أرشيف المدونة الإلكترونية

الخميس، 1 أبريل 2021

فرض طلب العلم لأبي بكر محمد بن الحُسين بن عبد الله الآجري -بقلم: أ. محمد ناهض عبد السّلام حنُّونة

فرض طلب العلم

لأبي بكر محمد بن الحُسين بن عبد الله الآجري


تحقيق أبي عبد الله عادل بن عبد الله آل حمدان


بقلم: أ. محمد ناهض عبد السّلام حنُّونة


تمهيد/ العلم حياة القلوب، ورياض النفوس، وجنَّة الأرواح، به يُعرف الحق من الباطل، والحسن من القبيح، والسُّنة من البدعة، والخير من الشر، وهو النجاة لمن طلبه بصدق، وأما من طلبه للمكاثرة أو المفاخرة والرياء والسُّمعة والجدل فقد هلك وأهلك، ومن لم يكن معه علمٌ خاض في الفتن، وتنازعه الأهواء وأردته المحن.

والعلم كما قال السَّلف -إما آية محكمة، أو سُنَّةٌ قائمة، أو فريضةٌ عادلة، وهذا هو العلم الذي ينفع صاحبه في الآخرة. وكما قال سهل: العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل.

ويقول الإمام ابن رجب الحنبليِّ: "إنَّ العلم مصباحٌ يُستضاء به في ظلمة الجهل والهوى، فمن سار في طريقٍ على غير مصباح لم يأمن أن يقع في بئرٍ بوار فيعطَبْ..، قال ابن سيرين: إن قوماً تركوا العلم واتخذوا محاريب فصلوا وصاموا بغير علم، والله ما عَمِلَ أحدٌ بغيرِ علمٍ إلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح.." (لطائف المعارف، ص 299، ت: علي عامر ياسين).

قال الله عز وجل: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه: 114). وقال جلَّ شأنه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } (المجادلة: 11).

وقال جل في علاه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر: 9). 

وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (فاطر: 28).

وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (من يُرد الله به خيراً يُفقهه في الدين) وقد رُوي من حديث: ابن عباس، وأبي هريرة، ومعاوية رضي الله عنهم، فمن اصطفاه الله عز وجل لهذا الأمر فينبغي أن يتواضع ويُثابر، ولا يمنعه الحياء أو الكبر عن السؤال والاستزادة منه. 

وفي الحديث، عن أبي هريرة رضي الله عنه: (من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنَّة)، وروي أيضاً -من حديث صفون بن عسّال المُرادي، وأبي الدرداء عُويمر بن عامر، وهذا الفضل لمن حَسُنت نيته.

وهذا كتابٌ نفيس في بيان طلب العلم النافع، وفيه (70) أثراً في بيان فضل طلبه، والترغيب فيه، وما يجبُ تعلُّمه منه، وما لا يسع الطالب جهله، وفضل مجالسة العلماء، وما في موتهم من فقد العلم وذهاب أهله، والحثُّ على مجالسة من يعود نفعه عليه، في العلم والأدب ومكارم الأخلاق.

وذكر الآجري في كتابه أيضاً- الرحلة في طلب الحديث، فذكر رحلة أبي أيوب الأنصاري من المدينة إلى مصر للقاء عُقبة بن عامر، وذكر أن المقصود من الرحلة أمران:

(الأول): تحصيل علو الإسناد، وقدم السماع.

(الثاني): لقاء الحُفّاظ ومذاكرتهم، والاستفادة منهم.

وأما المنهج الذي سار عليه الإمام الآجري، فهو ذكر الحديث، والتعليق عليه بذكر معناه إجمالاً، أو فائدة تسنح، أو إشكال يحلُّه، أو مسألة يُجيب عليها، ويبدأ بما صحَّ في كل باب، ثُم  يتبعه بالضعيف والواهي، إلا إن لم يكن في الباب غيره؛ فيورد الضعيف.

وقد رتَّب الإمام الآجرُّي العلوم التي يجب تحصيلها بحسب أولويتها؛ ويُمكن إجمالها في أربعة أقسام.

أ. علم (العقائد) وهو علم يتعلق بمعرفة الله تعالى وصفاته، وأصول الإيمان الخمسة، ويترتب عليه صحَّة توحيد المكلف لله عزَّ وجل، وصحه أعماله.

ب. علم (الفرائض) وهو علم ما تعبَّدنا الله به من العبادات والفرائض كالصلاة والزكاة، والحج، والصيام، الحلال والحرام والأحكام والمواريث.

ج. علم (الإخلاص)، وما طُبعت عليه النفوس، وهو كل ما يُنقِّي المُسلم به قلبه من الشواغل والصوارف والشوائب من الكبر والحسد والعُجب والحسد.

د.علم (الموبقات) وهو معرفة المحارم واجتنابها، ومعرفة مكائد الشيطان والحذر منها.

  • أبواب الكتاب:

1-باب فضل من فقهه الله في الدين.

2-باب فرض طلب العلم على المسلمين.

3-باب فضل طلب العلم لله عز وجل.

4-باب فضل مجالسة العلماء.

5-باب ذكر تواضع العالم والمتعلم.

6-باب ما جاء في قبض العلم واستفتاء الجُّهال.

7-باب أيُّ العلم أولى بالإنسان أن يتعلَّمه.


  • فهرس الفوائد:

  • معرفة العلم الذي يجب على الإنسان معرفته وتعلمه.

  • أفضل العبادة: التفقه في الدين والتفكر.

  • إذا أراد الله بعبدٍ خيراً: فقهه في الدين.

  • إذا أراد الله بعبدٍ خيراً: زهده في الدنيا.

  • إذا أراد الله بعبدٍ خيراً: بصره بعيوبه.

  • كيف صفة من فقهه الله في الدين؟

  • فقيهٌ واحدٌ أشدُّ على الشيطان من ألف عابد.

  • لا يُعذر الجاهل المفرط.

  • مخالفة السنة هلاك.

  • الذي يعمل بغير علم: يُفسد أكثر مما يُصلح.

  • ما هو العلم الذي يجب تعلُّمه على كل مسلم.

  • ما هو العلم الذي لا يُعذر أحدٌ بجهله.

  • من أراد التجارة فيلزمه أن يتعلم أحكامها.

  • معنى: (اطلبوا العلم ولو بالصين).

  • الرحلة في طلب العلم.

  • ما هو العلم الذي يُعذر الإنسان بجهله.

  • فضل طلب العلم لله تعالى.

  • تحسين النية في طلب العلم.

  • كيف يكون تحسين النية في طلب العلم.

  • صفة طُلاب العلم الذين تضع الملائكة أجنحتها لهم.

