنا وأثقالنا بين يدي خالقنا سبحانه، ونخرج من حولنا وقوتنا إلى حول الله وقوته نقرُّ فيها بالإساءة والعجز والجهالة، ومُقرين بكمال الله وعظمته وقدرته، فنذكر ربنا سبحانه ذكراً خالصاً لا رياء فيه ولا سمعة..

ولا أقل من أن يُلازم المسلم الأذكار المأثورة، والدعوات الصحيحة المشهورة، عن معلم الخير -صلى الله عليه وسلم؛ فيُحافظ عليها أدبار الصلوات، وطرفي الليل والنهار، وعند أخذ المضجع، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند الدخول إلى البيت والخروج منه، وعند المطر والريح والرعد ورؤية الهلال وغير ذلك.

وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يذكر الله عز وجل في كل أحيانه كما رواه مسلم، وكان لا يدع عملاً من نوم أو اضجاع وجلوس وقعود وخروج ودخول وركوب دابة ونزول منزل إلا وبدأ فيه بدعاء أو بذكر، ونقل ذلك عنه في مواطن كثيرة لا تنحصر.

ولا شك أن هذه الأدعية والأذكار لها أثرها البالغ في تجديد عهد الإيمان، والتوحيد والبراءة من الشرك، والاستعاذة بالله من شرور النفس والشيطان والأعمال، مع الاعتراف بنعم الله تعالى، وشكره عليها، ولكل مقام ألفاظه التي تليق به من الأذكار والأدعية.

وهذا الكتاب النفيس هو تحقيق وتخريج طويل النفس لكتاب (عمل اليوم والليلة) للإمام أبي بكر بن السُّني الذي يُعدُّ مرجعاً لكثيرٍ من كتب الأذكار والفضائل والتهذيب، بل هو مدرسة تربوية يتعلم فيها المسلم آداب الصحبة والمعاشرة وحقوق النفس والأهل والولد والصحبة والأرحام.

وقد اعتنى الشيخ الفاضل سليم الهلالي بهذا الكتاب عنايةً فائقة، وقام توثيق نصوصه، وتحقيقها، وتخريج أحاديثه وآثاره، ووضع ترجمةً قصيرة للمؤلف رحمه الله، وبين موضوعه، وسبب تسميته، ومقارنة بينه وبين كتاب شيخه النسائي، مع ذكر فوائد كثيرة تتعلق بالكتاب.

وقد عني بهذا الكتاب عددٌ من العلماء، منهم الدكتور عبد الرحمن كوثر البَرني، الذي حققه وطُبع بدار الأرقم -ببيروت، وكذلك الشيخ بشير محمد عيون، الذي حققه وطُبع بدار البيان -بدمشق، ولكن كتاب الشيخ سليم هو أفضل طبعات الكتاب، سواءً بتنسيقه أو بترتيبه أو بحكمه على الأحاديث، وبفهرسته التي خدم فيها الكتاب خدمةً كبيرةً جداً.

ومما ينبغي ملاحظته في كتاب الإمام ابن السني، ما يلي:

أولاً- أنه أكثر من الرواية عن الإِمام النسائي، وأبي يعلى، وأبي عروبة الحراني، والبغوي؛ حيث روى جل أحاديث الكتاب من طريقهم.

ثانياً- أن أكثر شيوخه الذين روى عنهم ثقات، بل إن بعضهم كانوا أئمة أعلامًا مثل هؤلاء الأربعة المتقدم ذكرهم.

ثالثاً- أن وفاة معظم شيوخه كانت ما بين (303 هـ - 320 هـ) وهذا يدل على علو إسناد ابن السُّنِّيِّ واهتمامه بالعلم، والتحصيل، والرحلة لذلك.

رابعاً- أن الإمام ابن السني- رحمه الله -عاش في عصر نشطت فيه حركة التصنيف والجمع والرواية؛ لذلك كان حريصًا كغيره من علماء ذلك العصر على تلقي العلم من أفواه الرجال؛ فسمع الحديث من كبار أهل العلم في ذلك الوقت.

ترجمة الإمام ابن السُّني -كما في عجالة الراغب -

• اسمه ونسبه ونسبته:

"هو الإِمام الحافظ، الثّقة: أبو بكر أحمد بن محمَّد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط بن عبد الله بن إبراهيم بن بُدَيح الدِّينَوَريّ، مولى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي -رضي الله عنهما-. قال السَمْعانيُّ في "الأنساب" (7/ 176): "ولَعَلَّ بديحًا مولاه".

