نظرة في كتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب
حياته ودعوته في الرؤية الاستشراقية (دراسة نقدية)
تأليف: الدكتور ناصر بن إبراهيم بن عبد الله التويم
[أستاذ الثقافة الإسلامية المشارك بكلية الشريعة- بالرياض].
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنُّونة
تمهيد/
جديرٌ بالأجيال المتأخرة أن تدرس سير أسلافهم العظماء، وينهجوا منهجهم في التوحيد والجهاد، ويتخذوا منها نبراساً وأملاً، يجدد في نفوسنا معاني الدين القويم، والتوحيد الصحيح، ومن هؤلاء الأعلام الكبار الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
لقد كانت حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله) حافلة بالعلم والدعوة والجهاد، وكانت دعوته تجديداً لما اندرس من معالم النبوة والإسلام، وإحياءً لسُنَّةِ النبيِّ محمد عليه الصلاة والسلام، وغرساً لمعاني الفضيلة ومبادئ الأمن في شبه الجزيرة العربية، وهذا أمرٌ يعرفه المنصفون حتى من المخالفين.
وقد بدأ الشيخ دعوته إلى التوحيد الصحيح، الذي جاءت به الرسل، وأنزلت به الكتب، وخُتمت به الرسالة، فكان يحارب التبرك بالأولياء، والطواف بالأضرحة، والاستغاثة بالأموات، وتقديم النذور والذبائح للقبور، وغيرها من الأعمال الجاهلية التي كانت سائدة لدى البدو، وفي أغلب مدن العالم الإسلامي، الذي عمَّه الجهل والخرافة.
كذلك حارب قُطاع الطُّرق واللصوص، الذين يهددون الناس في طريق التجارة والحج، فأقام الحدود، وردَّ القبائل المتنازعة أُمَّة واحدة، وقضى على البدع المستحدثة والشرك الذي كان قد فشا في نجد، وغيرها من البلدان والقرى.
وقد كتب الله لدعوة الشيخ الظهور والقبول بين العامة والخاصة، وأظهره الله على غيره من أصحاب الدعوات الهدَّامة والمُفرقة.
ولم يسلم الشيخ رحمه الله من ألسنة السب والشتم التي وجهها إليه الصوُّفيَّة الأتراك، والشيعة الفرس، فوضعوا المئات من الكتب التي تقدح في الشيخ وفي علمه ودعوته، ووضعوا عليه مئات القصص الكاذبة والمختلقة، التي تفسر أمرين هما: سوء القصد والحقد الدفين لدى هؤلاء، وعدم التقصِّي والتحقيق في طلب الحق وقصده !.
وقد عني الباحثون الغربيون من المستشرقين بدراسة حياة الإمام المجدد، فابتدأت الرحلات الاستطلاعية الغربية الت تبحث في حياة الشيخ ودعوته،
وقد وضعوا عدداً من الدراسات والأبحاث التي اشتملت على الحق والباطل متأثرين بكتابات الشيعة الروافض، والمتصوفة القبوريون عن الشيخ، وكان لهذه الكتابات التي لم يلتزم فيها أصحابها التجرد والالتزام آثار سيئة، ونتائج مذمومة.
وهذا يقتضي ممن شرح الله صدره لهذه الدعوة المباركة، التي وجدنا فيها حلاوة السُّنة والتوحيد أن يقف في وجه كل هؤلاء المتآمرين والطغام، فردِّ البُهتان والافتراءات عن دعوة الشيخ بالحجة والبرهان، نسأل الله للإمامنا الشيخ محمد المغفرة والرحمة، وأن يبارك في دعوته، ويُكثِّر أنصارها، ويخذل أعداءها، والحمد لله رب العالمين..
----------------------------------------
● أهمية هذا الكتاب:
١) تقديم دراسة وصفية استقرائية لأهم مصادر المستشرقين التي كُتبت عن الشيخ ودعوته (بدءاً من الكتابات التي ظهرت في منتصف القرن الثامن عشر، وحتى القرن العشرين).
٢) التعرف إلى حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وتكوينه العلمي، ودعوته من خلال المصادر الموثوقة، ونقد الرواية الغربية الاستشراقية المتعلقة بذلك.
٣) بيان كثرة الكتابات الاستشراقية حول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته، وأن معظم هذه الكتابات مغلوطة وغير دقيقة، نظرأ لاعتمادها على مصادر غير موثقة، أو مُعادية، أو كون بعضهم لا يلتزم الموضوعية في نقد الأحداث وتفسيرها
٤) مناقشة آراء كبار المستشرقين أمثال : بوركهارت ، وبرايدجس، ومارجليوث، صمويل زويمر، وصمويلي، جورج رنتز، ولي ديفيد كوبر .
٥) تقرير كل ما يتعلق بالكتابات عن الشيخ من الكتب، والموسوعات، والمقالات، والتقارير، والرسائل العلمية.
٦) بيان خطورة الرؤية الاستشراقية لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وتفاصيل حياته العلمية والعملية، والسلوكية، سيما وأنها تُعد المرجع لكثير من المختصين والباحثين في هذا المجال.
٧) التعرف على أهم المؤلفات الاستشراقية التي كتبت عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
----------------------------------------
● وقد قسَّم الباحث كتابه هذا على خمسة فصول:
● الفصل الأول: في بيان أهم المؤلفات الاستشراقية التي كتبت عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وتتضمن:
أولاً: المصادر العربية (5 كتب).
ثانياً: المصادر الأجنبية (10 كتب).
ثالثاً: التقارير والوثائق الرسمية
باللغة الإنجليزية (5 كتب).
رابعاً: الموسوعات والقواميس
باللغة الإنجليزية (5 كتب).
خامساً: المقالات المنشورة
باللغة الإنجليزية (6 كتب).
