أرشيف المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 فبراير 2025

الرباط المُقدّس توفيق الحكيم بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

الرباط المُقدّس

توفيق الحكيم

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

       تمهيد: هذه الرواية الجميلة تُمثّل قيمة الأدب والفكر في البُعد الإنساني، وأن الأدب روحٌ يسكنُ كُلَّ فردٍ منّا، ولا ينقصه غير الكشف عن أعماقه؛ حتى يتدفّق ماؤه العذب، فيروي النفوس بعذوبته، ويُنعش الأذهان بصفائه.

والمؤلف يحكي فيها ما يجب على رجل الفكر والقلم أن يُدخله على عقول البشر من الإيمان، بأن في إمكانهم أن يسموا على أنفسهم، ويقاوموا رغباتهم، وهذا الواجب يفرض عليه هو أن يعيش حياةً سامية، لا مطعن فيها ولا غُبار.

كما أن وظيفة الأديب ليس في تجنُّب مزالق الجسد، ولا حتى تحاشي مواطن الزلل، بل في مواجهة ذلك بمصباح الحقائق ونور المُثل العُليا، وقد مثّلت هذه الرواية حسرة الجمال، وأسى الحُب، ولوعة الخيانة، وعذاب الروح، وبساطة الحياة أيضاً.

       كما يلفت النظر إلى قضية في بالغ الأهمية، وهي أن الأدب بالذات لا يمكن التعامل معه بإلمامٍ تام، لكن ليكون القارئ فيه كالذوّاقة، الذي يدخل مطابخ الآخرين، ويأخذ لعقةً من كل إناء؛ فيُدرك في لحال كيف صُنع اللون، وما استُعمل في إعداده، وما أُدخل في تركيبه، وكذلك القارئ ينفذ بقراءته إلى عالم المعاني، وبقدر ما يتناول من كتبه تحصل له.

ذلك أن خياله الذي اعتاد طويلا خلق الأشباح من الحقائق، وذهنه الذي تعمره مخلوقات بعضها يعيش فى الحياة، وبعضها يعيش في الكتب، ونفسه التي تسبح في أعماقها عوالم . وتقوم بين طياتها دول، وتدول دول، وتشرق شموس وتغيب شموس، وروحه المنعزلة التي تدور.

ولعل الموضوع الأساس الذي تناقشه الرواية هي المغامرات الغرامية التي تحلم به كل امرأةٍ في هذا العالم، بقلبها وروحها، اطرح من حسابك تلك التي لا تستطيع ....


يقول الكاتب في روايته: لقد أصبح اليوم مما يمس كرامة المرأة الجميلة أن يقال: إنها عاطلة من المعجبين، وإنهن ليتباهين أحيانا فيما بينهن بعددهم، ويتبارين في اكتساب أجملهم وأشهرهم وأغناهم ...

إنى أعرف صديقة متزوجة، تفخر بأنها تملك أثمن مجموعة من المحبين .... مجموعة يمثل كل رجل فيها ما تشتهيه المرأة من صفة : فلديها الثرى، ولديها الشاب الوسيم، ولديها صاحب الاسم والجاه ولديها صاحب النكتة والظرف .... وكل واحد من هؤلاء يظنها أنها له وحده، ولكن الحقيقة أنهم هم كلهم لها وحدها !... كل هذا يحدث، وأخشى ألا تصدقنى إذا قلت لك: إن هذا يكاد يأخذ مجرى الحياة العادية في كثير من البيوت والأسر، دون أن يقع ما يعكر صفو الزوجية، أو يحطم ذلك الرباط المقدس ....

ويذكر المؤلف يوم كانت زينة المرأة شيئا خفيا، يتم في حجرة مغلقة ؛فإذا هو اليوم عمل علنى تجريه فى كل مكان تحت أنظار الرجال والسيجارة كانت لا تدخنها من النساء غير العاهر، والخمر لا يحتسيها غير المومس .... فإذا حرائر النساء يدخن ويسكرن علانية في السهرات والمجتمعات والحفلات .... كذلك كلمة الخليل أو العشيق كانت تلفظها المرأة قديما هامسة بين طيات الحجب، وكأنما تلفظ إثما فلا عجب ...