المعروف بـ "ابن السُّنِّيِّ"؛ قال السمعانيُّ في:"الأنساب" (7/ 175)، وابنُ الأثير في "اللباب" (2/ 149 - 150): "بضمّ السّين المهملة، وتشديد النّون المكسورة، وهذه النّسبة إلى السُّنَّة التي هي ضدُّ البدعة، ولمّا كثُر أهلُ البدع؛ خصّوا جماعة بهذا الانتساب".

• ولادته ونشأته ورحلاته:

قال الإِمام الذهبي في "سير أعلام النّبلاء" (16/ 255): "ولد في حدود سنة ثمانين ومائتين". والظاهر أنّه نشأ في بيت علم وأدب وصلاح؛ فإنّ دينَوَرَ مشهورة بهذا، كما قال ياقوت الحمويُّ في "معجم البلدان" (2/ 545).

وقد أكثر - رحمه الله - التّرحالَ؛ فسمع الحديث بدمشق، وبغداد، والكوفة، والبصرة، والجزيرة، ومصر، وغيرها.

يدلّك على ذلك كثرةُ شيوخه من الحفّاظ المتقنين المشهورين بالعلم والحفظ، وكذا تلاميذه الذين أخذوا عنه.

• شيوخه:

سمع - رحمه الله - الحديث من خلق كثيرين؛ أكثرهم من الحفاظ المشهورين المعروفين، ومن شيوخه:

1 - الإِمام الحافظ النّاقد أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن عليّ النَّسائيُّ، صاحب "السنن الكبرى"، و"السنن الصغرى"، وغيرهما، المتوفى سنة (303هـ).

وابن السُّنِّىِّ هو راوي "السنن الصغرى"، وهي المعروفة بـ "المجتبى".

2 - الإِمام الحافظ الثّقة أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، المتوفى سنة (305 هـ).

3 - الإِمام الحافظ الثقة أحمد بن علي بن المثنى أبو يعلى الموصلي، صاحب "المسند"، و"معجم الشيوخ"، وغيرهما، المتوفى سنة (307 هـ).

4 - الإِمام الحافظ الثّقة أبو يحيى زكريا بن يحيى السَّاجي، المتوفى سنة (307 هـ).

5 - الإِمام الحافظ المفسّر محمَّد بن جرير الطبري، صاحب "جامع البيان"، و"تهذيب الآثار"، وغيرهما، المتوفى سنة (310 هـ).

6 - الإِمام الحافظ الثّقة محمَّد بن الحسن بن قتيبة، المتوفى سنة (310 هـ).

7 - الإِمام الحافظ الثّقة محمَّد بن محمَّد بن سليمان أبو بكر الباغندي، المتوفى سنة (312 هـ).

8 - الإِمام الحافظ الثّقة عبد الله بن زيدان بن يزيد أبو محمَّد البجلي الكوفي، المتوفى سنة (313 هـ).

9 - الإِمام الحافظ الثّقة أحمد بن منيع أبو القاسم البغوي، صاحب

"معجم الصحابة"، و"مسند علي بن الجعد"، وغيرهما، المتوفى سنة (317 هـ).

19 - الإِمام الحافظ الثّقة أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر الحرّاني، صاحب التصانيف الكثيرة، المتوفى سنة (318 هـ).

11 - الإِمام الحافظ الثّقة أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن موسى بن جوصا، المتوفى سنة (320 هـ).

12 - الإمام الحافظ الثّقة أبو محمَّد يحيى بن صاعد، المتوفى سنة (328 هـ).

13 - الإِمام الحافظ الثّقة الحسين بن إسماعيل بن سعيد بن أبان القاضي، المشهور بـ "المحاملي"، صاحب "الأمالي" المشهورة، المتوفّى سنة (330 هـ).

14 - الإِمام الحافظ الثّقة الحسين بن عبد الله القطان.

• تلاميذه:

جدير بمن كانت هذه صفته أن يرحل إليه طلابُ العلم لِسماعِ ما عنده؛ رغبةً في علوّ الإسناد؛ لأنه سُنَّة عمن سلف؛ كما قال الإِمام أحمد ["فتح المغيث" (3/ 333)].

ومن أبرزهم:

* أحمد بن عبد الله الأصبهاني.

* أحمد بن الحسين الكسّار.

* علي بن عمر الأسد أباذي.

* عبد الله بن عمر بن عبد الله أبو محمَّد الزاذاني.

* محمَّد بن علي العلوي.

وغيرهم كثير.

• ثناء العلماء عليه:

قال الإِمام الذّهبي في "تذكرة الحفّاظ" (3/ 939): "الحافظ الإِمام الثقة".

وقال (3/ 940): "وكان دَيِّنًا خيِّرًا صدوقًا".

وقال في "العبر في خبر من غبر" (2/ 119 - 120): " ... الحافظ ... رحل وكتب الكثير".