سادساً: الرسائل العلمية
باللغة الإنجليزية (4 رسائل علمية/ ماجستير ودكتوراة).
● الفصل الثاني: حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتكوينه العلمي في الرؤية الاستشراقية ونقدها :
ويظهر اضطراب الرواية الاستشراقية لحياة الشيخ من خلال، اختلافهم في أمور؛ منها:
١) اختلافهم في اسمه: محمد أو عبد الوهاب.
٢) اختلافهم في مولده: 1691م أو 1703م أو 1704 م.
٣) الخلط بين السنة التي ولد فيها، وبين السنة التي توفي فيها: 1792م.
٤) الاختلاف في مكان ولادته: الحوطة أو العيينة من نجد.
٥) اختلافهم في قبيلته: بني سنان أو بني تميم.
٦) اختلافهم في رحلته خارج الجزيرة إلى البصرة، وبغداد، ودمشق، وكردستان، وهمذان، وأصفهان، وقم، وهذه مجرد افتراءات لا دليل عليها،
(والمعلوم من خلال المصادر التاريخية أنه انتقل من حريملاء إلى العيينة، ثم انتقل إلى الدرعية).
٧) ادعائهم أن الشيخ محمد حياة السندي، وسليمان الكردي اكتشفا عند الشيخ أمارات الابتداع طبقًا لكلام المحترق دحلان !.
٨) اختلافهم في الشخصية التي تأثر بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب: الشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي أو الشيخ محمد حياة السندي، ولا شك أن للشخصيتين أثرا كبيرا في تكوينه العلمي واتجاهه الإصلاحي، لا سيما الشيخ المحدث الفقيه: محمد حياة السندي.
٩) ادعائهم تعلُّم الشيخ محمد بن عبد الوهاب علوم الفلسفة والتصوف في مدارس الشرق وكلياته (البصرة، وبلاد فارس)، بينما تؤكد المصادر التاريخية الموثوقة بطلان هذا الإدعاء، وتُشير إلى تعلمه العقيدة الصحيحة في موطنه.
● الفصل الثالث: بيان دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرؤية الاستشراقية ونقدها (في مبحثين):
☝المبحث الأول: النظرة السلبية حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
ويعود مستند هذه النظرة السوداوية لدعوة الشيخ إلى المصادر الغير موثقة، أو إلى التصور الغربي للدين بعامة وللدعوة بصفة خاصة، انطلاقًا من الموقف الاستعماري من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومن ذلك:
أولاً: تسمية الدعوة بـ"الوهابية"، للدلالة على حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، يُشيرون بذلك إلى: أن الشيخ محمد أسس فرقة جديدة لا بد من مقاومة انتشارها وإيقاف معتقدها !! .
وهذا المصطلح هو مصطلح يُراد به التشويش، وتشويه دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، بزعم أن هناك رابطٌ بين (الوهابية) فرقة من الخوارج نشأت في القرن الخامس، وبين دعوة الشيخ رحمه الله.
ثانياً: تصوير دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على أنها فرقة أو مذهب جديد أو دين مُحدث!.
وقد ردَّ الشيخ محمد على هذه الفرية في إحدى رسائله، ببيان أنه: متبع وليس مبتدع، وأن عقديته ومذهبه هو مذهب أهل السنة والجماعة، وما عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة .
ثالثاً: تشويه دعوة الشيخ محمد بأن هدفها الغزو والغنم، وأن قصد أتباعهم إخضاع جيرانهم لحكمهم، والسيطرة فقط.
ولا شك في بطلان هذا القول، إذ أن هدف الشيخ محمد لم يكن إخضاع الآخرين، أو طمعاً في ثرواتهم وأموالهم، وأن هدفه هو هدفٌ دينيٌ محض يتمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
رابعاً: تصوير دعوة الشيخ محمد على أنها متزمتة، ومتعصبة، وعدوانية، وبدائية، وأنها لا تنتشر إلا في المناطق الفقيرة والنائية.
ولا شك أن الإسلام واحد، فلا يوجد فيه قديم وجديد، أو بدائي ومتحضر، وإنما هذه دعوى ناتجة عن تصورهم أن الأديان تتطور بتقدم الزمان، وفي هذا خلط بين الإسلام وبين واقع المسلمين المتغير.
خامساً: ادِّعائهم أن أتباع الشيخ محمد ظاهريون يفسرون القرآن تفسيراً حرفياً، وأنهم لا يعطون مجالا للعقل في الأسئلة الدينية .
وهذا الإدعاء والذي قبله يعود إلى الجهل بالدين الإسلامي، واستقاء الأحكام من آراء المناوئين، والمصادر غير الموثوقة.
سادساً: ادعائهم اقتصار الشيخ ابن عبد الوهاب على الأخذ من القرآن الكريم والسنة النبوية فقط في الجانب التشريعي.
والصحيح أنه كان يأخذ من المصادر الأخرى؛ كالإجماع، والقياس، وغير ذلك، كما صرَّح هو بنفسه، ويظهر ذلك جلياً في آرائه وفتاويه ورسائله.
✌المبحث الثاني: النظرة الاستشراقية الإيجابية حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
أولاً: أن دعوة الشيخ محمد هي دعوة تطهيرية وإصلاحية جاءت للرجوع بالناس إلى عصر السلف الصالح، والتوحيد الصحيح، وأن كل همه الخلاص من الشرين العظيمين: الشرك والبدع .
ثانياً: أن دعوة الشيخ محمد قائمة على الكتاب والسنة، وأنه لا فرق بينه وبين أهل السنة الآخرين.
كتاب الكتروني منشور، لا يوجد رقم للطبعة، 1423 هـ.
اختصره: ا. محمد حنونة.
للتواصل:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق