فضل الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم
تأليف الإمام إسماعيل بن إسحاق القاضي المالكي
(199 -282 هـ)
تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني
اعتنى به: أ. محمد ناهض عبد السلام حنونة
تمهيد/ هذا الكتاب فيه فضل الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ساق فيه مؤلفه الأحاديث والآثار الواردة في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وذكر مواضعها، بالأسانيد المتصلة منه إلى رواتها من الصحابة والتابعين.
ومعلومٌ أن الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم سببٌ لغفران الزلات، وتكفير السيئات، وتكثير الحسنات، وإجابة الدعوات، ورفعة الدرجات، وحلول البركات والخيرات، وفيها القيام ببعض حقه صلى الله عليه وسلم، و تنمية محبته في القلب، وهي من أسباب الهداية، وتفريج الكربات.
وما يُميِّز هذا الكتاب تقدُّم مؤلفه وكونه من جيل القرن الثالث الهجري، الذين أدركوا الجيل الفريد من هذه الأمة، من علماء وأساطين السُّنة الذين لم يتأثروا برهج البدع وطروء الحوادث التي هجمت على من بعدهم، ولا تجد للخرافات والقصص المنحولة مدخلاً إلى مصنفاتهم.
ويُعد هذا الكتاب من المصادر الأصيلة لكل من ألف بعده، في هذا الباب من علماء أهل السُّنة، مثل ابن القيِّم في "جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام"، والحافظ السخاوي في "القول البديع في الصلاة على النبي الشفيع"، وغيرهما.
تعريف بالمؤلف رحمه الله تعالى:
وأما المؤلف فهو الإمام الحافظ، شيخ الإسلام أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل ابن محدث البصرة: حماد بن زيد الأزدي مولاهم، البصري، ثم البغدادي، صاحب التصانيف، وشيخ المالكية وعالمهم.
ولد سنة (199 هـ)، وسمع من جماعةٍ كثيرةٍ من الثقات، وشارك الإمام البخاري في كثيرٍ من شيوخه، وبورك له في عمره حتى صار واحداً في عصره في علو الإسناد، فحمل الناس عنه من الحديث الحسن ما لم يحمل عن كثيرٍ من أمثاله، وكان الناس يصيرون إليه، فيقتبس منه كل فريقٍ علماً لا يُشاركه فيه الآخرون، فمن قومٍ يحملون الحديث، ومن قومٍ يحملون علم القرآن والقراءات والفقه، إلى غير ذلك مما يطول شرحه.
استوطن بغداد، وولي قضاءها نحو أربعين سنة، وكان مُسدداً في قضائه، حسن المذهب فيه، وكان في أكثر أوقاته -بعد فراغه من الخصوم -مُتشاغلاً بالعلم، وكان عفيفاً صلباً، فهماً، صنف "المسند" وكتباً عدة في علوم القرآن، وجمع حديث مالك، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأيوب السختياني، وكان إماماً في العربية؛ حتى قال المبرد: هو أعلم بالتصريف مني.
تفقه بأحمد بن المعدل، وأخذ علم الحديث وعلله عن علي بن المديني شيخ البخاري، روى عنه: عبد الله بن أحمد بن حنبل، وموسى بن هارون الحافظ، وأبو بكر بن النجاد، وأبو بكر الشافعي، ومحمد بن خلف القاضي المعروف بـ(وكيع)، وأكثر من الرواية عنه في كتابه "أخبار القضاة".
وقد مات فجأة سنة (282 هـ) رحمه الله تعالى.
سندُ هذا الكتاب من ناسخه في القرن السابع إلى مؤلفه:
وسند هذا الكتاب من ناسخه إلى المؤلف رحمه الله، وهو إسنادٌ حسنٌ مُتصلٌ: عن عبد الحميد بن محمد بن ماضي المقدسي (ت 620 هـ)، عن عبد الغنيِّ بن عبد الواحد المقدسي (ت 600 هـ)، عن علي بن هبة الله بن عبد الصمد، أبو الحسن الكاملي (ت ؟)، عن مرشد بن يحيى بن القاسم المدني ثم المصري (ت 517 هـ)، عن إبراهيم بن سعيد الحبال التجيبي (ت 482 هـ)، عن عبد الرحمن بن عمر النحاس البزار (ت 416 هـ)، والمعروف بـ(ابن النحاس)، عن إسماعيل بن يعقوب، أبو القاسم البختري (ت 345 هـ) والمعروف بـ(ابن الجراب)، عن مؤلفه إسماعيل بن إسحاق القاضي رحمه الله تعالى.
وصية الإمام الألباني في خاتمة مقدمته:
يقول الإمام الألباني رحمه الله في خاتمة المُقدمة: "وأخيراً فإن وصيتي إليك أيها المسلم أن تقرأ هذا الكتاب، وتعمل بما فيه من الأحاديث الثابتة عنه؛ لتحظى بالحياة الطيبة، وتسعد في الدنيا والآخرة، وجملة ذلك:
* أن تكثر من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في سائر أوقاتك؛ فإنك تنال بها عند الله صلاةً منه عليك، ويرفع درجتك، ويكثر في حسناتك، ويمحو من سيئاتك، ويكفيك هم الدنيا والآخرة.
* وصلِّ عليه حيثما كنتَ، فإن سلامك يبلغه وإن كان لا يسمعه، فإن لله ملائكةً سياحين يُبلغونه سلام من سلَّم عليه، خصوصيَّةٌ خصَّه بها ربنا تبارك وتعالى دون العالمين.
* وخُصَّ يوم الجمعة بالإكثار منها، فإنها تُعرض عليه، وهو في قبره لم تأكل الأرض جسده الشريف، فإن الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء.
* وصلِّ عليه بصورةٍ أخص وآكد كلما ذُكر، فإنك إن لم تفعل كُنت بخيلاً، ولو كنت بالمال أكرم من حاتم طي!.
* وإياك أن تنسى وتترك الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؛ فيميل بك ذلك عن طريق الجنة.
* وسل الله لي الوسيلة التي هي أعلى درجة في الجنة تنل بذلك شفاعة خاصة.
* وإذا جلست مجلساً؛ فإياك أن تقوم منه دون أن تذكر الله، وتُصلي على نبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم، فإنك إن فعلت ذلك كان المجلس عليك نقصاً وحسرةً يوم القيامة، واستحققت بذلك عذاب الله تعالى، إلا أن يغفر لك.
* وإذا صليت عليه فصلِّ بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من صيغ الصلاة الإبراهيمية.
* وصلِّ عليه حين تدخل المسجد، وعند الخروج منه، وفي صلاة الجنازة، وفي كل الصلوات بعد التشهُّد، وقبل الدعاء، وسلِّم عليه إذا وقفتَ على قبره، ولا تزد عليه، اقتداءً بعبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
أحاديث الكتاب مقرونةً بأحكام الإمام الألباني رحمه الله -مجردةً عن الأسانيد، ومشفوعةً ببعض التعليقات التي أحببت إضافتها:
1 - (صحيح لغيره): (حديث صحيح بمجموع طرقه، وقد ذكر له المصنف طريقين، وشاهداً من حديث أنس، وآخر عن عمر، والحديث: رواه أحمد والنسائي، وابن حبان في "صحيحه")، قال أبو طلحة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم يوماً يعرفون البشر في وجهه؛ فقالوا: إنا نعرف الآن في وجهك البشر يا رسول الله، قال: (أجل أتاني الآن آت من ربي فأخبرني أنه لن يصلي علي أحد من أمتي إلا ردها الله عليه عشر أمثالها).
2 - (صحيح لغيره): (حديث صحيح بما قبله وما بعده، وصححه ابن حبان (2391 -موارد)، عن عبد الله ابن أبي طلحة، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يوماً والبشر ترى في وجهه؛ فقالوا يا رسول الله إنا نرى في وجهك بشراً لم نكن نراه؛ قال: (أجل إنه أتاني ملك؛ فقال: يا محمد إن ربك يقول أما يرضيك ألا يصلي عليك أحدٌ من أمتك إلا صليت عليه عشراً، ولا سلم عليك إلا سلمت عليه عشراً).
3 - (إسناده ضعيف): (إسناده ضعيف؛ لأجل شيخ المؤلف: إسحاق بن محمد الفروي، وأبو طلحة الأنصاري، سماه الدولابي في الكنى: 2/ 17: عبد الله بن حفص، وقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 36) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأبو حفصلم أجد من ذكره، وللحديث شاهدٌ يأتي في الكتاب، رقم (6)، فلعله يقوى به، وقد حسَّنه المنذريُّ كما يأتي)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا فليكثر عدد ذلك أو ليقل).
4 - (إسناده ضعيف): (لكن المرفوع من الحديث صحيح، له شواهد كثيرة). قال سمعت أنس بن مالك، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يتبرز فلم يجد أحداً يتبعه فهرع عمر فاتبعه بمطهرة -يعني إداوة -فوجده ساجداً في شربة الأرض المعشَّبة، لا شجر بها؛ فتنحى عمر فجلس وراءه حتى رفع رأسه قال: فقال (أحسنت يا عمر حين وجدتني ساجداً، فتنحيت عني إن جبريل عليه السلام أتاني؛ فقال: من صلى عليك واحدة صلى الله عليه عشراً ورفعه عشر درجات).
5 - (إسناده ضعيف): (لكن القول فيه كالقول في الذي قبله). عن عمر بن الخطاب، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يتبرز، فاتبعته بإداوة، فوجدته قد فرغ ووجدته ساجداً لله في شربة؛ فتنحيت عنه، فلما فرغ رفع رأسه فقال: (أحسنت يا عمر حين تنحيت عني إن جبريل أتاني فقال من صلى عليك صلاة صلى الله عليه عشراً ورفعه عشر درجات).
6 - (إسناده ضعيف): (إسناده ضعيف، وقد رواه أحمد وابن أبي شيبة، وابن ماجه وغيرهم من طريق عاصم بن عُبيد الله. قال المنذري في "الترغيب (2/ 280): "وعاصمٌ وإن كان واهي الحديث، فقد مشّاه بعضهم، وصحَّح له الترمذيُّ، وهذا الحديث حسن في المتابعات، والله أعلم"، قلتُ: ومما يشهد له الحديث الثالث. ثم وجدتُ لعاصمٍ مُتابعاً عند أبي نُعيم في "الحلية" (1/ 180)؛ فالحديث حسنٌ على الأقل)، عن عاصم بن عبيد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبد يصلي علي إلا صلت عليه الملائكة ما صلى علي فليقل من ذلك أو ليكثر).
7 - (إسناده صحيح لغيره): (حديث صحيحٌ لطرقه وشواهده، وقد رواه أحمد والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. ويأتي له طريق أخرى، برقم: 10). عن عبد الرحمن بن عوف قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فأطال السجود قال: (أتاني جبريل قال من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه فسجدت لله شكراً).
8- (إسناده صحيح): (إسناده صحيح، ورجاله رجال الصحيح، وأبو ثابت اسمه محمد بن عُبيد الله بن محمد المدني، ويأتي عقبه من طريق أخرى عن العلاء، وله عنه طريقٌ ثالث، برقم: 11). عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي صلى الله عليه عشراً).
9 - (صحيح)، (حديث صحيح، وفي ابن ميناء كلامٌ يسير)، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً).
10 - (صحيح لغيره)، (حديث صحيح لطرقه وشواهده، وقد مضى له طريق أخرى رقم: 7) عن ابن عوف قال: كان لا يفارق فئ النبي صلى الله عليه وسلم بالليل والنهار خمسة نفرٍ من أصحابه أو أربعة؛ لما ينوبه من حوائجه؛ قال: فجئت فوجدته قد خرج فتبعته، فدخل حائطاً من حيطان الأسواف (اسم لحرم المدينة الذي حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في "النهاية"، وزاد في "اللسان": وقيل: موضع بعينه ناحية البقيع) فصلى فسجد سجدة أطال فيها؛ فحزنت وبكيت فقلتُ لأُرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض الله روحه، قال: فرفع رأسه وتراءيت له فدعاني فقال: مالك، قلتُ: يا رسول الله سجدت سجدةً أطلت فيها؛ فحزنتُ وبكيتُ، وقلتُ: لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض الله روحه، قال: (هذه سجدة سجدتها شكراً لربي فيما آتاني في أمتي: من صلى عليَّ صلاةً كتب الله له عشر حسنات).
11 - (إسناده صحيح): (إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، وقد مضى من طريقين آخرين، عن العلاء، رقم: 8 و 9)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي مرة واحدة كتب الله له عشر حسنات).
12 - (إسناده ضعيف موقوف): (=لكن له شاهد مرفوع عن أنس، أخرجه النسائي وغيره بسند صحيح)، عن عبد الرحمن بن عمرو قال: (من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات).
13 - (صحيح مرسل): (= ويشهد له ما بعده)، عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني آت من ربي فقال ما من عبد يصلي عليك صلاة إلا صلى الله عليه بها عشراً)؛ فقام إليه رجل فقال يا رسول الله: أجعل نصف دعائي، قال: (لك إن شئت). قال: ألا أجعل ثلثي دعائي، قال: (لك إن شئت). قال: ألا أجعل دعائي لك كله قال: (إذن يكفيك الله هم الدنيا وهم الآخرة).
14 - (حسن صحيح)، (حديث جيد، والعطار لا يُفرح بروايته، لكن تابعه قبيصة عن سفيان به، أخرجه الترمذي: 2/ 74 -75، وقال: حديث حسن صحيح) عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في ثلثي الليل؛ فيقول: (جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه) وقال أبي: يا رسول الله إني أصلي من الليل، أفأجعل لك ثلث صلاتي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشطر)، قال: أفأجعل لك شطر صلاتي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الثلثان أكثر) قال أفأجعل لك صلاتي كلها قال: (إذن يغفر لك ذنبك كله).
15 - (صحيح بشواهده): (= حديث صحيح بشواهده الآتية، وأخرجه ابن ماسي في "الفوائد": 9/ 1 -2، بهذا السياق، وباللفظ المتقدم: 4)، حدثنا سلمة بن وردان، قال سمعت أنس بن مالك يقول: ارتقى النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر درجة؛ فقال: (آمين)، ثم ارتقى الثانية؛ فقال: (آمين)، ثم ارتقى الثالثة؛ فقال: (آمين)، ثم استوى، فجلس؛ فقال أصحابه: على ما أمنت! قال: (أتاني جبريل فقال رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك؛ فقلت: آمين. فقال: رغم أنف امرئ أدرك أبويه فلم يدخل الجنة، فقلت: آمين. فقال: رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين).
16 - (صحيح): (إسناده صحيح، ورجاله رجال الصحيح، وقد أخرجه الترمذي والحاكم وعند مسلم منه الفقرة الثانية، وله طريق أخرى يأتمَّ منه عند ابن حبان: 2387، بسندٍ حسن، وتأتي له ثالثة)، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل أدرك أبويه عند الكبر فلم يدخلاه الجنة، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له).
17 - (إسناده صحيح على شرط مسلم، والمقدمي اسمه محمد بن أبي بكر)، قال القاضي: حدثنا المقدمي، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا عبد الرحمن بن إسحاق بإسناده نحوه.
18 - (إسناده حسن): (إسناده حسن، وأبو ثابت اسمع محمد بن عبيد الله بن محمد المدني، والحديث أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما)، عن أبي هريرة: أن رسول الله رقي المنبر فقال: (آمين آمين آمين)، فقيل له يا رسول الله: ما كنت تصنع هذا؛ فقال: (قال لي جبريل: رغم أنف عبد دخل عليه رمضان لم يغفر له فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف عبد أدرك أبويه أو أحدهما لم يدخلاه الجنة، فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف عبد ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين).
19 - (إسناده صحيح بشواهده المتقدمة): (وقد أخرجه الحاكم وصححه، وله شاهد آخر عند ابن حبان: 2382)، عن كعب بن عجرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احضروا المنبر فحضرنا؛ فلما ارتقى الدرجة، قال: (آمين)، ثم ارتقى الدرجة الثانية، فقال: (آمين)، ثم ارتقى الدرجة الثالثة فقال: (آمين)، فلما فرغ نزل عن المنبر. قال: فقلنا له يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه، قال: (إن جبريل عرض لي فقال بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له فقلت آمين فلما رقيت الثانية قال بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت آمين فلما رقيت الثالثة قال بعد من أدرك أبويه الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة فقلت آمين).
20 - (صحيح لغيره): (=صحيح بطرقه وشواهده، ويأتي بعضها برقم: 30، وقد خرجتها في "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، ص 98 -99)، فقال له علي بن حسين: أخبرني أبي عن جدي، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا قبري عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وصلوا علي وسلموا حيثما كنتم فسيبلغني سلامكم وصلاتكم).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط": "وقد يكون لفظ: (العيد) اسماً لمجموع اليوم والعمل فيه، وهو الغالب، وقد يكون اسماً لمكان الفعل، أو نفس الفعل، أو زمانه، والغرض هنا النهي عن اتخاذه عيداً، ووجه الدلالة: أن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيداً. فقبر غيره أولى بالنهي كائناً من كان، وقوله (وصلوا علي وسلموا حيثما كنتم): يشير بذلك صلى الله عليه وسلم إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم منه فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدًا".
21 - (صحيح): (إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، وقد أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان في صحيحه من طرق عن سفيان عن الثوري به، وصحح إسناده في "الجلاء" ص 27، وله شاهد من حديث ابن عباس في "كامل ابن عدي)، عن عبد الله هو ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني من أمتي السلام).
قال ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي": "وما كان الصحابة المقيمون بالمدينة من المهاجرين يفعلونه (يعني الوقوف عند قبره للسلام)، فهذا لم يعرف عن أحد من الصحابة، وقد ذكر مالك وغيره، أن هذا من البدع التي لم تنقل عن السلف، وإن هذا منهي عنه".
22 - (إسناده صحيح): (= ورجاله رجال الصحيح، وقد أُعل بما لا يقدح، وقد أخرجه أبو داود، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وصححه، وأحمد، وله شاهدٌ من حديث أبي الدرداء، وأبي أمامة، فراجع له "الترغيب": 2/ 281، و"الجلاء" 42 -48، و"تخريج المشكاة": 1361، وصحيح أبي داود: 962)، عن أوس بن أوس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا علي من الصلاة فإن صلاتكم معروضةٌ علي)، قالوا يا رسول الله كيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ يقولون قد بليت، قال: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء).
قال ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي": "وليس فيه (اي هذا الحديث) أنه يسمع ذلك كما يعتقد ذلك بعض الجُهَّال؛ فإن هذا لم يقله أحد من أهل العلم، ولا يعرف في شيء من الحديث، إنما بقوله بعض الجهال، يقولون: إنه يوم الجمعة وليلة الجمعة يسمع بأذنيه صلاةَ من صلى عليه، فالقول: بأنه يسمع ذلك من نفس المصلي باطل، وإنما في الأحاديث المعروفة أنه يبلغ ذلك ويعرض عليه، وكذلك السلام تبلغه إياه الملائكة.
وقول القائل: إنه يسمع الصلاة من بعيدٍ: ممتنع، فإنه إن أراد وصول صوت المصلي إليه، فهذه مكابرة. وإن أراد إنه هو يكونُ بحيث يسمع أصوات الخلائق من البعد، فليس هذا إلا لله رب العالمين الذي يسمع أصوات العباد كلهم، قال تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (الزخرف: 80) … وليس أحدٌ من البشر، بل ولا من الخلق يسمع أصوات العباد كلهم، ومن قال هذا في بشر فقوله من جنس قول النصارى، الذين يقولون إن المسيح هو الله، وإنه يعلم ما يفعله العباد، ويسمع أصواتهم ويجيب دعاءهم".
23 - (صحيح بما قبله): (=وإسناده صحيح مرسل، والحسن هو البصري)، قال سمعت الحسن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تأكل الأرض جسد من كلَّمه روح القدس).
24 - (صحيح): (إسناده إلى أيوب -وهو السختياني -صحيح، وهو مرفوعٌ في الحكم، مقطوعٌ؛ لأنه لا يُقال بالرأي، ويشهد له الحديث المتقدم: 21) عن أيوب قال: "بلغني والله أعلم أن ملكا موكل بكل من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يبلغه النبي صلى الله عليه وسلم".
25 - (إسناده ضعيف): (إسناده مرسل صحيح، وقد رواه البزار موصولاً، من حديث ابن مسعود، وقال الحافظ العراقي: رجاله رجال الصحيح، إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد، وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي؛ فقد ضعف بعضهم، ثم حققتُ خطأ عبد المجيد في روايته لهذا الحديث عن ابن مسعود، وأن الحديث ضعيفٌ من جميع طرقه في الأحاديث الضعيفة: 979)، عن بكر بن عبد الله المزني، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيراً لكم، تُعرض علي أعمالكم؛ فإن رأيتُ خيراً: حمدت الله، وإن رأيت غير ذلك: استغفرت الله لكم).