وقال في "سير أعلام النبلاء" (16/ 255): "الإِمام الحافظ الثقة الرّحّال".

وقال السُّبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (2/ 96): "وكان رجلًا صالحًا فقيهًا شافعيًا".

وقال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في "توضيح المشتبه" (5/ 194)، والحافظ ابن حجر في "تبصير المنتبه" (2/ 754): "الحافظ أبو بكر أحمد بن محمَّد بن إسحاق الدينَوَري ابن السُّنّيّ صاحب التصانيف". وكذا وصفه السخاوي في "الإعلان بالتوبيخ" (ص 297) بالحافظ.

• وفاته:

قال علي بن أحمد بن محمَّد بن أبي بكر بن السُّنِّيّ: "كان أبي- رحمه الله - يكتب الأحاديث؛ فوضع القلم في أنبوبة المحبرة، ورفع يديه يدعو الله - عَزَّ وَجَلَّ -؛ فمات".


تشجير متن الغاية والتقريب في الفقه الشافعي لأحمد بن الحسين بن أحمد الأصفهاني (ت ٥٩٣ هـ)

تشجير متن الغاية والتقريب في الفقه الشافعي

لأحمد بن الحسين بن أحمد الأصفهاني (ت ٥٩٣ هـ)

د. عماد علي جمعة

جامعة القصيم- الرياض

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

تمهيد/ إن أفضل ما يشتغل به المرء بعد تصحيح الاعتقاد، وإخلاص التوحيد لله عز وجل في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، هو الاشتغال بالفقه الذي هو أصل الخير، ومنبع الفضائل، وفي الحديث: (ومن يرد الله به خيرا يفقهه فِي الدّين) أَي يفهمهُ ويبصره فِي كَلَام الله تَعَالَى وَكلام رَسُوله صلى الله عليه وسلم..

ولا شك أن دراسة متن من متون الفقه المذهبية من الأمور التي تسهل على الطالب حفظ أصول المسائل، وأطراف الأدلة، والتمييز بين القضايا المتشابهة، وإحكام الأبواب والفروع المختلفة، ومعرفة معتمدات المذاهب، والتطبيقات الأصولية والحديثية عليها..

ومن خيرة كتب الفقه الشافعي كتاب متن الغاية والتقريب، فهو على صغر حجمه قد اشتمل على أكثر أبواب الفقه ومعظم أحكامه ومسائله في العبادات والمعاملات وغيرها، مع سهولة العبارة وجمال اللفظ وحسن التركيب إلى جانب ما امتاز به من تقسيمات موضوعية..

وهذا الكتاب هو تشجير لمتن الغاية والتقريب، الذي شرحه الكثير من العلماء، ونظمه بعضهم، واختصره وترجمه آخرون، وهو كتاب نفيس ومفيد في الجملة..

ومما ينبغي التنبيه إليه أن المقصود الأعظم من دراسة أي مذهب من المذاهب الإسلامية الأربعة، هو تحقيق الفهم للأدلة، وتنمية الملكة الفقهية وأصول الاستدلال، وتغذية المسائل الأصولية بما تحتاجه من فروع،

ولا ننكر أن المذاهب الأربعة هي مذاهب مخدومة من أصحابها، تنقيحا، وتحقيقا، وترجيحا، وتوفيقا بين الأدلة والآراء.. لكنه لا ينبغي أن تكون هذه المذاهب مثار عصبية وتنازع وفرقة بين المسلمين، بل ينبغي أن يكون منشود كل متمذهب هو الوصول إلى الحق، وموافقة سنة النبي عليه الصلاة والسلام، كذلك فإن الخروج من الخلاف ومراعاته في كثير من المسائل مستحب، فربما اختلف الناس في مسألة، وكان الحق في غير معتمدات المذاهب..










الاثنين، 24 يناير 2022

تثبيت القدمين في تضعيف حديث جواز التصدق بنعلين ويليه (القول الجلي في حديث لو كان نبيٌّ بعدي لكان عُمر) علي إبراهيم حشيش

تثبيت القدمين في تضعيف حديث جواز التصدق بنعلين

ويليه (القول الجلي في حديث لو كان نبيٌّ بعدي لكان عُمر)

علي إبراهيم حشيش

أستاذ علوم الحديث -معهد إعداد الدعاة


تمهيد/ هذه الرسالة جاءت تعقُّباً للشيخ محمود الطحان في كتابه (تيسير مصطلح الحديث)، وذلك في تحسينه حديث عامر بن ربيعة: "إجازة  الصداق بنعلين"، وجعله له مثالاً على الحديث الحسن لغيره، وقد فعل "الطحان" ذلك مُتابعةً للسيوطي الذي صححه، وللترمذي الذي قال عنه: "حسنٌ صحيح"، وذكر "علي حشيش" أن هذا الحديث منكر ولا يحتمل التحسين، وأن الدافع الأول الذي جعله يضع هذه الرسالة هو تقديم النصيحة للمؤلف وطلبة العلم بخصوص هذا الحديث. 