وما دام كل شيء يتطور، إذا تحدثت النساء اليوم عن العشاق المعجبين بملء أفواههن أمام الناس، كأنما يتحدثن عن أثوابهم، ويشدن بأحاديث المغامرة بالبساطة التي يدخن بها (سيجارة)، ويصفن حوادت الغواية بالعناية التي يطلين بها الشفاه … ويتحدث عن محافظة المرأة على بيت زوجها بمقتضى عقد الزوجية، وإذا تغيّرت عواطفها ومشاعرها تجاه زوجها فلها فك هذا العقد..

ويمكن رد ذلك بأنه: إذا تغيرت عواطفك تجاه زوجك فغيرى العقد .... اذهبي إلى زوجك، وقولى له بكل هدوء:

يقول الكاتب على لسان تلك الغاوية في القصة."  إن عواطفى قد اتجهت إلى شخص آخر، ولم يعد في استطاعتى القيام بتعهداتي في الوفاء لك منذ اليوم .... والأمانة تقتضيني أن أطلب إليك الطلاق، ولقد حافظت على اسمك وشرفك حتى هذه اللحظة ..... هذا ما يجب أن تفعله المرأة إذا وثقت من صدق عواطفها، ولم تكن هازئة ولا مغامرة ولا ضعيفة عن صد شهوة عابرة ... ولكن المرأة تريد أن تأخذ من الزوج اسمه وماله وبيته، لتجعل من ذلك كله إطارا براقا لخيانتها .... إنها تريد أن تدخل الغش فى العش، والتدليس في العقد، هذا العقد القائم في الحقيقة على وجود كل من الطرفين ... الزوج عليه الكفاح في سبيل اللقمة، أو فى سبيل رفاهية الزوجة !... والزوجة عليها الكفاح على الأقل - ضد نزعات نفسها، ثم إنفاق موارد الزوج في معاشهما المشترك، فلماذا تريد الزوجة أن تختلس مال الزوج، کی تتزين به لرجل آخر !... لماذا يشقى الزوج من أجل امرأة تخونه مع رجل لم يشق من أجلها ؟... تهزئين بحزام العفة، وبأولئك الفرسان النبلاء، ولا ترثين لهم.

يرد عليها: وهم يذهبون لبذل أرواحهم فى الحروب دفاعا عن بيوتهم وزوجاتهم، ليعودوا فيجدوا هاته الزوجات قد بذلن عرضهن لمن لم يسفك من أجلهن قطرة دم ؟!... لماذا يحلو للزوجة دائما أن تجعل من زوجها ثورا، يدور ويكد ويكدح في ساقية الحياة، ليروى ظمأ ملذاتها ؟!...

لا أقول إن الرجل يجب أن يخون، ولكنه إذا خان خان من ماله .... ولكن الزوجة تخون من مال زوجها ...

 يالله !... ما أقوى ذلك الرباط المقدس عند الرجل !... إنه في الحقيقة رباط الرجل بطفله ... وإن منبع القداسة فيه ذلك الدم الذي يجب أن يجرى بينهما نقيا، فإذا تلوث أو تدنس، أو داخله الغش، أو خالطه التدليس، أو مر عليه شبح الشك والارتياب .... فإن الرجل قلما يحتمل ذلك !... هذا ما لا تفهمه المرأة، لأن كل طفل يخرج من بطنها هو لها، دون حاجة إلى أن تفرز أو تميز بين دم ودم .... ولهذا قل أن تدرك معنى لقداسة ذلك الرباط ..... لا قداسة عندها لشيء إذا اصطدم بغريزتها، أو وقف في طريق شهوتها !...

هذا هو نوع الحب الذى تريد مثلها اليوم أن تثيره في النفوس .... يا للمرأة !... ذلك الجهاز المشبع بالكهرباء ... الذي يلقى منذ مطلع الأجيال تيارات وموجات، لا تلتقطها غير الغرائز، فما العطور التي عرفتها المرأة منذ فجر التاريخ - بما تذيعه في الجو من شذا ـ إلا إشارات لاسلكية تخاطب بها حواس الرجال، وكذا النظرات والبسمات والتنهدات ..... وكل ما هيئ لكى يحدث على البعد أثرا يطيش بالعقول ولطالما حاول الشعراء أن يلتقطوا تلك الإشارات بنفوسهم الرفيعة، وأن يفسروها بلغة النفس العليا، ولكن ... هذا تفسيرهم هم، ولا شأن له بما يرمى إليه جهاز الإصدار

إن الحسناء المزينة المصنعة، هي كالمصباح البديع المصنوع من الذهب الإبريز، ولكن أين النور .... النور شيء معنوي !... إنه ليس اللهب، وليس الشرر، إنه النور، ذلك الإشراق الهادئ الطاهر الذي لا يحرق ولا يؤذى، ذلك الشيء الذي ليس بمادة تلمس، ولكنه يبعث في النفس متعة لا تدنس، ذلك السر الذى يمكن أن يودع في المرأة كما أودع في الزهرة، فأضاءها بألوان تلقى الخشوع عن بعد في نفوس الناظرين وجعلها تعبد لذاتها على عرش آنيتها، وصانها من عبث الانتفاع المادى الرخيص، الذي لا يرى فيها غير نبت يصلح للاعتصار ثم يلقى، وثمرة تقتطف للاستقطار ثم ترمى .....

إذا حرصت المرأة على اقتناء ذلك النور الداخلي ... فقد انقلب جهازها اللاسلكي نعمة كبرى ... تتحرك وتتنقل فترسل حيثما تسير موجات من الأضواء العلوية تنير القلوب، وتيارات من الأفكار السامية تلهم النفوس، وإشارات تخاطب الجوانب الرفيعة في الإنسان !

 إن اللذة الحسية ليست كل اللذة .... هنالك أيضا اللذة المعنوية ... إذا استمعنا إلى صياح حواسنا وخلايانا وحدها، وصدقنا مطالبها لما كان الإنسان أكثر من حيوان ..... ولكن هنالك لذات لا تعرفها أعضاؤنا المادية !... إن للتضحية في سبيل الواجب لذة، وللحرمان في سبيل الشرف لذة، إن الحياة بغير القيم المعنوية هي حياة تافهة لا معنى لها ..... وماذا يكون الفارق بين ( راهب الفكر ) وثور في حقل إذا فقد اللذات الروحية، ولم يكن له غير لذات الأنسجة والذرات ؟!... كلا .... إن الروح في حياتنا القصيرة ليست مصدر شقاق وشغب وشقاء تلك الروح في حياتنا القصيرة ليست مصدر شقاق وشغب وشقاء ... مزاعم الجسد .... ولكنها منبع سعادة من نوع آخر .... ولو آمنت المرأة بأن كبح جماح النفس من أجل واجب الزوجية يمنحها من السعادة الروحية، ما يعوض عليها ملذات البدن.

- لما استهانت برباطها المقدس لحظة واحدة، فكيف إذن ( براهب الفكر ) هو الذي يعيش للجمال الفكرى، ويبصر بنور الروح، أيستهين برباطه المقدس، الذي يربطه بالقيم المعنوية ؟!

- أعيش مع الشيء الباقي ... إن الأفكار لا تموت -...

-فضحكت وقالت : بل لا شيء يموت مثل الأفكار، إن لكل جيل أفكاره كما أن لكل عصر ثيابه ... إن الأفكار كورق الأشجار تتساقط في كل خريف .....

يقول بو بكر الرازي في بعض كتب الفلسفة: إن مفارقة المحبوب أمر لا بد منه اضطرارا بالموت، وإن سلم من سائر حوادث الدنيا وعوارضها المبددة للشمل، المفرقة بين الأحبة، وإذا كان لا بد من إساغة هذه الغصة، وتجرع هذه المرارة فإن تقديمها والراحة منها أصلح من تأخيرها والانتظار لها ؛ لأن ما لا بد من وقوعه متى قدم أزيحت مؤونة الخوف منه مدة تأخيره، وأيضا فإن منع النفس من محبوبها قبل أن يستحكم حبه، ويرسخ فيها ويستولى عليها؛ أيسر وأسهل …

 وأيضا فإن العشق متى انضمت إليه ( الألفة، عسر النزوع عنه، والخروج منه، فإن بلية (الألفة) ليست بدون بلية العشق، بل لو قال قائل إنه أوكد وأبلغ منه لم يكن مخطئا، ومتى قصرت مدة العشق، وطال فيه لقاء المحبوب كان أحرى ألا تخالطه وتعاونه (الألفة) !... 

والواجب في حكم العقل من هذا الباب أيضا المبادرة فى منع النفس، وزمها عن العشق قبل وقوعها فيه، وفطمها منه إذا وقعت، قبل استحكامه فيها ... وهذه الحجة يقال إن (أفلاطون) الحكيم احتج بها على تلميذ له، بلى بحب جارية، فأخل بمركزه من مجلس (أفلاطون)، فأمر أن يطلب ويؤتى به، فلما مثل بين يديه قال له: 

-أخبرني يا فلان .... هل تشك فى أنه لا بد لك من مفارقة حبيبتك ) هذه يوما ما ....

قال: ما أشك في ذلك ....

-فقال له (أفلاطون): فاجعل تلك المرارة المتجرعة فى ذلك اليوم في يومنا هذا، وأرحما بينهما من خوف المنتظر..

- الباقى بحاله الذي لا بد من مجيئه، وصعوبة معالجة ذلك بعد الاستحكام، وانضمام الألفة إليه ....

فيقال: إن التلميذ قال (لأفلاطون): إن ما تقول أيها السيد الحكيم حق ... لكني أجد انتظارى له سلوة بمرور الأيام عنى أخف على ...

فقال له (أفلاطون): -وكيف وثقت بسلوة الأيام ولم تخف ألفتها ؟... ولم آمنت أن تأتيك الحالة المفرقة قبل السلوة وبعد الاستحكام، فتشتد بك الغصة، وتتضاعف عليك المرارة .....

فيقال (إن هذا الرجل سجد في تلك الساعة (الأفلاطون) . وشكره، ودعا له، وأثنى عليه، ولم يعاود شيئا مما كان فيه، ولم يظهر منه حزن ولا شوق ... إلخ

يقول المؤلف شاكياً حاله: الفلاسفة، ولكن الفلاسفة، رقدوا فى بطون كتبهم، متدثرين في صحائف منطقهم البارع، وتركوه ساهرا يدمى جفنه الأرق، ويحرق قلبه الشجن ....



الأربعاء، 12 فبراير 2025

الخروج على الحكام وأثره في تفريق الأمة د. أحمد إبراهيم يوسف سعدية بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

                                                         الخروج على الحكام وأثره في تفريق الأمة

د. أحمد إبراهيم يوسف سعدية

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة


تمهيد: الإمام جُنَّة، به تُحفظ الدماء وتصان الأعراض، وتأمن الأموال، ويطمئن الناس من الفتن. فهو الذي يُنفّذ به القضاء، ويُقيم العدل، وينتصف المظلوم من الظالم، ويُوجّه الناس للحق، فيلتزمونه، وتستقيم بهم أمور دينهم ودنياهم، من معاملات وتجارات، ووظائف وأعمال، وقضاء وعبادات.