26 - (ضعيف): (هذه طريق أخرى إلى بكر بن عبد الله وهي جيدة، رجالها رجال مسلم، غير كثير أبي الفضل، واسم أبيه "يسار" أورده ابن أبي حاتم 3 /2 /158، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال ابن القطان: حاله غير معروفة. أورده ابن حجر في "اللسان" بقوله: بل هو معروف، ثم أطال في بيان ذلك، ومما قاله أ،ه ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه عشرة أنفس)، عن بكر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (حياتي خير لكم ووفاتي لكم خير، تحدثون فيحدث لكم؛ فإذا أنا مت عرضت علي أعمالكم ؛فإن رأيت خيرا حمدت الله، وإن رأيت شراً استغفرت الله لكم).
27 - (إسناده ضعيف): (=ويغني عنه الحديث المتقدم: 21): عن يزيد الرقاشي: (أن ملكاً موكل يوم الجمعة من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن فلانا من أمتك صلى عليك).
28 - (إسناده صحيح): (حديث صحيح بشاهده المتقدم: 22، ومسلم هو بن إبراهيم الأزدي، وتابعه هُشيم أنا أبو حرة به، أخرجه ابن أبي شيبة: 2/ 517)، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أكثروا علي الصلاة يوم الجمعة).
29 - (إسناده صحيح)، (حديث صحيح كالذي قبله)، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكثروا علي الصلاة يوم الجمعة فإنها تعرض علي).
30 - (إسناده صحيح)، (حديث صحيح، وانظر الحديث: 20)، عن سهيل قال: جئت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن ابن حسين يتعشى في بيت عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ فدعاني فجئته، فقال: ادنُ فتعش، قال: قلت لا أريده، قال: مالي رأيتك وقفت، قال: وقفت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا دخلت المسجد فسلم عليه، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلوا في بيوتكم ولا تجعلوا بيوتكم مقابر لعن الله يهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم).
قال ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي": "فهذا فيه أنه أمره أن يسلم عند دخول المسجد وهو السلام المشروع، وروي عن جماعة من السلف أنهم كانوا يسلمون عليه إذا دخلوا المسجد: وهذا مشروع في كل مسجد، وهذا الحسن بن الحسن هو الحسن بن المثنى، وهو من التابعين وهو من نظير علي بن الحسين، هذا ابن الحسن وهذا ابن الحسين.
وقد ذكر القاضي عياض هذا عن الحسن بن علي نفسه رضي الله عنهم أجمعين؛ فقال: وعن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حيثما كنتم فصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني). قال: وعن الحسن بن علي: إذا دخلت المسجد فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (لا تتخذوا بيتي عيداً ولا تتخذوا بيوتكم قبوراً وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)".
قال ابن عبد الهادي: "والصلاة والسلام عليه عند دخول المسجد مأثور عنه رضي الله عنه، وعن غير واحد من الصحابة، والتابعين، مثل الحديث الذي في المسند والترمذي وابن ماجة، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال: رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج صلى على محمد وسلم، وقال: (رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك)، هذا لفظ الترمذي".
قال: "والمقصود هنا أن نعرف ما كان عليه السلف من الفرق بين ما أمر الله به من الصلاة والسلام عليه، وبين سلام التحية الموجب للرد الذي يشترك فيه كل مؤمن حي وميت ويرد فيه على الكافر.
ولهذا كان الصحابة بالمدينة على عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم إذا دخلوا المسجد لصلاة، أو اعتكاف، أو تعليم، أو تعلم، أو ذكر الله ودعاء له ونحو ذلك مما شُرع في المسجد، لم يكونوا يذهبون إلى ناحية القبر فيزورونه هناك، ولا يقفون خارج الحجرة، كما لم يكونوا يدخلون الحجرة ولا داخل الحجرة، ولا كانوا أيضاً يأتون من بيوتهم لمجرد زيارة قبره، بل هذا من البدع التي أنكرها الأئمة والعلماء، وإن كان الزائر منهم ليس مقصوده إلا الصلاة والسلام عليه، وبينوا أن السلف لم يفعلوها كما ذكره مالك في المبسوط، وقد ذكره أصحابه كأبي الوليد الباجي والقاضي عياض وغيرهما.
قيل لمالك: إن ناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك أي يقفون على قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيصلون عليه ويدعون له ولأبي بكر وعمر، يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة والأيام المرة أو المرتين، أو أكثر عند القبر يسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني هذا عن أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني هذا عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده.
فقد كره مالك رحمه الله هذا وبين أنه لم يبلغه عن أهل العلم بالمدينة، ولا عن صدر هذه الأمة وأولها وهم الصحابة، وأن ذلك يكره لأهل المدينة إلا عند السفر، ومعلوم أن أهل المدينة لا يكره لهم زيارة قبور أهل البقيع وشهداء أحد وغيرهم، بل هم في ذلك ليسوا بدون سائر الأمصار، فإذا لم يكره لأولئك زيارة القبور، بل يستحب لهم زيارتها عند جمهور العلماء، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، فأهل المدينة أولى أن لا يكره لهم، بل يستحب لهم زيارة القبور كما يستحب لغيرهم اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن قبر النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمنع شرعاً (لقوله: لا تتخذوا قبري عيداً) وحساً كما دفن في الحجرة، ومنع الناس من زيارة قبره من الحجرة كما يزار سائر القبور فيصل الزائر إلى عند القبر.
وقبر النبي صلى الله عليه وسلم، ليس كذلك، فلا تستحب هذه الزيارة في حقه ولا تمكن، وهذا لعلو قدره وشرفه، لا لكون غيره أفضل منه، فإن هذا لا يقوله أحد من المسلمين فضلاً عن الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين بالمدينة وغيرها.
ومن هنا غلط طائفة من الناس يقولون: إذا كان زيارة قبر النبي آحاد الناس مستحبة فكيف بقبر سيد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه؟ وهؤلاء ظنوا أن زيارة قبر الميت مطلقاً هو من باب الإكرام والتعظيم له، والرسول صلى الله عليه وسلم أحق بالإكرام والتعظيم من كل أحد، وظنوا أن ترك الزيارة فيها نقص لكرامته، فغلطوا وخالفوا السنة وإجماع الأمة سلفها وخلفها.
فقولهم نظير قول من يقول: إذا كانت زيارة القبور يصل الزائر فيها إلى قبر المزور، فإن ذلك أبلغ في الدعاء له، وإن كان مقصوده دعاء كما يقصده أهل البدع، فهو أبلغ في دعائه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أولى أن نصل إلى قبره إذا زرناه!!
وقد ثبت بالتواتر وإجماع الأمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يشرع الوصول إلى قبره لا للدعاء له ولا لدعائه ولا لغير ذلك بل غيره يصلي على قبره عند أكثر السلف، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، والصلاة على القبر كالصلاة على الجنازة تشرع مع القرب والمشاهدة، وهو بالإجماع لا يصلي على قبر سواء كان للصلاة حد محدود، أو كان يصلي على القبر مطلقاً، ولم يعرف أن أحداً من الصحابة الغائبين لنا قدم صلى على قبره صلى الله عليه وسلم.
وزيارة القبور المشروعة هي مشروعة مع الوصول إلى القبر بمشاهدته، وهذه الزيارة مشروعة في حقه بالنص والإجماع، ولا هي أيضاً ممكنة.
فتبين غلط هؤلاء الذين قاسوه على عموم المؤمنين، وهذا من باب القياس الفاسد ومن قاس قياس الأولى ولم يعلم ما اختص به كل واحد من المقيس والمقيس به كان قياسه من جنس قياس المشركين الذين كانوا يقيسون الميتة على المذكي، ويقولون للمسلمين: أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله؟".
31 - (صحيح): (إسناده جيد، رجاله رجال البخاري، وفي إسماعيل كلامٌ يسير لا يضر، وأخوه اسمه عبد الحميد بن عبد الله أبو بكر، ورواه النسائي وابن حبان في صحيحه، وله طريق أخرى عن علي بن حسين تأتي بعده، ولا اختلاف بين الطريقين، بل سليمان بن بلال فيه إسنادان؛ أحدهما عن عمرو بن أبي عمرة، والآخر عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي، كلاهما عن الحسين به)، عن علي بن حسين عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن البخيل لمن ذكرت عنده فلم يصل علي).
32 - (صحيح): (حديث صحيح بالطريق التي قبله، أخرجه أحمد: 1/ 201، والترمذي: 2/ 271، وصححه ابن حبان: 2388، والحاكم: 1/ 549، والطبراني في "الكبير": 1/ 139/ 2 من طرق عن سليمان بن بلال به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، قلتُ: ورجاله ثقات رجال مسلم، غير عبد الله بن علي بن الحسين، وقد روى عنه جماعةٌ ووثقه ابن حبان، وقد اختلف عليه في إسناده من رواية: عمارة بن غزية عنه، كما يأتي في الكتاب، فبعضهم وصله وبعضهم أرسله، والأكثر الوصل، وهو الصواب إن شاء الله تعالى، وله شاهدٌ من حديث أنسٍ مرفوعاً، عزاه الفيروز آبادي في "الرد على المعترضين": ق 39/ 1، وقال: هذا حديثٌ صحيح)، عن عبد الله بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي).
قل القاضي: اختلف يحيى الحماني، وأبو بكر ابن أبي أويس في إسناده هذا الحديث، فرواه أبو بكر، عن سليمان، عن عمرو، وابن أبي عمرو، ورواه الحماني، عن سليمان بن بلال، عن عمارة بن غزيَّة، وهذا حديثٌ مُشتهرٌ، عن عمارة بن غزية، ورواه عنه خمسةٌ بعد سليمان بن بلال، وعمرو بن الحارث.
33 - (ضعيف): (رجاله موثوقون، لكنه مرسل، قصر في إسناده عمرو بن الحارث أو غيره ممن دونه، وهذا وجهٌ من وجوه الاختلاف فيه عن ابن غزية الذي أشار إليه المؤلف آنفاً، رقم: 32)، أن عبد الله بن علي بن حسين، حدثه: أنه سمع أباه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي)، قال: هكذا رواه عمرو بن الحارث أرسله، عن علي بن حسين، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
34 - (ضعيف): (رجاله موثقون، لكنه منقطع، وهذا وجهٌ آخر من وجوه الاختلاف على ابن غزية، ولعله من قبل الدراوردي، فإن فيه كلاماً يسيراً، فقد أسقط من الإسناد علي بن حسين، وكذا أباه الحسين، وجعل مكانه جده علي بن أبي طالب، ومن حديثه عزاه المنذري: 2/ 284، للترمذي، وهو وهمٌ أو نُسخة، فإنما رواه الترمذيُّ عن ابنه السين كما تقدم: 32)، قال علي ابن أبي طالب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن البخيل الذي إذا ذكرت عنده لم يصل علي)، قال: هكذا رواه الداوردي، أرسله عن عبد الله بن علي بن حسين، عن علي رضي الله عنه.
35 - (صحيح): (إسناده صحيح إلى عبد الله بن علي بن حسين، وهذه متابعة قوية من إسماعيل بن جعفر -وهو ثقةٌ ثبتٌ -لسليمان بن بلال، فهي من المرجحات لرواية سليمان على رواية كل من خالفه، وتابعه أيضاً عبد الله بن جعفر بن نجيح، والد علي بن المديني، كما يأتي بعده)، عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي).
36-حدثنا به علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح، قال: قال أبي، ثنا عمارة بن غزية، أنه سمع عبد الله بن علي بن حسين، يُحدث عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.
قال القاضي: وصل عبد الله بن جعفر إسناده، كما ثنا به الفروي، عن إسماعيل بن جعفر، وكما ثنا به الحماني، عن سليمان بن بلال (هذه متابعة لسليمان بن بلال، وهي من عبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي بن المديني، وهو وإن كان ضعيفاً، فلا بأس به في المتابعات).
37 - (صحيح): (حديث صحيح بشاهده المتقدم والآتي بعده، ورجال إسناده ثقات، لولا الرجل الذي لم يُسمَّ، وقد رواه ابن أبي عاصم في كتاب "الصلاة" من طريق أخرى، عن علي بن يزيد، عن أبي القاسم، عن أب ذر، فأحد الطريقين يُقوي الآخر)، عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل علي).
38 - (صحيح): (إسناده مرسل صحيح، ويشهد له ما قبله) سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بحسب امرئ في البخل أن أذكر عنده فلا يصلي علي).
39 - (ضعيف)، (إسناده مرسل ضعيف، لكن يشهد له ما سبق) عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كفى به شحاً أن يذكرني في قوم فلا يصلون علي).
40 - (صحيح لغيره)، (إسناده مرسل جيد، ويشهد له ما الحديث: 22) عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة).
41 - (صحيح لغيره)، (إسناده مرسل جيد، وجعفر هو ابن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب رضي الله عنهم، ووالده هو محمد المعروف بأبي جعفر الباقر، وقد رواه المصنف فيما يأتي من طريقين آخرين عنه مرسلاً، وقد وصله الطبراني في "الكبير" 1/ 139/ 1، من طريق محمد بن بشير الكندي، ثنا عبيدة بن حميد، حدثني فطر بن خليفة، عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين، عن أبيه، عن جده حسين بن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم… فذكره) عن جعفر عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ينسى الصلاة علي خطئ أبواب الجنة) (قلتُ: لكن الكندي هذا ليس بالقوي في حديثه كما قال الدارقطني، فلا يُعتد بمخالفته، وكأنه لذلك قال المنذري: 2/ 284: "والمرسل أشبه"، قلتُ: ويتقوى الحديث برواية ابن عباس مرفوعاً به. أخرجه ابن ماجه : 908، ورواية محمد بن الحنفية مرفوعاً، رواه ابن أبي عاصمٍ مرسلاً، وهذه الطرق وإن كانت لا تخلو عن ضعفٍ يُقوي بعضها بعضاً، فالحديث يرتقي بها إلى درجة الحسن على أقل الدرجات).
42 - (صحيح لغيره)، (إسناده مرسلٌ صحيح، وهذه متابعة قوية لجعفر بن محمد من عمرو وهو ابن دينار يرويه عن سفيان وهو ابن عيينة، وقد ذكر هذا إنه رواه رجلٌ لم يُسمه عن محمد بن علي ثم سماه بساماً، وهو ابن عبد الله الصيرفي وهو صدوق) عن محمد بن علي بن حسين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ينسى الصلاة علي خطئ طريق الجنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ذكرت عنده فلم يصل علي خطئ طريق الجنة)
43 - (صحيح)، (إسناده مرسلٌ صحيح، وانظر الإسناد قبله) عن محمد بن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة).
44 - (صحيح) (إسناده مرسلٌ صحيح، وهذه متابعة قوية لسليمان بن بلال من وهيب وهو ابن خالد الباهلي البصري، والحديث صحيحٌ كما ذكرنا في الطريق الأولى، رقم: 41) عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد خطئ طريق الجنة).
45 - (ضعيف) (إسناده واهٍ جداً، عمر بن هارون هو البلخي: متروك، وشيخه موسى بن عبيدة مثله أو أقل منه ضعفاً) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلوا على أنبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني صلى الله عليه وسلم).
46 - (ضعيف) (إسناده ضعيف، علته ليث وهو ابن أبي سليم، وكان اختلط، وسعيد بن زيد فيه ضعف، وقد تابعه شريك، وهو مثله في الضعف عن ليث به. أخرجه أحمد: 2/ 365، لكن تابعه أيضاً ابن فضيل، وهو ثقة أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف": 2/ 217 -طبع الهند، وخالفهم معتمر فرواه عن ليث عن كعبٍ مرسلاً،كما رواه المؤلف في السند التالي، والأقرب الموصول، لكن مداره على الليث، وقد عرفت حاله، والشطر الثاني من الحديث صحيح، فإن هل شاهداً من حديث ابن عمرو، يأتي في الكتاب: 50) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا علي فإن صلاتكم علي زكاة لكم قال: وسلوا الله لي الوسيلة قال فإما حدثنا وإما سألناه قال: (الوسيلة أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل وأرجو أن أكون أنا ذلك الرجل).
47 - (ضعيف) (هذا مرسلٌ ضعيف الإسناد من أجل ليث، وقد رواه غير المعتمر عنه موصولاً كما سبق في الطريق الذي قبله) عن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلوا علي فإن صلاتكم علي زكاة لكم وسلوا الله لي الوسيلة) فإما أن يكونوا سألوه وإما أن يكون أخبرهم قال: (إنها أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد وأرجو أن أكون أنا هو).
48 - (ضعيف) (إسناده ضعيف، من أجل موسى بن عبيدة، وقد مضى، لكن معنى الحديث صحيح، فإنه قد صحَّ من حديث ابن عمرو الآتي: 50، وأخرجه ابن أبي شيبة أيضاً عن موسى بن عبيدة) عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سلوا الله لي الوسيلة لا يسألها لي مسلم أو مؤمن إلا كنت له شهيدا أو شفيعا أو شفيعا أو شهيداً).
49 - (صحيح) (إسناده حسن) أن أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم: (إن الوسيلة درجة عند الله ليس فوقها درجة فسلوا الله أن يؤتيني الوسيلة على خلقه).
50 - (صحيح) (حديث صحيح، ورجال إسناده ثقات، إلا أن عمر بن علي مع ثقته كان يُدلس تدليساً خبيثاً، كان يقول "سمعتُ"، و"حدثنا"، ثم يسكت، فيقول: هشام بن عروة، والأعمش، قلتُ: فمصل هذا ينبغي أن لا يُقبل حديثه ولو صرح بالتحديث، ولكني رأيتُ العلماء قد قبلوا حديثه إذا قال "حدثنا" حتى الذي اتهمه بذلك التدليس، وهو ابن سعد؛ فقد قال عقب اتهامه بذلك "كان رجلاً صالحاً، ولم يكونوا ينقمون عليه غير التدليس، وأما غر ذلك فلا، ولم أكن أقبل منه حتى يقول: حدثنا"، فلا أدري وجه ذلك، وأبو بكر الجشمي، اسمه: عيسى بن طهمان، وهو صدوق أفرط فيه ابن حبان، والذنب فيما استنكره من حديثه لغيره كما قال الحافظ في "التقريب") عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي أو سأل لي الوسيلة حقت عليه شفاعتي يوم القيامة).
(والحديث صحيح، فقد أخرجه مسلم: 2/ 4، وأحمد: 2/ 168، من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ؛ فإنه من صلَّى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة، حلت له الشفاعة".. قلتُ: وفي هذا الحديث ثلاثُ سُننٍ تهاون بها أكثر الناس: إجابة المؤذن، والصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الإجابة، صم سؤال الوسيلة له صلى الله عليه وسلم، ومن العجيب أن ترى بعض هؤلاء المتهاونين بهذه السنن أشدَّ الناس تعصباً وتمسكاً ببدعة جهر المؤذن بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عقب الأذان، مع كونه بدعةً اتفاقاً، فإن كانوا يفعلون ذلك حُباً بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فهلا اتبعوه في هذه السُّنة، وتركوا تلك البدعة؟ نسأل الله الهداية).
51 - (ضعيف) (إسناده ضعيف، لكنه بمعنى الحديث الذي قبله) عن عون بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة مجلساً لم يعطه أحد قبلي وأنا أرجو أن أعطاه فسلوا الله لي الوسيلة)
52 - (صحيح) (إسناده صحيح موقوف) عن ابن عباس يقول: (اللهم تقبل شفاعة محمد الكبرى، وارفع درجته العليا، وأعطه سؤله في الآخرة والأولى كما آتيت إبراهيم وموسى عليهم السلام).
53 - (ضعيف)، (إسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة، واسمه: عبد الله. وقد رواه البزار والطبراني في "الأوسط" و"الكبير" قال المنذري: 2/ 682، والهيثمي: 10/ 163: "وأسانيدهم حسنة"، قلتُ: وغالب الظن أنه عندهم من طريق ابن لهيعة، فإن كان كذلك؛ ففي التحسين نظر، ثم رأيتُ ابن القيم في "جلاء الأفهام": 56 قد ساق إسناد الطبراني فيه، فإذا هو من هذه الطريق) قال رويفع الأنصاري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من قال: (اللهم صلي على محمد وأنزله المقعد المقرب منك يوم القيامة وجبت له الشفاعة).
54 - (صحيح)، (حديث صحيح، رجاله كلهم ثقات، غير صالح مولى التوأمة، فإنه ضعيف لاختلاطه، لكنه لم يتفرد به بل تابعه أبو صالح السمان "ذكوان"، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وأبو إسحاق مولى الحارث، كلهم عن أبي هريرة، بألفاظ متقاربة، وقد سقتها، وخرجتها في سلسلة الأحاديث الصحيحة، فانظر الأحاديث: 73 -78) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم إلا كان مجلسهم عليهم ترة يوم القيامة إن شاء عفا عنهم وإن شاء أخذهم).
55 - (صحيح) (إسناده صحيح موقوف، ولكنه في حكم المرفوع، لا سيما وقد جاء مرفوعاً؛ فقال الإمام أحمد: 2/ 463: ثنا عبد الرحمن، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً به نحوه. وهذا إسناد صحيح، وعبد الرحمن هو ابن مهدي، فقد خالف الجماعة، ومن قرنه المصنف معه عاصم بن علي، فجعله من رواية أبي صالح وهو ذكوان، عن أبي هريرة، وهم جعلوه من رواية أبي صالح عن أبي سعيد، وهو الخدري، ورواية الجماعة أولى عند التعارض، ولكنه لا تعارض، فيجوز أن يكون لأبي صالح فيه شيخان صحابيان، أبو هريرة وأبو سعيد، وكثيراً ما تراه يروي بعض الأحاديث عنهما معاً، ثم نرى بعض الرواة عن أبي صالح يقتصرون على واحدٍ من الصحابيين: أحدهم يذكر هذا، وغيره الآخر، ومما يؤيد ما ذكرت بالنسبة لهذا الحديث: أن الحاكم أخرجه: 1/ 492، من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به، فثبت أن الأعمش يرويه عن أبي صالح عن أبي هريرة، وعن أبي صالح عن أبي سعيد، روى شعبة عن الأعمش الإسنادين، وروى أبو إسحاق الفزاري عن الأعمش أحدهما، والله أعلم. ومما يؤيد أن للحديث أصلاً عن أبي هريرة، أنه رواه جماعةٌ من التابعين عنه كما سبق ذكره في الحديث الذي قبله) عن أبي سعيد قال: (ما من قوم يقعدون ثم يقومون ولا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم يوم القيامة حسرة وإن دخلوا الجنة للثواب).
56 - (إسناده صحيح) (كذا وقع الحديث في الأصل دون التبريك، وهي ثابتةٌ فيه عند الشيخين وغيرهما بلفظ: "اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد" وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه في "صحيحيهما" من طرق عن شعبة به) عن كعب بن عجرة أنه قال: ألا أهدي لك هدية؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا قال فقلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي؟ قال: (قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)
57 - (ضعيف) (إسناده ضعيف، يزيد بن أبي زياد هو القرشي الهاشمي الكوفي، ضعيف من قبل حفظه، ومن طريقه أخرج الحديث أحمد: 4/ 244) عن كعب بن عجرة قال: لما نزلت هذه الآية {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} (الأحزاب 56) قلنا: يا رسول الله قد علمنا السلام فكيف الصلاة قال قولوا: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت وصليت (كذا في الأصل بزيادة "وصليت" ولم ترد في رواية أحمد، ولا في رواية المصنف الآتية، فإن كانت ثابتةً في الرواية الأولى عنده فهي منكرة، نعم. قد صحَّ الجمع بين التصلية والتبريك في حديث آخر بلفظ: "اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وهي أخصر صيغةٍ وردت في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من بين ما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم فيها، وهي سبعة، وقد ذكرتها في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم 143 -157 ط3) على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد)
قال: وكان ابن أبي ليلى يقول: "وعلينا معهم". (زاد أحمد قال يزيد: فلا أدري أشيء زاده ابن أبي ليلى من قبل نفسه، أو شيءٌ رواه كعب).
58 - (ضعيف) (إسناده ضعيفٌ لما سبق بيانه في الذي قبله) عن كعب بن عجرة قال: قلت يا رسول الله قد عرفنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال تقولون: (اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد).
59 - (إسناده حسن) (=وبه أخرجه أبو داود في سننه: 981، وأخرجه ابن أبي شيبة: 2/ 508، وابن حبان: 515، والدارقطني في سننه: ص 135 -136، والحاكم: 1/ 268، والبيهقي: 2/ 146- 147، من طريق أخرى عن محمد بن إسحاق به. وقال الدارقطني: هذا إسناد حسن متصل. وقال الحاكم: صحيحٌ على شرط مسلم، ووافقه الذهبي) عن عقبة بن عمرو قال أتى رسول الله رجل حتى جلس بين يديه فقال يا رسول الله: أما السلام عليك فقد عرفناه وأما الصلاة فأخبرنا بها كيف نصلي عليك؟ قال فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وددنا أن الرجل الذي سأله لم يسأله ثم قال: إذا صليتم علي فقولوا: (اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
60 - (صحيح) (إسناده صحيح، وهو مقطوع؛ فإن زيد بن عبد الله، من طيقة التابعين، وفي هذه الطبقة بهذا الاسم زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب؛ فيحتمل أنه هو، ولكنهم لم يذكروا في الرواة عنه سعيد الجريري، ويحتمل أن يكون "زيدٌ" محرفاً من "يزيد" فإن يزيد بن عبد الله وهو ابن الشخير العامر، من المشهورين في الرواة عنه سعيد الجريري، والله أعلم. ثم تأكد لديَّ هذا الاحتمال حين رأيتُ ابن القيم نقل هذا الأثر بسنده في "جلاء الأفهام" ص 76، عن المصنف، فقال: يزيد بن عبد الله) عن زيد بن عبد الله "أنهم كانوا يستحبون أن يقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي".
61 - (ضعيف) (إسناده ضعيف؛ فإن المسعودي، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله ضعيفٌ لاختلاطه، وأبو فاختة اسمه سعيد بن علاقة الهاشمي الكوفي وهو ثقة، والأسود هو ابن يزيد، والحديث أخرجه ابن ماجه: 906، من طريق أخرى عن المسعودي به. وقال الحافظ ابن حجر: إسناده ضعيف، ذكر ذلك في فتوى له في عدم مشروعية وصفه صلى الله عليه وسلم بالسيادة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وهي فتوى مهمة، جرى الحافظ فيها على طريقة السلف في الاتباع وترك الابتداع، وقد نشرتها بتمامها في التعليق على صفة صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم 150 -154، ط 3، فليراجعها من شاء)، عن عبد الله أنه قال: إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه؛ فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه قالوا فعلمنا قال قولوا: "اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد".
62 - (ضعيف) (إسناده ضعيفٌ، يونس مولى بني هاشم لم أعرفه، وأبو بلج اسمه يحيى بن سُليم أو ابن أبي سُليم، وهو صدوقٌ ربما أخطأ، والحماني اسمه يحيى ابن عبد الحميد اتهموه بسرقة الحديث) قيل لعبد الله بن عمرو أو ابن عمر كيف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم اجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك على سيد المسلمين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير اللهم ابعثه يوم القيامة مقاما محمودا يغبطه الأولون والآخرون وصل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم".
63 - (صحيح)، (إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه في صحيحه: 2/ 16 من طريق آخر، عن مالك به. ورواه أبو داود: 980 بإسناد المصنف) عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة؛ فقال بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما علمتم)
64 - (صحيح) (إسناده مرسل صحيح، إبراهيم هو ابن يزيد النخعي، روى عن كبار التابعين، أمثال: مسروق، والأسود، وعبد الرحمن ابني يزيد، وعلقمة وغيرهم، وأبو معشر هو زياد بن كُليب، والمغيرة هو ابن مقسم الضبي، وجرير هو ابن عبد الحميد). عن إبراهيم، قال: قالوا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك ؟ قال: قولوا: "اللهم صل على عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك عليه وأهل بيته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد"
65 - (صحيح) (إسناده مرسل صحيح، والحسن هو ابن أبي الحسن البصري، وأخرجه ابن أبي شيبة: 2/ 508 من طرق أخرى عنه به دون نزول الآية) سمعت الحسن قال لما نزلت: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد علمنا كيف هو فكيف تأمرنا أن نصلي عليك؟ قال تقولون: "اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد".
66 - (صحيح)، (حديث صحيح، رجاله ثقات غير عبد الله بن جعفر، وهو والد علي بن المديني، وهو ضعيفٌ كما تقدم، ولكنه لم يتفرد به، فقد أخرجه البخاري والنسائي والبيهقيّ: 2/ 147، وغيرهم من طرق أخرى عن ابن الهاد به. وكذلك أخرجه المصنف في الرواية التالية، وابن الهاد اسمه: يزيد بن عبد الله بن الهاد) عن أبي سعيد الخدري قال: قالوا يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة قال: تقولون: "اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم".
67 - (صحيح) (إسناده صحيح،على شرط البخاري، وإبراهيم بن حمزة هو ابن محمد بن حمزة المدني، أبو إسحاق. والحديث أخرجه ابخاريُّ في صحيحه: 8/ 410 "بشرح الفتح" بإسناد المصنف) عن أبي سعيد الخدري قال قلنا: يا رسول الله هذا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: "اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم".
68 - (صحيح) (إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، وقد أخرجه الإمام أحمد: 1/ 162 طبع المكتب الإسلامي، ثنا محمد بن بشر به. وأخرجه النسائي: 1/ 190 من طريق أخرى عن محمد بن بشرٍ به) عن موسى بن طلحة قال القاضي أراه عن أبيه سقط من كتابي عن أبيه قال: قلت يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال قل: "اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد".
69 - (صحيح) (إسناده صحيح، وأخرجه النسائي" 1/ 190 مختصراً: أخبره سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، في حديثه، عن أبيه، عن عثمان بن حكيم به، عن موسى بن طلحة، قال: سألتُ زيد بن خارجة؟ قال: أنا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: صلوا على واجتهدوا في الدعاء، وقولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد) عن زيد بن خارجة أخو بني الحارث ابن الخزرج قال: قلت يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: "صلوا علي وقولوا اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد".
70 - (صحيح)، (إسناده صحيح على شرطهما، وقد أخرجه أبو داود: 979 بإسناد المصنف. وأخرجه هو والشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن مالك، وهو في "الموطأ" 1/ 165/ 666) عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا: "اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد".
71 - (صحيح)، (إسناده مرسل صحيح، رجاله كلهم رجال مسلم، وعبد الرحمن بن بشر بن مسعود وهو الأنصاري، أبو بشر المدني الأزرق، روى عن أبي مسعود الأنصاري، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وخباب بن الأرت، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: أرسل عن النبيَِّ صلى الله عليه وسلم. قلتُ: كأنه يُشير إلى حديثه هذا، وقد روى مسنداً عن ابن بشرٍ هذا، عن أبي مسعود الأنصاري، ولكنه غير محفوظ، كما يأتي تحقيقه بعد حديث) عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود قال: قيل يا رسول الله، أمرتنا أن نسلم عليك وأن نصلي عليك وقد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي؟ قال تقولون: "اللهم صل على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على آل محمد كما باركت على آل إبراهيم".
72 - (صحيح) (إسناده مرسل صحيح، وتقدم الكلام عليه في الذي قبله) عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود قال قالوا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف الصلاة عليك قال قولوا: "اللهم صل على محمد كما صليت على آل إبراهيم اللهم بارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم".