بالإضافة إلى اشتهار الكتاب وذيوعه بين طلبة العلم، وتقريره في عدد من الجامعات، وأنه لم يرَ من تعقب الدكتور في هذا الحديث، بل واشتهار الحديث في كتب الفقه فقد أورده ابن قُدامة في "المُغني"، ولم يتعرض له المحققان د. عبد الله التركي، ود. عبد الفتاح الحلو، وغيرهما.

وبيَّن أن وهم السيوطي في تصحيحه له، وقع بناءً على قول الترمذي بعد هذا الحديث: (قال وفي الباب عن عمر، وأبي هريرة، وسهل بن سعد، وأبي سعيد، وأنس، وعائشة، وجابر، وأبي حدرد الأسلمي)؛ فظنها شواهد له؛ يؤيد ذلك ما ذكره السيوطي بقوله: (وأنه جاء من غير وجه)، ومثله في ذلك الشيخ الطحان الذي قال: (عاصم ضعيف لسوء حفظه، وقد حَسَّن له الترمذي هذا الحديث لمجيئه من غير وجه)، لكن حقيقة الأمر هو ما قال المباركفوري في "شرح الترمذي: 4/ 250): "وقول الترمذي وفي الباب… لم تشترك مع حديث عامر بن ربيعة في إجازة الصداق بنعلين".

وذكر الكاتب أن هذا الحديث ضعفه الحافظ الزيعلي في "نصب الراية"، والحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام"، الذي بيَّن: أن (الترمذي خولف في تصحيح هذا الحديث)، وعُدَّ هذا من تساهل الإمام الترمذي في التحسين والتصحيح، لأن في إسناده "عاصم بن عُبيد الله" الذي أجمع الأئمة على ضعفه، كما في "التهذيب" (5/ 42)، وجعله الذهبيُّ في "الميزان" (2/ 345) من جملة مناكيره، وحكم أبو حاتم الرازي في "العلل" (ح 1276) على هذا الحديث بأنه منكر.

أما الحديث الذي ذكره الشيخ الطحان في كتابه (تيسير مصطلح الحديث، ص 67)، قال: ومثال الحسن لغيره: "ما رواه الترمذي وحسنه، من طريق شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ " قالت: نعم، قال: فأجاز".

وهذا الحديث ضعفه ابن التركماني في "الجوهر النقي"، وابن الهُمام في "فتح القدير"، والذهبي في "ميزان الاعتدال"، والألباني في "ضعيف ابن ماجة"، وشعيب الأرنؤوط في "تخريج المسند"، 

وأتبع المؤلف ذلك بتضعيف حديث حسَّنة الألباني وهو: (لو كان نبيٌّ بعدي لكان عمر) وبيَّن أن في إسناده مِشرح بن هاعان، وأن الألباني تابع السيوطي الذي قال فيه (ثقةٌ صدوق!)..

وقد تعقب الإمام عبد الرحمن المُعلمي اليماني السيوطي في ذلك، وبين أن الحافظ ابن حجر جعل "مشرح بن هاعان" في المرتبة السادسة، وهي "المقبول": (وهو لينٌ فإن توبع وإلا فلا)، وهو يوافق في ذلك كلام ابن الجوزي، وابن حبان في "المجروحين".

وبيَّن المؤلف أن هذا الحديث من مناكير "مِشرح" وهو نصُّ كلام أحمد كما في "المنتخب من العلل للخلال"، وأنه لا يُلتفت إلى تحسين الترمذي له بقوله (حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مشرح بن عاهان)، وبيَّن أن الشواهد المذكورة للحديث حقُّها الرد.









الأحد، 23 يناير 2022

عظائم الأذكار إعداد حسن بن محمد تايه

عظائم الأذكار

إعداد حسان بن محمد تايه

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ الذكر حياة القلوب، وأدب النفوس، ووزينة البيوت، وهو أنفع جليس، وآمن أنيس ،وخير صديق، مستراح الأولياء، ونزهة الفضلاء، وذخيرة النبلاء، خفيف المؤونة، وكثير المعونة، وعظيم الفضل.. من واظب عليه لا يُردُّ دعاؤه، ومن أدمنه كان في حرزه ليله ونهاره، وهو التجارة الرابحة، والصفقة الناجحة، فكل لحظة تقضيها في الذكر لها ثمنها العظيم وثوابها الجزيل، وكل حسنةٍ تكسبها اليوم قد تكون هي الأمل في الفوز والنجاة غداً..