  • التعوذ من فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل.

  • وصية لقمان لابنه بمجالسة العلماء.

  • فضل مجالسة العلماء.

  • التفاضل بين مجالس الذكر ومجالس العلم.

  • حضور مجالس القُصّاص والجلوس إليهم.

  • إذا اجتمع في مسجد مجالس كثيرة لأهل العلم، فمع من تجلس؟

  • لا تجلس إلا مع أحد رجلين.

  • صفة تواضع المتعلم للعالم.

  • الحياء والكبر يمنعان من طلب العلم.

  • كيف يتواضع العالم مع من يُعلمه.

  • كيف يُقبض العلم.

  • كيف ينقص الإسلام.

  • الأمر بتعلم العلم؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له.

  • العلم كالمصباح الذي يُضيء لك الطريق.

  • من عرف مقدار العلم ومنزلته لم يؤثر عليه شيئاً.

  • العلم يخلص الإنسان من الفتن.

  • معنى حديث: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من قلوب الناس…).

  • القرآن أول ما يبدأ به طالب العلم.

  • من العلم الذي لا ينبغي جهله: العلم بالحلال والحرام.

  • ما العلم الذي لا ينبغي أن يجهله: علم الفرائض.

  • ماذا يعمل من اشتغل بالقرآن ولم يستطع كتابة العلم.

  • صاحب القرآن ينبغي أن يُعرف بحسن خلقه.

  • ذكر المصنف أن له كتاباً اسمه: فضائل القرآن.

  • العلم ثلاث: آة، وسنة، وفريضة.




الأربعاء، 31 مارس 2021

أخبار الشيوخ وأخلاقهم لأبي بكر أحمد بن محمد بن الحجّاج المرُّوذيّ -بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة

أخبار الشيوخ وأخلاقهم

لأبي بكر أحمد بن محمد بن الحجّاج المرُّوذيّ (ت 275 هـ)

تحقيق: د. عامر حسن صبري

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة


تمهيد/ إن حسن الخلق هو سبب سعادة الإنسان في الدُّنيا والآخرة، ووسيلةٌ يبلغ بها المرء رضوان الله عز وجل، كما أنَّه وسيلة لإنشاء جيل صالح، يقوى على تحمُّل الصِّعاب، ويُسهم في سعادة المجتمع ورُقيِّه، وقد جمع الإمام أبو بكر المرُّوذِي -وهو أحد تلامذة الإمام أحمد -في هذا الكتاب نماذج كثيرة لأئمة السَّلف، التي تدلُّ على اعتزازهم بدينهم، وثباتهم على مواقفهم، وأنفتهم أمام جيش الشهوات والمغريات، ووقوفهم بحزم أمام جموح النفس، وفتنة الدنيا، وهبة السُّلطان.

فكانت كلماته باقة عطرة من الأخلاق الرفيعة والآداب العالية التي كان يتحلى بها سلفنا الصالح، وقد ذكر المروذيُّ فيه أخبار الزهد، والبِر، والتقوى، والصدق، والإخلاص، واليقين، وعزة النفس، بالإضافة إلى مناقب أعيان السلف، كالثوري، وطاوس، وأيوب، ابن المبارك.

وقد ذكر في كتابه هذا ما يقرب على (379) أثراً، عن (83) شيخاً، موزعة بين الجزأين الأول (185) أثر، والثالث (194) أثر، وأكثرهم معروفٌ، وبعضهم مُبهم، وبعضهم لا يُعرف.

ووضع المحقق في أول الكتاب بعض النصوص المنقولة عن هذا الكتاب في الكتب الأخرى، ولا توجد في المخطوط الأصل، وذلك نظراً لضياع الجزء الثاني من الكتاب، فذكر ما يقرب من (10) مسائل عن الإمام أحمد معزوَّةً إليه، ومصدرها كما ورد: "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى، و "مناقب الكرخي" لابن الجوزي، و "مناقب أحمد" لابن الجوزي أيضا، وجميعها مرويَّةٌ من طريق ابن بطة، عن أبي بكر الآجري: محمد بن الحسين، عن محمد بن كردي القلاس، عن أبي بكر المروذي.

وكما أسلفنا فإن هذا الكتاب إنما هو تحقيقٌ للجزء الأول والثالث من الكتاب، وأما الجزء الثاني فهو مفقود. 

ومن الملفت للنظر تركيز المؤلف "المروذي" على قضية منابذة الحكام والجفاء الشديد لهم، لما كان يراه علماء السلف من ظلم الحكام وجورهم، ومحاربتهم للسُّنة، وقد صرَّح بعض السَّلف بكراهة الدُّعاء للحكام الظلمة، وعدم التسليم عليهم، وكان السلف يفتخرون بذلك، وقد بلغ من تشدُّد بعضهم أن قال قائلهم: إن دعاك الوالي أن تقرأ عليه سورة من القرآن؛ فلا تأته، وقال آخر: لا  تعرف الأمير، ولا تعرف من يعرفه.

وكأن المروذي تبعاً للإمام أحمد يرى أن السلامة تكمن في البعد عن الأمراء والحُكام ورجال الدولة، مع وجوب إخلاص النصيحة لهم، وقول الحقِّ أمامهم، ووجوب أمر الإمام ونهيه كلما رآه، وعدم الدخول معهم في شؤون الحكم أو تقلُّد المناصب، لأن ذلك مشاركة لهم ومعاونة لهم على الظلم.

وكان الإمام أحمد شديد الإنكار على من يدخل على السلاطين، ويجلس إلى موائدهم، ومن قبله الإمام سفيان الثوري الذي كان شديداً في هذا الأمر، وصار قدوةً لمن بعده، ومن قبله الإمام عبد الله بن المبارك الذي أوصى للثوري، وقال له: لا تقربهم! يعني السلاطين. ومثله الإمام محمد بن واسع الذي كان يُردد: إن الدُّنو منهم هو الذبح.

وبلغ من تشدُّد بعضهم أنهم كانوا يذكرون ذلك في تراجمهم، ومثاله (ص 48) سئل أيوب عن الزُّهريِّ؟ فقال: هو عالمٌ، من رجلٍ كان يصحب السلطان، فكأنه أنكر عليه ذلك.

ومع بُعد علماء السلف عن الحُّكام، إلا أنَّهم كانوا يُناصحونهم بالتي هي أحسن، فكان سلفنا الصالح أهل مروءةٍ وأدب، وكان مذهبهم حسناً في الدين، مع إخلاصهم العبادة لله، وسمعهم وطاعتهم للأمير، ونصيحتهم التامة للمسلمين.