واتفق أهل السنة على وجوب طاعة ولاة الأمر في المعروف، حتى وإن كان متغلبًا، وأجمعوا على أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما أقروا بعدم جواز الخروج على الحاكم المسلم العادل. أما الحاكم الظالم أو الجائر، فقد اختلفت الفرق في حكم الخروج عليه؛ حيث ذهب الخوارج والمعتزلة إلى وجوب الخروج، بينما رأى جمهور أهل السنة تحريم ذلك، حتى لو كان الخروج بتأويل سائغ، إلا في حالة الكفر الصريح الذي لا يحتمل تأويلاً آخر، ويكون الحكم فيه لأهل الاجتهاد، وليس للعامة، مع مراعاة المصلحة والمفسدة، والقدرة الفعلية لا مجرد القابلية.

وقد أوضح العلماء أن قتال البغاة ليس انتصارًا لشخص الحاكم، بل امتثال لأمر الله تعالى في قوله: {فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}، وأوجبوا نصرة الإمام في هذا السياق. كما ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى ضرورة إعذار البغاة قبل قتالهم، بإزالة مظالمهم أولًا، ودعوتهم إلى الطاعة، بينما استحسن ذلك الحنفية. فإن أصروا على القتال، قوتلوا إن كانت لهم قوة ومنعة، أما إن لم يكن لهم ذلك، فلا يجب قتالهم.

ورأى العلماء أن هؤلاء البغاة لا يُعدّون فساقًا إن كان خروجهم بتأويل معتبر، ما لم يقترن خروجهم ببدعة أخرى، كتكفير المسلمين أو اعتبار المجتمع الجاهلي. كما بيّنوا أن الرضا بظلم الحاكم محرم، وأن الإنكار عليه بالقول واجب لمن استطاع، مع الصبر على جوره، وهو أصل من أصول أهل السنة.

هذا البحث يسعى إلى دراسة صور الخروج على الحكام وأحكام كل منها، مع بيان موقف أهل السنة وآثاره، والهدي النبوي في التعامل معها. وتكمن أهمية البحث في التصدي لبعض الجماعات المنحرفة التي تُؤصّل لهذا الأمر بعيدًا عن الهدي النبوي، وتسعى لترسيخ مفاهيم طائفية وحزبية، بهدف الوصول إلى السلطة، مما يؤدي إلى تفكيك المجتمعات المسلمة، بل يصل الأمر ببعضهم إلى ممارسة العنف والقتل تحت ستار الجهاد، وهو ضلال بيّن.

ومن أدب مناصحة الحكام أن تكون سرًّا، إذ إن ذلك أدعى للقبول، وأبعد عن إثارة الفتن، فإن لم يتمكن من ذلك، جاز له أن يُنصح علانيةً، ولكن بأدب واحترام، بعيدًا عن التشهير والطعن والتخوين. وللأسف، نجد من يخرج عبر وسائل الإعلام لا للإصلاح، بل للتشنيع والتأليب، زاعمًا أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بينما فعله هذا أبعد ما يكون عن النصيحة، وهو أقرب إلى النفاق والريبة. بل إن بعضهم يُكفّر الحكام بمجرد شبهة غير قطعية، متأثرين بتاريخ الأمم التي لم تترك أميرًا إلا قتلته.

ولا بأس بالمطالبات السلمية لتحقيق الحقوق، أو رفع الظلم، أو المطالبة بتحسين الأوضاع، شريطة أن تتم دون فوضى أو شغب، أو سبّ وشتم، مما لا يليق بأخلاق المسلمين.أسفل النموذج

ويتكون البحث من مقدمة، وخمسة مباحث، وخاتمة، وفهارس.

أما المقدمة: فتشتمل على مدخل للموضوع، مع أهداف البحث وخطته.

المبحث الأول: حقيقة الخروج في اللغة والشرع.

المبحث الثاني: صور الخروج على الحكام.

المبحث الثالث: حقوق الحكام على الأمة.

المبحث الرابع: موقف السنة من الخروج على الحكام.

المبحث الخامس: موقف السنة من مناصحة الحكام.

الخاتمة: النتائج والتوصيات.