أما مجالس الذكر؛ فهي مجالس المغفرة والرحمة والبركة، والنجاة من عذاب الله، والفوز برضوانه، والمجتمعون عليه تحفُّهم الملائكة، وتغشاهم السكينة، ويُباهي بهم الله ملائكته، وهي المجالس التي لا يشقى جليسها أبداً.. 

وهذا الكتاب الجميل، هو تُحفةٌ سُنيَّةٌ مختصرة، اشتمل على مهمات الأذكار وعظائمه من آيات الكتاب، وصحيح السُّنة، وفيه بيان فضل الذكر، وثوابه، ومواطنه التي تُستحب فيه، مع تخريج أحاديثه، وذكر من صححها أو حسَّنها، وبيان معنى غريبها، وكلام أهل العلم في الترغيب فيها، والحثِّ عليها.

وإليك مواضيع الكتاب:

محتويات الكتاب:

مقدمة 

نصيحة 

أولاً: فضل الذكر والحثّ عليه:

الآيات القرآنية في فضل ذكر الله عز وجل 

الأحاديث النبوية في فضل ذكر الله عز وجل 

ذكر الله خيرٌ من إنفاق الذهب والفضة 

ذكر الله أحبُّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم من عتق الرقاب 

ذكر الله حياة القلوب والبيوت

الله عز وجل مع ذاكره

الذاكرون عن يمين الرحمن تعالى يغبطهم النبيون والشهداء

خيار عباد الله الذين يترصدون الأوقات للذكر

ذكر الله حصنٌ من الشيطان، وسدٌّ من الفتن

ذاكر الله في ظل العرش يوم القيامة.

رياض الجنة حلق الذكر

الذاكرون الله كثيراً سابقون

غنيمة مجالس الذكر الجنة

ذاكر الله: محفوفٌ بالملائكة، مذكورٌ عند ربه، مغفورٌ له.

مُباهات الله لذاكره في الملأ الأعلى.

ترك ذكر الله والصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم نُقصان وخُسران.

ذكر الله نجاةٌ من عذاب الله

أذكار الذاكر تُذكر به حول العرش

ذاكر الله لا يُردُّ دُعاؤه

ذكر الله خيرُ ما اكتنز الناس في دُنياهم

أقوال السلف الصالح في ذكر الله عز وجل، وأحوالهم معه

مراتب الذكر

ثانياً: فضائل الذكر، والأجور المترتبة عليه

عظام الأجور في تلاوة القرآن الكريم

تلاوة القرآن الكريم تجارة لا خسارة فيها

مضاعفة الأجور في تلاوة القرآن الكريم

المتقن في قراءة القرآن مع الملائكة البررة

أيهم أنت؟

حافظ القرآن في أعلى المنازل يوم القيامة

أهل القرآن أهل الله وخاصته.

قارئ القرآن لا يُردُّ إلى أرذل العمر عند كبره.

عظائم آيات وسورٍ من القرآن الكريم.

سورة الفاتحة -سورة البقرة -آية الكرسي -خواتيم سورة البقرة -الزهراوان (البقرة وآل عمران) -سورة الكهف -سورة الملك -سورة الكافرون -المعوذتين (الفلق والناس) -سورة الإخلاص .

عظائم التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.

التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، أحبُّ الكلام إلى الله ورسوله.

سبحان الله وبحمده تغفر الذنوب.

سبحان الله وبحمده نخلة في الجنة.

سبحان الله وبحمده أحبُّ إلأى الله من إنفاق جبلٍ من الذهب.

التسبيح مكسبٌ للحسنات ومغفرةٌ للذنوب.

أفضل عباد الله يوم القيامة الحمادون

التحميد والتسبيح، والتهليل، والتكبير محاء للذنوب.

التحميد والتسبيح، والتهليل، والتكبير أفضل الكلام.

التحميد والتسبيح، والتهليل، والتكبير خير ما يُثيب عليه المسلم.

التحميد والتسبيح، تملآن ما بين السماء والأرض

التحميد والتسبيح، والتهليل، والتكبير، أثقل ما في الميزان يوم القيامة.

التحميد والتسبيح، والتهليل، والتكبير تُكسب الحسنات وتغفر الذنوب.

التحميد والتسبيح، والتهليل، والتكبير، غراس الجنة.

ذكر الله تعالى، والتسبيح، والتحميد، والتقديس وصية المرسلين.

التحميد والتسبيح، والتهليل، والتكبير منجياتٌ من النار، وهنَّ الباقيات الصالحات.

التسبيح والتحميد والتهليل، والتكبير أجورها لا تنتهي.

التسبيح والتحميد أكثر من ذكر الليل مع النهار، والنهار مع الليل.