وقد كان عمر بن عبد العزيز، يقول: يغشاني علماء المدينة، ويبلغني علم سعيد بن المُسيّب. يعني أنه لا يحضر مجلس الإمارة. وسعيد بن المسيب هو الذي امتنع من مقابلة عبد الملك بن مروان لما بعث إليه في الحج أن يحضر؛ فأبى وقال كلمته الشهيرة: ما لي إليه من حاجة، ولا قوله عندي بمُتَّبع!. 

ويرى السَّلف أن الوقوف على أبواب الأمراء من الفتن، ونقصان الدين، وذلك من وجهين:

(الأول): أن المجالسة تتضمن الكفَّ عن الحقِّ، أو السكوت عليه.

(الثاني): أن المخالطة تتضمن الإعانة على الجور.

وقد أنكر الإمام أحمد على إسحاق بن راهويه دخوله على عبد الله بن طاهر (ت 230 هـ) حاكم خراسان.

وأبو بكر المروروذي (200 -275 هـ) من كبار أصحاب الإمام أحمد (ت 241 هـ)، وأجلِّهم، وهو الذي تولَّى إغماضه وتغسيله لما مات، وروى عنه مسسائل كثيرة، وكان أحد أصحابه المُقدَّمين =ونسبته إلى مَرو الروذ، والمرة: الحجارة البيضاء، التي تُقدح بها النار، والروذ: هو النهر العظيم. وللمروذي مؤلفات منها: سؤالات الإمام أحمد في العلل والرجال والورع، ومسائل للإمام أحمد في الفقه والأدب والسنن والقصص والمقام المحمود.

  • فوائد//

29/ في المكاتبات: إلى أبي فلان.. أصوب من: لأبي فلان.

32/ قصَّة جميلة جداً: كان سفيان يُحدِّث أصحابه بقصة، فيقول: كَانَ مَلِكٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ فِيهِمْ عَابِدٌ، وَكَانَ يَخْدُمُ بِبَابِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، وأجلسه في قصره ثلاث ليالٍ في كل ذلك يبعث إليه بمائدةٍ عليها ما لذَّ وطاب، وهو يأبى أن يأكل منها، فلما كانت الليلة الثالثة، قال المالك: اذْهَبُوا بِهَا إِلَيْهِ، فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَكَلَ مِنْهَا حَتَّى شَبِعَ، قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ جَارِيَةً مِنْ أَحْسَنِ جَوَارِيهِ تَخْدُمُهُ، فَهَوَى بِهَا فَوَطِئَهَا؛ فبلغ الملك فعل هذا العابد؛ فَدَعَاهُ وقَالَ: إِنَّكَ كُنْتَ تُحَرِّمُ عَلَيَّ مَالِي، وَتَزْعُمُ أَنَّ مَا فِي يَدِي سُحْتٌ، فَأُرِيدُ أَنْ تَقُومَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَتَعْذِرُنِي عِنْدَهُمْ، فَقَامَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَعَذَرَهُ...فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَنَا مَلِكٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَحْكُمُ فِي شُعُورِهِمْ وَفُرُوجِهِمْ، فَأَنَا فِيمَا مَلَكْتُ أَعْدَلَ مِنْكَ، بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِفَضْلِ مَائِدَتِي فَأَكَلْتَ مِنْهَا، وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِأَحْسَنِ جَوَارِيَّ فَلَمْ تَعِفَّ أَنْ وَطِئْتَهَا، فَأَنَا فِيمَا مَلَكْتُ كُنْتُ أَعْدَلَ مِنْكَ، قَالَ: فَضَرَبَ عُنُقَهُ.

93/ قَالَ الْفُضَيْلُ: مَنْ أَعَزَّ أَمْرَ اللَّهِ أَعَزَّهُ اللَّهُ بِلا عَشِيرَةٍ.

108/ وكان ابْنُ عُمَرَ، يقول: إِذَا طَابَتِ الْمَكْسَبَةُ، زَكَتِ النَّفَقَةُ.

192/ وكان الْفُضَيْلَ يَقُولُ: الْمُؤْمِنُ قَلِيلُ الْكَلامِ، كَثِيرُ الْعَمَلِ، وَالْمُنَافِقُ كَثِيرُ الْكَلامِ، قَلِيلُ الْعَمَلِ.

193/ وعن ابن وهب، قال: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ: يَنْبَغِي لِلْوَصْفِ الْقَلِيلِ الْعَمَلُ الْكَبِيرُ، حَتَّى مَتَى تَصِفُ الطَّرِيقَ لِلدَّالِجِينَ، وَأَنْتَ مُقِيمٌ فِي مَحِلَّةِ الْمُتَحَيِّرِينَ.

204/ القُهرمان: بضم القاف هو أمين الملك، ووكيله الخاص.

206/ ذكر عمر رضي الله عنه في بعض الآثار بلفظ عليه السلام، هنا، وكرر ذلك أيضاً في (248، 337).

294/ {وأشهدوا ذوي عدل} ذوي عقل.

295/ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَطْلُبُ هَذَا الْعِلْمَ مَنْ كَانَ فِيهِ خَلَّتَانِ: الْعَقْلُ وَالنُّسْكُ.

296/ {مباركاً أينما كنتُ}، قال: مُعلماً للخير.

299/ {يعلم السّر} ما أسررته في نفسك، {وأخفى} ما لم تعلمه أنت.

302/ لا يدعو الرجل على زوجته، ولا يقُل: اللهُمَّ أرحني منها؛ لأنَّه الله قلَّده أمرها؛ فإن شاء طلَّق، وإن شاء أمسك.

311/ كان السلف يتذاكرون الجنة، فإذا طلع النهار، قالوا: هَكَذَا نَهَارُ الْجَنَّةِ.

326/ تقول العرب: مَنْ رَدَّ النَّصِيحَةَ رَأَى الْفَضِيحَةَ.

325/ ثُمَّ يَظَلُّ يَتَجَشَّأُ مِنَ الْبَشَمِ =البشم: التُّخمة. (يَا جَارِيَةُ، وَيْحُكَ ابْغِينِي حَاطُومًا) =الحاطوم: هو الهاضوم، وهو كل دواء يهضم الطعام.

342/ قال عبد الرحمن بن مهدي:  لا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَكَلَّفَ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ، فَإِنَّ الْعَالِمَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْبَصَرِ… يُبْصِرُ مَدَّ بَصَرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْظُرَ مَا لَمْ يَظْهَرْ.

348/ وقال مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: مَنْ صَفَا عَمَلُهُ صَفَا لَهُ اللِّسَانُ الصَّالِحُ، وَمَنْ خَالَطَ خُلِطَ لَهُ.