الخروج على الحاكم المسلم من أهم الوسائل التي تفرق وحدة المسلمين، وتمزق شملهم، وهذا على النقيض من غاية رسالة الإسلام، ومقاصده الكلية التي تسعى إلى اجتماع المؤمنين تحت راية واحدة.

-ليس الخروج على الحكام خاصًا بالخروج بالسيف، بل هناك الخروج بالاعتقاد، والخروج باللسان، وهما أخطر من الأول.

- القول بجواز الخروج على الإمام المسلم موجب لتبديع صاحبه، كما وقع من الإمام الذهبي في تبديعه للحسن بن صالح بن حي (ت: ١٦٧هـ) بسبب رأيه في الحكام. قال الذهبي: هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الإِسْلَامِ، لَوْلَا تَلَبُّسُهُ بِبِدْعَة.

- إذا وقع الحاكم في الكفر البواح، وحارب دين صل الله الله تعالى وسنة رسوله ، وكانت الرعية في منعة وقوة، ولم يترتب على خروجهم المفاسد العظام، واستبدل ذاك الحاكم بحاكم مسلم عدل؛ فإن الخروج وقتئذ جائز

الواجب على أهل الحل والعقد أن ينصحوا الحاكم المسلم – سرا أو علانية - بأسلوب مهذب، من غير تشهير ولا تعيير، عن طريق الاتصال به، أو الكتابة والمراسلة إليه، أو عبر أي وسيلة حسب مستجدات العصر، المهم أن تكون النصيحة بعيدًا عن التهييج وإثارة الفتن.

-الوقيعة في الحكام، والاشتغال بسبهم، وذكر معايبهم، خطيئة كبيرة، وجريمة شنيعة نهى عنها رسول الله ، وذم فاعلها، وهي نواة الخروج على ولاة الأمر بالسيف، الذي هو أصل فساد الدين والدنيا.

-حرمة المظاهرات والاعتصامات وبدعيتها؛ لما يترتب عليها من مفاسد ومخالفات أو معاص أو بدع.

-يجب على الحاكم المسلم أن لا يتخذ الحجب بينه وبين رعيته، أو أن يسد الأبواب دونهم؛ فلا يسمع منهم النصيحة والرأي والمشورة.

والله الكريم أسأل أن يمن علينا وعلى جميع المسلمين باتباع كتابه الكريم، والتمسك بهدي نبيه ، وأن يعصمنا من مضلات الفتن، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.







أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب جلال الدين السيوطي بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب

جلال الدين السيوطي

بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة

 

       تمهيد: رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم -هو الحبيب الأول، والخليل الأكبر، والمُقدّم على جميع الخلائق، وقد أوجب سبحانه على العالمين محبته وتعظيمه، وأعطاه ما لم يُعط احداً من العالمين، ولما كانت خصائصه الكريمة، وشمائله العظيمة، نابعةٌ من معين سيرته، وكريم سنته، كان التعرف إليها تتميماً لإيماننا برسالته، واعترافاً بعظمة قدره ومقداره.

       وقد كتب كثيرٌ من العلماء في خصائصه صلى الله عليه وسلم، فكان منها: "كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب" للإمام السيوطي، والذي يُعرف بالخصائص الكبرى، ثم اختصره في كتابه "أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب" وهو هذا الكتاب، ويُعرف بالخصائص الصغرى؛ فجاء الثاني كالعناوين العامة، والأول كالشرح المُفصّل.

يقول السيوطي رحمه الله: "هذا أنموذج لطيف، وعنوان شريف، لخصته من كتابي الكبير الذي جمعتٌ فيه المعجزات، والخصائص النبوية، بدلائلها، وعظيم فضائلها، قصّره على إيراد الخصائص سرداً وجيزاً، وميزت كل نوعٍ من أنواعها تمييزاً".