التسبيح والتحميد والتهليل، والتكبير سبقٌ للذاكرين، وبُعدٌ عن العذاب الأليم.

جواب الله تعالى للمُهللين، والمكبرين، والحامدين.

التهليل والتكبير والتحميد، خير ما للعبد.

عظائم كلمة التوحيد والإخلاص (لا إله إلا الله).

(لا إله إلا الله) مفتاح الجنة، وفيها مغفرة الذنوب، وعظيم الأجور.

أسعد الناس بشفاعة النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه).

(لا إله إلا الله) تفتح لها أبواب السماء حتى تصل إلى عرش الرحمن.

(لا إله إلا الله) أثقل ما في ميزان العبد يوم القيامة.

(لا إله إلا الله) تُحرِّم صاحبها على النار.

(لا إله إلا الله) منفعةٌ للعبد يوم فصل القضاء.

(لا إله إلا الله) خير ما قاله النبيون.

التهليل والتمجيد: عتقٌ للرقاب، ومغفرة للذنوب، ومزيدٌ للحسنات.

عظائم الاستغفار.

عظائم الحوقلة (لا حول ولا قوة إلا بالله).

عظائم الأذكار في الصلاة

دعاء استفتاح يُحبُّه الله عز وجل.

دعاء استفتاح تفتح له أبواب السماء، وتبادر الملائكة لكتابته.

تسابق الملائكة لرفع تحميد العبد بعد الرفع من الركوع

تسابق الملائكة لرفع تحميد العبد ربه بعد العطاس في الصلاة.

أدعية جامعة بعد التشهد الأخير قبل التسليم.

عظائم الأذكار بعد الصلاة

عظائم الأذكار بعد صلاة المغرب

عظائم الأذكار بعد صلاتي المغرب والفجر

عظائم الأذكار عند غروب الشمس

عظائم الأذكار الصباح والمساء

من عظائم الأذكار الجامعة

استجابة الدعاء يوم الأربعاء بين الظهر والعصر.

عظائم الأذكار عند رؤية مبتلى

عظائم الأذكار عند الغضب

عظمة الذكر عند دخول المسجد

عظائم الأذكار عند سماع الأذان.

دعاء يجمع لك دنياك وآخرتك

دعاء العتق من النيران

الدعاء باسم الله الأعظم

عظائم الأذكار عند كفارة المجلس

عظمة الذكر ورد السلام عند الدخول إلى البيت

عظمة الذكر عند الخروج من البيت 

عظمة الذكر قبل دخول الخلاء

عظائم الأذكار أثناء الوضوء

عظائم الأذكار بعد والضوء

عظائم الأذكار بعد الطعام

عظائم الأذكار بعد اللباس

عظائم الأذكار عند خلع الثوب

عظائم الأذكار عند إتيان الرجل أهله

عظائم الأذكار عند النوم

عظائم الأذكار عند الانتباه من النوم

عظائم الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم

صلاة الله تعالى وملائكته على من يصلون على النبيِّ صلى الله عليه وسلم

تبليغ الملائكة النبيّ صلى الله عليه وسلم صلاة من يُصلي عليه

كثرة الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم قُربٌ منه يوم القيامة

نسيان الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم خطأ

البخيل الخاسر من يترك الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند ذكره

الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم كفايةٌ للهموم ومغفرةٌ للذنوب

الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة معروضةٌ عليه

شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لمن يُصلي عليه.

كيفية الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

تقديم الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء.





الجمعة، 21 يناير 2022

الرخصة في تقبيل اليد تصنيف الحافظ أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ (285 -381 هـ) تخريج محمد الحداد

الرخصة في تقبيل اليد

تصنيف الحافظ أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ 

(285 -381 هـ)

تخريج محمد الحداد

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ إن تقبيل اليد والرأس فضيلةٌ لا يستوجبها أيُّ أحد، لا المبتدع ولا الظالم ولا الفاسق ولا من يدعو الناس إلى تعظيمه، ولا من يعرض يده للناس ليُقبلوها على سبيل الرياء والكبر، ومن المؤسف أن بعضهم اتخذ هذا الأمر عادةً وديدناً، بحيث لا تسمح نفسه أن يمُرَّ من أمامه أحدٌ إلا بأن يُقبل يده لينال الرضا والاستحسان!! وإلا ناله السَّخط والغضب والإقصاء.

وربما بالغ بعضهم حتى جعل هذا التقبيل شعاراً له كلما غدا أو راح من عند شيخه، تعظيماً له وتذللاً لديه، حتى يتكرر ذلك مراتٍ كثيرة في اليوم الواحد، وهذا موجودٌ بكثرة عند أهل البدع من مشايخ الصوفية الذين يزعمون أن تقبيل أيديهم إنما هو للبركة والفضل! والمشاهد أن هذا الأمر تحول إلى شهوةٍ ظاهرة حيث يبتدئ هؤلاء بمدَّ اليد ليُقبلها الناس؟!

 وقد يجد المتصدر لهذه الشهوة الخفيَّة لذَّةً غامرةً في قلبه -والعياذ بالله -بحيث يستحسن فعل من قبَّل يده، ويستقبح ويستنكر من يُعرض عن تقبيل يده، بل ربما يُغالي بعضهم فيُرغم أتباعه على تقبيل قبور الأولياء والصالحين، أو تقبيل تربتهم وعتباتهم، أو السجود أمامه وبحضرته، وهذا من الغلو المذموم، وإن فعله تعبُّداً وتقرُّباً إلى هؤلاء الأدعياء كان ذلك من الشرك الأكبر المخرج عن ملة الإسلام.

على أن تقبيل اليد في الجملة مشروعٌ وقد عدَّه المؤلف رخصةً، أي أنه يُندب في أوقاتٍ دون أوقات، ومع أشخاصٍ دون آخرين، وكونه مندوباً إنما هو لمن كان أهلاً لذلك كالعلماء والصُّلحاء وأهل الفضل المستمسكين بالسُّنة، والمعظمين للشَّريعة، وكذلك تقبيل أيدي الآباء والأمهات وهم أولى بهذا التكريم، وكذلك أيدي المجاهدين والمرابطين، وغيرهم ممن هو أهلٌ لهذا التكريم، أما بالنسبة لتقبيل الرأس والخد والجبهة وبين العينين فهو أسهل وأيسر، لا سيما مع من ذُكر ومع الأبناء والأقارب، والأصدقاء، والغائبين من السفر، وأهل العلم والفضل.

وجملة ما في الكتاب من الآثار (30) ثلاثون أثراً، بعضها في تقبيل الصحابة وغيرهم يد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وبعضها في تقبيل الصحابة أيدي بعضهم، وتقبيل التابعين أيدي الصحابة، ونحو ذلك وبعضها صحيح وبعضها ضعيف، وكذلك جاءت الآثار في تقبيل العين، والرجل، واللسان، والوجه وقد ورد عن السلف رضوان الله عليهم.

وهنا نذكر ما ذكره المحقق من الآثار الواردة في التقبيل:

أولاً: تقبيل الصحابة وغيرهم يده -صلى الله عليه وسلم:

1-عمر رضي الله عنه.

2-فاطمة رضي الله عنها.

3-ابن عمر ومن معه رضوان الله عليهم.

4-كعب بن مالك رضي الله عنه.

5-عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

6-أسامة بن شريك رضي الله عنه.

7-وفد عبد القيس رضي الله عنهم.

8-أبو بزة رضي الله عنه.

9-الأعرابي.

10-زاهر بن حرام الأشجعي.

11-أبو سعيد الخدري رضي الله عنه.

12-قصة اليهوديين.

ثانياً: تقبيل الصحابة أيدي بعضهم:

1-علي يُقبل يد العباس رضي الله عنهما.

2-زيد بن ثابت يُقبل يد ابن عباس رضي الله عنهم.

3-أبو عُبيدة بن الجراح يُقبل يد عمر رضي الله عنهما.

ثالثاً: تقبيل التابعين يد الصحابة :

1-تقبيل ثابت ليد أنس بن مالك رضي الله عنه.

2-تقبيل يحيى بن الحارث يد واثلة بن الأسقع رضي الله عنه.

3-تقبيل عبد الله بن رزين يد سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.

4-تقبيل أبو مالك الأشجعي يد عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه.

رابعاً: تقبيل التابعين ومن بعدهم:

1-ابن عُيينة يُقبل يد الجُعفي.

2-أبو هارون يُقبل يد أيوب السختياني.

3-أبو وائل يُقبل يد عاصم بن بهدلة الإمام المقرئ.

4-طلحة بن مُصرِّف وخيثمة بن عبد الرحمن كلاهما يُقبل يد الآخر.

5-تقبيل طلحة يد مالك بن مغول.

6-أهل دمشق يُقبلون يد أبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر.

خامساً: تقبيل الخد:

1-أبو بكر الصديق يُقبل خد عائشة رضي الله عنها.

2-أبو نضرة المنذر بن مالك -التابعي -يُقبل خد الحسن البصري.

3-كثيرٌ ممن قبَّل خدَّ أحمد بن حنبل بعد محنته.

سادساً: تقبيل الجبهة:

1-خزيمة بن ثابت يُقبل جبهة النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

2-أبو بكر الصديق يُقبل جبهة النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

3-أبو بُردة بن أبي موسى يُقبل جبهة شقيق بن سلمة.