358/ وروى سُفيان: كَفَى شَرُّهَا أَنْ لا تَشْتَهِيَ شَيْئًا إِلا اشْتَرَيْتَهُ =وإنما هي "شَرَهاً =بثلاث فتحات.

360/ قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ عُمَرُ: وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا فِي الصَّبْرِ.

379/ وما أحسن ما ختم به االمرّوُّذي كتابه، حينما أورد حديث عبد الله بنعمرو بن العاص مرفوعاً: (إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا)، وأساس الأخلاق العدل والإنصاف.

277/ 278/ 279/ كل ما ورد عن أبي حنيفة وكلام السَّلف فيه؛ فلأنه كان دخل في بعض الكلام، وقد تاب عنه، ولعلَّهم نقموا عليه رأيه في الحيل.

  • وقد جاء في هذا الكتاب سبعةً عشر حديثاً مرفوعاً، وهي: 

123/ 124/ 125/ 129/ 134/ 135/ 136/ 137/ 138/ 139/ 205/ 213/ 214/

227/ 229/ 337/ 379. ونذكر أطرافها فيما يلي:

(مَنْ وَلِيَ لِلْمُسْلِمِينَ سُلْطَانًا أُوقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ).

(مَا مِنْ وَالٍ وَلِيَ لِلْمُسْلِمِينَ سُلْطَانًا إِلا أُوقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ).

(مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أُقِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرٍ فِي النَّارِ).

(مَا مِنْ وَالٍ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، فَلَمْ يُحِطْ...).

(لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مَخَافَةُ النَّاسِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ إِذَا رَآهُ).

(مَا مِنْ حَاكِمٍ حَكَمَ إِلا جِيءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَلَكٌ آخِذٌ بِقَفَاهُ…).

(لَيَأْتِيَنَّ عَلَى الْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ…).

(لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِهِمْ يَوْمَ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا وَدَّ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالنَّجْمِ…).

(لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ ذَوَائِبَهُمْ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِالثُّرَيَّا…).

(إِنَّ الْقَاضِي لَيَزِلُّ فِي مَزْلَقَةٍ أَبْعَدَ مِنْ عَدَنٍ أَبْيَنَ فِي جَهَنَّمَ..).

(مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِجَوْرٍ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ…).

(مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ أَيْنَ جَمَعَ الْمَالَ، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ مِنْ أَيْنَ أَدْخَلَهُ النَّارَ).

(سَيَكُونُ قَوْمٌ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ، وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، يَأْتِيهِمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: لَوْ أَتَيْتُمُ السُّلْطَانَ…).

(إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَصِيرُ نَدَامَةً وَحَسْرَةً..).

(لا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ).

(إِنَّ السُّلْطَانَ عَلَى بَابِ عَنَتٍ، إِلا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ).

(كَانَتْ أَنْبِيَاءُ، وَسَيَكُونُ بَعْدَهُمْ أُمَرَاءُ، يَتْرُكُونَ بَعْضَ مَا يُؤْمَرُونَ بِهِ…).

(لا تَزَالُ يَدُ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ وَفِي كَنَفِهِ …).

(إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ…).










الثلاثاء، 30 مارس 2021

أخلاق النبي وآدابه لأبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري المعروف بأبِي الشيخ الأصبهاني (المتوفى: 369 هـ) -تحقيق عصام الدين سيد

أخلاق النبي وآدابه

لأبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري

 المعروف بأبِي الشيخ الأصبهاني (المتوفى: 369 هـ)

تحقيق عصام الدين سيد

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السّلام حنُّونة


تمهيد/ اختار الله عز وجل نبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم من أشرف القبائل، ومن خير البيوت؛ فجعله خاتم الرُّسل والأنبياء، وختم بدينه الشرائع، وجعل سيرته قدوة لكل مؤمن في جميع شؤون الحياة صغيرها وكبيرها، وقد أكمل برسالته الرسالات وجعلها وافيةً بحاجات الناس في مختلف بيئاتهم وعصورهم، فجاء بالفطرة الصافية، والعقيدة الصحيحة. 

وفضَّله الله -عز وجل -على غيره من الأنبياء بشمائل عظيمة ومناقب جليلة، وصفات كريمة؛ فكان سيِّدهم وإمامهم، وإن أعظم ما فُضِّل به نبيُّ هذه الأمة صلوات الله وسلامه عليه: ما خصه االله به، من عموم البعثة، وشمول الرسالة لجميع الأمم، وليس ذلك لأحد قبله من إخوانه الرسل والأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام؛ قال الله عز وجل: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (الأعراف: 158).

وقد أعدّه الله عز وجل لهذه الغاية العظيمة؛ فأدَّبه وعلَّمه وزكَّاه، وجمع له من اعتدال الأمر ومحاسن الصفات وجميل الأدب ما تعجز الكلمات عن وصفه، فكان -صلى الله عليه وسلم -أحسن الناس خُلقاً، وأعظمهم حِلماً، وكان خُلقُه القرآن، ولذلك كان أجلُّ ما يوصفُ به هو كلام خالقه وباريه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4).

فكان صلى الله عليه وسلم كريم الأخلاق، طيِّب النفس، متواضعاً، جميلاً، جليلاً، مهيباً، حسن الصُّورة، له منطقٌ حُلوٌ، وصوتٌ عذبٌ، حسن المشي والالتفات والقيام والجلوس، دائمُ الذِّكر، أشدُّ الناس عفواً وإغضاءاً عما يكره، شديد الحياء من أصحابه كالعَذراء في خِدرها، وكان إذا كره شيئاً عُرف ذلك في وجهه، وبلغ من عفوه أن صفح عن أهل مكة، وعفا عن اليهودِّ الذي سحره.

وهذا الكتاب للشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر الأصبهاني، يروي لنا فيه أحوال وشمائل النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فذكر فيه (890) حديثاً مُسنداً، انتقاها بعنايةٍ، وذكر فيه حسن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكرمه، وكثرة احتماله، وشدة حيائه، وعفوه، وجوده، وسخائه، وشجاعته، وتواضعه، وصبره على المكروه، وإغضائه، وإعراضه عما كرهه، ورفقه بأمته، وكظمه الغيظ، وحلمه، وكثرة تبسمه، وسروره، ومزاحه، وبكائه، وحزنه، ومنطقه، وألفاظه، وقوله عند قيامه من مجلسه، ومشيه، والتفاته، وذكر محبته الطيب، وتطيبه، وذكر قميصه، وجبته، وشكره ربه عند لابسه...فهو في الجملة كتابٌ نفيس، عظيم القدر، وينبغي النظر في رتبة هذه الآثار والأحاديث، وقد كفانا المحقق مؤونة ذلك.