73 - (صحيح): (إسناده صحيح كالذي قبله، لكن قد رواه النسائي من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد، قال: حدثنا هشام بن حسان به، إلا أنه قال: عن عبد الرحمن بن بشر عن أبي مسعود الأنصاري، قال: "قيل للنبي صلى الله عليه وسلم" فلعله من رواية ابن بشر، عن أبي مسعود الأنصاري، فلعله وهم من عبد الوهاب بن عبد المجيد، فإنه وإن كان ثقةً، فقد كان تغير قبل موته بثلاث سنين، والصواب رواية عبد الأعلى وهو ابن عبد الأعلى البصري السامي، عن هشام، لموافقتها لرواية ابن عون، وأيوب عن محمد بن سيرين، نعم: قد ورد الحديث من طريق أخرى عن أبي مسعود مُسنداً، وقد مضى في الكتاب، 63) عن محمد بن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود، قال قلنا أو قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أمرنا أن نصلي عليك ونسلم عليك، فأما السلام فقد عرفناه؛ ولكن كيف نصلي عليك؟ قال تقولون: "اللهم صل على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم اللهم بارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم".
74 - (ضعيف): (إسناده موقوف ضعيف، عمرو بن مسافر، ويُقال فيه "عمر بن مسارو" وهو الصواب، كما في "الميزان" قال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. وشيحه من أهله لم يُسمَّ. والحديث ذكره السخاوي عن عبد الله بن عمر، وقال: رواه ابن منيع في مسنده، والبغوي في "فوائده"، ومن طريقه النميريّ بسندٍ ضعيف) سمعت سعيد بن المسيب، يقول: "ما من دعوة لا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم قبلها إلا كانت معلقة بين السماء والأرض"
75 - (صحيح) (إسناده صحيح، ورجاله ثقات، وعبد الرحمن بن زياد الظاهر أنه الرصاصي، قال ابن أبي حاتم: 2/ 2/ 235، عن أبيه: "صدوق") عن ابن عباس أنه قال: "لا تصلوا صلاة على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار".
76 - (صحيح)، (إسناده مقطوع صحيح، وحسين بن علي هو ابن الوليد الجعفي، هذا وقد جاءت هذه الرسالة في كتابه عمر بن عبد العزيز للإمام ابن الجوزي… ) عن جعفر ابن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز: "أما بعد فإن أناساً من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة وإن الناس من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة ويدعوا ما سوى ذلك"
77 - (صحيح) (إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود: 1533: حدثنا محمد بن عيسى أبو عوانة به، وتابعه سفيان عن الأسود بن قيس به. وأخرجه ابن أبي شيبة: 2/ 519) عن جابر بن عبد الله أن امرأة قالت: يا رسول الله صلِّ علي وعلى زوجي فقال: "صلى الله عليك وعلى زوجك".
78 - (صحيح) (إسناده موقوف صحيح، ومحمد هو ابن سيرين، وأيوب هو السختياني) عن محمد: أنه كان يدعو للصغير ويستغفر كما يدعو للكبير؛ فقيل له: إن هذا ليس له ذنب؟ فقال: "النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وقد أمرت أن أصلي عليه".
79 - (ضعيف) (إسناده ضعيف، مع انقطاعه، علته صالح بن محمد بن زائدة، وهو ضعيف، ومن طريقه رواه الدارقطني: 263) سمعت القاسم بن محمد يقول: "كان يستحب للرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم".
80 - (ضعيف جداً): (إسناده موقوف، ضعيفٌ جداً؛ فإن سيف بن عمر التميمي، قال أبو حاتم والدارقطني: متروك. ويحيى بن عبد الحميد هو الحماني: متهمٌ بسرقة الحديث. وسليمان العبسي هو ابن أبي المغيرة، أبو عبد الله الكوفي، وهو ثقة. ويغني عن هذا الأثر حديث أبي حميد، وأبي أُسيد مرفوعاً: إذا جاء أحدكم المسجد؛ فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليُسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهم إني أسألك من فضلك، أخرجه أبو عوانة في صحيحه: 1/ 414، وأبو داود: 465، ورواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة مرفوعاً. وفي معناه أحاديث أخرى ستأتي في الكتاب). قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إذا مررتم بالمساجد فصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم".
81 - (صحيح) (إسناده موقوف وهو صحيح وإن كان عارم -واسمه محمد بن الفضل، وعارم لقبه -قد حفظه فإنه كان تغير، وبقية رجاله ثقات، وقد ذكره ابن القيم في "الجلاء" 263 من طريق جعفر بن عون، عن زكريا به؛ فثبت بذلك الأثر، والحمد لله)، سمعت عمر بن الخطاب يقول: "إذا قدمتم فطوفوا بالبيت سبعا وصلوا عند المقام ركعتين ثم أتوا الصفا فقوموا من حيث ترون البيت فكبروا سبع تكبيرات بين كل تكبيرتين حمد لله وثناء عليه وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة لنفسك وعلى المروة مثل ذلك".
82 - (صحيح لغيره)، (حديث صحيحٌ لشواهده، ويحيى بن عبد الحميد هو الحماني، وقد سبق ما فيه، وبقية رجاله ثقات، لكنه منقطع كما يأتي، والحديث رواه أبو العباس الثقفي من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز به، كما في الجلاء: 2)، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخلت المسجد، فقولي: بسم الله والسلام على رسول الله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد واغفر لنا وسهل لنا أبواب رحمتك فإذا فرغت فقولي مثل ذلك غير أن قولي وسهل لنا أبواب فضلك".
83 - (ضعيف)، (إسناده ضعيف، ورجاله تقدموا، غير قيس وهو ابن الربيع، وهو ضعيف) عن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بنية إذا دخلت المسجد فقولي بسم الله والسلام على رسول الله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اللهم اغفر لنا وارحمنا وافتح لنا أبواب رحمتك".
84 - (ضعيف)، (إسناده ضعيف، من أجل يحيى، وهو الحماني، وشريك هو ابن عبد الله القاضي، وليث هو ابن أبي سليم، فإنهم جميعاً ضعفاء، لكنهم قد توبعوا، فأخرجه الترمذيُّ: 2/ 127 -128، وابن ماجه: 771، وأ؛مد: 6/ 282، منط ريق إسماعيل بن إبراهيم، عن ليث به، لكن من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله، ولفظة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلَّى على محمد وسلم، وقال: رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج : صلى على محمد وسلم، وقال: رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك" وزاد الترمذي وأحمد: قال إسماعيل بن إبراهيم: فلقيت عبد الله بن حسن بمكة، فسألته عن الحديث؟ فخدثني قال: كان إذا دخل قال: رب افتح لي باب رحمتك، وإذا أخرج قال: رب افتح لي باب فضلك)، عن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
(قلتُ: فهذه متابعة قوبة لليث من إسماعيل بن إبراهيم، وهو ابن علية، وهو ثقة، فسلم السند من ضعف بعض رواته، وقد سبقت له متابعة أخرى، لكن بسندٍ فيه نظر، رقم: 82، وإنما علة السند الإنقطاع، وبه أعله الترمذي، وقال: حديث فاطمة حديثٌ حسن، وليس إسناده بالمتصل، وفاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى، إنما عاشت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشهراً).
85 - (ضعيف)، (إسناده موقوف ضعيف، سعيد بن ذي حدان مجهول، ووقع في "الجلاء": 81 سعيد بن جران، وهو تصحيف)، عن أبي إسحاق قال سمعت سعيد بن ذي حدان قال قلت لعلقمة ما أقول إذا دخلت المسجد قال تقول: "صلى الله وملائكته على محمد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته".
86 - (ضعيف) (إسناده موقوف ضعيف، يزيد بن ذي حدان، لم أجد من ذكره، ولعله سعيد أخو سعيد بن ذي حدان المذكور في السند قبله، أو تحرَّف على الناسخ "سعيد" بـ"يزيد"، والله أعلم) عن يزيد بن ذي حدان قال قلت لعلقمة يا أبا شبل ما أقول إذا دخلت المسجد قال تقول: "صلى الله وملائكته على محمد. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله" قلت: من حدثك؟ أنت سمعته؟ قال: لا حدثنيه أبو إسحاق الهمداني.
87 - (ضعيف) (إسناده موقوف منقطع، فإن نافعاً لم يدرك عمر، لكن في "الجلاء" 263 نقلاً عن المصنف، أن "ابن عمر"؛ فإن صحَّ هذا فيكون قد سقط من نسختنا لفظة "ابن" ويكون السند حينئذٍ متصلاً صحيحاً، وهذا مما أستبعده، والله أعلم)، أن عمر كان يكبر على الصفا ثلاثاً، يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ويطيل القيام والدعاء، ثم يفعل على المروة نحو ذلك".
88 - (صحيح)، (إسناده موقوف حسن، ورجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين، غير حماد بن أبي سليمان فمن رجال مسلمٍ وحده، وقال الحافظ في "التقريب": صدوقٌ له أوهام. وصحح إسناده السخاوي في "القول البديع")، قال عبد الله: "تبدأ فتكبر تكبيرة، تفتتح بالصلاة، وتحمد ربك، وتصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم تدعو أو تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر، وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تقرأ ثم تكبر وتركع، ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك وتصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم تدعو وتكبر الله وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تركع،. فقال حذيفة وأبو موسى: صدق أبو عبد الرحمن.
89 - (صحيح)، (إسناده حسن، كالذي قبله)، عن هشام؛ فقال فيه: "ثم تكبر فتركع"، فقال حذيفة والأشعري صدق أبو عبد الرحمن.
90 - (صحيح)، (إسناده موقوف صحيح، وعبد الله بن أبي عتبة هو الأنصاري البصري مولى أنس، وعبد الله بن أبي بكر هو ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري القاضي، وكلاهما ممن احتج به البخاري) عن عبد الله بن أبي بكر قال: "كنا بالخيف (موضع بمنى قريب من الجمرات) ومعنا عبد الله ابن أبي عتبة: فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا بدعوات ثم قام فصلى بنا".
91 - (صحيح)، (إسناده موقوف صحيح، رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين، واسم أبي هاشم الواسطي: يحيى بن دينار الروماني) عن الشعبي قال: "أول تكبيرة من الصلاة على الجنازة ثناء على الله عز وجل والثانية صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والثالثة دعاء للميت والرابعة السلام".
92 - (صحيح)، (إسناده موقوف صحيح) عن ابن عمر: أنه يكبر على الجنازة ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: "اللهم بارك فيه وصل عليه واغفر له وأورده حوض نبيك صلى الله عليه وسلم".