4-سليمان بن داود الهاشمي سُقبل جبهة أحمد بن حنبل.

سادساً: تقبيل ما بين العينين:

1-تقبيل أبي بكر الصديق بين عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة بُحيرا الراهب.

2-رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل ما بين عيني جعفر رضي الله عنه.

3-رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل ما بين عيني عائشة رضي الله عنها.

4-رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل ما بين عيني العباس رضي الله عنه.

5-الملائكة تُقبل ما بين عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد حادثة شق صدره.

6-مسلم بن الحجاج يُقبل ما بين عيني الإمام البخاري.

سابعاً: تقبيل العين:

-تقبيل ثابت بن أسلم البُناني عين أنس بن مالك رضي الله عنه.

سابعاً: تقبيل اللسان:

-تقبيل سهل بن عبد الله التُستري لسان أبي داود صاحب السُّنن.

سابعاً: تقبيل الوجه:

1-رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل وجه زيد بن حارثة رضي الله عنه.

2-رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل وجه فاطمة رضي الله عنها.

3-رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل وجه عثمان بن مظعون بعد موته رضي الله عنه.

4-رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل وجه ابنه إبراهيم عليه السلام.

5-أبو الهيثم بن التيهان وتقبيله وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

6-نُعيم بن النَّحام وتقبيله وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

7-جابر بن عبد الله رضي الله عنه، يُقبل وجه أبيه بعد استشهاده والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يراه.

8-أبو بكر الصديق يُقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته.

9-مجاهد بن جبر يهمُّ بتقبيل ابن عباس لحُسن تفسيره.

10-الثوري ومعمر حين التقيا: تعانقا، وقبّل كل منهما الآخر.

وقد اختلف العلماء في حكم التقبيل:

1-فذهب بعضهم إلى كراهة ذلك مُطلقاً إلا للقادم من السَّفر، وهو مذهب مالك بن أنس، وسليمان بن حرب، وابن عبد البر، واستدلوا بأحاديث منها: 

حديث أنس مرفوعاً: (قُبْلَةُ المسلمِ أخاهُ المُصافحةُ) ضعيف الجامع، 4082..

وحديث الحسين مرفوعاً: (تقبيل المسلم يد أخيه المصافحة) أخرجه ابن الأعرابي في القُبل وإسناده واهٍ مُسلسل بالضعفاء، ونسبه الزبيدي إلى الديلمي.

وحديث أبي أمامة (تمامُ تحيَّتِكُم بيْنَكُمُ المُصافَحةُ) في إسناده ضعيف، إرشاد الساري: 9/ 154، وفتح الباري لابن حجر: 11/ 57.

وحديث أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، أنه ذكر المصافحة، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا تقبيل المسلم يد أخيه)، أخرجه ابن الأعرابي في القُبل، وهو إسنادٌ واهٍ مع كونه مُرسلاً.

وحديث أبي هريرة في قصة البزاز الذي أراد تقبيل يد النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (فجذب يدَه رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وقال له: يا هذا إنما تفعلُ هذا الأعاجمُ بملوكِها ولست بملَكٍ إنما أنا رجلٌ منكم)، رواه أبو يعلى والطبراني وابن عدي، وضعفه الذهبي في "ميزان الاعتدال"، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال القسطلاني في "المواهب اللدنية": ضعيفٌ جداً.

بالإضافة إلى النهي عن التقبيل عامة، كما في حديث أنس، قال: قال رجلٌ يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أينحني له؟ قال: "لا" قال: فيأخذ بيده ويُصافحه، قال: "نعم"، وهو حديثٌ حسن رواه الترمذي، والبيهقي في الشعب والسنن، وغيرهما.

2-وذهب بعضهم إلى كراهة ذلك إذا كان لأجل الدنيا أو الملق والتعظيم، أو المال والجاه والسلطان والشوكة، وهو مذهب الإمام سفيان الثوري، ووكيع، والإمام أحمد، وحميد بن زنجويه. وتشتد الكراهة في حق المبتدع والظالم والفاسق والكافر، 

نقد المصنف (كما أورده المحقق):

أولاً: أورد فيه أشياء ليست هي من تقبيل اليد مثل تقبيل الرجل والوجه، وذلك في (14 و 21 و 22 و 26 و 28 و 29).

ثانياً: اشتمال الكتاب على كثير من الآثار الضعيفة.

ثالثاً: لم يستوعب جميع ما في الباب؛ فقد فاته أشياء كثيرة ذكرها شيخة "ابن الأعرابي" في كتابه (القُبل والمعانقة والمصافحة)، بالإضافة إلى تكرار بعض الأحاديث.