وقبل الحديث عن جملة بسيطة من كرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم الواردة في الكتاب، لا بُدَّ من التنويه إلى أمرٍ هام، وهو حقيقة الإيمان النافع به صلى الله عليه وسلم، باعتباره رسولٌ من عند الله إلينا، ويتلخص ذلك في أمور أربع: 

أولها: تصديقه فيما أخبر به.

الثاني: وطاعته فيما أمر.

الثالث: واجتناب ما نهى عنه وزجر.

الرابع: أنه لا يُعبد الله إلا بما شرع.

الخامس: أن الموالاة والمعاداة والمحبة والبغض معقودةٌ على شرعه وسُنَّته، وذلك بتحكيمه وحده والرجوع إلى أقواله: فما وافق قول الرسول قُبل، وما خالفه رُدَّ ولا كرامة.

ومن جملة الأخلاق النبوية الشريفة الواردة في الكتاب:

  • جوده وكرمه:

وكان أجود الناس؛ فأعطى رجلاً غنماً بين جبلين، لا يخشى في ذلك فقراً، وكان لا يُسألُ عن شيءٍ إلا أعطاه، وكان شجاعاً ذو بأسٍ؛ حتى إذا حمي الوطيسُ احتمى به أصحابه، وكان إذا أعجبه أمرٌ قال: (الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات)، وإذا غضب من أمرٍ احمرَّ وجهه، وإذا سُرَّ واستبشر استنار وجهه كالقمر، بل هو أحسن من القمر.

  • صفة ثوبه:

وكان إذا استجدَّ ثوباً سمَّاه باسمه، وحمد الله عليه، ولبسه يوم الجُمعة، وكان إزاره إلى نصف ساقه، وإزاره من قطنٍ غليظ، وكان يلبس الحُلل (جمع حُلَّة وهي الإزار والرداء)، والقميص، وكانت بُردُه حَبرة (ثياب من قطن أو كتان مُحبّرة: أي مُزينة بخطوط حمراء)، وكان رداؤه: (طوله أربعة أذرع وعرضه ذراعان وشبر)، وكان له بُردٌ قِطريٌّ (بُرد يماني يُتخذ من قطن، وفيه حُمرة وأعلام)، وله قُلنسوة لاطية (أي مُلتصقة بالرأس)، وله قُلنسوة شامية بيضاء، ولبس الجُبَّة من الصوف.

  • صفة خفه ونعله:

وله خُفان أهداهما إليه النجاشيُّ ودحية، وكان له نعلان سبتيتان (من جلود البقر)، مُلسَّنة (على شكل لسان)، مُخصَّرة (دقيقة من الوسط)، لهما قُبالان (حبلان) ولهما عقب، وكان يلبس اليُمنى قبل اليُسرى، ويخلع اليُسرى قبل اليُمنى.

  • صفة رمحه وسيفه:

وكان له رُمحٌ يُصلي إليه، وقوسٌ يخطبُ متكئاً عليه، وله حربةٌ يُصلي إليها في السَّفر، وله سيفٌ واسمه ذو الفقار، وكانت قبيعة سيفه من فضَّة، ويملُ قضيباً (وهو المخصرة =عرجون النخل، ورد أنَّه حكَّ به النُّخامة من المسجد) وله درعٌ وكان اسمه ذات الفضول، وله مغفر من حديد يضعه على رأسه، وله كُرسيٌّ قوائمه من حديد (جلس عليه لما جاء الرجل يوم الجمعة ليُعلمه).

وكانت خيمته (=قبته) من جلدٍ، وضُربت له خيمةٌ من شعرٍ في الحجِّ بنمرة، وكان يجلس القرفصاء ويجلس جاثياً، ومتربعاً.

  • صفة لوائه ورايته:

وكان لواؤه أبيضاً، ورايته سوداء مربعة تُسمى "العُقاب"، مكتوبٌ فيها لا إله إلا الله مُحمَّد رسول الله، وكان شعاره في الحرب "يا منصور أمت"، و "حم لا يُنصرون"، و "يا كل خير"، و "يا عشرة".

  • صفة دابته:

وله فَرَسٌ واسمه "المرتجز"، وناقةٌ واسمها "القصواء" وله أخرى اسمها "العضباء" (وقد سبقها أعرابي)، وبغلةٌ واسمها "دُلدُل" ويُقال لها "الشهباء" لبياضها أهداها إليه فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ، وحماره "عُفير" ويُقال له "يعفور"، وكان بلالٌ صاحب سرجه، 

صفة أكله صلى الله عليه وسلم:

وكان -صلى الله عليه وسلم -يأكُلُ بشِعاً (أي: الشعير الغليظ)، وما كان يُسيغه إلا الماء، وما أكل مُرقّقاً قط، وما عاب طعاماً قط، وكان يجثو على الأرض ولا يتكئ، ويأكلُ مما يليه، بثلاث أصابع، ويلعق أصابعه الإبهام وما يليها والوسطى، وكان يأكل التمر والرُّطب، وهي إحدى أكلتيه في اليوم، ويضع النوى على ظهر أصبعيه، وأكل النبيُّ صلى الله عليه وسلم الدجاج، وكتف الشاة، وذراعها، وأكل جمار النخل، وأكل السَّمن.

  • صفة شربه صلى الله عليه وسلم:

وكان له قدح من خشب يشرب فيه، وكان إذا شرب تنفس ثلاثاً، كان إذا سقى قوماً كان آخرهم شراباً، ويُقدِّم الأيمن فالأيمن، وشرب النبيُّ قاعداً وقائماً، وكان يُستعذب له الماء؛ فيؤتى له به من أطراف الحرَّة، وكان يُحبُّ الماء الحُلو البارد، 

  • وجوهٌ من ذلك:

وقد شرب اللبن، وقال فيه (اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه)، وشرب النبيذ، والسَّويق (دقيق وماء وسكر)، وأكل الحيس (ثريد التمر)، وأكل الخلَّ، والزيت، والقرع وكان يُحبُّه، وكان يأكل القثاء بالرطب، والقثاء بالملح، والبطيخ بالرطب، ويُسميهما "الأطيبان"، واسم قصعته "الغرّاء" وكان يحملها أربعة رجال.

  • حُبِّه للنساء والطيب:

وحُبِّب إليه صلى الله عليه وسلم النساء والطِّبُ، وجُعلت قُرَّة عينه في الصَّلاة، وأُعطي الكَفِيتُ (قوَّة الجماع، فأعطي قوة ثلاثين)، وكان يطوف على نسائه بغسلٍ واحد، وإذا تزوَّج سلَّم على أهله ليلة البناء، وكان يقول (ما أُعطيتُ من دُنساكم هذه إلا نسيَّاتكم) يعني النساء.