93 - (صحيح)، (إسناده موقوف صحيح على شرط الشيخين، وأبو مصعب اسمه: أحمد بن أبي بكر بن الحارث الزهري المدني، وهو في "الموطأ": 1/ 23/ 17 بهذ الإسناد، وقد خالفه يحيى بن سعيد في إسناده؛ فقال: عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، أنه سأل عبادة بن الصامت، عن الصلاة على الميت؛ فقال: أنا والله أخبرك، فذكر نحوه، أخرجه البيهقي: 4/ 40)، عن أبي هريرة: سئل كيف نصلي على الجنازة؟ قال لنا عمر: والله أخبرك أتبعها من أهلها، فإذا وضعت كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم أقول: "اللهم هذا عبدك ابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسناً فزد من إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده".
94 - (صحيح) (إسناده صحيح، وأبو أمامة هذا صحابيٌّ صغير، كما قال ابن القيم: 253، وقد رواه عن جماعة من الصحابة، فقال يونس: عن ابن شهاب، أخبرني أبو أممة بن سهل بن حنيف –وكان من كبراء الأنصار وعلمائهم، وأبناء الذين شهدوا بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم –أخبره رجالٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة أن يُكبر الإمام، ثم يُصلي على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ... الحديث نحوه، وزاد: قال الزهيريُّ: حدثنا بذلك أبو أمامة وابن المسيب يسمع؛ فلم ينكر ذلك عليه. قال ابن شهاب: فذكرتُ الذي أخبرني أبو أمامة من السنة في الصلاة على الميت لمحمد بن سويد؛ فقال: وأنا سمعتُ الضحاك بن قيسٍ يُحدث عن حبيب بن مسلمة في صلاةٍ صلاها على الميت؛ مثل الذي حدثنا أبو أمامة. وانظر كتابنا "أحكام الجنائز" طبع المكتب الإسلامي. أخرجه الحاكم 1/ 360، وعن البيهقي 4/ 39 -40، وقال الحاكم: صحيحٌ على شرط الشيخين. ووافقه الذهبيُّ، وهو كما قالا. وقال النسائيُّ: 1/ 281، عن طريق الليث عن ابن شهاب به مختصراً) سعيد بن المسيب، قال: "إن السنة في صلاة الجنازة أن يقرأ بفاتحة الكتاب، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يخلص الدعاء للميت متى يفرغ ولا يقرأ إلا مرة واحدة ثم يسلم في نفسه".
95 - (صحيح)، (إسناده موقوف حسن، رجاله ثقات غير أبي جعفر وهو الرازي، اختلف في اسمه، وفيه ضعفٌ لسوء حفظه، فمثله يُنتقى من حديثه ما كان مرفوعاً، وأما ما كان منه موقوفاً كهذا؛ فلا بأس به إن شاء الله تعالى، ولعله من أجل ذلك علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم، فقال 8/ 409 بشرح الفتح: "قال أبو العالية، صلاة الله ثناؤه عليه. وقال الحافظ: أخرجه ابن أبي حاتم من طريق آدم بن أبي إياس، ثنا أبو جعفر الرازي، وخالد بن يزيد هو العتكي)، عن أبي العالية {إن الله وملائكته يصلون على النبي} (الأحزاب: 56)، قال: "صلاة الله عز وجل عليه: ثناؤه عليه وصلاة الملائكة عليه الدعاء".
96 - (ضعيف)، (إسناده موقوف ضعيفٌ جداً، جويبر هو ابن سعيد الأزدي البلخي، راوي التفسير، قال الحافظ في "التقريب": ضعيفٌ جداً) عن الضحاك قال: "صلاة الله رحمته وصلاة الملائكة الدعاء".
97 - (ضعيف جداً)، (إسناده ضعيفٌ جداً كالذي قبله) عن الضحاك {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} (الأحزاب: 43)، قال: صلاة الله مغفرته وصلاة الملائكة الدعاء
98 - (صحيح)، (إسناده موقوف صحيح، وهو في الموطأ: 1/ 166/ 68، بهذا اللفظ ومن طريقه رواه البيهقي: 5/ 245، بلفظ: "... يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يُسلم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويدعو، ثم يدعو لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما). عن عبد الله بن دينار أنه قال: "رأيت عبد الله بن عمر يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما".
قال ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي": "قال مالك فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في المبسوط، والقاضي عياض وغيرهما: لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ولكن يسلم ويمضي، وقال أيضاً في المبسوط: لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو له ولأبي بكر وعمر، ، فقيل له: فإن ناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة، أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة والمرتين، أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا، وتركه واسع، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده.
وقد تقدم في ذلك من الآثار عن السلف والأئمة ما يوافق هذا، ويؤيده من أنهم كانوا إنما يستحبون عند قبره ما هو من جنس الدعاء له والتحية كالصلاة والسلام ويكرهون قصده للدعاء والوقوف عنده للدعاء، ومن يرخص منهم في شيء من ذلك، فإنه إنما يرخص فيما إذا سلم عليه، ثم أراد الدعاء أن يدعو مستقبلاً القبلة، إما مستدبراً القبر، وإما منحرفاً عنه، وهو أن يستقبل القبلة ويدعوا ولا يدعو مستقبلاً القبر،وهكذا المنقول عن سائر الأئمة ليس في أئمة المسلمين من استحب للمرء أن يستقبل قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو عنده"
99 - (صحيح)، (إسناده موقوف صحيح، وسفيان هو ابن عيينة، وعلي هو ابن عبد الله المديني)، عن عبد الله بن دينار قال: رأيت ابن عمر إذا قدم من سفر دخل المسجد فقال: "السلام عليك يا رسول الله السلام على أبي بكر السلام على أبي ويصلي ركعتين".
قال ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي": "وهذا صحيح ثابت عن ابن عمر، بل هو مجمع على حصته عنه، وليس فيه شد رحل ولا إعمال مطي،ومع هذا فقد قال ابن ابن أخيه الإمام الحافظ الفقيه أحد الأعلام أبو عثمان عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني: ما نعلم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (فعل) ذلك إلا ابن عمر، هكذا ذكره عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن عبيد الله بن عمر.
وقد كان عبيد الله من سادات أهل المدينة وأشراف قريش فضلاً وعلماً وعبادة وحفظاً وإتقاناً، بل هو أحفظ آل عمر في زمانه وأثبتهم وأعلمهم، وقد قال ما قال فيما كان ابن عمر يفعله، مع أن مالكاً وغيره من العلماء صاروا إلى ما روي عن ابن عمر في ذلك".
100 - (صحيح)، (إسناده موقوف صحيح، وأخرجه البيهقيُّ: 5/ 245، من طريق يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا سليمان بن حرب به) عن نافع: أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال: "السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه".
قال ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي": "وجنس السلام عليه مشروع في المسجد وغير المسجد قبل السفر وبعده. وأما كونه عند القبر فهذا كان يفعله ابن عمر إذا قدم من سفر، وكذلك الذين استحبوه من العلماء استحبوه للصادر والوارد من المدينة وإليها من أهلها، وللوارد والصادر من المسجد من الغرباء، مع أن أكثر الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك ولا فرَّق أكثر السلف بني الصادر والوارد، بل كلهم ينهون عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قال أبو الوليد الباجي: "إنما فرق بين أهل المدينة وغيرها، لأن الغرباء قصدوا لذلك، وأهل المدينة مقيمون بها، ولم يقصدوها من أجل القبر والتسليم، قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، (لا تجعلوا قبري عيداً)، وهذا الذي ذكره من أدلةٍ سوى في النهي، فإنه قوله (لا تجعلوا) و (لا تتخذوا بيتي عيداً)، نهي لكل أمة أهل المدينة والقادمين إليها، وكذلك نهيه عن اتخاذ القبور مساجد وخبره بأن غضب الله اشتد على من فعل ذلك، هو متناول للجميع وكذلك دعاؤه بأن لا يتخذ قبره وثناً، عام.
وما ذكره من أن الغرباء قصدوا لذلك تعليق على العلة ضد مقتضاها فإن القصد لذلك منهي عنه، كما صرح به مالك وجمهور أصحابه، وكما نهى عنه، وإذا كان منهياً عنه أو ليس بقربه لم يشرع الإعانة عليه، وابن عمر رضي الله عنهما لم يكن يسافر إلى المدينة لأجل القبر، بل المدينة وطنه، فكان يخرج منها لبعض الأمور، ثم يرجع إلى وطنه فيأتي المسجد، فيصلي فيه ويسلم.
وعن معمر عن أيوب أنبأه عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر قال معمر: فذكرت ذلك لعبيد الله بن عمر فقال: ما نعلم أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك إلا ابن عمر ( أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 3/576 وسنده صحيح).هكذا قال عبيد الله بن عمر العمري الكبير، وهو أعلم آل عمر في زمانه وأحفظهم وأثبتهم …
ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تتخذوا قبري عيداً وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني) وروي مثل ذلك في السلام عليه، عُلم أنه كره تخصيص تلك البقعة بالصلاة والسلام، بل يصلي عليه ويسلم في جميع المواضع وذلك واصل إليه.
فإذا كان مثل هذه الزيارة للقبر بدعة منهياً عنها، فكيف بمن يقصد ما يقصده من قبور الأنبياء والصالحين ليدعوهم ويستغيث بهم ليس قصده الدعاء لهم.ومعلوم أن هذا أعظم في كونه بدعة وضلالة فالسلف والخلف إنما تطابقوا على زيارة قبره بالمعنى المجمع عليه من قصد مسجده والصلاة فيه كما تقدم، وهذا فرق بينه وبين سائر قبور الأنبياء والصالحين، فإنه يشرع عند قبره لمسجده الذي أسس على التقوى.
فهذا السفر مشروع باتفاق المسلمين والصلاة مقصورة فيه باتفاق المسلمين، ومن قال أن هذا السفر لا تقتصر فيه الصلاة، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وليس ذلك سفراً لمجرد الزيارة، بل لابد أن يقصد إتيان المسجد والصلاة فيه، وإن لم يقصد القبر، فهذا يندرج في كلام المجيب حيث قال: أما من سافر لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين، فهل يجوز له قصر الصلاة؟
على قولين معروفين: فهو ذكر القولين فيمن سافر لمجرد قصد زيارة القبور، أما من سافر لقصد الصلاة في مسجده عند حجرته التي فيها قبره، فهذا سفر مشروع مستحب باتفاق المسلمين، وقد تقدم قول مالك للسائل الذي سأله عمن نذر أن يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن كان أراد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فليأته وليصل فيه، وإن كان إنما أراد القبر فلا يفعل للحديث الذي جاء لا تعمل المطي إلا إلى ثلاث مساجد.
