ولاية الله والطريق إليها (قطر الولي في حديث الولي)
تأليف محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني
(المتوفى: 1250هـ)
شتا حسين، ومصطفى الهواري
بقلم: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا الكتاب النفيس هو أوسع شرحٍ للحديث المعروف (بحديث الولي)، وهو الحديث القدسي، الذي يقول فيه رب العزة: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)، وقد تناوله الإمام الشوكاني بالشرح والتعليق واستباط المعاني الدقيقة، وتكلم على معانيه وأسراره وحكمه، وبيَّن المراد بالولي، وشرط الولاية، وأحوالها، ومعانيها، وأسباب التحقُّق فيها، وعلامات صدقها، والخوارق التي تجري على أيدي الأولياء، بالإضافة إلى العديد من المباحث اللغوية، والحديثية، والأصولية، والفوائد المنثورة في صفحات الكتاب.
وقد تعرَّض الكتاب للرد على أدعياء الولاية، أو الأولياء المزيفون الذين ينتمون إلى الآراء الباطنية من الرافضة والصوفية الذين اتخذوا الولاية والأولياء ذريعةً للتحلُّل من الشريعة، وبيَّن فيه الإمام الشوكاني الصورة الحقيقية للولي كما يُريده الله سبحانه، حسبما ورد في القرآن الكريم والسُّنة النبوية الصحيحة.
كما يعتبر هذا الكتاب -أيضاً -دفاعاً عن الإسلام في أخصِّ ناحيةٍ فيه، وهي ناحية استمداد الأحكام الدينية، بعيداً عن الشطحات الغنوصية، والفلسفات الباطنية، التي تسربت إلى أفكار كثير من الطوائف المتحللة من الشرائع والدين، والمحتالين الذين زحلفوا أحكام الشريعة بالشُّبه الباطلة، والأقوال الكاذبة.
وكذلك يُمكن اعتباره داعياً إلى طريق الولاية الحقيقة، ومرشداً إليها، من كتاب الله عز وجل، وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم فأشار إلى أن طريق الولاية بعد الإيمان بالله عز وجل هو العمل بما جاءت به الأحاديث الصحيحة، والزيادة بالنوافل المشروعة من الطاعات، وأن هذه وتلك أنواعٌ عديدة كما جاء في الكتاب والسنة. وكما قال الشوكاني: "وَكَيف يكون وليا لله سُبْحَانَهُ من يعرض عَمَّا شَرعه لِعِبَادِهِ ودعاهم إِلَيْهِ ويشتغل بزخارف الْأَحْوَال، وخواطر السوء ويؤثرها على كَلَام من هُوَ ولي لَهُ؟ ! فَإِن هَذَا هُوَ بالعدو أشبه مِنْهُ بالولي".
ويتميز الشوكاني بمنهجه السلفيِّ الأصيل، الذي يردُّ كل شيء إلى الكتاب والسنة، ويجعل هدفه في التقرب إلى الله عز وجل المحافظة على الشريعة، وإحيائها بالعمل.
ومن المؤاخذات على الكتاب، ما يلي:
أولاً: ذكر الإمام الشوكاني تأويلات العلماء لصفة "التردد" لله عز وجل، ورده جميعاً، وأجاب عنها، ثم جاء هو بما هو أضعف من تأويلاتهم.
قال المحققان: وأما اعتقاد السلف في صفة (التردد): فهو أن وصف الله تعالى بالتردد من جملة الصفات التي يجب الإيمان بها على حقيقتها مع الاعتقاد أن صفاته تعالى كلها علو وكمال ولا تشابه صفات خلقه وكلام المصنف هنا مخالف لاعتقاد سلف الأمة من الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان؛ إذ فيه إخراج للفظ عن مراد االله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد وقع المصنف رحمه االله في تأويل بعض الصفات مع أن الثابت عنه في كتبه موافقته لمذهب السلف في صفات االله تعالى إجمالا وقد فصل د عبد الله نومسوك في كتابه "منهج الإمام الشوكاني في العقيدة" أن وصف الله تعالى بالتردد في قبض عبده المؤمن على حقيقته، ولا يجوز صرفه عن مراد الله فيه. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن معنى تردد الله في هذا الحديث؟ كما في مجموع الفتاوى (١٨/ ١٢٩) فأجاب: هذا حديث شريف، قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة، وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء، وقد رد هذا الكلام طائفة، وقالوا: إن االله لا يوصف بالتردد، وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور، واالله أعلم بالعواقب، وربما قال بعضهم: إن الله يعامل معاملة: المتردد والتحقيق أن كلام رسوله حق، وليس أحد أعلم بالله من رسوله، ولا أنصح للأمة منه، ولا أفصح ولا أحسن بيانا منه، فإذا كان كذلك؛ كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس، وأجهلهم، وأسوأهم أدباً، بل يجب تأديبه وتعزيره، ويجب أن يصان كلام رسول االله صلى الله عليه وسلم عن الظنون الباطلة، والاعتقادات الفاسدة، ولكن المتردد منا، وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور؛ لا يكون ما وصف االله به نفسه بمنْزلة ما يوصف به الواحد منا؛ فإن االله ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ثم هذا باطل؛ فإن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد، فيريد الفعل لما فيه من المصلحة، ويكرهه لما فيه من المفسدة، لا لجهل منه بالشيء الواحد، الذي يحب من وجه، ويُكره من وجه. وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه، بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة، التي تكرهها النفس، هو من هذا الباب… فالرب مريد لموت عبده، لما سبق به قضاؤه، وهو مع ذلك، كاره لمساءة عبده، وهي المساءة التي تحصل له بالموت، فصار الموت مُراداً للحق من وجه، مكرو ًها له من وجه، وهذا حقيقة التردد، وهو أن يكون الشيء الواحد مُراداً من وجه، مكروهاً من وجه، وإن كان لابد من ترجح أحد الجانبين، كما ترجح إرادة الموت، لكن مع وجود كراهة مساءة عبده، وليس أرادته لموت المؤمن الذي يحبه، ويكره مساءته، كإرادته لموت الكافر، الذي يبغضه، ويريد مساءته.
ثانياً: ما ذكره من أن بعض الأولياء يطلع على الغيب
والجواب: أن الأصل في الغيب أنه لا يعلمه إلا االله تعالى، وقد قالت أم المؤمنين عائشة: في حقه صلى الله عليه وسلم: (ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب): وهو يقول، لا يعلم الغيب إلا الله. كما في صحيح البخاري، فإذا كان هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فمن دونه أولى. قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله -في (منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل) ص ٢٢: لا شك أن في هذه الأمة أئمة، ولا شك أن فيها أولياء، ولكننا لا نريد بذلك أن نثبت العصمة لأحد من هؤلاء الأئمة، ولا أن ُنثبت لأحد من الأولياء أنه يعلم الغيب أو يتصرف في الكون. انتهى. وانظر إلى هذا التخبط من أحد غلاة الصو - وهو الشعراني -في طبقاته -يقول عن الولي: إذا صلحت سريرته مع االله، كلَّفه ما بين السماء والأرض، فإن فيهم خلقاً لا يعلمه إلا االله، ثم لا يزال يرتفع من سماء إلى سماء، حتى يصل إلى محل الغوث، إلى أن يصير صفة من صفات الحق تبارك وتعالى، ويطلعه على غيبه، حتى لا تنبت شجرة، ولا تخضر ورقة، إلا بنظره. انتهى. نعوذ بالله من الخذلان.
حديث الولاية
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيءٌ أحبَّ إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته "
[رواه البخاري (8/ 105)، برقم (6502)].
ذكر فصول هذا الكتاب ومباحثه باختصار:
الْفَصْل الأول: المقدمة
1-من هُوَ الْوَلِيّ؟
2-أفضل الْأَوْلِيَاء؟
3-طَبَقَات الْأَوْلِيَاء؟
4-الْأَوْلِيَاء غير الْأَنْبِيَاء لَيْسُوا بمعصومين؟
5-المقياس فِي قبُول الْوَاقِعَات والمكاشفات؟
6-إِمْكَان وُقُوع المكاشفات؟
7-الْوَاجِب على الْوَلِيّ فِيمَا يصدر من أَعمال؟
8-خوارق غير الْأَوْلِيَاء؟
9-المكاشفات الصَّحِيحَة وأولياء الْمُؤمنِينَ
10-شخصية الْوَلِيّ
11-جَوَاز الكرامات
12-مَتى يكون الخارق كَرَامَة
13-المعاداة من الْوَلِيّ كَمَا يُمكن أَن تتَصَوَّر
14-عود إِلَى مقياس الْولَايَة
15-السكونيات، والدينيات فِي الْقُرْآن الْكَرِيم
16-الْقدر وَنفي احتجاج العصاة بِهِ
17-مبدأ الباطنية، وَكَيف قَامُوا
18-كَرَاهَة الرافضة للصحابة أُرِيد بِهِ هدم السّنة
19-نصيب الْعلمَاء العاملين من الْولَايَة
20-أَسبَاب رسوخ الْعلمَاء العاملين فِي الْولَايَة
21-الرُّجُوع إِلَى كتاب الله وَسنة رَسُوله فِي مسَائِل الدّين هُوَ الطَّرِيقَة العلمية
22-حَقِيقَة الْمُقَلّد والتقليد وحكمهما
23-التَّقْلِيد فِي نظر الْعلم والمعرفة
24-موقف أَئِمَّة الْمُسلمين من المقلدين
25- تناقص الْمُقَلّد مَعَ نَفسه
27-مَنْهَج الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ
28-معنى الِاقْتِدَاء بالصحابة، وموقف الْمُقَلّد من ذَلِك
29-رأى الْعَالم عِنْد فقد الدَّلِيل رخصَة لَهُ فَقَط:
30-مَا هُوَ مَنْهَج الْحق، ومهيع الشَّرْع، الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم، وخلفاؤه الراشدون، وَبِه تقوم الْحجَّة على كل مُسلم.
31-الْمَطْلُوب من مقلد وَمن عوام الْمُسلمين
32-الِاجْتِهَاد ووحدة الْأَحْكَام
33-منطق المقلدين هُوَ منطق السوفسطائيين
34-سد بَاب الِاجْتِهَاد وَنسخ للشريعة
35-جِهَاد الشَّوْكَانِيّ للمقلدين
36-من أخطار التَّقْلِيد والمقلدين
37-وجود الِاجْتِهَاد فِي الْمذَاهب حجَّة على المقلدين
38- أهل الْيمن وَالِاجْتِهَاد
39-تعصب المقلدين أساسه الْجَهْل
40-وَاجِب الْعلمَاء وأولي الْأَمر نَحْو المقلدين
41-مدى تكريم الله سُبْحَانَهُ للأولياء
الفصل الثاني: الطَّرِيق إِلَى ولَايَة الله
(1) أَدَاء الْفَرَائِض:
1 - من أَدَاء الْفَرَائِض ترك الْمعاصِي
2 - من الْمعاصِي إبِْطَال الْفَرَائِض بالحيل
(أ)- إبِْطَال حجج الْقَائِلين بالحيل
(ب) الْحِيلَة والشريعة
(م) الْحِيلَة من الإضافات للشريعة المبطلة لفرائضها
(د) المعاريض من الشَّرِيعَة
(هـ) من الْحِيَل المكفرة والمنافية للدّين
(2) " التَّقَرُّب بالنوافل "
1 - من نوافل الصَّلَاة
تذييل - محبَّة الله والاستكثار من تِلْكَ النَّوَافِل
2 - من نوافل الصّيام
3 - من نوافل الْحَج
4 - من نوافل الصَّدَقَة
(3) التَّقَرُّب بالأذكار:
ترغيب الْكتاب، وَالسّنة فِيهَا
أعظم الْأَذْكَار أجرا
أذكار الْأَوْقَات وفوائدها
أذكار التَّوْحِيد
الصَّلَاة على النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وفضلها
التَّسْبِيح وفوائده
الْأَدْعِيَة النَّبَوِيَّة
الْأَدْعِيَة عقب الْوضُوء وَالصَّلَاة
الْأَدْعِيَة عِنْد الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَدخُول الْمَسْجِد
الْأَدْعِيَة دَاخل الصَّلَاة
الْأَدْعِيَة فِي الصّيام وَالْحج وَالْجهَاد وَالسّفر وَغَيرهَا
(4) - الْإِيمَان وَطَرِيق الْولَايَة:
1 - الْإِيمَان بِالْقدرِ، وخاصة الْمُؤمنِينَ:
2 - فَوَائِد الْإِيمَان بِالْقدرِ:
3 - الْإِيمَان بِالْقضَاءِ والاستعاذة من سوءه:
4 - الْإِيمَان وَالْإِحْسَان وَلمن يَجْتَمِعَانِ:
(5) الدُّعَاء أعظم مظَاهر الْولَايَة:
1-الْولَايَة وَالْعُزْلَة
2-اللطف والنصر وَعَامة الْمُؤمنِينَ
3-محبَّة الله بَين أَدَاء الْفَرْض وَالنَّفْل
4-أدَاء الْفَرَائِض شَرط فِي اعْتِبَار النَّوَافِل
5-لَيست المداومة شرطا فِي الْقرب
6- محبَّة الله شَامِلَة للمتقرب بِالْفَرْضِ والمتقرب بالنفل
الْفَصْل الثَّالِث: أثر محبَّة الله فِي حَيَاة الْوَلِيّ
1- هدايته وتوفيقه
2- المُرَاد من أَن الله صَار سمع العَبْد وبصره إِلَخ
3- تَحْقِيق آراء الاتحادية والصوفية
4- منشأ الْخَطَأ عِنْد الاتحاديين
5- فضل السّمع على الْبَصَر فِي التأثر وَالِاعْتِبَار
6- إِجَابَة الدُّعَاء، من مظَاهر محبَّة الله للْعَبد (أَولا)
7-أثر نوافل الصَّلَاة وَغَيرهَا فِي محبَّة الله لعَبْدِهِ
8-الْعِصْمَة والقرب الَّتِي فِي هَذَا الحَدِيث
9-مَتى نسلم بآراء أهل الْولَايَة وخواطرهم
الْفَصْل الرَّابِع: قيمَة هَذَا الحَدِيث فِي بَاب السلوك والأخلاق
1-الْإِحْسَان والمفروضات الباطنية
2-طَهَارَة الْبَاطِن وأثرها فِي مَرْكَز الْإِنْسَان من الْولَايَة
3-الطَّرِيق إِلَى طَهَارَة الْبَاطِن
4-مقَام الْإِحْسَان وَلمن يكون
5-مقَام الْوَلِيّ وَإجَابَة الدُّعَاء
6-مقَام الْمحبَّة وَإجَابَة الدُّعَاء
7-مقَام الْمحبَّة ومداومة الدُّعَاء
8-ضلال المدعين لرفع التَّكْلِيف
9-المُرَاد بتردد الله سُبْحَانَهُ عَن نفس الْمُؤمن
10-لَا تلازم بَين علم الله ونفاذ قَضَائِهِ
11-الدُّعَاء كسبب لرد الْقَضَاء
12-مبدأ السَّبَبِيَّة فِي الشَّرِيعَة الإسلامية
13-كَرَاهَة الْمَوْت ومقام الْولَايَة
14-الْوَلِيّ وَمَعْرِفَة الغيبيات
15-تواضع الْوَلِيّ وَحَقِيقَته
16-خَاتِمَة الشَّرْح