  • قبوله الهديَّة:

وكان يقبلُ الهديَّة ويُثيبُ عليها، ولا يقبل الصَّدقة، وكان يعود المرضى، وكان يؤثر غيره على نفسه ومعيشته، لا يدخر عن أصحابه شيئاً من مالٍ أو طعام أو ثياب، وتوفي ودرعه مرهونٌ بوسق من شعير.

  • صفة عطسه:

وكان يخفض صوته إذا عطس، ويتلقاها بثوبه، ويُخمِّر وجهه، ويحمد الله بعدها.

  • صفة خاتمه واستعماله اليُمنى:

وكان يلبس خاتماً في يساره، ويجعله في خنصر اليُسرى، ويجعل فصَّه لباطن كفِّه، وفصُّه حبشياً، وهو من وَرِق، ويلبسه أحياناً  في يمينه. وكان يستعمل كلتا يديه اليُمنى وليُسرى، وكان يُحبُّ التيامن في جميع أفعاله (ترجُّله، وتنعُّله، وطهوره، ولبسه الثوب)، وكان يقصُّ شاربه، ويقصُّ أظفاره.

  • صفة سلامه وسفره وحُبِّه لأصحابه:

وكان يُبادر غيره بالسَّلام، ويردُّ السلام على أصحابه إذا سلَّموا عليه، وإذا رأى الشيء يُعجبه، قال: (اللهم بارك فيه)، وكان يُشيِّع أصحابه إذا خرجوا للسَّفر، ويتلقاهم إذا رجعوا، وكان يُحبُّ السَّفر يوم الاثنين والخميس، وكان يقدُم منه وقت الضُّحى، وكان يُعجبه الفأل الحسن، ويُغيِّر الاسم القبيح إلى الحسن.

  • صفة فراشه:

وكان له صلى الله عليه وسلم فراشاً من أدم محشوٌ ليفاً، وله لحافٌ يتغطى به، وله قطيفة (خميلةٌ من صوف)، ووسادة ينامُ عليها، وحصيرٌ يُصلي عليها، ويجلس، ويحتجرها بالليل للصَّلاة.

  • صفة نومه واستيقاظه:

وإذا أراد النوم: قرأ المعوذات، ونفث، وسمَّة، ودعا، واكتحل في كُلِّ عينٍ ثلاثاً من الإثمد، فإذا استيقظ من نومه حمد الله، وقرأ الآيتين من سورة آل عمران، وكان إذا صلَّى الفجر لزم مسجده يذكر الله تعالى إلى طلوع الشمس.

  • صفة اجتهاده في العبادة:

وكان شديد الاجتهاد في العبادة، يقوم الليل مُتضرعا، مُنيباً، باكياً بين يدي الله عزَّ وجل، وكانت قراءته مُفسَّرةً: حرفاً حرفاً، وربما جهر وربما أسرَّ، وكان يمدُّ صوته مدَّاً، وكان يقرأ ما يُقارب الخمسة أجزاء (البقرة، آل عمران، النساء)، وكان لصدره أزيزاً كأزيز المرجل، وكان لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث.

  • غريب الألفاظ:

38/ حديث أنس (مَا شَمِمْتُ) بكسر الميم يعني (رَائِحَةً قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم).

131/ سلَّم على الصبيان وهو مُغدٍ: أي وهو مُسرع في سيره.

143/ ملاحك الجُدر: المرآة تُوضع على الجدار.

142/ السُّكرُّجة: إناء صغير يؤكل فيه الشيء، وفسَّره الغماري بأنه ما يفتح الشهيَّة، وهو تفسيرٌ عجيبٌ غريب!.

180/قصة نُعيمان ونحره لناقة الأعرابي واختبائه في حفرةٍ فيها طين.

214/ الصبب: المُنحدر من الأرض.

249/كَانَتْ كِمَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُطَح: أي واسعة.

269/ المِرط المُرحَّل: أي المنقوش عليه رحال الإبل.

628/ التمر المُذنَّب: فيه إرطابٌ قليل.

630/ جذب النخل: الجُمّار.

634/ كُنّا غراثاً: أي جياعاً.

634/ الخِربِز: البطيخ.

719/ كان رجلٌ من الأنصار يُبرد الماء في شجابٍ له على حمارةٍ من جريد: والأشجاب: هي الأسقية القديمة البالية. وحمارة من جريد هي أعواد تُعلق عليها أسقية الماء لتبرد. 

797/ صنع لكم جابرٌ سُوراً: السُّور هو الصنيع بالحبشية، والعرس بالفارسية، والمعنى أنه أعدَّ طعاماً ودعا النبيَّ وأصحابه صلى الله عليه وسلم إليه.

798/ قال لأبي هريرة: أشكنب درد؟: أي أتشكو بطنك، ذكره في باب حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالفارسية، واسناده ضعيفٌ جداً.



الاثنين، 29 مارس 2021

صفة بيع المرابحة المعمول بها في بعض البنوك الإسلامية -للشيخ د. عبد الرحمن عبد الخالق اليوسف

صفة بيع المرابحة المعمول بها في بعض البنوك الإسلامية

من كتاب (شرعيَّة المعاملات التي تقوم بها البنوك الإسلامية المعاصرة)

للشيخ د. عبد الرحمن عبد الخالق اليوسف

مجلة الجامعة الإسلامية -المدينة المنورة.


بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد/ كلما تأخَّر الزمان، ابتعد الناس عن هدي النبوَّة، وضعف الورع، وقلَّت التقوى، وتلمَّس الناس الحيل، التي ظاهرها الإباحة، ومقصودها الوصول إلى المُحرَّم، ومن الحيل المعاصرة البيع الذي تُسميه بعض البنوك الإسلامية  بـ"بيع المرابحة" وليس هو من بيع المرابحة في شيء، وإنما هو التحايل على الربا.

  واعتماد بعض المتأخرين في صورة هذا البيع على قول للشافعي رحمه الله في هذه المسألة: لا يحل لهم؛ لأمرين:

(الأول): أن الشافعي يفترض في هذا حسن النية وعدم التحايل على الربا قطعاً. 

(والثاني): أن الشافعي -رحمه الله -يرى جواز ما يماثل هذه الحيلة وهو بيع العينة كما قال: "وان اشترى رجل طعاماً إلى أجل فقبضه فلا بأس أن يبيعه ممن اشتراه منه دون غيره بنقد والى أجل" .

 وهؤلاء لا يقولون بجواز مثل هذا البيع لأنه تحايل فكذا يجب أن يقولوا ذلك في مثيله.

وأما المعاملة التي يسمونها في البنوك الإسلامية بيع مرابحة فهي تختلف عما قدمنا شكلاً وموضوعاً ونية وقصداً، من أوجه:

الأول: البنك لا يملك السلعة.