فالسائل سأله عمن نذر أن يأتي إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ففصل مالك في الجواب بين أن يريد القبر أو المسجد، مع أن اللفظ إنما هو أن يأتي القبر، فعلم أن لفظ إتيان القبر وزيارة القبر والسفر إلى القبر ونحو ذلك يتناول من قصد المسجد، وهذا مشروع ويتناول من لم يقصد إلا القبر، وهذا منهي عنه كما دلت عليه النصوص وبينه العلماء مالك وغيره.
فمن نقل عن السلف إنهم استحبوا السفر لمجرد القبر دون المسجد بحيث لا يقصد المسافر المسجد، ولا الصلاة فيه، بل إنما يقصد القبر كالصورة التي نهى عنها مالك فهذا لا يوجد في كلام أحد من علماء السلف استحباب ذلك فضلاً عن إجماعهم عليه.
وهذا الموضع يجب على المسلمين عامة وعلمائهم تحقيقه ومعرفة ما هو المشروع والمأمور به الذي هو عبادة الله وحده وطاعة له ولرسوله، وبر وتقوى، وقيام بحق الرسول وما هو شرك وبدعة منهي عنها لئلا يلتبس هذا بهذا، فإن السفر إلى مسجد المدينة مشروع باتفاق المسلمين، لكن إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
قد تقدم عن مالك وغيره أنه إذا نذر إتيان المدينة إن كان قصده الصلاة في المسجد، وإلا لم يوف بنذره، وأما إذا نذر إتيان المسجد لزمه لأنه إنما يقصد الصلاة فلم يجعل السفر إلى المدينة سفراً مأموراً به إلا سفر من قصد الصلاة في المسجد، وهو الذي يؤمر به الناذر بخلاف غيره لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى).
وجعل من سافر إلى المدينة أو إلى بيت المقدس لغير العبادة الشرعية في المسجدين سفراً منهياً عنه لا يجوز أن يفعله وأن نذره، وهذا قول جمهور العلماء فمن سافر إلى مدينة الرسول، أو بيت المقدس لقصد زيارة ما هناك من القبور، أو من آثار الأنبياء والصالحين كان سفره محرماً عند مالك و الأكثرين، وقيل: إنه سفر مباح ليس بقربه كمال قاله طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وهو قول ابن عبد البر، وما علمنا أحد علماء المسلمين المجتهدين الذين تذكر أقوالهم في مسائل الإجماع والنزاع ذكر أن ذلك مستحب.
فدعوى من ادعى أن السفر إلى مجرد القبور مستحب عند جميع علماء المسلمين كذب ظاهر، وكذلك إن ادعى أن هذا قول الأئمة الأربعة، أو جمهور أصحابهم أو جمهور علماء المسلمين فهو كذاب بلا ريب،وكذلك إن ادعى أن هذا قول عالم معروف من الائمة المجتهدين، وإن قال إن هذا قول بعض المتأخرين أمكن أن يصدق في ذلك، وهو بعد أن تعرف صحة نقله نقل قولاً شاذاً مخالفاً لإجماع السلف مخالفاً لنصوص الرسول، فكفى بقوله فساداً أن يكون قولاً مبتدعاً في الإسلام مخالفاً للسنة والجماعة لما سنه الرسول صلى الله عليه وسلم ولما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها.
والنقل عن علماء السلف يوافق ما قاله مالك؛ فمن نقل عنهم ضد ذلك فقد كذب، وأقل ما في الباب أن يجعل من طولب بصحة نقله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم": كما كان ابن عمر يتحرى الصلاة والنزول والمرور حيث حل ونزل وعبر ذلك في السفر (هذا ثابت عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان ينزل حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل وكان يصلي حيث كان يصلي ويبول حيث كان يبول وينام حيث كان ينام رضي الله عنه وهذا لم يكن يفعله غير ابن عمر كما ذكره المؤلف رحمه الله)،وجمهور الصحابة لم يكونوا يصنعون ذلك، بل أبوه عمر كان ينهي عن مثل ذلك، كما جاء في أنه لما رجع من حجته رأى الناس ابتدروا المسجد، فقال: ما هذا؟ فقالوا مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم اتخذوا آثار الأنبياء بيعاً، من عرض له منكم الصلاة فليصل، ومن لم يعرض له فليمض.
قال ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي": ومما اتفق عليه الصحابة ابن عمر وغيره من أنه لا يستحب لأهل المدينة الوقوف عند القبر للسلام إذا دخلوا المسجد وخرجوا، بل يكره ذلك، يبين ضعف حجة من احتج بقوله: (ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام) فإن هذا لو دل على استحباب السلام عليهم من المسجد لما اتفق الصحابة على ترك ذلك ولم يفرق في ذلك بين القادم من السفر وغيره، فلما اتفقوا على ترك ذلك مع تيسره على أنه غير مستحب، بل لو كان جائز لفعله بعضهم، فدل على أنه كان عندهم المنهي عنه، كما دلت عليه سائر الأحاديث.
101 - (ضعيف)، (إسناده موقوف ضعيف، وقوله "ويضع يده اليمين على قبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم" منكرٌ، تفرد به عبد الله بن عمر هذا، عن نافع، وهو العمري المكبر وهو ضعيف، والرواي عنه إسحاق بن محمد هو الفروي، وهو وإن كان روى له البخاري؛ ففيق ضعفٌ، قال أبو حاتم: "كان صدوقاً"، ولكن تعب بصره، فربما لقن، وكتبه صحيحة، وقال مرة: "يضطرب"، ووهاه أبو داود جداً؛ فهذه الزيادة منكرة منه أو من شيخة). عن نافع: أن ابن عمر "كان إذا قدم من سفر صلى سجدتين في المسجد، ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيضع يده اليمين على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويستدبر القبلة، ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما".
وهذا الأثر ضعيفٌ، ولفظةُ: (يضع يده اليمنى على القبر) منكرةٌ تفرد بها عبد الله بن عمر عن نافع وهو المكبر الاسم المصغر الرواية، والراوي عن العمري هذا هو إسحاق بن محمد الفروي وهو وإن كان روى له البخاري ففيه ضعف قال أبو حاتم: "كان صدوقاً ولكن ذهب بصره فربما لُقِّن وكتبه صحيحه"، وقال مرةً: "يضطرب" ووهاه أبو داود جداً فهذه الزيادة المنكرة منه أو من شيخه.
102 - (إسناده صحيح)، (إسناده مقطوع، ورجاله كلهم ثقات، لكن سعيد بن أبي هلال، وإن كان احتجَّ به الشيخان؛ فقد قال فيه أحمد: "ما أدري أي شيء؟! يخلط في الأحاديث"، وابن لهيعة ضعيف، إلا فيما رواه العبادلة عنه، وهذا منه. فإنه من رواية عبد الله بن المبارك، وخالد بن يزيد وهو الجمحي، أبو عبد الرحيم المصري، وهو ثقةٌ من رجال الشيخين، والعبادلة هم: ابن المبارك، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن يزيد المقرئ). أن كعباً دخل على عائشة، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال كعب: "ما من فجر يطلع إلا وينزل سبعون ألفاً من الملائكة حتى يحفوا بالقبر، يضربون بأجنحتهم ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط سبعون ألفاً حتى يحفوا بالقبر يضربون بأجنحتهم فيصلون على النبي صلى الله عليه وسلم: سبعون ألفاً بالليل وسبعون ألفا بالنهار؛ حتى إذا انشقت الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة يزفونه".
103 - (صحيح)، (إسناده مرسل صحيح، ورجاله كلهم رجال الشيخين، وابن أبي نجيح اسمه عبد الله، وسفين هو ابن عيينة، وعلي بن عبد الله هو ابن المديني، والقائل "لا أذكر" هو الله جل وعلا، والمخاطب هو النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فهو حديثٌ قُدسيٌّ مُرسل). عن مجاهد: {ورفعنا لك ذكرك} (الشرح: 4) قال: لا أذكر إلا ذكرت أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله".
104 - (صحيح) (إسناده مرسل صحيح، ورجاله كلهم ثقات)، عن قتادة: {ورفعنا لك ذكرك}؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ابدؤوا بالعبودية وثنوا بالرسالة). قال معمر: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده: فهذا العبودية ورسوله أن يقول عبده ورسوله".
105 - (صحيح)، (إسناده موقوف صحيح، وزهير هو ابن معاوية، وأبو إسحاق هو السبيعي، واسمه عمرو بن عبد الله، وهو تابعيٌّ، فالظاهر أن المراد من قوله "رآهم" أي الصحابة، وأن مكان قوله "يسعون" يستنون" أي يُصلون السنة أو النافلة)، عن أبي إسحق: "أنه رآهم يستقبلون الإمام إذا خطب، ولكنهم كانوا لا يسعون إنما هو قصص وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم".
106 - (صحيح)، (إسناده حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، غير عمرو بن ممالك، وهو السكري، وهو ثقةٌ كما قال الذهبي، وقال الحافظ: صدوقٌ له أوهام، وحيوة هو ابن شريح، وعبد الله بن يزيد هو أبو عبد الرحمن المقرئ، وعنه أخرجه الإمام أحمد وغيره، فقال في "المسند" 6/ 18: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ به. وأخرجه الترمذي: 2/ 260، وقال: "حسن صحيح"، والحاكم: 1/ 230، وقال: صحيحٌ على شرط مسلم، ووافقه الذهبيُّ، وفيه نظرٌ لا يخفى، وأخرجه لنسائيُّ: 1/ 189، من طريق ابن وهب، عن أبي هانئ به) سمع فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته لم يمجد الله، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجل هذا)؛ ثم دعاه فقال له أو لغيره: (إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد الله والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء).
107 - (صحيح) (إسناده موقوف صحيح، وأبو حليمة معاذ هو ابن الحارث الأنصاري القارئ، قال ابن أبي حاتم 4/ 1/ 246: "وهو الذي أقامه عمر يُصلي بهم في شهر رمضان صلاة التراويح"، وعبد الله بن الحارث هو أبو الوليد البصري، ثقةٌ من رجال الشيخين، ورواه ابن نصر في "قيام الليل": ص 136 بلفظ: "كان يقوم في القنوت في رمضان يدعو، ويُصلي على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويستسقي الغيث"، وانظر رسالة "صلاة التراويح" للألباني، ففيها الكثير من أحكام هذه العبادة) عن قتادة، عن عبد الله بن الحارث: "أن أبا حليمة -معاذ -كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت"
* * * *