ولهذا الكتاب شرح للشيخ محمد بن أحمد بن عبد الهادي الأهدل (ت 1289 هـ)، طُبع باسم "فتح الكريم القريب في شرح أنموذج اللبيب"، وبيان الكتاب فيما يلي:

الباب الأول في الخصائص التي اختصّ بها عن جميع الأنبياء، ولم يؤتها نبيٌّ قبله، وفيه أربعة فصول:

الفصل الأول: فيما اختصّ به في ذاته الشريفة.

الفصل الثاني: فيما اختص به في شرعه في أمته.

الفصل الثالث: فيما اختص به في ذاته في الآخرة.

الفصل الرابع: فيما اختص به في أمته في الآخرة.

الباب الثاني: في الخصائص التي اختصّ بها عن أمته، ومنها ما عُلم مشاركة الأنبياء له فيه، ومنها ما لم يُعلم، وفيه أربعة فصول:

الفصل الأول: فيما اختص به من الواجبات والحكمة فيه زيادة الزُّلفى والدرجات.

الفصل الثاني: فيما اختص به من المحرمات.

الفصل الثالث: فيما اختص به من المباحات.

الفصل الرابع: فيما اخُصَّ به من الكرامات والفضائل.

وقد استفاد السيوطي في كتابه من عدة مصادر، منها:

1-أبو بكر البيهقي في "الخصائص"، و"شعب الإيمان"، و"الدلائل".

2- وابن سبع، وابن النقيب،

2- الزركشي في "الخادم"،

3- المرداوي في "التحرير".

4- النووي في "المنهاج، وشرح المهذب، وشرح مسلم".

4- ابن السبكي في "التوشيح".

5- السُّبكي في "تفسيره"، و"الحلبيات"، و"الطبقات".

6- البارزي في "توثيق عُرى الإيمان".

7- الغزالي في "الإحياء"، و"الخلاصة".

8- والشافعي في "الرسالة".

9- ابن سُراقة في "الأعداد".

10- الماوردي، والقاضي عياض، وابن أبي هريرة،

11-أبو سعيد النيسابوري في "شرف المصطفى".

12- ابن فرشته في "شرح المجمع.

13- القونوي في "شرح التعرُّف".

14- ابن العربي في "الأحوذي شرح الترمذي" و"سراج المريدين".

15- القرافي في "شرح المحصول".

16- الدميري في "شرح المنهج".

17- تفسير ابن أبي حاتم.

18- الجزولي في "شرح الرسالة".

19- القزويني في "العروة الوثقى".

20- وأبو حسين بن المهتدي في "الفوائد".

21- الجرجاني في "الشافي".

22- السمعاني في "القواطع".

23- ابن القاص في "تلخيصه".

24- ابن الملقن في "الخصائص".

25- رزين في "الخصائص".

26- الجرجاني في "الشافي".

27- ابن دقيق العيد في "شرح العمدة".

28- الروياني في "البحر" و"روضة الحكام".

29- ابن كُج في "التجريد".

30 ابن عطاء في "التنوير".

31- المحاملي في "الأوسط".

32- ابن قُدامة في "المُقنع".

33- أبو علي السنجي في "شرح التلخيص".

34- القضاعي في "تاريخه".

35- القرطبي في "التذكرة".

36- العراقي في "نكته على المنهاج والتنبيه والحاوي".

37- الإصطخري في "آداب القضاء".

38- المحب الطبري في "ذخائر العُقبى".

39- الطحاوي في "شرح معاني الآثار".

40 -الناشري في "نكت الحاوي".

41- السكاكي في "شرح المنار".

42- ابن المنذر في "تفسيره".

43- السرخسي في "المبسوط".

44-إمام الحرمين في "النهاية".

45- الرافعي في "الشرح الصغير".

46- اليافعي في "كفاية المعتقد".

47- النسفي في "بحر الكلام".

48- الطيبي في "حاشية الكشاف".

49- بدر الدين بن الدماميني في "حسن الاقتصاص لما يتعلق بالاختصاص".

50- ابن المُنيّر في "شرح البخاري".

51- بدر الدين بن الصاحب في "تذكرته".

52- البخاري في "تاريخه".