الثاني: أن المشتري الذي يلجأ إلى البنك لا يقصد خدمة البنك في أن يشتري له، وإنما يلجأ إلى البنك من أجل المال؛ لأنه ليس لديه مالٌ حاضر وهو يريد شراء سلعة ما (أرض أو سيارة)، فيأتي إلى صاحب الأرض (البائع الحقيقي) ويتفق معه على السعر ثم يذهب إلى البنك الإسلامي ويقول له: اشتروا لي الأرض الفلانية أو السيارة الفلانية، ويوقع معهم عقداً يسمونه (وعد بالشراء). 

ثم يذهب موظفوا البنك ويحضرون البائع ويتفقون معه على أن يبيعوا له بثمن أكثر "نسيئة" إلى أجل، ويسمون هذه (الدورة الطويلة) بيع مرابحة.

  • أوجه تحريم هذه المُعاملة:

(أ) قصد الربا: لأن المشتري الحقيقي ما لجأ إلى البنك إلا من أجل المال، والبنك أيضاً لم يشتر هذه السلعة بقصد أن يبيعها بأجل إلى المشترى وهذه المقاصد لا يستطيع أحد أن يكابر فيها.

(ب) بيع ما لا يملك: ولاشك أن البنك الإسلامي، إذا جاء المشتري، وقال له: اشتر لي السلعة الفلانية؛ فإن البنك يساوم المشتري على البيع، ويشترط عليه إذا اشتراها له أن يشتريها بربح كذا وكذا، وهنا يكون البنك قد باع ما ليس عنده (لأنه اشترط ربحاً معلوماً في سلعةٍ غير موجودة حالاً -أي لا يملكها). وقد جاءت النصوص بتحريم ذلك.

قال ابن قدامة في (المغنى): "ولا يجوز أن يبيع عيناًَ لا يملكها ليمضي -لعقد -ويشتريها ويسلمها رواية واحدة، وهو قول أحمد بن حنبل والشافعي، ولا نعلم فيه مخالفاً". 

وفي حديث حكيم بن حزام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل يأتيني فيلتمس من البيع ما ليس عندي فأمضي إلى السوق فأشتريه ثم أبيعه منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تبع ما ليس عندك).

ومعلوم يقيناًَ أن البنك يبيع ما ليس عنده باتفاقه مع المشتري الذي يسمونه (وعد شراء)، والحال أنه تعهد مكتوب موقع عليه يلتزم به المسلم على الأقل أخلاقياًَ وأدبياًَ، ولا يجوز للمسلم أن يخلف وعده.

وهذا الوعد يجعل المشتري مكبَّلاً أمام القضاء والقانون والمحاكم، بل وأصبحت العقود الجديدة تنصُّ على التقاضي أمام المحاكم إذا أخلَّ أيُّ طرفٍ بهذا الوعد.

(جـ) بيعتين في بيعة: وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (نهى عن بيعتين في بيعة). ولاشك أن الشراء الأول للبنك ثم البيع ما هما إلا عمليتان اثنتان في صفقة واحدة قصد بها التحايل على الربا.

(د) القضية كلها تحايل لأخذ الربا: وهذه المسألة برمتها ما هي إلا دورة طويلة، القصد منها التوصل إلى الربا بغطاء شرعي. 

ولهذا قال ابن قدامة بعد أن ساق بعض المعاملات التي ظاهرها الشرع وباطنها التوصل إلى محرم، قال: "والحيل كلها محرمة غير جائزة في شيء من الدين وهو أن يظهر عقداً مباحاًَ يريد به محرماً مخادعة، وتوسلاً إلى فعل ما حرم الله، واستباحة محظوراته…" 

إلى أن قال: "وهكذا لو أقرضه شيئاً وباعه سلعة بأكثر من قيمتها توسلاً إلى أخذ عوض عن القرض؛ فكلُّ ما كان من هذا على وجه الحيلة فهو خبيث محرم" واستطرد ابن قدامة بقوله: "ولنا أن الله تعالى عذب أمة بحيلة احتالوها فمسخهم قردة وخنازير وسماهم معتدين وجعل ذلك نكالاً وموعظة للمتقين ليتعظوا بها ويمتنعوا عن مثل أفعالهم وقال بعض المفسرين في قوله تعالى {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} أي لأمة محمد صلى الله عليه وسلم".

وقال ابن عباس أيضاً فيمن يشتري بنقد (حاضر =حالاً) ومقصوده البيع نسيئة (أي إلى أجل): "إذا استقمت بنقدٍ، ثم بعت بنقد فلا بأس، وإذا استقمت بنقدٍ، ثم بعت بنسيئة فتلك دراهم بدراهم" يعني ربا.

وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" تعقيباً على كلام ابن عباس هذا: "ومعنى كلامه إذا استقمت، إذا قومت يعني إذا قومت السلعة بنقد وابتعتها إلى أجل فإنما مقصودك دراهم بدراهم ".

ثم قال الإمام ابن تيمية مُحذراً وناصحاً من يتبع بعض الأقوال الضعيفة لأهل العلم، ويستحل مثل هذه الحيل قال: "عليهم إذا سمعوا العلم أن يقولوا عن هذه المعاملات الربوية، ولا يصلح أن يقلد فيها أحداً فمن يفتي بالجواز تقليداً لبعض العلماء فإن تحريم هذه المعاملات ثابت بالنصوص والآثار ولم تختلف الصحابة في تحريمها وأصول الشريعة شاهدت بتحريمها، والمفاسد التي لأجلها حرم الله الربا موجودة في هذه المعاملات مع زيادة مكر وخداع".

قال: "وهذا البيع ليس مقصوداً لهم وإنما المقصود أخذ دراهم بدراهم ... فهم من أحل الربا المعذبين في الدنيا قبل الآخرة وقلوبهم تشهد بأن هذا الذي يفعلونه مكر وخداع وتلبيس".

قال: "ولهذا قال أيوب السختيانى: "يخادعون الله كما يخادعون الصبيان فلو أتوا بالأمر على وجهه لكان أهون عليَّ" انتهى.






*** صلاة ليلة النصف من شعبان عند السادة الشافعية ** إعداد أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة

*** صلاة ليلة النصف من شعبان عند السادة الشافعية **

إعداد أ. محمد ناهض عبد السَّلام حنُّونة

1-قال الإمام النووي -رحمه الله -في "المجموع شرح المهذب" (4/56): "الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب (قوت القلوب) و(إحياء علوم الدين)، ولا بالحديث المذكور فيهما؛ فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما؛ فإنه غالط في ذلك".

2-وقال الشيخ التقي السبكي في "فتاويه" (1/ 159) عند حديثه على استحباب صلاة التراويح: "وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً لَكَانَتْ بِدْعَةً مَذْمُومَةً؛ كَمَا فِي الرغائب، ولَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ، وَأَوَّلِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ؛ فَكَانَ يَجِبُ إنْكَارُهَا".

3-وقال شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- في الفتاوى الفقهية الكبرى (2/ 80): وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِهَذِهِ اللَّيْلَةِ فَضْلًا وَأَنَّهُ يَقَعُ فيها مَغْفِرَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَاسْتِجَابَةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ قال الشَّافِعِيُّ رضي اللَّهُ عنه إنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ فيها، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ في الصَّلَاةِ الْمَخْصُوصَةِ لَيْلَتهَا. وقد عَلِمْت أنها بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ مَذْمُومَةٌ يُمْنَعُ منها فَاعِلُهَا وَإِنْ جاء أَنَّ التَّابِعِينَ من أَهْلِ الشَّامِ كَمَكْحُولٍ وَخَالِدِ بن مَعْدَانَ وَلُقْمَانَ وَغَيْرِهِمْ يُعَظِّمُونَهَا وَيَجْتَهِدُونَ فيها بِالْعِبَادَةِ وَعَنْهُمْ أَخَذَ الناس ما ابْتَدَعُوهُ فيها ولم يَسْتَنِدُوا في ذلك لِدَلِيلٍ صَحِيحٍ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ إنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَنَدُوا بِآثَار إسْرَائِيلِيَّةٍ، وَمِنْ ثَمَّ أَنْكَرَ ذلك عليهم أَكْثَرُ عُلَمَاء الْحِجَازِ كَعَطَاءٍ وَابْنِ أبي مُلَيْكَةَ وَفُقَهَاء الْمَدِينَة وهو قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ، قالوا: وَذَلِكَ كُلُّهُ بِدْعَةٌ، إذْ لم يَثْبُت فيها شَيْءٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم.

4-وقال البكري الشافعي في "إعانة الطالبين" (1/ 313): ومن البدع المذمومة.. لصلاة ليلة الرغائب أول جمعة من رجب، وليلة النصف من شعبان.

5-وقال شهاب الدين ابن النقيب الشافعي في كتابه "عمدة السالك وعدة الناسك" (1/ 62): ويكره تخصيص ليلة الجمعة بصلاة. وصلاة الرغائب في رجب وصلاة نصف شعبان بدعتان مكروهتان.

6-وقال ابن حجر الهيثمي في "المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية" (1/ 141): ومن البدع القبيحة صلاة الرغائب أول جمعة من رجب وصلاة نصف شعبان وحديثهما باطل، وقد بالغ النووي وغيره في إنكارهما.

7-وقال الهيثمي في "تحفة المحتاج شرح المنهاج للنووي" (2/ 239): وَالصَّلَاةُ الْمَعْرُوفَةُ لَيْلَةَ الرغائب وَنِصْفِ شَعْبَانَ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ وَحَدِيثُهَا مَوْضُوعٌ وَبَيْنَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ الصَّلَاحِ مُكَاتَبَاتٌ وَإِفْتَاءَاتٌ مُتَنَاقِضَةٌ فِيهَا بَيَّنْتُهَا مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي كِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ سَمَّيْتُهُ الْإِيضَاحَ وَالْبَيَانُ لِمَا جَاءَ فِي لَيْلَتَيْ الرَّغَائِبِ وَالنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ.

8-وجاء في حاشية الشرواني، والعبادي على "التحفة": قَوْلُهُ: (وَنِصْفِ شَعْبَانَ... بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ إلَخْ) وَقَدْ بَالَغَ -يعني النووي -فِي الْمَجْمُوعِ فِي إنْكَارِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ صَلَاتِهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَمَنْ زَعَمَ ... أَنَّ الثَّانِيَةَ أَيْ صَلَاةَ لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ تُنْدَبُ فُرَادَى قَطْعًا فَقَدْ وَهَمَ نِهَايَةٌ.

9-وقال الخطيب الشربيني في "الإقناع حل ألفاظ أبي شجاع" (1/ 118): "وَمن الْبدع المذمومة صَلَاة الرغائب اثْنَتَا عشرَة رَكْعَة بَين الْمغرب وَالْعشَاء لَيْلَة أول جُمُعَة من رَجَب وَصَلَاة لَيْلَة نصف شعْبَان مائَة رَكْعَة، وَلَا يغتر بِمن يفعل ذَلِك".

10-وقال أحمد زين الدين بن عبد العزيز المَعْبَري المليباري الفَنَّاني الشافعي في كتابه "فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين" (1/ 170):  فائدة: أما الصلاة المعروفة ليلة الرغائب ونصف شعبان ويوم عاشوراء فبدعة قبيحة وأحاديثها موضوعة. قال شيخنا: كابن شبهة وغيره وأقبح منها ما اعتيد في بعض البلاد من صلاة الخمس في الجمعة الأخيرة من رمضان عقب صلاتها زاعمين أنها تكفر صلوات العام أو العمر المتروكة وذلك حرام.

11-وقال الشهاب الرملي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (2/ 124): (قَوْلُهُ: بِدْعَتَانِ قَبِيحَتَانِ) ... لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ مَا يُؤَدِّي فِعْلُهَا إلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنْ اعْتِقَادِ سُنِّيَّتِهَا بِخُصُوصِهَا.

نَعَمْ إنْ نَوَى بِهَا سَبَبًا مُعَيَّنًا كَسُنَّةِ الرَّغَائِبِ فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ.... وَمَنْ اسْتَحْضَرَ كَلَامَهُمْ فِي رَدِّ صَلَوَاتٍ ذُكِرَتْ فِي أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ عَلِمَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ، وَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الصَّلَوَاتُ بِتِلْكَ النِّيَّاتِ الَّتِي اسْتَحْسَنَهَا الصُّوفِيَّةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرِدَ لَهَا أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَا.

•• قلتُ (مُحَمَّد حنُّونة): وأفادنا شيخنا د. علي آل حمود -حفظه الله، بأن قال:

أ. وهذه الليلة لا يصح فيها شيء

ب. والنزول الإلهي هو في كل ليلة في الثلث الآخر من الليل.

ج. ورفع الأعمال كل اثنين وخميس أشد على المتصارمين، من انتظارهم سنة.

د. واستدلال بعض السلف بالخبر في اثبات النزول  للمعنى في الرد على الجهمية لا لفضل مخصص عملوا به.

ه. وأما اثبات النزول وبيان علل الخبر فهو الصواب